يعرف التعايش بأنه الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثقافي
ولأشكال التعبير والصفات الإنسانية المختلفة. وهذا التعريف يعني
قبل كل شيء اتخاذ موقف ايجابي فيه إقرار بحق الآخرين في التمتع
بحقوقهم وحرياتهم الأساسية المعترف بها عالميا.
فبعد أن انطلقت الشرارة الأولى في الحادي عشر من سبتمبر بتفجير
مبنى التجارة العالمي وأحداث أخرى إرهابية لتصل نيران العنف إلى
العالم الإسلامي، لتكيل مزيدا من الاتهامات للمسلمين وفي محاولة
لتشويه صورة المفاهيم التي رسخها القرآن الكريم سيما أن هذه
الأحداث أثرت وبشكل سلبي على مفهوم التعايش وعلى الجانب الإنساني
بين مختلف الأديان بعد أن حصدت تلك العملية الآلاف من الأبرياء.
هذه الأحداث وما تبعتها من حرب شنتها الأدارة الامريكية على
الإرهاب كانت تقف ورائها أجندة سياسية عالمية، ما يعني أن العملية
الانتحارية في نيويورك هي عملية مدروسة ولها اغراض دعائية ربما
حسمت أرقامها قبل الحادث.
الحرب على الإرهاب كشفت منذ لحظة الانطلاقة الأولى أنها موجهة
ضد الاسلام بعد أن ربطت إدارة بوش من قاموا بالعملية وهم من تنظيم
القاعدة على انهم مسلمون على الرغم من أن القاعدة لاتستثني في
عملياتها الاجرامية حتى المسلمين وهذا ما يحدث بشكل جلي في العراق
ودول أخرى.
النظر إلى الدين الإسلامي منذ بزوغ فجره وبقيادة الرسول الأعظم
(ص) محمد صلى الله عليه وآله جسد هذا الدين ورسخ عدة مفاهيم منها
المحبة والسلام والتآلف والرحمة والتعايش السلمي. وجاءت آيات
القرآن لتؤكد ذلك يقول الله تعالى " يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة
سواء بيننا وبينكم". وكذلك ما بينه الإمام علي عليه السلام عندما
وضح طريقة التعامل بين بني البشر قائلا " إن لم يكن أخ لك في الدين
فهو نظير لك في الخلق". ومن هنا فالمؤتمرات التي تسعى في ترسيخ
مفهوم الحوار و التعايش بين الأديان يجب أن لا تخرج من أطار القيم
والمفاهيم التي ذكرت وتطبيقها عمليا من أجل التواصل والتقارب، هذه
المؤتمرات يجب أن تأخذ عدة محاور بنظر الاعتبار منها:-
المحور الأول: ترسيخ لغة الحوار وأصوله الدينية والحضارية،
ومناقشة موضوع الحوار لدى أتباع الرسالات الإلهية والفلسفات
الشرقية.
المحور الثاني : التأكيد على الحوار وأهميته في المجتمع
الانساني، أي مناقشة الحوار وتواصل الحضارات والثقافات، وأثر
الحوار في التعايش السلمي، وفي العلاقات الدولية، وفي مواجهة دعوات
الصراع ونهاية التاريخ.
المحور الثالث: وجود مشترك إنساني في مجالات الحوار، يتم البحث
فيه من قبل المؤتمرون الواقع الأخلاقي في المجتمع الإنساني
المعاصر، وأهمية الدين والقيم في مكافحة الجرائم والمخدرات
والفساد، وعلاقة الدين والأسرة في استقرار المجتمع، ومسؤولية
الإنسانية في حماية البيئة.
المحور الرابع: تقويم الحوار وتطويره، يتم البحث فيه مستقبل
الحوار، وجهود الدول والمنظمات العالمية في تعزيز الحوار، ومواجهة
معوقاته، ومهمة الإعلام وأثره في إشاعة ثقافة الحوار والتعايش بين
الشعوب. فالتعايش والتسامح فالتسامح ممارسة يمكن أن تكون على مستوى
الأفراد و الجماعات و الدول، وهو مبدأ ينبثق عنه الاستعداد للسماح
بالتعبير عن الأفكار و المصالح التي تتعارض مع أفكارنا و مصالحنا.
أهمية التسامح
التسامح والتعايش مفتاح للتخلص من الخلافات، وهو شرط ضروري
للسلام و التقدم الاجتماعي ومن خلاله نستطيع التغلب على التعصب و
التمييز و الكراهية. ومن ابرز الآثار الايجابية التي يمكن أن تتحقق
بالتسامح والتعايش يأتي:
- الاحترام المتبادل بين الأديان و الطوائف و المذاهب.
- ثبات و استقرار المجتمع.
- ترسيخ قيم التعايش و الحوار الحر العقلاني.
- التغلب على المواقف التعصبية و التحيزية.
- إيجاد التوافق الاجتماعي وتحقيق المكاسب المشتركة.
- الانفتاح بين الثقافات و تحقيق المكاسب المشتركة.
- احترام حريات الإنسان وحقوقه.
أثر التسامح والتعايش في العلاقات الإنسانية
ينطوي المجتمع الإنساني على درجة كبيرة من التباين و التوحد في
الوقت نفسه، يتجلى التباين في العدد الكبير من الأعراق و الأجناس و
الأديان و القوميات التي تحمل قيم و معتقدات تؤدي إلى ثقافات
مختلفة ، ويتجلى التوحد في أن كل أعضاء هذه الجماعات يشتركون في
كونهم يسعون للعيش بكرامة وسلام وتحقيق طموحاتهم ومصالحهم وعلى
ذلك، فان ما يجمع الناس هو أكثر مما يفرقهم، ونتساءل ما سبب العنف
و الصراع و الكراهية التي يشهدها العالم اليوم.
أشكال التسامح ووسائله
للتسامح عدة أشكال تتعلق بالعلاقات الاجتماعية بين الأفراد و
الجماعات و العلاقات بين الدول و أبرزها ما يأتي
- التسامح الديني
- التسامح في المعاملات
- التسامح العرقي
- التسامح الثقافي
أدوات ووسائل تحقيق التعايش والتسامح
- الحوار العقلاني الهادف.
- التهدئة.
- احترام حرية الآخرين.
- رحابة الصدر.
- إعطاء الأولوية للمصلحة العامة.
- التعليم و التثقيف.
أربعة مفاهيم للتعايش والتسامح
- المفهوم الأول: الاختلاف سنة كونية يجب أن نحترمها، أي أن
الناس لا تفكر بطريقة واحدة؛ فالاختلاف سنة من سنن هذا الكون وهذا
الوجود.
- المفهوم الثاني: الاختلاف يحقق التكامل بيننا، وبالتالي فهو
ميزة وليس عيباً، ويدعو إلى الثراء، و يؤدي إلى التكامل.
- المفهوم الثالث: الحوار الهادئ الصادق يساعدك أن ترى الحق من
جميع جوانبه، فالحق واحد، ولكن يمكننا أن نراه من عدة جوانب.
- المفهوم الرابع: عند الاختلاف أن لا ننسى أهل الاختلاف.
قواعد في كيفية التعايش.
- وجود المنطقة المشتركة مع الآخر.
- البحث عن كل علم يساعد في إيجاد منطقة مشتركة مع الآخر.
- الاندماج في المجتمع وعدم العزلة عنه.
- عدم رفض أي فكرة بشكل مطلق حتى وجود إمكانية الاستفادة منها
في منطقة مشتركة. وعد رفض الفكرة لمجرد اعتراض ولكن إتباع محاولة
التفكير فيها أو التعديل فيها. هناك من لا يقتنع بفكرةٍ فيرفضها.
نعط مساحة للتفكير.
- عدم ظلم المخالف في الرأي فيتحول إلى عدو.
- الصدق في التعامل مع الآخرين.
A_alialtalkani@yahoo.com |