أفعى سيّد دخيل في الناصريّة!!

 

شبكة النبأ: شهدت ناحية (سيد دخيل) شرقي الناصرية خلال الفترة الاخيرة، ظاهرة انتشار نوع من الافاعي السامة التي لا يتجاوز طولها المتر الواحد، لكن خطرها تعاظم بعد ان تسببت في مقتل اكثر من 28 شخصا حتى الان، وهو ما دفع طبيب باحث الى اعتبارها خطرا يهدد حياة اهالي الناحية الذين اطلقوا اسم ناحيتهم على الافعى، فباتت تعرف بـ"أفعى سيد دخيل".

ويقول الدكتور فلاح حسن مالك، مدير مستشفى ناحية سيد دخيل (25كم شمال شرقي الناصرية) أن "أفعى سيد دخيل أو ما يعرف بالعامية هنا (حية سيد دخيل) هي من اخطر الأفاعي في العالم، بحسب ما صنفه أطباء إيطاليون هنا عند زيارتهم إلى المدينة مؤخرا."

وبين مالك أن "هذه الأفعى يبلغ طولها  اقل من متر واحد، ولا يتجاوز سمكها بضع سنتمترات، وتعيش غالبا في المناطق الخالية من الماء والغذاء." مشيرا إلى ان "عدد الذين تعرضوا إلى عضة حية سيد دخيل لشهر آب اغسطس الماضي، أربعة أشخاص بينهم طفلة وقد تم تحويلهم جميعا لمستشفيات مركز المدينة."

وأضاف "لا نستطيع معالجتهم هنا أطلاقا وأي حقن للشخص الملدوغ يتسبب بنزيف فوري، ولا نستطيع توصيلهم للمستشفى في الوقت المناسب." مبينا ان "هذه الأسباب الرئيسية لموت المصابين لان النزف من كافة أنحاء جسم الإنسان، لكن  الأطباء هنا أصبحت لهم خبرة في سرعة معالجة المريض وإنقاذ حياته في أحيان كثيرة." بحسب تقرير لـ اصوات العراق.

ظاهرة "حية سيد" دخيل دفعت بأحد الأطباء في المدينة إلى إجراء دراسة حولها، ساعيا من خلالها إلى الكشف عن مؤشرات خطورتها وطرق إنقاذ حياة المصابين بها بالسرعة الممكنة. 

 وقال الدكتور عقيل كريم اليعقوبي أخصائي باطنية وقلبية في مستشفى الحسين العام وسط الناصرية لـ (أصوات العراق)  "لأهمية هذه المشكلة التي يعاني منها أبناء المناطق الريفية في الناصرية، قمت بدراسة حالات عضة هذه الأفعى السامة خلال فترات زمنية سابقة، بعد أن تم تسجيل 120 حالة إصابة استقدمت للمستشفى العام في مدينة الناصرية  لمعالجتها."

وبين "كانت مؤشرات نسبة الوفيات فيها(20%) أي (28) حالة وفاة، إضافة إلى الحالات لتي تحدث ولم تنقل في حينها للمعالجة إلى المراكز الصحية أو المستشفيات، وذلك لبعد المنطقة عن مركز المحافظة وعدم إيجاد سبل سريعة لنقل المصابين في حينها وكان السبب الرئيسي هو النزف من أماكن متفرقة لجسم الشخص الذي تعرض إلى عضة هذه الأفعى."

وأضاف اليعقوبي  أن "البحث تمحور على عدة نقاط، وهي نوع الأفعى ، وأماكن تواجدها ، وطرق العلاج ،وهل ان المصل المضاد ذو فائدة للعلاج  وكذلك احتوت الدراسة على الإمكانية باستعمال طرق لتقليل نسبة الوفاة حيث  قمنا بزيارة ميدانية إلى الأماكن التي تتواجد فيها هذه الأفعى والحصول على نماذج منها وإرسالها إلى رئيس قسم علوم الحياة في كلية العلوم بجامعة بغداد في العاصمة العراقية."

واستطرد "تم الخروج بعد الدراسة والتعمق بها وبمحتويات جسمها  بحصيلة مفادها أن هذه الأفعى من النوع السام ، وهي من صنفecchis-carrinatus)   ) وهو من الأنواع السامة التي تسبب النزف الشديد في جسم الإنسان بعد (العضة) ." مشيرا إلى انه "تم تحديد الحالات الني أدخلت إلى المستشفى جراء عضة الأفعى هي من سكنة مناطق (سيد دخيل ، والإصلاح ، والغراف ) المحاذية بعضها لبعض من الذين أصيبوا بحالات النزف الشديد أو الوفاة ."

وتابع "أما فيما يخص العلاج فنلاحظ في السابق وجود طرق بدائية وغير علمية في العلاج تنتشر بين الأهالي  لا تجدي نفعا لمعالجة المصاب بشكل يضمن سلامته، ريثما يتم إرساله  إلى المؤسسة الصحية ، وبصدد ذلك تم تثقيف المواطنين على ضرورة استعمال رباط يلف فوق مكان العضة، وإرساله إلى اقرب مركز صحي وبأسرع وقت ممكن."

وزاد "كما تم التأكيد أيضا على عدم تشريط مكان العضة ،لان ذلك يؤدي إلى تفاقم حالات النزف الشديد والمميت علاوة على التلوث الجرثومي في الجسم، كما ثبت علميا عدم زرق المصاب بالإبر في العضلة قطعا، لان ذلك يؤدي إلى تكوين مكان آخر يكون سببا في حدوث نزف شديد."

وأردف انه "بالإضافة إلى ذلك فان من المسلم به تزويد المراكز الصحية في تلك المناطق بالمصل المضاد لهذه الأفعى والتأكيد على ضرورة توصية الكوادر الطبية والتمريضية بإعطاء المصل المضاد بأسرع ما يمكن وإرسال المصاب إلى المستشفى العام بالمدينة لإكمال علاجه الذي يؤخذ مع بداية ( العضة) لان ذلك يعد من الأمور ذات الأهمية للمحافظة على سلامة وإنقاذ حياة المصاب بالوقت المناسب والحيلولة من سريان السم في جسم  المصاب."          

وحذر اليعقوبي  ساكني تلك المناطق "من مخاطر هذه  الأفعى والوقاية منها من خلال لبس الأحذية  والكفوف البلاستيكية  إثناء قيامهم بإعمالهم في المناطق الزراعية أو ممارسات أعمال  أخرى قي مناطقهم، وعدم ترك الأطفال للعب بمناطق مهجورة أو بعيدة عن أعينهم لان ذلك يعرضهم إلى المخاطر من عضة أو لدغة هذه الأفعى السامة والمميتة في اغلب الأحيان ".

ويروي رشيد حميد الموسوي ( 29 سنه) محنته مع تلك الافعى عندما تعرض الى لدغتها  "شعرت لحظة عضها لي أشبه( بصعقة كهربائية)  وقذفتني على مسافة ثلاثة أمتار عن مكان العضة.. وبعد مرور 10 دقائق بدأت أعراض السم تسري بجسمي وبدأت عيناني بالدموع ووصلت إلى المستشفى بعد نصف ساعة تقريبا."

وأضاف ان "نسبة السم لحظة إجراء الفحص 80 % وبقيت راقدا في المستشفى تحت العلاج والحماية المركزة مدة 11 يوما استطعنا خلالها الحصول على إبرتين للمصل إحداها على حسابنا الخاص والأخرى من المستشفى قبل ان تتحسن حالتي شيئا فشيئا." 

  وأشار الموسوي " إن حية سيد دخيل هي من اشد الحيات على الأرض فتكا كونها تعيش في المناطق اليابسة والتي لا يتوفر فيها لا ماء ولا غذاء وتراها دائمة متعطشة للعض وان العديد من أبناء منطقة الحصونة شمالي الناحية القريبة من سيد دخيل تعرضوا لعضات هذه الحية لكنهم ماتوا على الفور ولن يصل أحدا منهم إلى المستشفى."

وتقول عذراء قاسم عبد الرضا ( 16 عاما)  "تعرضت إلى عضة حية "سيد دخيل" قبل عشرون يوما تقريبا ليلا عندما دخلت إلى احد غرف البيت والكهرباء وقتها كانت مقطوعة وهممت برفع شيئا بيدي وأحسست  وكأن العضة هي ضربة  دبوس في يدي وعندما أشعلت مصباحا كنت احمله رأيت حية فهاجمتني ثانية لكنني هربت إلى باحة البيت."

وأضافت " سارع والدي وهو موظف خدمة في مستشفى سيد دخيل بإرسالي إلى الناصرية حيث مستشفى الحسين التعليمي فسارعوا الأطباء بتبديل دمى كون النزف قوي جدا ومن كافة أنحاء جسمي وتطلب تزويدي بعشر قناني من الدم مع العناية المركزة."

وبينت  ان "احد الأشخاص من أبناء قرية آل حسن في نفس ناحية سيد دخيل كان قد تعرض إلى لدغة أو عضة حية سيد دخيل في وقت سابق وقد عاش مما اضطرنا إلى الاستعانة به وتبرع لنا بقنينة دم وفصيلته O+  وهى نفس فصيلة دمي وبهذه القنينة استعدت صحتي ثانية."

وذكرت ان "الأطباء اجمعوا ان قنينة واحدة من مصاب بعضة حية سيد دخيل تعادل 10  قناني من أشخاص غير مصابين بها  لان دم المصابين بهذه العضة أو اللدغة يعطى مضادا إضافيا مما يسهل على المصاب الشفاء وأنا الآن أمارس أعمالي في البيت على أحسن ما يرام."

يذكر أن أشهر أنواع الأفاعي الموجودة في العراق، هي ثلاثة أنواع، الأول منها يعرف بأفعى الماء وهو يعيش في المياه الراكدة أو البرك، وهو نوع سام، ويكون بأطوال مختلفة تتراوح من 60 سم إلى المتر ونصف المتر، وهناك نوع آخر ويسمى" العربيد" ويكون لونه اسودا داكنا وأكثر سمكا من أفعى الماء، وقد يصل طوله إلى أربعة أمتار، وهو من النوع الخطر والقاتل، والنوع الثالث من الأفاعي يعيش في الأراضي اليابسة وفي الصحارى ويطلق عليه "الصِل"، أو "صِل الحَماد"، وهو رفيع وقصير، وله القدرة على الطيران لمسافات طويلة، ويكون خطرا جدا بسبب سمه ولدغته التي يصعب معالجتها.

والنوع الأخير هو الذي تنتمي إليه  أفعى أو "حية سيد دخيل" كما أطلق عليها الأهالي هناك، بحسب ما ذكره باحث في جامعة ذي قار. وتقع مدينة الناصرية  مركز محافظة ذي قار، على بعد 380 كم إلى الجنوب من العاصمة بغداد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 22/أيلول/2008 - 21/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م