رجال الدين في السعودية يقتاتون على دماء الناس

إعداد: ميثم العتابي

 

شبكة النبأ: الفتوى ورجال الدين، هذا ما يؤرق الناس، فبين مأخوذا بما يسمع ويرى، وبين متبرم لما يحصل. يبقى التصدي واجبا لكل من يطلق العنان لفتاواه المدمرة.

وشروط الفتوى والإجتهاد واضحة جدا، كما أقرها الدين الإسلامي الحنيف، بيد ان الذي يحصل اليوم هو التلاعب بعواطف الناس، من ثم إطلاق فتاوى قد تدمر المجتمع أكثر مما تفيده. فكلنا نتفق على ان بعض الفضائيات العربية تبث سموماً من شأنها ان تأتي وبالاً على الإنسان المسلم، ولكن هذا بحد ذاته لا يكون مبررا لسفك دم العاملين فيها، أو قتلهم وفق أهواء الفتاوى الوهابية الطائشة. فقتل الإنسان وحلّية دمه آخر ماقد يفكر فيه المجتهد المسلم، بل من الأشياء المستبعدة في الفقه الإسلامي الشريف.

أما كَتَبة اليوم ممن يضنون بأنفسهم ان لهم القدرة على الفتوى والاجتهاد فيرون ان قتل الإنسان؛ مسلما كان مخالفا لهم في العقيدة ام من غير المسلمين، أمر لابد منه لحفظ بيضة الإسلام حسب إدعائهم، وهذا أمر منافي جدا لواقع الإسلام فكرا ومضمونا، توجها وبناء، وقد لا نستغرب فهم الذين يكفّرون المذهب الآخر الموازي لهم، بل الأكثر قاعدة وإتساعا، ولولا خوفهم من أحقيته في ما يذهب إليه لما حللوا قتل أبنائه. ممن يسمون أنفسهم برجال الدين في السعودية من المتطرفين الوهابيين والسلفيين، يستهترون اليوم بفتوى جديدة تحل لمن هب ودب قتل الإعلاميين والعاملين على مِلاك الفضائيات العربية.

(شبكة النبأ) في سياق هذا القرير تسلط الضوء على مشكلة خطيرة متمثلة بفتاوى الضلال التي تشيع في الأرض فسادا وظلما وجورا وسفكا للدماء:

فتوى رئيس قضاة السعودية بقتل أصحاب الفضائيات

وأصدر رئيس مجلس القضاء الأعلى في الملكة السعودية، الشيخ صالح بن محمد اللحيدان، فتوى جديدة أثارت كثيراً من الجدل، أجاز فيها قتل أصحاب القنوات الفضائية العربية، واصفاً إياهم بـ المفسدون.

وفي تصريحات بثتها إذاعة القرآن الكريم بالمملكة، قال الشيخ اللحيدان: إن من يدعو إلى الفتن، إذا قُدر على منعه ولم يمتنع قد يحل قتله، لأن دعاة الفساد في الاعتقاد أو في العمل، إذا لم يندفع شرهم بعقوبات دون القتل، جاز قتلهم قضاءً. بحسب سي ان ان.

وأضاف قائلاً: إن الأمر خطير، لأن الله جل وعلا، لما ذكر قتل النفس، قال: أو فساد في الأرض، فالإنسان يقتل بالنفس، أو بالفساد في الأرض، وإفساد العقائد، وإفساد الأخلاق، والدعوة لذلك نوع من الفساد العريض في الأرض.

جاءت تصريحات رئيس المجلس الأعلى للقضاء بالمملكة العربية السعودية ضمن برنامج نور على الدرب، رداً على سؤال من أحد المستمعين حول القنوات الفضائية.

وقال في إجابته: لا شك أن هذا بلاء وشر وفتنة، لكن أصحاب القنوات يكون عليهم وزر ما يدعون إليه، بمثل أوزار من تأثروا بدعوتهم ودعايتهم.

وتابع اللحيدان قائلاً: أنصح أصحاب هذه القنوات الذين يبثون الدعوة للخلاعة والمجون، أو الفكاهة والضحك وإضاعة الوقت بغير فائدة، وأحذرهم من مغبة أثار ما يقع فيه من يتعرضون لتلك الفتن.

ودعا الشيخ السعودي أصحاب الفضائيات العربية إلى أن يتقوا الله ويتوبوا، وأن يكفوا عن نشر الفساد والإفساد، عبر نشر ما وصفه بالبرامج الخبيثة على قنواتهم الفضائية.

يُذكر أن عدداً كبيراً من السعوديين يمتلكون قنوات فضائية خاصة، من بينها مجموعة محطات MBC التلفزيونية وقناة العربية الإخبارية، إضافة إلى مجموعة قنوات "روتانا"، وART، وأوربت، ولكن هذه القنوات تبث من خارج المملكة.

اللحيدان يدافع عن فتوى القتل الخاصة بملاك الفضائيات

وفي محاولة منه لاحتواء أزمة الفتوى التي أصدرها في وقت سابق وأثارت جدلاً واسعاً، حاول رئيس مجلس القضاء الأعلى، عضو هيئة كبار العلماء السعودي، الشيخ صالح بن محمد اللحيدان، شرح فتواه حول ملاك الفضائيات وجواز قتلهم، في لقاء خاص بثه التلفزيون السعودي.

وفي البداية دافع اللحيدان عن نفسه وعن تعليمه الأكاديمي، مشيراً إلى أنه مكلف بإصدار الفتاوى منذ سنوات عديدة، وفقاً لما نقلته جريدة الوطن السعودية. بحسب (CNN).

وفي محاولة شرح فتواه، قال: في هذه الحلقة التي أثارت واستثارت من حرف فيها ولم ينقل الكلام الذي قلته نصا أنا بدأتها بالنصح لأصحاب القنوات بأن يتقوا الله ويخافوه وأن لا يسعوا لبث شيء مما يفسد عقائد الناس كما يتعلق بالسحر وأنواعه وتمثيليات فيها شركيات ظاهرة وما يتعلق بنشر الخلاعة والمجون وما يتعلق بالمضحكات التي لا تليق برمضان واستهزاء برجالات علم أو رجالات أمر بمعروف ونهي عن المنكر أو غير ذلك مما لا يليق ببسيط الناس أن يتعناها.

واضاف اللحيدان قائلاً: فكيف بمحطات تبث على الهواء فنصحت هؤلاء بأن عليهم أن يتقوا الله ولا يسعوا لإفساد الناس وأن من قلدهم أو تأثر بفسادهم وتضرر باعتناق بعض الأفكار التي يسلكونها أنه يتحمل وزره لكنهم يتحملون مثل أوزاره، لأن من دعا إلى سنة سيئة، تحمّل وزر دعوته وتحمّل أمثال أوزار من يتبعونه عليها، فكنت في كلامي أنصح لأصحاب تلك القنوات أن يتقوا الله في الأمة الإسلامية، وألا يسعوا لبث ما يشوه أخلاقها أو يدعوها للتساهل في أمر دينها أو يجرؤها على الخلط في أمر العقائد بالسفاهة والسحر والشعوذة وغير ذلك.

وتابع قائلاً: وأن هؤلاء المسؤولين والباثين إذا لم يمتنعوا ومنعتهم السلطة ولم يمتنعوا وتمادوا في ذلك، أنهم يعاقبون ومن لم يردعه العقاب واستمر على إفساد الناس فيما يبث، أنه يجوز للسلطة قتلهم وأنا قلت قضاءً.

ففي تصريحات بثتها إذاعة القرآن الكريم بالمملكة، قال الشيخ اللحيدان: إن من يدعو إلى الفتن، إذا قُدر على منعه ولم يمتنع قد يحل قتله، لأن دعاة الفساد في الاعتقاد أو في العمل، إذا لم يندفع شرهم بعقوبات دون القتل، جاز قتلهم قضاءً.

بين مبرر ومؤيد تتراوح فتوى قتل ملاك الفضائيات العربية

وبرر رئيس صالح اللحيدان ايضا، فتواه الأخيرة بقتل ملاك الفضائيات العربية بالقول أنه قصد ملاك قنوات السحر والشعوذة والشركيات والخلاعة والمضحكات على حد وصفه.

وأوضح أن حكم القتل يجب أن يمر عبر التسلسل القضائي المتبع: لا أن يخرج القاضي بسيفه ويقتل من يقتل.

وأدلى اللحيدان بهذا الاستدراك الذي لم يغير من جوهر فتواه التي اثارت جدلا واسعا عبر وسائل الإعلام العالمية في محاولة لامتصاص الصدمة التي أحدثتها وفقا لمتابعين.

وتضمنت تصريحاته للتلفزيون دفاعا مطولا عن تاريخه الفقهي والقضائي وأقدميته في مجلس كبار العلماء في السعودية. بحسب شبكة راصد الإخبارية.

وتعود ملكية الكثير من القنوات الفضائية العربية إلى اثرياء وأمراء من الأسر الخليجية الحاكمة.

من جهته رأى المستشار القضائي في وزارة العدل عضو الشورى الشيخ عبد المحسن العبيكان أن فتوى اللحيدان تثير الفتنة وتسيء الى سمعة الإسلام وسمعة القضاء السعودي وتحرض على القتل والإرهاب.

في مقابل ذلك وصف رئيس قسم الدراسات المدنية بكلية الملك فهد الأمنية وعضو مجمع الفقه الإسلامي الشيخ محمد النجيمي فتوى اللحيدان بـ"الرائعة".

وقال النجيمي أن اللحيدان استخدم في حديثه منهجية عملية بقوله أن الذين ينشرون السحر والمجون يحالون للقضاء والقاضي ينظر في عقوبتهم ويقدرها فإذا ارتدعوا وإلا وصل الأمر قتلهم تعزيرا.

وتزامنت فتوى القتل التي أطلقها اللحيدان مع يوم الحادي عشر من سبتمبر ذكرى الهجمات الإرهابية على مدينتي نيويورك وواشنطن الأمر الذي اكسبها ظلالا إرهابية بحسب مراقبين.

ظاهرة السحر والشعوذة في القنوات التلفزيونية العربية

ونقلت صحيفة المدينة السعودية عن الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء قوله ان السحرة الذين يظهرون على القنوات التلفزيونية الفضائية العربية ينبغي ان يواجهوا عقوبة الإعدام. ويأتي تصريح الفوزان بعد أيام من فتوى قد تحل قتل ملاك قنوات تلفزيونية.

وقال الشيخ الفوزان للصحيفة: ان الذين يظهرون من السحرة على هذه القنوات الفضائية وثبت انهم سحرة فهؤلاء لاشك انهم فعلوا جريرة كبيرة وخالفوا بذلك الكتاب والسنة وإجماع المسلمين بأن الكافر حده ضربة بالسيف اذا ثبت انه ساحر. بحسب رويترز.

وانتشرت مئات من القنوات الفضائية العربية في السنوات الأخيرة وتخصصت في قراءة الطالع وتقديم نصائح أخرى للمتصلين لحل مشاكلهم والتي تعتبر نوعا من " الشعوذة".

وتأتي تصريحات الفوزان في رده على الجدل الذي أثاره تصريح الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى في السعودية الذي طالب الاسبوع الماضي بمحاكمة ملاك قنوات تلفزيونية عربية وان يواجهوا عقوبة الإعدام بسبب بعض البرامج التي يبثونها.

وكان يشير الى برامج ومسلسلات تذاع في رمضان وهو شهر يفترض فيه التركيز على العبادة. ويقول منتقدون ان شهر رمضان تحول لشهر ينغمس فيه الناس في تناول الطعام ومشاهدة التلفزيون بعد الإفطار.

وطالب الفوزان بابعاد اصحاب القنوات الترفيهية ولكنه لم يصل لحد تأييد عقوبة الإعدام ضدهم.

وأضاف أنه لا ينبغي لأحد أن يتوقع (منه) أن يكون متسرعا كالتسرع الذي حرفوا أو قلبوا وقال أنه حكم على ملاك الفضائيات بالقتل لكني لا أقول الا أسأل الله أن يهدي المغرضين سواء السبيل وأن يصلح أفهامهم جميعا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ويوم يقوم العباد.

وتابع قوله: ان هؤلاء المسؤولين والباثين اذا لم يمتنعوا ومنعتهم السلطة ولم يمتنعوا وعادوا في ذلك أنهم يعاقبون ومن لم يردعه العقاب واستمر على إفساد الناس فيما يبث أنه يجوز للسلطة قتلهم قضاء ومعلوم أن القاضي لا يخرج بسيفه ويقتل من يقتل وانما تقام الدعوى من الجهات المخصصة.

وقال الفوزان: موقف المسلم وموقف ولاة الأمر من هذه القنوات هو مناصحتهم ومناصحة ملاك هذه القنوات الفضائية والالحاح في النصيحة فقط وفي حال استمرار بث الخلاعة والمجون في القنوات الفضائية فانه يبعد عن هذا المكان ويؤتى بغيره.

وأثارت الشعبية الكبيرة التي اكتسبتها مسلسلات تركية في السعودية ودول عربية أخرى هذا العام عاصفة من الغضب بين المحافظين في السعودية الذين يخشون من انتشار الثقافة العلمانية.

وكان المفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء في السعودية الشيخ عبد العزيز ال الشيخ قال في يوليو تموز انه ليس من الاسلام مشاهدة المسلسلات التركية.

ومن الجدير بالذكر ان معظم ملاك القنوات الفضائية العربية ومن بينها مركز تلفزيون الشرق الاوسط (ام. بي.سي) وراديو وتلفزيون العرب (ايه.ار.تي) واوربت وروتانا والمؤسسة اللبنانية للارسال (ال.بي.سي) من أفراد الاسرة الحاكمة في السعودية أو رجال أعمال على صلة وثيقة بهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 20/أيلول/2008 - 19/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م