أمريكا في العراق: رحيل بتريوس وعودة أوديرنو مجدداً لتولي القيادة

المركز الوثائقي والمعلوماتي

 

شبكة النبأ: شهدت الساحة السياسية العراقية بعد رحيل بتريوس وعودة أوديرنو مجددا لتولي قيادة القوات الأميركية بحضور وزير الدفاع غيتس الى بغداد تحولاً إستراتيجياً جديداً. كما دخلت القوات الاميركية في العراق مرحلة جديدة مع تسلم الفريق ريموند اوديرنو قيادة القوات في العراق.

وقد عرف عن اوديرنو، الذي من المرتقب ان يترقى ليصبح جنرالاً بأربع نجمات مع توليه هذا المنصب، عن صرامته في التعامل مع المسلحين في فترة خدمته الاولى في العراق عام 2003، ليعود لاحقاً ويؤيد عمليات مكافحة التمرد من خلال التقرب من الشعب تحت قيادة قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس. وستكون هذه فترة الخدمة الثالثة لأوديرنو، وعمره 54 عاماً، في العراق ومن المتوقع ان يواصل سياسات بترايوس هناك.

وقاد أوديرنو الفرقة الرابعة مشاة بالجيش الاميركي خلال غزو العراق عام 2003، حيث كان مسؤولا عن مناطق حساسة بما فيها تكريت، مسقط رأس الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وخلال الفترة الاولى التي أمضاها في العراق تعرض اوديرنو الى انتقادات من قبل بعض المحللين والضباط العسكريين بسبب أساليبه الصارمة في المنطقة المسؤول عنها. وبرر أوديرنو اساليبه حينها، قائلا ان المنطقة كانت معقلا للمسلحين الأمر الذي تطلب اجراءات عنيفة.

وقد عاد أوديرنو الى العراق في ديسمبر (كانون الاول) عام 2006 وشغل لأكثر من عام منصب نائب قائد القوات الاميركية في العراق. وخلال الفترة الثانية شدد على أهمية المصالحة بين الفصائل العراقية وأهمية توفير الحكومة العراقية الخدمات الرئيسة للسكان لتقليل تجاوبهم مع جماعات المسلحين. وجاء هذا التغيير في وقت شهدت السياسة الأميركية اجمالا في العراق تغيراً في طريقة معاملة العراقيين. ولدى اوديرنو مشاعر خاصة تربطه بالأحداث في العراق، وخاصة مصير الجنود الاميركيين هناك. فقد تعرض نجله أنتوني، وهو ملازم اول في الجيش الاميركي يبلغ من العمر 26 عاما، الى هجوم مع وحدته في بغداد عام 2004 ادى الى اصابته وبترت ذراعه اليسرى. وجاءت هذه الاصابة في اغسطس 2004، بعد 5 اشهر من ارساله الى العراق ومع انتهاء مهمة والده الاولى في العراق. وتحدث اوديرنو عن هذه التجربة في مقابلة مع قناة سي ان ان الاميركية، قائلا: لأول مرة كان هناك وعيا بحقيقة ما يحدث وكيف انه من الممكن ان يصيب أي شخص. وبعد اصابته، واصل انتوني مسيرته العسكرية وقد عمل مساعداً لرئيس اركان الجيش السابق الجنرال بيتر بايس.

ولدى زوجة اوديرنو، ليندا، نشاط في اعمال الجيش ايضاً، اذ تساهم في دعم عائلات المصابين من الجيش الاميركي. وتشارك ليندا في مساعدة المصابين وعائلات الجنود المقتولين في العراق ايضاً. ويذكر ان اوديرنو شارك في عمليات عاصفة الصحراء التي قادتها الولايات المتحدة عام 1991 لتحرير الكويت. حسب CNN.

ودرس أوديرنو، مثل غيره من ابرز القادة العسكريين الاميركيين، في الاكاديمية الاميركية العسكرية المرموقة ويست بويت ليتخرج عام 1976 بشهادة بكالوريوس بالعلوم ومن ثم درس في جامعة نورث كارولاينا التي منحته شهادة ماجستير بهندسة التأثيرات النووية، ليحصل بعدها على شهادة ماجستير من «كلية الحرب البحرية» بدارسة الأمن والاستراتيجية الوطنية. وكان أوديرنو قد رشح ليصبح نائب رئيس اركان الجيش الاميركي في فبراير (شباط) الماضي، إلا ان الادارة الاميركية عادت وقررت إبقاءه في العراق لمواصلة النجاح النسبي لسياسات بترايوس هناك. وقد وصف وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس أوديرنو بأنه أحد أكثر قادة الجيش فعالية في جيله. وجاء ذلك في حفل أقيم في بغداد فبراير الماضي بمناسبة نهاية ولايته كقائد فيلق القوات المتعددة الجنسية في العراق.

غيتس في العراق

في الوقت الذي يستعد فيه قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بتريوس للمغادرة وتسليم مهام قيادة عمليات الجيش الأمريكي في العراق إلى الجنرال ريموند أوديرنو، وصل وزير الدفاع روبرت غيتس إلى العاصمة بغداد الاثنين في زيارة غير معلنة، هي الثامنة له للبلاد منذ توليه منصبه في قيادة البنتاغون في ديسمبر/كانون الأول 2006.

وتزامن وصول غيتس مع وقوع انفجارين بسيارتين مفخختين وسط العاصمة العراقية بفارق عشر دقائق بينهما، ما أسفر عن مصرع 12 شخصاً وجرح 36 آخرين.وقال مصدر في وزارة الداخلية العراقية إن الهجومين وقعا في حي "الكرادة.ووصف غيتس -وهو على متن طائرته في طريقه إلى بغداد- الدور الأمريكي الجديد بأنه "مهمة انتقالية" مع تزايد الدعم الذي تقدمه القوات الأمريكية للعراقيين. وقال غيتس التحدي الذي سيواجهه أوديرنو هو كيفية عملنا مع العراقيين لصون المكاسب التي حققناها وتوسيعها رغم أن أعداد القوات الأمريكية تتناقص.

وأضاف وزير الدفاع الأمريكي أن الجنرال بتريوس لعب "دوراً تاريخياً" خلال الفترة التي تولى فيها مهام قيادة قوات الجيش الأمريكي في العراق.

وأكد غيتس "أظن أنه (بتريوس) سيكون أول من سيعترف بأنه كان لديه استراتيجية لامعة.. غير أن قادة الوحدات والجنود والمارينز وغيرهم في الميدان هم من جعلها تنجح."

بتريوس يغادر العراق

وكان الجنرال ديفيد بتريوس قد أشاد في رسالة وداعية موجهة للقوات الأمريكية في العراق -الذي سيغادره ليتولى مهام منصبه الجديد كقائد للقيادة المركزية الأمريكية في أكتوبر/تشرين الأول- بالدور الذي لعبته هذه العناصر في تراجع حدة العنف ومنع انزلاق العراق نحو حرب أهلية.

وسلّم بتريوس مهام القيادة في العراق إلى الجنرال ريموند أوديرنو، وقال في الرسالة التي نقلها الموقع الإلكتروني للقوات المتعددة الجنسيات في العراق "لم تحفظوا أمن الشعب العراقي فقط، لقد خدمتموه أيضاً" واصفاً القوات الأمريكية بأنهم "بناؤون ودبلوماسيون وأوصياء ومقاتلون."

ورغم إقراره في الرسالة بأن مهمة الجيش الأمريكي في العراق لم تنجز بالكامل بعد، شكر بتريوس الجنود على تضحياتهم، قائلاً: "رغم أن مهامكم في العراق لم تتحقق بعد وينتظركم قتال صعب، إلا أنكم نجحتم في تحقيق إنجازات مهمة" مذيلاً الرسالة بكلمة "شكراً."

يُذكر أن الجنرال بتريوس تسلم مهامه في العراق في بداية 2007 في خضم تصاعد العنف الذي ترك العديد من المراقبين متشككين إزاء قدرة هذه القوات في استعادة الاستقرار.

ويعزو الخبراء الفضل في تراجع العنف لأداء بتريوس وتعزيز القوات الأمريكية بثلاثين ألف عنصر، بالإضافة إلى قرار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وقف عمليات جيش المهدي الموالي له، بإعلان هدنة ضد قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة، إلى جنب تحالف قادة العشائر السنية مع القيادة العسكرية الأمريكية وخلق ما يسمى بمجالس الصحوة في وجه المد المتشدد الذي يغذيه تنظيم القاعدة في العراق.

يُشار إلى أن الرئيس الأمريكي، جورج بوش كان قد أكد الثلاثاء الماضي، سحب 8000 جندي من القوات الأمريكية العاملة في العراق بحلول شهر فبراير/شباط المقبل، ومشدداً على أن القوات الأمريكية والدولية ساهمت في تحقيق الأهداف في العراق، وأن القوات العراقية أصبحت قادرة على إدارة المسؤوليات الأمنية والمعارك.

بتريوس يقدم آخر تقاريره حول العراق

و قدم قائد القوات الأمريكية في العراق، الجنرال ديفيد بتريوس آخر تقرير له عن وضع قواته في ذلك البلد، قبل أسبوعين من مغادرته بغداد لتسلّم مهامه الجديدة على رأس القيادة الأمريكية الوسطى، وقد ضمّنه توصياته الأولية حول وضع الجيش والخطوات الإضافية المحتملة لخفض القوات.

وقال مصدر عسكري رفض ذكر اسمه إن بتريوس سلّم التقرير إلى وزير الدفاع، روبرت غيتس، والأميرال مايكل مولين، قائد الأركان المشتركة، وذلك دون الكشف عن محتوياته، مع الاكتفاء بالإشارة إلى أنه يحمل تصوراً مبدئياً لما يدور في خلد الجنرال الأمريكي حول مستقبل قواته. بحسب CNN.

وقالت المصدر: "لقد سلّم الجنرال بتريوس النتائج الأولية لحساباته حول أوضاع أرض المعركة لقادته، وناقش خلاله الخيارات الهيكلية المتوفرة لحجم القوات والتوصيات غير النهائية. وأضاف: "غير أن التحليلات في هذا الشأن ما تزال مستمرة ولم يُتخذ القرار النهائي حيالها بعد."

ولفت المصدر إلى أن توصيات بتريوس تقوم على تحليلات مرتبطة بمستوى العنف في العراق والقدرات المتصورة لتنظيم القاعدة فيه، دراسة قوة الجماعات المسلحة المرتبطة بإيران وإمكانيات أجهزة الأمن العراقية، وذلك إلى جانب الوضع السياسي العام في العراق.

وسيلحظ التقرير أيضاً الموقف من الدعوات لخفض القوات في العراق، وإرسال المزيد من الجنود إلى أفغانستان لمواجهة تصاعد عمليات العنف التي تقودها حركة طالبان.

ووفقاً لهذا المصدر، فمن المرجح أن يفتح التقرير الباب أمام سحب المزيد من القوات الأمريكية إلى خارج العراق خلال الأشهر الستة أو الثمانية المقبلة.

وذكرت أوساط مقربة من مراكز القرار أن التوصيات قد تُطرح بصورة نهائية وعلنية في فترة قريبة، خاصة وأن بتريوس سيغادر منصبه في بغداد لتسلّم مسؤولياته على رأس القيادة الأمريكية الوسطى في 16 سبتمبر/أيلول المقبل.

وفي حال كانت التوصيات تصب في مصلحة إجراء المزيد من خفض القوات، فإن القرار بهذا الشأن سيعرض على الرئيس جورج بوش، أسوة بسائر القرارات المشابهة.

.............................................................................................

- المركز الوثائقي والمعلوماتي في مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام مركز يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية للاشتراك والاتصال www.annabaa.org///[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 16/أيلول/2008 - 15/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م