توقعات بمشاركة ضعيفة في الانتخابات جراء سوء الخدمات وانحسار ورقة الطائفية

 

شبكة النبأ: على العكس من توقعات البعض بشأن الانتخابات العراقية، لم يكن الإقبال الضعيف على مراكز تسجيل الناخبين في المحافظات العراقية وليد حرارة الصيف، أو جراء مخاوف المواطنين من الذهاب إلى المراكز، لكنه بسبب تذمر المواطنين من استمرار سوء الخدمات وخاصة الكهرباء، والماء، والصحة، والتعليم، فضلا عن انتشار البطالة في صفوف الشباب العراقي، وانحسار النزعة الطائفية التي لم تعد ورقة رابحة في الانتخابات، كما يرى حتى بعض السياسيين.

وعقب التحسن الملحوظ في الأوضاع الأمنية في عموم المحافظات العراقية، والقضاء على الجماعات المسلحة  والمليشيات، تهافتت التوقعات التي ربطت بين عزوف المواطنين عن مراكز تسجيل الناخبين وسيطرة تلك المليشيات والجماعات المسلحة على الشارع العراقي، والتي كانت تمنعه، من التعبير عن الجهة التي يرغب في التصويت لها مهما كانت توجهاته. بحسب تقرير لـ نيوزماتك.

لا جدوى من انتخابات لاتجلب سوى المكاسب للسياسيين!

ويرفض احد المواطنين، مجيد عبد المطلب الحيالي، 60 سنة، الذهاب إلى مراكز تسجيل الناخبين لأنه لا يود الاشتراك في الانتخابات المقبلة بسبب ما أسماه بـ"اليأس من وعود المسؤولين بخصوص الخدمات، وخصوصا الكهرباء"، مضيفا أنه "منذ ثلاث سنوات نسمع من الحكومة أن الكهرباء ستتحسن، لكنها على الرغم من ذلك أصبحت تزورنا ساعة في اليوم"، على حد قوله.

ويقول الحيالي، إنه "ذهب إلى الانتخابات الماضية، وانتخب مرشحيه في مجلس النواب العراقي، فما الذي حصل بعدها سوى تردي الأمن، والخدمات، والتهجير من منزله، والقتل في الشوارع"، حسب تعبيره.

ويشدد الحيالي على عدم جدوى المشاركة في الانتخابات، قائلاً إنه "سيعمل على إقناع جميع أفراد عائلته بعدم الذهاب إلى الانتخابات المقبلة، لأنها لم تجلب لهم شيئا سوى المكاسب التي يحصل عليها السياسيون الجدد في المناصب العليا بالدولة وعائلاتهم".

وبلهجة ساخرة، يطالب الحيالي، رجال الدين بما يسميه "عدم الضحك على الشعب العراقي، ومطالبته بالمشاركة في الانتخابات لصالح بعض الأحزاب والشخصيات المقربة منهم"، داعيا رجال الدين إلى "مطالبة الحكومة العراقية بالعمل من أجل الشعب، وعدم نهب أمواله في بطون المسؤولين". وتابع، خاطرنا بحياتنا سابقا لإيصال السياسيين وكافئونا بالإهمال والثراء الفاحش لهم على حساب آلامنا..

وفي السياق نفسه، يقول احد سكنة مدينة الصدر، سعد لهد، 38 سنة، ويعمل موظفا في إحدى الوزارات العراقية، "ذهبت وعائلتي مرتين للانتخاب، وخاطرنا بحياتنا لإيصال السياسيين الحاليين إلى مناصبهم، لكنهم كافئونا بقلة الخدمات، وإهمال مشاكلنا التي نعاني منها، ونسونا نسيانا كاملا"، على حد قوله.

ويؤكد، أن "الجميع كان يدعو للذهاب إلى الانتخابات، وأن من لا يذهب سيلحق ضررا بالدين والعراق، ولذا ذهبنا وانتخبنا أملا في أن تنتهي المشاكل في الخدمات والأمن داخل العراق، لكن على العكس، رأينا أن من أوصلناهم إلى السلطة يتمتعون بالحياة، ويستقلون أحدث السيارات في العالم، ويسكنون أرقى المنازل، أما نحن فقد نسونا، وأصبحنا لا نسمع منهم حديثا عن المواطنين الفقراء".

 ويضيف لهد أنه "مع اقتراب الانتخابات يظهر السياسيون لنا من جديد، ويدعونا إلى المشاركة والتصويت لهم"، لكنه يؤكد أنه "لن يشارك في الانتخابات، لأني مللت من كذبهم علينا طوال السنوات الثلاث الماضية"، حسب تعبيره.

ويتساءل لهد، "ما الجديد الذي سيحدث من مشاركتنا بالانتخابات سوى المزيد من السرقة لأموال العراق من قبل المسؤولين، وشرائهم المزيد من السيارات، والبيوت، والأراضي وزيادة أرصدتهم في الخارج، وبقائنا فقراء كي يواصلوا هم بقائهم على الكراسي".

لن ننتخب أشخاصا موالين لرجال دين يحاولون تقييد حريات المجتمع

أما غيث محمد، 28 سنة، فيرى أن "الأوضاع في العراق لن تتغير إذا تم انتخاب نفس الشخصيات الموجودة في الحكومة الحالية، أو تم انتخاب شخصيات جديدة"، مؤكدا أنه "قرر عدم الذهاب إلى الانتخابات".

ويضيف أن "جميع الشخصيات السياسية لا تفكر سوى في المناصب العليا بالدولة، من أجل الاستحواذ على الأموال، وعدم خدمة الشعب العراقي المسكين الذي ملّ من الكلام اليومي للمسؤولين، ووعودهم بحل المشاكل التي نعاني منها في الخدمات كالكهرباء، والماء، والمدارس، والمستشفيات".

ويؤكد محمد أن "عدم ذهاب المواطنين العراقيين إلى الانتخابات سيرسل رسالة واضحة إلى المسؤولين الحاليين مفادها إننا لا نريدكم، ولا نحب تواجدكم في السلطة، وأن الشعب العراقي لن يخدع مرة أخرى وينتخب أشخاصا موالين لرجال دين يحاولون تقييد حريات المجتمع، وجعله عبارة مجموعة من المتخلفين"، حسب تعبيره.كيف ننتخب أناسا تركوا الشعب في أيدي المليشيات والعصابات؟

وتعتبر سمية خطاب، 38 سنة في حديث لـ"نيوزماتيك" أن "الذهاب إلى الانتخابات أصبح الآن أمرا غير ذي جدوى للشعب العراقي الذي يطالب بتوفير الكهرباء، والخدمات التي لم يحصل عليها منذ أن شارك في الانتخابات الماضية سنة 2005"، مضيفة أن "العراقيين ملوا من السياسية، وبدؤوا يتفرغون لأعمالهم، ومشاكلهم اليومية بعد تحسن الأوضاع الأمنية، وعودة الحياة إلى بغداد".

وترى سمية أن "عدم المشاركة في الانتخابات سيكون أحسن رد على تصرفات السياسيين تجاه الشعب العراقي خلال السنوات الماضية، ويمكن لعدم المشاركة أن يعيد للسياسيين بعض رشدهم، بما يجعلهم يلتفتون إلى مشاكل الشعب ويتركون مصالحهم الشخصية"، حسب قولها.

وتشير سمية إلى أن "السياسيين تركوا الشعب العراقي بعد الانتخابات الماضية بين أيدي المليشيات والعصابات الإجرامية، ولولا تحرك القوات الأمريكية لاستمرت الحرب الطائفية وأعمال العنف في شوارع بغداد، إلى يومنا هذا"، على حد قولها.

وتطالب سمية "المسؤولين في الحكومة العراقية بتحسين الخدمات خلال الأشهر المقبلة لإثبات نيتهم الصادقة تجاه الشعب العراقي، قبل دعوته بالمشاركة في الانتخابات، وتجديد بقائهم في مناصبهم".

عدم المشاركة لن يغير واقع الخدمات

لكن عضو مجلس النواب العراقي النائب عن قائمة الائتلاف الموحد، جابر حبيب جابر، يؤكد من جانبه، أن "عدم المشاركة في الانتخابات المقبلة لن يؤدي إلى تغيير الأوضاع الخدمية السيئة في العراق، لأنه قد يساعد أشخاصا غير معروفين، وغير كفوئين في الوصول إلى السلطة، أو بقاء بعض المسؤولين الحاليين في مناصبهم".

 ويرى جابر في حديثه لـ"نيوزماتيك" أن "المشاركة الفعالة من قبل الشعب العراقي في الانتخابات هي الأمر الوحيد الذي بإمكانه تغيير الأوضاع السيئة في البلاد، وجعلها تتقدم بشكل ايجابي"، مشيراً إلى أن "الشعب العراقي يشعر بالغبن من الطبقة السياسية الموجودة في السلطة حاليا، لأنه يرى أنها لم تحقق ما كان يتمناه منها أثناء الانتخابات"، على حد قوله.

المشاركة ستكون قليلة والطائفية ما عادت ورقة رابحة

ويعتبر عضو مجلس النواب العراق أن "استمرار سوء الخدمات خصوصا الكهرباء، والماء، والبطاقة التموينية، والوضع الصحي، وانشغال الأحزاب السياسية التي وصلت إلى السلطة بأمورها الخاصة وصراعاتها، بعيدا عن التفكير بهموم المواطن العراقي، جعل المواطن العراقي ينفر من الانتخابات بشكل كبير"، حسب قوله.

ويلفت جابر إلى أن "الإقبال القليل على مراكز تسجيل الناخبين لا يمكن أن يكون مؤشرا على حجم المشاركة الحقيقية في الانتخابات القادمة"، مرجحا أن "تكون المشاركة أقل بكثير من الانتخابات المحلية والبرلمانية سنة 2005".

النائب عن قائمة الائتلاف الموحد يؤكد أن "الشعارات الطائفية، والدعوة لإثبات الهوية الطائفية، التي ظهرت خلال الانتخابات الماضية، وجذبت المواطن العراقي للمشاركة في الانتخابات، انتهت الآن، وأصبح المواطن العراقي لا يفكر من خلالها، ومن ثم فإن حجم المشاركة في الانتخابات المقبلة لن يكون كبيرا".

يذكر أن العراق شهد ثلاث عمليات اقتراع، الأولى نجم عنها اختيار أعضاء الجمعية الوطنية، والتي اعتبرت البرلمان العراقي المؤقت آنذاك، والاقتراع الثاني كان على إقرار دستور دائم للبلاد، أما الاقتراع الثالث في سنة، 2005 فكان لانتخاب أعضاء مجلس النواب العراقي الحالي.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 13/أيلول/2008 - 12/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م