أسعار النفط بين هيمنة الشركات وسلطة أوبك

اعداد/ المركز الوثائقي والمعلوماتي

 

شبكة النبأ: لا شكَّ في أن سعر النفط العالمي، الآخذ في الارتفاع، يشكّلُ القضيّة الأساس لإقتصاد المجتمع الدولي، سيّما ان التوقعات ترجّح استمرار جموحه نحو مستويات لن تقوى عليها اقتصادات البلدان الأكثر ثراءً أو تقدّماً حتى، أو صناديق البلدان الناشئة.

وقبل أن ينتهي صندوق النقد الدولي، المكلّف من مجموعة الثمانية، استقصاء العوامل المتسببة بطفرة أسعار النفط، من وضع تقريره، ويُفترض أن يتضمن تحليلاً للعوامل الحقيقية والمالية وراء طفرة أسعار النفط والسلع الأولية ومدى تقلبها وآثارها على الاقتصاد العالمي، يكون سعر برميل النفط، إذا استمرّ صاعداً بالوتيرة ذاتها، شارف على 200 دولار،  من دون أن يكتشف الصندوق، أو الدول المستهلكة الكبرى، أن المضاربة في أسواق المال أسهمت في ارتفاع الأسعار على جبهات الاستهلاك كافّة، بحيثُ غذّت المضارباتُ، الحملةَ الانتخابية الأميركية، ليعمل مرشّح الحزب الديموقراطي، ونواب حزبه، على مشروعٍ لضبط العقود الآجلة للنفط الخام، التي تتسابق في رفع الأسعار دفترياً وتكلّف اقتصاد العالم خسائر جمّة.

ويلاحظ أن جنون أسعار النفط والسلع بدأ بعد أزمة الرهن العقاري العالي الأخطار في الولايات المتحدة، وهي الفقاعة التي طاولت أكبر مؤسسات المال على ضفتي الأطلسي، وبلغ تقدير خسائرها قريباً من تريليون دولار، للمصارف وصناديق الاستثمار نصيبٌ وافرٌ منها، يقارب 450 بليون دولار.

وانعكست آثار الأزمة على الأسهم التي تراجعت وفقدت بين 50 و60 في المئة من قيمها في مرحلةٍ أولى، ما انعكس تراجعاً على أهم مؤشرات البورصات العالمية.

وسط هذا الواقع المأسوي للمستثمرين وحملة الأدوات المالية المختلفة، بدت المعادن الثمينة والنفط من أهم السلع التي يمكن المضاربة بها وتحويلها أداةً مالية سريعة العائدة بهدف امتصاص الخسائر. ويحتل النفط مكانة أولى، فهو سلعة لا يُستغنى عنها، تدخل في أساسات المعيشة والاقتصاد والانتاج والنمو، بخلاف المعادن الثمينة التي تهم فئات مقتدرة مالياً.

ويفرض النفط ذاته في السوق، مع اقتراب مواسم الاستهلاك صيفاً او شتاءً، أو مع التوسّع في الحركة الاقتصادية لدى البلدان الناشئة.

وبات أكثرَ عائداً من أسهم الشركات والمؤسسات، فسعر برميل الخام يتدرّج في الارتفاع أحياناً نحو عشرة دولارات في يوم، ويؤمن أرباحاً لا توازيها أرباح رزمةٍ كبرى من أسهم أكثر الشركات ملاءة وربحاً.

هيبة مفقودة

من أجل ذلك، ربما كان الأولى بدول أوبك التي سبق للكونغرس الأميركي أن هدّد بمقاضاتها داخلياً بسبب سيطرتها على إنتاج وأسعار النفط، ربما كان الأولى بها ألا تكترث كثيراً بالنداءات الغربية الملحّة لزيادة الإنتاج، وأن تتركه للعرض والطلب .

ولعل أحد أهم أسباب ارتفاع أسعار النفط في الفترة الأخيرة، هو السياسة الخرقاء للولايات المتحدة، التي تطلب من أعضاء أوبك زيادة إنتاج النفط للمساعدة على انخفاض السعر، ثم ما تلبث أن تهدّد إيران بضرب مفاعلاتها النووية، فتستجيب السوق لهذا التهديد أضعاف ما تستجيب للطلب الاول فضلاً عن الحروب التي تخوضها إدارة بوش في العراق وأفغانستان، والتي تسببت في عجز الموازنة الأميركية وهبوط قيمة الدولار الذي تتعامل به الأمم في بيع منتجاتها النفطية.

وعلى رغم ذلك، فإن الولايات المتحدة التي لديها أكثر من 700 مليون برميل من المخزون الاحتياطي الاستراتيجي، والذي سبق أن اشترته بأسعار زهيدة، تستطيع أن تسهم في خفض أسعار النفط في حال اللجوء إلى هذا المخزون بشكل أكبر.

وإذا كانت الحال كذلك، فإنه ربما من الواجب محاسبة الولايات المتحدة والغرب بما  يتناسب مع مصلحة أوبك ، ليس فقط في الحد من الإنتاج والضغط لزيادة سعر النفط، بل وفي اتخاذ خطوتين أساسيتين قد تعيدان إلى أوبك هيبتها المفقودة .

الخطوة الأولى هي استبدال عملة الدولار بسلة من العملات الأخرى، إذ قد يؤدي مجرد التهديد باللجوء إليها، إلى انهيار العملة الأميركية.

وأما الخطوة الثانية، فإنه إذا كانت التشريعات الأميركية تحمي شركات المضاربة الأميركية، فإنه ربما آن لدول أوبك المتهمة ظلماً بالتلاعب بالأسعار أن تقاضي هذه الشركات في بلدانها، من باب كما تدين تدان، لأن من يتحكم بسعر البنزين في نهاية الأمر يجب أن تكون هي محطات البنزين وليس المستهلك.

.............................................................................................................

- المركز الوثائقي والمعلوماتي في مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام مركز يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية. للاشتراك والاتصال www.annabaa.org/// [email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 9/أيلول/2008 - 8/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م