كل ما هو ممنوع مرغوب…وعند فسح المجال لما كان ممنوع بالأمس
يساء التصرف والاستخدام.
في بعض الدول الإسلامية المحرمات ممنوعة بكل أنواعها، لكن
استعمالها بالخفاء كثير ومفرط…مثلاً في السعودية بلد الحرمين
الشريفين نسمع عن لجان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكننا
نسمع أن بعض القائمين أهم أسباب الفساد والمنكر.
وأن أرقام الاعتداءات الجنسية على الأطفال خصوصا بين الأقارب
أكثر وأكبر من الدول التي يسمح فيها الدعارة وبيع الخمور والقمار
وكل ما هو محرم في الإسلام. وفي بعض الأحيان ما يسرب من أخبار عن
الأمراء والشيوخ أنهم متورطون في شتى أنواع الفساد…وأن أكبر
المحرمات قتل النفس فتعتبر من الكبائر لكن تحت عنوان وشعار الحكم
الإسلامي القتل جاري على قدمٍ وساق…
فنرى الحكومة السعودية وكبار مسئوليهم وعلماء السوء والفجور
يشجعون على القتل، لكن خارج السعودية خصوصا في العراق، والسعودي
المتورط في القتل والتفجير يستقبل بحفاوة وتقدم له الجوائز
والهدايا ويعتبر بطلاً سعودياً مهماً…وفي ذات الوقت تقطع رؤوس
العراقيين في المملكة السعودية. والمصيبة أن الحكومة العراقية دعمت
وبفخر إرجاع قتلة الشعب العراقي البريء للملكة السعودية وبطائرة
خاصة، وقد تكون قدمت لهم الاعتذار عن مدة حجزهم…أو بالأحرى
ضيافتهم.
لكن لم نسمع أي مسؤول عراقي يناشد المملكة السعودية بشأن
العراقيين السجناء والمتهمين حتى وإن انتهى مدة حكمهم…ولم نسمع
كلمة من الحكومة العراقية بحق العراقيين الذين تقطع رؤوسهم بسيوف
الفسق والفجور السعودي.
والمصيبة الأكبر هو أن الإعلام العراقي المنتمي حسب الطرف
القومي والمذهبي والحزبي…لا همه مصير العراقيين…لا الأحياء
التائهين في دول العالم وما يعانوه من ظلم وجور وقسوة الحكام وصعاب
المعيشة…ولا يهتم الإعلام العراقي المنتمي للذين يذبحون كالخراف
تحت سلطة آل سعود لتهم قد لم يتحقق منه قضاء عادل.
الحكومة العراقية خالفت ليس فقط الدستور، وإنما جميع النظم
والقوانين والأعراف الدولية والأخلاقية حين أعادت القتلة السعوديين
للملكة…لأن ذلك يشجع الحكومات الأخرى للمطالبة بمجرميهم على أساس
مقايضة نتنه وعلى حساب الحق العراقي العام والخاص. عوائل الشهداء
الذين قتلت أبنائهم وآبائهم وأمهاتهم وبناتهم بسبب المجرمين
السعوديين الذين أعادتهم الحكومة العراقية يجب أن يقدموا دعوة
قضائية ضد الحكومة للمطالبة بحقهم الخاص…والشعب العراقي عليه
المطالبة بحقه العام من الجناة والذين حموا الجناة والمجرمين
والذين يجب أن يطالبوا بالحق العام هم أعضاء مجلس النواب، لكن
شرائهم بثمن ليس ببعيد…صحيح طبق المثل العراقي ( حاميه حراميه).
الإعلام العراقي منتمى لهذا الطرف وذاك…لهذه القومية وتلك…لجميع
الأحزاب وتنادي بحقوق ومصالح أحزابها…والجميع متهمون بعدم الدفاع
عن حقوق العراقيين ومصلحة العراق … بل الأكثرية متورطون وشركاء في
أمثال هذه الجرائم التي تحاك خيوطها في أروقة الحكومة العراقية
والرضوخ للمطالب السعودية…فالمملكة تدافع عن رعاياه كما تدافع كثير
من دول العالم عن رعاياها وإن كانوا مجرمين…وإن كانوا قتلة…لكن
حكومتنا لا تهتم برعاياها إلا أللهم في نقطة واحدة…الضغط على الدول
الأوروبية لإرجاع المهاجرين واللاجئين العراقيين لعراق الموت
والخراب عراق المحاصصة القومية والمذهبية…عراق سرق الثروات وهدرها
من أجل مصالح ضيقة…عراق الخيرات والشعب جائع…عراق النفط…والعراقي
البسيط لا يمكنه الحصول على لترٍ من النفط الأبيض وليس الأسود…فكم
تمنيت لو حصلت على قنينة من حقي لأضعه تحت وسادتي وأقول هذا جزءُ
من حقي وحق آبائي وأجدادي…وأحفادي القادمين.
عراق الرافدين…والماء شحه ولم يحصل الإنسان العراقي البسيط على
ماءٍ نقي يروي عطشه في الصيف القاتل شمسه… إلا في المناسبات…فتكثر
شاحنات المياه الصالحة للشرب برزاً للعضلات…وتمويهاً للواقع
المر…وشراء الأصوات عند قرب موعد الانتخابات.
لو لم يكن الإعلام العراقي مسيراً …لما تجرأت الحكومة من إرسال
المجرمين والقتلة بطائرة خاصة.
لو لم يكن الإعلام العراقي منتمياً للأحزاب النافذة…وحسب مبدأ
التوافق ((غطي لي وأغطي لك)) لما تجرأ الحكام السعوديون من ذبح
العراقيين بسيوفهم …لما تجرئوا من تعذيب اللاجئين في (رفح)…ولماذا
لا تعيد الحكومة العراقية اللاجئين في (رفح) لأرض الوطن…بل تعاقب
العراقيين الذين باعوا كل ما يملكون للوصول لدول ديمقراطية حقيقية
لدول يحترم فيه حقوق الإنسان بل ويصان فيه حقوق الحيوان.
الإعلام العراقي يجب أن يتدارك حاله ودوره الريادي في مراقبة
السلطة…ويكون صوت العراقي دون أي انحياز أو تمييز. وإلا كان شريكاً
في جميع الجرائم التي تقترف بحق الشعب العراقي.
abbasalnori@gmail.com |