على حِساب بون: برلين تتصدر الواجهة الألمانية

شبكة النبأ: لم تشئ العاصمة الغربية لألمانيا مواكبة شقيقتها الشرقية من ناحية التطور والإزدهار والعمران، فمنذ عشر سنوات حين حزم المستشار الألماني ونواب البرلمان بالبلاد أمتعتهم لينتقلوا إلى برلين بدا المستقبل مظلما لمدينة بون التي يمر بها نهر الراين والتي تركوها وراءهم.

واليوم وحين يطل من نافذة مكتبه في المبنى الذي كان مقرا للبرلمان الالماني يرى ماتياس شولتز الذي يعمل في بون لحساب مشروع أمريكي كوري للتنمية مدينة جديدة صاخبة.

وبعد 40 عاما من تصوير جون لو كار فيلمه التشويقي "بلدة صغيرة في المانيا" في بون المدينة التي كانت عاصمة لالمانيا الغربية ابان حقبة الحرب الباردة فما زالت مقرا لستة وزراء وسلسلة جديدة من المجموعات المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والتنمية.

ورغم أنها لا تمثل الا عشر مساحة برلين فان اداءها يفوق أداء العاصمة الجديدة فيما يتعلق بالوظائف وسكانها في نمو كما أعطتها المراكز العلمية واجهة جديدة.

يتدفق المتخصصون في تكنولوجيا المعلومات وموظفو الامم المتحدة خارجين من ناطحات سحاب لتناول الغداء على ضفاف نهر الراين ويشقون طريقهم من حول موقع بناء كبير مخصص لبناء مركز جديد للمؤتمرات.

وقال شولتز الذي تنظم مؤسسته مؤتمرات في مبنى المؤتمرات السابق "انها أجواء تشبه الحرم الجامعي. ديناميكية للغاية."بحسب تقرير لرويترز.

وتبلي بون بلاء حسنا للغاية بحيث أثار تقرير جديد لوزارة الداخلية عن أدائها الاستثنائي الجديد نداءات بنقل الوزارات الاخيرة - التي كان ينظر اليها ذات يوم على أنها عصب الحياة للمدينة - الى برلين.

ومن المقرر اجراء الانتخابات الاتحادية في المانيا بعد عام وقد أوضحت المستشارة انجيلا ميركل التي نشأت في الشرق الشيوعي أنها ضد اعادة فتح قضية عاطفية مثيرة للانقسامات.

غير أن العديد من النواب من الاطياف السياسية المختلفة تعهدوا بالتطرق اليها خلال محادثات قادمة في عام 2009 عن الميزانية.

وقال اولي شرودر خبير الميزانية من الحزب المسيحي الديمقراطي الذي تنتمي اليه ميركل " يجب أن نركز على الوزارات في برلين."

وما زال عدد الاشخاص الذين يعملون لحساب الحكومة في بون يتجاوز عددهم في برلين الواقعة على بعد 480 كيلومترا منها. وبالنسبة لجيزين لويتزتش مسؤولة الميزانية البارزة من حزب اليسار اليساري المتطرف فان هذا يحدث في غير سياقه الصحيح.

أضافت "الكثير (من الموظفين الحكوميين) يطيرون من بون الى برلين للمشاركة في اجتماعات تستمر ثلاثين دقيقة فقط. هذا غير مقبول من وجهة نظر اقتصادية وبيئية."

ويقدر اتحاد دافعي الضرائب الالمان أن رحلات الطيران وحدها تتكلف نحو تسعة ملايين يورو (13 مليون دولار) في العام.

لكن المدافعين عن بون يقولون ان الانتقال الكامل للحكومة سيكون اكثر تكلفة وسيضر بمسقط رأس الموسيقار لودفيج فان بيتهوفن الزاخر بالمناظر الرائعة.

وأصبحت بون التي تقع بالقرب من الحدود مع بلجيكا عاصمة المانيا الغربية بعد تقسيم البلاد عقب الحرب فيما أصبحت برلين الشرقية عاصمة المانيا الشرقية الشيوعية.

وأوضح القرار أن بون التي هي ليست مركزا صناعيا ولا سياسيا تهدف الى أن تكون عاصمة مؤقتة لحين اعادة التوحيد. وبعد انهيار حائط برلين عام 1989 قرر البرلمان الانتقال الى برلين في اقتراع كانت نتائجه متقاربة بشدة.

ولتخفيف حدة هذه اللطمة بقيت عدة وزارات بينها وزارتا التنمية والبيئة في بون وانتقلت بعض الوكالات الاتحادية الى هناك. كما حصلت بون على نحو 1.4 مليار يورو كمعونات للمساعدة في اعادة الهيكلة.

وأقامت شركتا دويتشه بوست ودويتشه تيليكوم وهما مؤسستان جرت خصخصتهما واثنتان من اكبر المؤسسات الالمانية مباني جديدة تتلألأ في المدينة التي توجد بها جامعة ومع انتقال منظمات تابعة للامم المتحدة الى هناك تبعتها الكثير من المنظمات غير الحكومية.

ويقول كريستوف بونجارد من منتدى زد اف دي الذي يرسل خبراء في التنمية لانحاء العالم " جئنا الى بون عام 1999 بوجه خاص لان وزارة التنمية والكثير من جماعات المساعدات موجودة هنا."وأضاف "برلين لم تكن خيارا ابدا."

في مدينة برلين البالغ عدد سكانها 3.4 مليون نسمة يختلط الساسة بالفنانين والعمال والطلاب. اما في بون فتمتلئ المقاهي بعمال الاغاثة الذين يحتسون قهوة اللاتيه ماكياتو ويناقشون مهامهم فيما يتناول الموظفون في قطاع تكنولوجيا المعلومات الجعة.

وقال تيل ادامز الذي أقام مؤسسة لتكنولوجيا المعلومات في بون قبل ست سنوات "بالنسبة لنا لا يهم ان لم تعد الحكومة هنا... انها ميزة واضحة أن الكثير من المؤسسات في قطاعنا مقرها هنا. انها مجموعة."

وفقدت بون نحو 24 الف وظيفة في قطاعي السياسة والاعلام عام 1999 لكن عدد الاشخاص الذين تم توظيفهم في المنطقة زاد بنسبة 12 في المئة بين عامي 1996 و2006 مقابل زيادة قدرها 4.2 على مستوى المانيا بأسرها.

وقالت رئيس البلدية بايربل دايكمان ان المخاطر ستكون جمة بالنسبة لبون اذا انتقلت المؤسسات الحكومية الباقية.

وأضافت قائلة لرويترز "الامر لا يتعلق بالوظائف التسعة الاف في الوزارات... اذا انتقلوا فسيعرضون القطاعات ذات القوى الكبيرة مثل البحث والتنمية والبيئة للخطر."

واستضافت بون مؤتمر الامم المتحدة عن التنوع الحيوي هذا العام واجتمع زعماء دوليون هنا لمناقشة قضايا من افغانستان الى التغير المناخي.

وقال شولتز منظم المؤتمر ان خليط المؤسسات العلمية والعامة والخاصة أكسب بون جاذبية.وأضاف شولتز نائب رئيس اس ام اي هيونداي مانيجمنت ذات المسؤولية المحدودة التي تبني فندقا جديدا ومركزا للمؤتمرات في بون "اذا انتقلت الوزارات الى برلين... فمن المؤكد أننا سنشعر بالاثر الاقتصادي."

ويشترك بونجارد من منتدى زد دي اف معه في هذه المخاوف قائلا "وزارة التنمية أهم شريك مالي لنا. اذا انتقلت فسيكون علينا التفكير في أن نتبعها."لكن البعض في هذا القطاع يتجهون شرقا بالفعل.

وأثارت ايفانجيليشر انتويكلانجسداينست وهي وكالة اغاثة بروتستانتية عاصفة في مجتمع التنمية في بون حين أعلنت في الاونة الاخيرة أنها ستنتقل الى برلين.

ورغم أن السبب الرئيسي وراء انتقال مؤسسة الاغاثة هو الاندماج مع جماعة بروتستانتية أخرى هناك قال رئيسها كونراد فون بونين انه كان يفكر في تعزيز وجودها في برلين لسنوات.

وقال لرويترز "برلين هي المركز السياسي. المستقبل هناك... بون مدينة جميلة ومتوسطة الحجم. لكننا لا نستطيع مقارنتها بالعاصمة برلين."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد  31/آب/2008 - 28/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م