
شبكة النبأ: أمتازت الصحف الغربية
الصادرة هذا الأسبوع بموضوعات مختلفة تناولت فيها الشأن العراقي،
فبينما تحدثت صحيفة عن مصير العراق اذا انسحبت القوات الامريكية.
تحدثت أخرى عن أسرار استخباراتية تعود لمرحلة ما قبل حرب العراق
عام 2003.
هل سيتفكك العراق بعد الانسحاب
في واحد من تحليلاتها التي خاضت فيها، تكشف صحيفة الاندبندنت في
الوضع العراقي القائم، والمناسبة هي الاتفاق الامني الذي توشك
الولايات المتحدة والعراق التوصل اليه بعد طول سجال.
وتضع الاندبندنت عنوان التحليل في صيغة سؤال هو السؤال الكبير:
هل سيتفكك العراق اذا انسحبت القوات الامريكية؟.
وللاجابة عن هذا السؤال تطرح الصحيفة عددا من الاسئلة المهمة
حول الاوضاع الامنية في العراق، واطراف الصراع الاساسيين.
وقبل ان نلقي الضوء على بعض الجوانب الهامة في تقرير الصحيفة
نوجز بعض ما خلصت اليه في اطروحاتها:
جاءت اجابة الاندبندنت على السؤال الكبير بنعم سيتداعي العراق
في حال تركته القوات الامريكية.
الحرب الاهلية انتهت
السبب الرئيسي لنهاية الاعمال المسلحة السنية ضد الامريكان هو
هزيمة السنة امام الشيعة في معركة بغداد. سبب رئيسي لعدم تفكك
العراق الى الآن هو ان ايران ارادت ذلك.
زيادة عدد القوات الامريكية اسهمت في كبح
العنف
تشير الصحيفة الى ان الاتفاق الحالي مختلف تماما عن الاتفاق
الذي تقدمت به واشنطن اولا في مارس/ اذار الماضي والذي كان يعني
استمرار الاحتلال الامريكي للعراق.
وتقول ان النقطة الاساسية للاتفاق الحالي، اذا نفذ، هي ان
الولايات المتحدة ستكف عن كونها القوة العسكرية المهيمنة في العراق
بدءا من الصيف المقبل وذلك لاول مرة منذ بدء الغزو منذ خمس سنوات.
وتؤكد الصحيفة ان سبب استقرار الاوضاع الحالية منشأه هو هزيمة
السنة امام الشيعة الذين استطاعوا ان يزيحوا السنة من قطاعات كبيرة
في العاصمة بغداد علاوة على الافراط في العنف الذي مارسته القاعدة
واعلانهم دولة العراق الاسلامية في اواخر عام 2006.
وتمضي الصحيفة لتقول انه مع هذه الاوضاع لم يجد السنة، وهم
الحاضنة الرئيسية للتمرد ضد القوات الامريكية، سوى انهاء تمردهم
والسعي لكسب تأييد ودعم القوات الامريكة وانساء مجالس الصحوة التي
تضم اكثر من 100 الف مقاتل.
وتشير الصحيفة الى الدور الايراني في العراق باعتباره " اكثر
العناصر اساءة للفهم في الازمة العراقية".
وترى الصحيفة ان الخلاف الحالي يتركز حول من ينبغي ان يكون لديه
النفوذ الاكبر على الحكومة العراقية ايران ام الولايات المتحدة.
ورغم ان الصحيفة لم تقدم اجابة وافية على هذا التساؤل المبطن،
الا نها تؤكد على النفوذ الواسع الذي تلعبه ايران التي لولاها ما
كان لزيادة عدد القوات الامريكة ان يؤتي ثماره في المشهد الامني
العراقي.
وبشأن نفوذ القاعدة ترى الصحيفة انه تراجع كثيرا دون ان يضمحل.
فقد خسرت القاعدة قواعدها في محافظة الانبار ومعظم بغداد، الا
تواصل التفجيرات الانتحارية شاهد على قدرة القاعدة على التحرك.
وتنتهي الاندبندنت الى انه رغم ان الحرب الاهلية الرئيسية انتهت
بفوز الشيعة الا ان السيعة والاكراد والسنة يبدون غير قادرين على
الاتفاق على اي شيء، ومن ثم فان رحيل القوات الامريكية سيؤدي الى
تفكك عرى العراق.
أسرار استخباراتية
مقالا نقديا في صحيفة الصنداي تايمز تكشف فيه أسرار استخباراتية
تعود لمرحلة ما قبل حرب العراق عام 2003.
ليس في العنوان من كلمة تشير إلى العراق، إلا أن الغوص في
التفاصيل يقود إلى استنتاج مفاده أن الأمريكيين ضيعوا على أنفسهم
وبقية العالم فرصة تجنب خوض حرب عبثية، وذلك نتيجة تشتيتهم
وتجاهلهم للأدلة والنصائح التي قدمها لهم البريطانيون بشأن عدم
امتلاك الرئيس العراقي صدام حسين أسلحة دمار شامل.
يكشف الكاتب رون ساسكند في مقاله، الذي جاء بعنوان: كيف بددت
أمريكا هدية بريطانيا، أن المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) كانت
قد نجحت في عام 2002 ببناء علاقة مع ناجي صبري، وزير خارجية العراق
حينذاك، والذي تقول إنه قدم تقريرا غير موثق للوكالة بشأن خطط
بلاده لامتلاك أسلحة دمار شامل.
تقرير صبري
ويضيف ساسكند قائلا إن الأمريكيين أرسلوا بدورهم إلى
البريطانيين تصورا عن تقرير صبري الذي تضمن مقدمة تتناقض بشكل
مباشر مع تأكيدات العراق الرسمية حول عدم امتلاكه أسلحة دمار شامل.
لقد كان البريطانيون أكثر حذرا في مجال تفسير المعلومات
الاستخباراتية، الأمر الذي جعل القضية بالنسبة لي جديرة بالاهتمام
وتستحق أن أبذل في طريقها كل الاهتمام
وعلى ذمة ساسكند، فإنه في الوقت الذي نفى فيه الوزير العراقي
امتلاك بلاده لأسلحة دمار شامل أو أي برنامج لتطوير مثل تلك
الأسلحة، فإنه استهل تقريره بعبارات وبيانات تؤكد امتلاك رئيسه
صدام لأسلحة بيولوجية وكيماوية، بالإضافة إلى سعيه المستميت للحصول
على أسلحة نووية.
والأمر الذي يلقي الضوء إلى صلة البريطانيين بتقرير صبري وعلاقة
كل ذلك بالهدية التي ضيعتها أمريكا هو ما أسرى به مايكل شيبستر،
رئيس دائرة الشرق الأدنى في جهاز الاستخبارات البريطانية (MI6)
حينذاك، إلى زملائه الأمريكيين عندما علم عام 2006 بالمصدر الحقيقي
الذي استقى منه صبري المعلومات التي بنى عليها تقريره حيث قال لهم:
لو كان بمقدور البريطانيين أن يضعوا تقرير وزير الخارجية العراقي
جنبا إلى جنب مع التقرير الذي قدمه لهم طاهر جليل الحبوش (الرئيس
السابق للمخابرات العراقية)، لما ذهبوا البتة إلى الحرب.
قلة المعلومات
يقول ساسكند إن القصة بأكملها بدأت عام 2002، أي قبل وقوع الحرب
بعام واحد، وذلك عندما وجد الأمريكيون أنفسهم وجها لوجه أمام شح
كبير بالمعلومات الاستخباراتية الموثوقة بشأن ماعتقدوه حينذاك
بوجود برنامج عراقي لتطوير أسلحة الدمار الشامل.
يقول ساسكند إن صبري أقر بأن صدام كان يسعى للحصول على أسلحة
دمار شامل
ويضيف قائلا: أمام ذلك الواقع، توجه روب ريتشر، رئيس وحدة الشرق
الأدنى في سي آي إيه حينذاك، إلى زملائه البريطانيين طالبا منهم
العون والمساعدة.
ويردف قائلا: لقد استدعى ريتشر مدراء المحطات سي آي إيه الـ 22
في منطقة الشرق الأوسط إلى العاصمة البريطانية لندن، حيث التقاهم
بموجة من الصياح وتقطيب الجبين بسبب غياب أو ضعف إسهاماتهم
الاستخباراتية، ومن ثم اجتمع لاحقا مع نظيره شيبستر في جلسة عمل
حول العراق استمرت طوال اليوم.
وعن أهمية ذلك الاجتماع ودور البريطانيين، يقتبس الكاتب مما جاء
لاحقا على لسان ريتشر حيث قال: لقد كان البريطانيون أكثر حذرا في
مجال تفسير المعلومات الاستخباراتية، الأمر الذي جعل القضية
بالنسبة لي جديرة بالاهتمام وتستحق أن أبذل في طريقها كل الاهتمام،
لأنني ببساطة كنت كمن ورث دكانا (قسما) كان قد قرر أننا ماضون إلى
الحرب لا محالة، وخصوصا عندما وصلت إدارة الرئيس جورج دبليو بوش
إلى السلطة.
عنفوان أمريكي
وهنا يرى الكاتب أنه وبعد حوالي عام من وقوع هجمات الحادي عشر
من سبتمبر/أيلول 2002 "بدأ يركب رأس الحكومة الأمريكية موجة من
الكبرياء والعنفوان، وبشكل متهور، كما سيكشف التاريخ لاحقا، وذلك
في الوقت الذي أصبح فيه القرار السياسي ينبع مباشرة من إرادة رئيس
يقول إنه يخوض حربا صليبية." كان بوش ينظر إلى أمر ضرورة تبرير
قرار الحرب على أنه مزعج وغير ملائم
ويضيف الكاتب بقوله: كان الرئيس جورج دبليو بوش والبيت الأبيض
ينظران إلى أمر ضرورة التبرير الفعلي لقرار الذهاب إلى الحرب على
أنه مزعج وغير ملائم.
وهنا يأتي برأي الكاتب دور البريطانيين ونظرائهم الأمريكيين من
أمثال ريتشر في قسم العمليات السرية في سي آي إيه، إذ حاولوا
جاهدين كبح جماح واندفاعة إدارة بوش.
يقول ساسكند: لقد أخبر شيبستر ريتشر بعلاقته مع الحبوش، وبدوره
استطاع ريتشر، من خلال استثمار صلاته مع سعد خير، رئيس جهاز
الاستخبارات الأردنية حينذاك، من تأمين مكان لشيبستر والحبوش
ليلتقيا بسرية في عمان عام 2003.
ويمضي الكاتب إلى القول إن الحبوش أخبر شيبستر خلال ذلك
الاجتماع الكثير عن ملف أسلحة الدمار الشامل في العراق. ويمكن
تلخيص زبدة ما قاله له حينها بما يلي: إن هم صدام حسين الرئيسي هو
أن يظهر على أنه حازم وقوي في عيون الإيرانيين.
.............................................................................................
- مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام مركز
يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية للاشتراك والاتصال
www.annabaa.org///arch_docu@yahoo.com |