البصرة إقليم مستقل بحد ذاته

عباس النوري

الدستور العراقي يعطي الحق لأي محافظة أن تكون إقليماً مستقلاً…بتوفر الشروط والبصرة أول محافظة في طريق إعلانها لإقليم (الفيحاء).

قد يكون سبب حرب داخلية أولى موضوع كركوك…وقد تكون البصرة أولى المحافظات التي سوف تعلن الهدوء والوئام بين جميع الأطراف المتصارعة في العراق الجديد.

الفقرة الدستورية التي تعطي حق محافظة أو أكثر لتشكيل إقليم ومن أهم تلك الشروط توقيع أعضاء مجلس المحافظة على تشكيل إقليم، وهذا ما قام به العدد القانوني في مجلس محافظة البصرة بتوقيع طلب قدموه للجهات المختصة لقيام البصرة الغنية بالنفط الفقيرة سكانها…المعدومة من كافة الخدمات…وثرواتها تهدر في مسارات وطرق وأماكن فقط ليس البصرة.

الأصوات التي نسمعها بعد الثاني والعشرين من تموز 2008 أن وحدة العراق والحس الوطني بدأ يظهر على الساحة السياسية العراقية, وكأن الأقاليم والفيدرالية هو تجزئة العراق أرضاً وشعباً.

هل أصحاب رأي أن الفيدرالية تعني تقسيم مقتنعين بما يقولون…أم أنهم على إدراك وعلم بأن الفيدرالية تعني التماسك والوحدة …وقرب السلطة للمواطن وقرب المواطن من المسؤول لكي يوصل صوته ويحقق مكاسبه الطبيعية ويحصل على الحقوق المكتسبة.

لا أريد أن اردد ما قاله الكثيرون وقلته سابقاً وباستمرار…أصحاب الصرخات الوحدوية والوطنية…والشعب العراقي الواحد…أين كانوا أيام قتل الأقليات…والقوميات والمذاهب وكل من ليس معنا فهو علينا…أليس هذا شعارهم بالأمس وشعارهم اليوم.

هل مازال البعض يسبح في خيالات الماضي والشعارات الزائفة…من أجل تأجيج المشاعر وتحريك الجماهير لغاياتهم ومصالحهم… أم أن عليهم غسل وقائي للأفكار السحيقة والتطلع لأفكار متطورة والبدء بالإنسان العراقي دون أن يشعره بقوميته أو دينه أو مذهبه.

إن كان الخطاب للأحزاب الإسلامية …أليس الإسلام من يدعو للإنسانية قبل العلمانية والليبرالية…أليس أن الإنسان مكرم أكثر من أي مخلوق…أليس هذا خطاب القرآن.

هل في النظرية الإسلامية حدود لدولة وطنية…أو لقومية معينة على باقي القوميات…أو للون معين دون ألوان البشر. هل لأي مذهب إسلامي معين بين عشرات المذاهب المتنوعة عبر التاريخ الإسلامي من يدعو لنبذ القوميات أو لنبذ إنسان معين بسبب لغته أو تاريخه أو ملبس خاص.

هل النظرية الإسلامية وبين جميع المذاهب ولو بجملة أو كلمة أو حرف…يجده منصوصاً في القرآن الكريم…نبذ إنسان آخر وفي أي بقعه من بقاع الكرة الأرضية…أم فضل الإنسان وجعل الفاصل والحكم والتمييز على أساس العمل الصالح والتقوى…ومن يتقي الله في هذه الأيام من مجموع الأحزاب السياسية الإسلامية, وبكل اتجاهاتها وأفكارها…أطلعوني لو كان لدى البعض نصٌ أو إشارة خاصة أو عامة.

أما إذا كنا نتحدث عن أحزاب قومية فموضوع العنصرية هو عنوان الحزب وإلا لماذا اختاروا التوجه القومي، ولكن قد تجد هنا وهناك بعض الأحزاب القومية تنادي بالإنسانية ظاهراً وتدافع عن قوميتها بالصميم…الفكر القومي العربي نادى بالأمة العربية حتى مزقها أرباً أربا… وواقع الدول العربية خير دليل على ما أذهب إليه. وتسابق الحكومات العربية لكسب ولاء أمريكا وفتح جميع الأبواب أما إسرائيل من تطبيع سياسي واقتصادي وثقافي.

ومن أهم هذه الدول مصر (أم الدنيا) والأردن والسعودية وأكثر دول الخليج…وجاء دور سوريا هذه الأيام.

فأين الصراع العربي الإسرائيلي…والذي يعتبر جوهر نداءات وشعارات الأمة العربية. برأي المتواضع أن الفكر القومي أنتهي بعد نهاية النازية، لكن الدول العربية استمرت في استخدام المصطلح (لإستحمار) شعوبها. وأما في العراق فتجربة (حزب البعث) خير دليل أن شعارات الأمة العربية كانت أكذوبة المراد من ورائها مصالح الدكتاتور…وإلا لم تحتل دولة الكويت وتهدر ثروات الأمة العربية…وتسليم المنطقة الخليجية والشرق الأوسط على طبق من ذهب للولايات المتحدة الأمريكية.

أما الذين رضعوا من حليب (حزب البعث) مازالت تلك الأفكار تسري في أوعيتهم الدموية وتطبع الأمر في خلايا عقلهم، فلا يمكن غسل وقائي لتلك الأدمغة.

وهذا ما نراه عند سماعنا أن العراق جزء لا يتجزأ من الأمة العربية…وقد يتناسون أن العراق متكون من قوميات عدة…وأصول شعبها ليس فقط العرب, ولو كان في تلك المقولات صحة وعملهم يطابق فعلهم لما كانت هناك مؤاخذات أو إشارات سلبية، لكن كل ما فيهم نقيض في نقيض…وتبدل الأمر لنسمع النداءات الوطنية والوحدوية…من أجل استغلال المشاعر والتحريض لحرب داخلية بعد أن فشلت جميع المحاولات في إشعال حرب أهلية مذهبية بين السنة والشيعة، وبعد أن بدأت القاعدة تسقط…وبعد أن حددت تدخلات دول الجوار…ولا أعرف ماذا سيكون توجيهات أسيادهم بعد قضية كركوك من أجل أشغال العراق في أمور كي لا تتطور…كي لا تجد الحكومة والقيادات المخلصة متنفساً للتوجه نحو احتياجات الإنسان العراقي البسيط.

أن قيام الفيدراليات…ولتكن كل محافظة إقليم ضمن فيدرالية العراق…سيكون الملجئ الأفضل والحل الأمثل للقضاء على الروح الشوفينية والتعصب القبلي والجهل المستشري بين الخاصة والعامة. والبصرة مفتاح ومدخل لعراق فيدرالي يسوده الهدوء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء   19/تموز/2008 - 17/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م