المعسكر الغربي بمواجهة حرب باردة وإشتعال فتيل الأزمة بين روسيا وأمريكا

إعداد: المركز الوثائقي والمعلوماتي*

شبكة النبأ: على مايبدو لم تصمد التهدئة الأمريكية الروسية طويلا لتشتعل شرارة حرب باردة جديدة، وهذا ما أكدته آخر التحليلات من خلال تصريح الرئيس بوش الذي قال بأن "الحرب الباردة قد انتهت" وإن حقبة جديدة من العداء بين الولايات المتحدة وروسيا قد طفت على السطح.

أن التوتر القائم الآن قد لا يكون بالقدر الذي كان عليه إبان المواجهة النووية مع الاتحاد السوفياتي، ولكن العلاقات قد تصبح أكثر تكلفا. كما ان الهجوم العسكري الروسي على جورجيا حطم -ربما بشكل نهائي- إستراتيجية ثلاث إدارات رئاسية أميركية سعت إلى استمالة روسيا للدخول في حلف مع الغرب والاندماج في مؤسساته.حسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية

غير أن تلك الجهود الأميركية من وجهة النظر الروسية لم تكن حقيقية أو مهتمة بالمصالح الأمنية والسياسية الشرعية لروسيا، وهي المصالح التي بدت -بحسب تعبير الصحيفة- مختلفة عن مصالح أوروبا وأميركا.

وأشارت صحيفة نيويورك تايمز على ما أشار إليه الرئيس الأميركي جورج بوش من أن ما يحدث الآن لا يمت بصلة إلى مواصفات الحرب الباردة، قائلة إنه "رسم خطا جديدا في البيت الأبيض بين الدول الحرة وغير الحرة، ووضع روسيا في الطرف الثاني".

وتوصلت الصحيفة إلى أن التعاون والتنسيق بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن القضايا الهامة مثل الملف النووي الإيراني، بات الآن أكثر بعدا مما كان عليه -وإن كان محدودا- في السنوات الأخيرة.

وتابعت الصحيفة  أن الهجوم الروسي –وهو الأول من نوعه منذ انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991- بلور عودة التجمع الذي يجري في وسط أوروبا وشرقيها، حيث أعضاء الناتو الجدد والاتحاد الأوروبي حذروا من التهديد الذي تشكله روسيا.

ونسبت الصحيفة إلى وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس قوله إن هذا الهجوم استدعى إعادة تقييم الإستراتيجية الأميركية نحو روسيا.

خسارة الغرب للمعركة

من جانب آخر غطت الصحف البريطانية أزمة القوقاز. وتكاد هذه الصحف أن تجمع على أن الحرب الجورجية الروسية، أول فصول حرب باردة جديدة، وعلى ضرورة الحكمة والروية، في التعامل مع الوضع المتفجر في المنطقة.

الغرب يخدم مصالح روسيا

من جهة أخرى ترى الصنداي تايمز في افتتاحيتها أن الغرب خبر فيما مضى إبان الحرب الباردة فنون الرد على الاتحاد السوفياتي، ولكن يبدو أنه فقد هذه الخبرة في التعامل مع الأزمة الجديدة. "فهل ثمة قواعد جديدة للحرب الباردة الجديدة" مختلفة عن سابقتها، تتساءل الصحيفة.

ومن علامات فشل الغرب في التعامل مع الأزمة -في اعتقاد الصحيفة- اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسط الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من أجل التوصل إليه. حسب BBC.

هذا الاتفاق يعد -حسب الصحيفة- انتصارا لرئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، ومهانة للرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي لأنه يسمح لروسيا -" التي استدرجت هذا الأخير إلى كمين وقع فيه مغمض العينين"-، بأن تخترق التراب الجورجي على مدى عشرة كيلومترات، وهو ما يجعل من تصريحات الرئيس الجورجي بأن حكومته لن تسمح "أبدا" بأن يحتل شبر من ترابها مجرد "مسخرة".

وقالت الصحيفة أن الاتفاق لم يحد من "التحدي" الروسي. فقد ذكرت موسكو واشنطن -التي دعتها إلى الانسحاب- بأن القوقاز، منطقة تقع داخل دائرة نفوذها.

ومما قد يثير القلق -في رأي الصحيفة- أن تكون الأزمة الجورجية فاتحة أخريات مماثلة، فها هي ذي أوكرانيا تعلن استعدادها لأن تكون قاعدة للصواريخ الباليستية الغربية.

وتتطلب هذه التطورات السريعة التفكير بسرعة أكبر في "استراتيجية صارمة وواقعية في الآن ذاته"، للتصدي للطموح الروسي، وإلا فسيكون الغرب الهدف المقبل، حسب الصنداي تايمز.

"لا تستفزوا الدب"

من جهة أخرى توافقت صحيفة الإندبندنت أون صنداي مع زميلتها على ضرورة التفكير في خطة أكثر فعالية للتعامل مع روسيا، لكنها على العكس منها لا ترى أن توسيح حلف شمال الأطلسي هو الحل.

بل إن الإندبندنت أون صنداي ترى أن العالم أفلت من كارثة. فالرئيس الجورجي رئيس "يفتقر إلى الحكمة والتروي" وما كان يطمح إلى انضمام بلده إلى الحلف إلا ليورطه في حرب مع روسيا. لكن الموقف الغربي -حسب الصحيفة- خلال هذه الأزمة شابه التخبط، وقلة التبصر.

فروسيا الغارقة في "هواجسها" اللامعقولة، في حاجة إلى من يهدئ روعها، لا من يستفزه.

إن اتفاق وقف إطلاق النار انتصار لبوتين

وهذا ما أفلح الغرب في تجنبه -تقول الصحيفة- عن قصد أو عن غير قصد. فعندما يقول الرئيس بوش إن حقبة الدول التي تدور في فلك قوة عظمى قد ولت، وإن الحرب الباردة قد انتهت، سيترجمها الروس على الشكل التالي: " نحن الغرب هم المنتصرون، وما عليكم أنتم الروس إلا التكيف مع الوضع".

وتختم الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن الغرب لن يستفيد من أزمة صيف 2008 إلا إذا تفهم المخاوف الروسية، وغير من لهجته، ومن موقفه من روسيا.

أفكار جديدة

التغيير وفقا للأوبزيرفر يكمن في أن يتسلم الاتحاد الأوروبي زمام المبادرة من الولايات المتحدة، ليقنع روسيا بضرورة أن تغير بدورها أسلوب تعاملها. فواشنطن تتعامل مع روسيا وفق منطق الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة.

لكن ثمة فروق جوهرية بين الأمس واليوم، اولها أن بين روسيا الغرب روابط اقتصادية متينة: "روسيا في حاجة إلى السوق الأوربية و الغرب -وأوروبا على وجه الخصوص- في حاجة إلى النفط والغاز الروسيين."

أما الفرق الثاني - وهو الأكثر إثارة للقلق- فيكمن في موقف الرأي العام الروسي من الغرب.

فإذا أخفقت شعارات الزعماء السوفيات المعادية للغرب، من أن تنطلي على العديد من المواطنين الروس، فإن القومية العسكرية لبوتين تحظى بدعم شعبي حقيقي، بفضل السياسة المضادة للمثقفين الموالين للغرب التي انتهجها رئيس الوزراء الحالي.

إن مثل هذا البلد لا يمكن أن يحجم عن الصدام مع حلف شمالي الأطلسي احتراما للديمقراطية التي يتمتع بها، ولكنه قد يقتنع بضرورة حل الخلافات عبر المؤسسات الدولية، ولكن هذا لن يتم عبر المزايدات التي تعتمد أسلوب الحرب الباردة، بل عبر الاندماج الاقتصادي الذي كان ضمانة الأمن والسلام في أوروبا بعد توقف الحرب الباردة، تنهي الأوبزرفر افتتاحيتها.

القوقاز أثبتت عجز الأحادية الأميركية

من جهته قال الرئيس التركي عبد الله غل إنه يرى عالما جديدا متعدد الأقطاب يخرج من حطام الحرب في بلاد القوقاز.وأضاف غل في مقابلة خاصة مع صحيفة ذي غارديان البريطانية -هي الأولى من نوعها له مع صحيفة أجنبية منذ توليه السلطة- أن الصراع بين روسيا وجورجيا أثبت أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على تشكيل سياسات العالم بمفردها، وعليها أن تتقاسم السلطة العالمية مع الدول الأخرى.

وقال غل "لا أعتقد أنك تستطيع أن تتحكم في العالم من نقطة واحدة. فهناك شعوب كثيرة وأعداد ضخمة من السكان، وهناك تطور اقتصادي لا يمكن تصديقه في مناطق مختلفة من العالم".

ولهذا السبب دعا غل إلى العمل معًا واتخاذ قرارات مشتركة مع دول العالم دون التفرد بالأفعال، مشيرا إلى أن هناك نظاما عالميا جديدا يجب أن يتشكل.

وحول الملف الإيراني رفض غل ما تذهب إليه كل من الولايات المتحدة وإسرائيل من أن الطريقة المثلى للتعاطي مع هذا الملف تتمثل في عزل إيران وفرض عقوبات عليها، وذلك لما "تملكه طهران من نفوذ في قضايا هامة مثل العراق والقوقاز وأفغانستان".

وأشار إلى أن إيران تملك الحق في تطوير الطاقة النووية دون الأسلحة قائلا "لا نريد أن نرى أسلحة دمار شامل في هذه المنطقة".

أما عن احتمال ضرب أميركا لإيران عسكريا فقد أجاب غل بقوله "لا أريد أن أفكر في هذه القضية، فعلى الجميع أن يستخلص العبر مما حدث في العراق" وأضاف أن "الحلول الدبلوماسية دائما تكون أفضل من الحلول الصعبة".

وركز الرئيس التركي على أهمية الدور التركي في تجسير الهوة بين الغرب والشرق، معتبرا أن ما تملكه بلاده من تأثير في نشر القيم والديمقراطية وحكم القانون في المنطقة فضلا عن التغير الاقتصادي، يجب أن يكون حافزا لقبول الأوروبيين بتركيا عضوا منهم.

وفي الختام أثنى غل على المسيرة الديمقراطية في بلاده، مشددا على أهمية إيجاد حلول لمشاكل تتعلق بالعلمانية ومناهضتها، داعيا إلى التفريق بين المشاكل الإستراتيجية في المنطقة والقضايا المحلية التركية.

.............................................................................................

- مركز يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية للاشتراك والاتصال www.annabaa.org///arch_docu@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء   19/تموز/2008 - 17/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م