التحولات الإقليمية والدولية لحل الصراع العراقي

علي الطالقاني*

لا يستطيع أحد أن يخفي حقيقة الصراع السياسي في العراق ولا يحق لأحد أن ينكر العوامل المختلفة التي وقفت خلف هذا الصراع الذي قطع مدن العراق إلى أوصال مابين أحياءٌ شيعية وأخرى سنية ومابين هذا وذاك "تبقى الطوائف العراقية تنشئ مليشيات جديدة في محاولة مستميتة منهم للدفاع عن كياناتهم".

و بالرغم من أولوية الجانب الأمني إلا أن المؤتمرات الإقليمية التي عقدت لمعالجة الأوضاع المتدهورة في العراق ساهمت هذه الحالة بشكل فاعل بأن تحتل السياسة الدولية حيزا في الساحة السياسية العراقية من خلال هذه المؤتمرات التي أقيمت لفتح باب الحوار بين الساسة العراقيين، والطوائف العراقية. وهنا يبرز تساؤل من يمتلك مفاتيح الدخول إلى غرفة الحوار السياسي في العراق هل العراقيون أنفسهم أم هناك أطراف خارجية أقليمة وأخرى دولية؟.

الملاحظ أن المصائب توالت على العراق وتتابعت مما أستدعي الأطراف الدولية والإقليمية للتعامل مع الأوضاع المتدهورة في العراق بشكل فاعل حين كان العراق أشبه بغريق يبحث عن قشة يتعلق بها عسى أن تنجيه من الغرق.

ومن بين هذه الدول إسرائيل التي اتضحت توجهاتها داخل العراق، فقد كشفت وكالة "سي أن أن" بتاريخ 22تموز 2008،عن دراسة قام بها احد مراكز الدراسات العراقية عن الوجود الإسرائيلي في العراق و كذلك عن وجود اليهود يتابعون مجريات العملية السياسية في العراق متصفون بدور الإشراف حسب قول الدراسة.

كما كشفت هذه الدراسة والمنقولة أيضا عن صحيفة "الخبر الجزائرية" التغلغل الإسرائيلي في العراق الذي طال الجوانب السياسية والتجارية والأمنية، فضلا عن الدعم المباشر الذي تلقاه بعض المسؤولين العراقيين.

وبينت الدراسة عن وجود 185 شخصية إسرائيلية ويهودية أمريكية، يشرفون من مقر السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء ببغداد على عمل الوزارات والمؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية.

وأبرزت الدراسة صورا للتغلغل الإسرائيلي وأتخاذ مركز إسرائيل للدراسات الشرق أوسطية "مركز دراسات الصحافة العربية" من مقر السفارة الفرنسية في بغداد مقراً له، والذي نقل مقره بعد تعرضه لهجمات صاروخية استهدفت مبنى السفارة الفرنسية إلى المنطقة الخضراء وبالقرب من مقر السفارة الأمريكية، وكذلك استئجار الموساد الطابق السابع في فندق الرشيد، الكائن في بغداد، وتحويله إلى مقر لمراقبة المكالمات الهاتفية الخاصة بالنواب والمسؤولين العراقيين وكذلك المجموعات التي تهاجم القوات الأمريكية.

هذه التدخلات والمشاركات كانت أغلبها ناتجة عن سباق محموم لملء الفراغ السياسي وزرع  عبوات سياسية وأخرى طائفية تفجرها بين فينة وأخرى وبين مختلف طوائف العراق من جانب وبين العراقيين و الأمريكيين من جانب آخر.

و كانت آخر هذه المشاركات زيارة اوباما إلى العراق و التي تدفع لملئ الفراغ و لدعم خسارة الحرب على العراق بتخطيطه لسحب القوات الأمريكية بعد أن لاقى أوباما أجماع عراقي على سحب القوات. وتؤكد هذه المشاركة على أن هناك تراجع الوساطة العربية رغم النشاط الذي تبذله من خلال فتح سفارات لها في بغداد.

الدول الإقليمية المتمثلة بإيران وتركيا والدول العربية، مدعوة اليوم هي الأخرى للتفاهم والتحاور من أجل رسم سياسة المنطقة برمتها، على أن يحدد كل طرف نوع المشاكل التي يتضرر منها وتحديد المطالب حتى تكون هناك صورة واضحة مبنية على الجدة. وكذلك أن تعمل القوى الدولية والإقليمية على توضيح كل ماينفعها وما يضرها من السياسة الأمريكية في المنطقة. وإذا لم تبادر القوى الإقليمية الثلاث إلى سياسة من هذا النوع، فإن الأزمة العراقية ستستمر وتتواصل لتحرق ماتبقى في المنطقة من وجود وسيادة، وهذا بالضبط ما تبغيه الولايات المتحدة.

A_alialtalkani@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت   9/تموز/2008 - 7/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م