مع القلق العربي.. أوبامانيا تجتاح العالم الغربي

اعداد/صباح جاسم

شبكة النبأ: لم يثر مرشح أمريكي للرئاسة هذا القدر من الجدل خلال العشرين عاما الماضية بقدر الجدل الذي أثاره المرشح الديمقراطي السيناتور باراك أوباما. وبات الأمريكيون منقسمون بين معسكر مؤيد لأوباما يرى فيه بارقة أمل في غد أفضل وقدرة على تغيير الصورة القبيحة التي خلفتها إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش على مدار ثماني سنوات لصالح أمريكا والعالم، وبين معسكر مضاد يناهض فكرة التغيير التي ينادى بها أوباما ويفضل انتخاب رئيس جمهوري يواصل إلى حد ما بدأه سلفه جورج بوش مع بعض التغييرات في الأساليب وليس في المنهج.

لكن المشهد ليس دائما إما أبيضا أو أسودا وخاصة في اللعبة السياسية، فهناك دائما ألوان متدرجة بين هذين النقيضين تمر عبر اللون الرمادي. فإلى جانب الفريق الأول الذي بلغ الحماس بأعضائه إلى حد الهوس بأفكار أوباما من فرط الإعجاب به لتخلق منهم ما يسمى بظاهرة "أوبامانيا" Obamania التي تتعدى حدود الولايات المتحدة لتغزو العالم بأجمع من شرقه إلى غربه، وهناك فريق آخر جمهوري مؤيد لأوباما لم ينشق عن الحزب لكنه يرى أن برنامج المرشح الشاب هو الأصلح لأمريكا من برنامج منافسه جون ماكين.

ربما لا يكون في ذلك شيء جديد فليس فرضا أن يصوت كل عضو بأي من الحزبين لصالح مرشح الحزب نفسه، لكن الأمر الملفت للنظر هو أن هؤلاء الجمهوريين المنشقين –أن جاز التعبير- ليسوا أعضاء عاديين في الحزب الجمهوري بل أنهم ينتمون لتيار المحافظين الجدد الذي شكل سياسات الإدارة الأمريكية الحالية التي يختلف أوباما معها. فمن هم "أوبامانيا" ومن هم "أوباماكونز" Obama-Cons؟

هوس أمريكي بأوباما

أوبامانيا Obamania. أوبامانيك Obamanic. أوباماتايز Obamatize (من الفعل). كلها تعبيرات ترسم الصورة نفسها لمؤيدي المرشح الأسود التي لم يظهر مثلها في معسكر نظيره الجمهوري، أو على الأقل لم تظهر في عناوين ومانشيتات الصحف الصادرة باللغة الانجليزية أيا كان مصدرها. وبات تعبير "أوبامانيا" شائعا ومتكررا في هذه الصحف على غرار Prepare for the second wave of Obamania أو "استعدوا للموجة الثانية من أوبامانيا" و Obamania hits Brooklyn أو "أوبامانيا تضرب بروكلين".

لم يلتفت هؤلاء المعجبين إلى أن اسمه الأول أوباما هو على نفس وزن أسامة الاسم الأول للمطلوب رقم (1) في العالم زعيم تنظيم القاعدة. بحسب موقع تقرير واشنطن.

لكن كيف يعرف الأمريكيون هذا المصطلح الجديد الذي أضيف إلى قاموس اللغة؟ هو الهوس الوطني بالسناتور باراك أوباما هكذا قال أحد الأشخاص على موقع Urban Dictionary مضيفا "ذق نكهة التغيير. ذق أوبامانيا" Taste the flavor of change. Taste the Obamania! ، بينما قال آخر إن من يطلق عليهم أوبامانيانز Obamanians لديهم إيمان أعمى بالمرشح الشاب ويرون الولايات المتحدة في أغلب الأحوال مكانا رهيبا غارقا في المشكلات بينما بقية دول العالم أفضل منه واصفا أوباما بـ "جورج بوش اشتراكي".

الأمريكيون يتابعون وبشغف صولات وجولات المرشحين المنخرطين في معركة انتخابية حامية للفوز بأصوات الناخبين في وقت يتزايد فيه الجدل حول وضع الاقتصاد الأمريكي والسياسة الخارجية. ولما كان المواطن الأمريكي كغيره في أي بلد آخر يهمه في المقام الأول أن يعيش حياة كريمة فإن الاقتصاد يصبح له الأولوية خاصة بعد الأزمات الاقتصادية المتلاحقة من أزمة ائتمان ورهن عقاري وإفلاس وبطالة ومؤشرات قوية على حدوث ركود اقتصادي هذا العام. وفى هذا الصدد، ظهر تعبير "أوبامانوميكس" Obamanomics الذي يشجع ويروج لسياسات أوباما الاقتصادية.

أما السياسة الخارجية فبقيت كالعادة لمتابعي سير الحملة الانتخابية من خارج الولايات المتحدة في أوروبا والشرق الأوسط والصين وآسيا وإفريقيا أيضا. ولم لا والبيت الأبيض يتحكم في مصائر شعوب كثيرة ويرغم البعض الآخر على الانصياع لأوامره ويهدد من يرفض ويتمرد عليه؟.

مواطن عالمي ودعم فرنسي

منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وبقاء الولايات المتحدة قطبا متفرداً يتحكم في العالم وكل رئيس أمريكي يصبح بمثابة مواطن عالمي International Citizen تتابعه شعوب العالم وتختار فيما بينها المرشح الأفضل الذي يبنى تحالفات دولية ولا يتفرد بالقرار فيما يبقى التصويت قاصراً على الشعب الأمريكي.

ولذلك تناقلت وسائل الإعلام صورا لبعض الألمان في العاصمة برلين وهم يرتدون تى شيرت تحمل صورة أوباما تأييدا له كما أعلن الوزير الألماني السابق كارستن فوجت أن ألمانيا هي أوبامالاند فيما حذرت صحيفة "فرانكفورتر ألجماينه" الألمانية اليمينية مؤيدي أوباما في أوروبا من الإعلاء من سقف التوقعات وتشبيهه بمنقذ البشرية وكأنه المسيح السياسي.

ومن ألمانيا إلى ايطاليا حيث تقدم إحدى مطاعم روما بيتزا أوباما بزيت الزيتون وشرائح الأناناس. وحتى في بوندى بيتش في سيدنى بأستراليا ترسم مجموعات من المواطنين على رمال الشاطئ خريطة الولايات المتحدة الأمريكية ثم يتبادر سؤال ملح على ذهنهم . هل يفعلها أوباما العنصر المفاجئ ورمز التغيير والالهام ليثبت أنه من الممكن أن تحيى أمريكا التي تأسست على أفكار عصر التنوير في أوروبا مبادئها من جديد لتنهض من كبوتها؟

لكن الحماس الأوروبي الأقوى لأوباما لم يأت سوى من فرنسا خصم الأمس وصديق اليوم كما جاء في صحيفة "لو موند" الفرنسية Obamania sweeps France أو "أوبامانيا تكتسح فرنسا"، فما هو حجم شعبية أوباما في بلد النور التي تنتمي لأوروبا . القارة العجوز كما قال عنها البيت الأبيض في عهد بوش؟

فى هذا التحقيق الذي رصدت فيه الصحيفة ظاهرة أوبامانيا في فرنسا، نقلت عن إحدى أساتذة العلوم السياسية الأمريكية الفرنسية قولها "طلابي الفرنسيين معجبون جدا بالظاهرة. وهم يقولون كم أنه عظيم أن يكون لديكم سياسيون من هذه النوعية . أنهم يشعرون بالغيرة".

صاموئيل سولفيت وجد أن انتخابات الرئاسة الأمريكية تهم كوكب الأرض كله وتهم فرنسا وأن الوقت الحالي حرج للغاية ويمثل وقفة تاريخية لهذا فهو متحمس لأوباما الذي سيجلب الأمل لانفتاحه على العالم. وعلى هذا الأساس أنشأ سولفيت اللجنة الفرنسية لدعم أوباما Comité français de soutien à Barack Obama في يناير الماضي. اللجنة لديها موقع اليكتروني على شبكة الانترنت الذي يقدم متابعة يومية لأخبار الانتخابات الأمريكية مدعمة بشهادات وروابط اليكترونية لمواقع ومدونات ومجموعات مؤيدة لأوباما على شبكات مختلفة وأشهرها موقع فيس بوك Face book.

يمكنك أن تقرأ على الصفحة الرئيسية للموقع سببا وجيها لدعم أوباما وهو "نحن نؤيد أوباما لأنه يمثل أمريكا التي نحبها" We Support Barrack Obama. He represents the America we love. وتضم اللجنة رئيسة الوزراء الفرنسية السابقة ايديت كريسون.

أوباماكونز والانشقاق الجمهوري

منذ أيام قليلة نشرت مجلة "ذا ناشونال ريبابليك" المعروفة بتوجهاتها الليبرالية مقالا كتبه المؤرخ بروس بارتلت عن أوباما بعنوان Mr. Right أو الرجل المناسب يرصد فيه تنامى تأييد بعض وجوه المحافظين الجدد للمرشح الشاب وأبرزهم أندرو سوليفان وفرانسيس فوكوياما وديفيد فريدمان ودوجلاس كميك وجيفرى هارت كاتب الخطب للرئيس السابق رونالد ريجان وأندرو باكيفيتش وويك أليسون.

يقول بارتلت في مقاله إن هذا التأييد بدأ منذ أن نشرت مجلة "ذا نيويوركر" العام الماضي بروفايل عن سناتور الينوى بدا فيه وكأنه يميل لليمين لدعمه الاستقرار والاستمرارية بشكل جعل محاورته لاريسا ماك فورجوهار تعتقد أن أوباما يتفق مع ادموند بورك. وقالت أنه برؤيته للتاريخ واحترامه للتقاليد وشكوكه في إمكانية تغيير العالم بأي طريقة سوى أن تكون بطيئة للغاية فإن أوباما يبدو محافظا جدا".

كثير من الجمهوريين وعلى رغم ضيقهم بسياسات جورج بوش لم يتحولوا للمعسكر الديمقراطي والدليل كما يقول بارتلت في مقالته أن هؤلاء لم يحدثوا انقلابا على الإدارة الجمهورية عندما سنحت لهم الفرصة وأعادوا انتخاب بوش لولاية ثانية. فما هو السر وراء تأييد أوباما هذه المرة والتخلي عن ماكين؟ السبب يرجع إلى الاعتقاد بأن أوباما هو الأقدر على تمثيل أهداف الحركة المحافظة.

لكن يبدو أن حركة أوباماكونز لم تستطع بعد أن تجذب الأنظار على الأقل وقت كتابة المقال كما يبدو موقعها الاليكتروني ضعيفا للغاية إذ حرصت العديد من وسائل الإعلام على نقله لاحقا بعد أن لمس الكاتب بنفسه عدم شعور معسكر أوباما بشعبيته المتزايدة في أوساط المحافظين الجدد الذين ينتمي أغلبيتهم إلى الجناح التحرري ، كما دخلت صحيفة "واشنطن تايمز" الموالية للمحافظين الجدد على خط المعركة لتنفى وجود تيار أوباماكونز.

فوكوياما الذي يعد من منظري تيار المحافظين الجدد قال في حوار لصحيفة أسترالية مؤخرا أنه سيصوت لأوباما لمحاسبة الحزب الجمهوري على الفشل الكبير لسياسته في العراق نظرا لأن المرشح الشاب كما يراه فوكوياما يملك أفضل طرق لحماية السلطة الأمريكية فهو يرمز لقدرة الولايات المتحدة على تجديد نفسها بطريقة غير متوقعة.

بيجى نونان كتبت مؤخرا مقالا بصحيفة "وول ستريت جورنال" اليمينية قالت فيه إن ماكين يعبر عن أمريكا القديمة بينما يعبر أوباما عن أمريكا الجديدة. وأضافت أن أمريكا تنظر دائما للأمام وليس للوراء أي أنها دائمة البحث عن الدماء الجديدة لتلقى بالمرهقين.

ولا تقتصر القائمة على هذه الوجوه المحافظة فقط بل تمتد لتشمل جولى نيكسون أيزنهاور ابنة الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون والمتزوجة من حفيد الرئيس أيزنهاور. وقد تبرعت بحوالي 2300 دولار لحملة أوباما كما نقلت صحيفة "التايمز" البريطانية اليمينية.

ومن المتوقع أن تقوى شوكة هذه المجموعة الوسطى التي تنتمي للمعسكر الجمهوري لكنها تفضل المرشح الديمقراطي ومنها السناتور الجمهوري تشاك هاجل عن ولاية نبراسكا. فهل يمكن أن يوصل الأوباماكونز المرشح الشاب إلى البيت الأبيض ليقود المصالحة مع العالم؟

قلق عربي من باراك أوباما

في أولى جولاته الخارجية كمرشح للانتخابات الرئاسية الأمريكية وفيما يبدو على انه محاولة من المرشح الديمقراطى باراك أوباما لإثبات خبرته فى مجالات السياسة الخارجية، وفهمه لما يجرى على الساحة الدولية من تفاعلات معقدة ، زار عدد من الدول فى منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها أفغانستان والعراق والأراضى الفلسطينية وإسرائيل. وقد حظيت هذه الزيارة باهتمام إعلامي كبير تجلى فى الكثير من التحليلات والمتابعات للوقوف على أبعاد هذه الزيارة وأهدافها وتأثيرها على مستقبل الحملة الانتخابية للمرشح الديمقراطى.

ورغم وجود تحيز عربي للمرشح الديمقراطي باراك أوباما حيث تتراجع نسب تأييد المرشح الجمهوري ماكين ولذلك للعديد من الأسباب المعروفة مثل أن أوباما ذو خلفية إسلامية وانه إفريقي وانه يسعي إلى إحداث تغيير في السياسة الأمريكية. فينظر إلى أوباما على أنه رجل التغير والأمل مثلما هو الحال داخل واشنطن، إلا أن جولته الخارجية سببت قلقا للعديد من الدول العربية.

خوف في العالم العربي

وأعدَّ بيتر كنون تقريرا لبرنامج All Things Considered الذي يذاع على شبكة راديو NPR أكد فيه أن جولة أوباما الخارجية قد أثارت جدلا كبيرا سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها، ففي الداخل الأمريكي ثار تساؤلا عن مدى جدوى هذه الجولة، وهل يمكن أن تساعد أوباما في حملته الانتخابية للفوز بمقعد الرئاسة الأمريكية أم سوف تأتى بنتائج عكسية؟ وفى الخارج وخصوصا فى الشرق الأوسط اهتمت التحليلات  بمواقف سياسته الخارجية خصوصا تجاه الملفات الساخنة في المنطقة.

وأكد كنون أنه بصفة عامة فان هناك إعجابا من جانب دول منطقة الشرق الأوسط بالمرشح الديمقراطي الأسود باراك أوباما، وانه هو المرشح المفضل لديهم مقارنة بالجمهوري جون مكين، ولكن الاستثناء الوحيد هو الدولة الإسرائيلية واليهود ، الذين ما تزال لديهم العديد من الشكوك حول التزام أوباما بأمن الدولة اليهودية، ولذلك فان الخطاب العام هناك يفضل منافسه جون مكين.

ولفت معد التقرير إلى أن هناك حالة من الخوف بين العرب من سياسات المرشح الأسود المستقبلية خصوصا ما يتعلق منها بالصراع العربي الإسرائيلي، زادت هذه الحالة بعد الخطاب الذي ألقاه أوباما أمام لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية - المعروفة اختصارا باسم إيباك AIPAC – والذي أعلن فيه انه يدعم بقاء القدس عاصمة أبدية وغير مقسمة للدولة العبرية، في وقت يسعى فيه الفلسطينيون إلى جعل القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية.

ومن ناحية أخرى لفت كنون الانتباه إلى أن الكثير من المحللين العرب يعتقدوا أن شعار أوباما المرتكز على التغيير لن يمتد إلى السياسة الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

أفغانستان الخطر القادم

برنامج Face The Nation - الذي يقدمه بوب شيفر Bob Schieffer على محطة CBS الإخبارية - أذاع مقابلة تلفزيونية مع أوباما أعدتها مراسلة الشئون الخارجية فى المحطة لارا لوجان أثناء تواجده فى الأردن – احد المحطات التى توقف بها فى زيارته للمنطقة.

وقد أكد أوباما فى هذه المقابلة على أن الساحة الأفغانية يجب أن تكون فى بؤرة اهتمام السياسة الخارجية الأمريكية فى الفترة المقبلة، على اعتبار أنها سوف تكون الجبهة الأساسية فى الحرب ضد الإرهاب، ولذلك شدد على ضرورة إرسال مزيدا من القوات الأمريكية إلى أفغانستان من اجل العمل على استقرار الأوضاع هناك، ولكنه فى الوقت نفسه أشار إلى أن العمليات العسكرية بمفردها ليست كافية، وان هناك الكثير يجب على الحكومة الأفغانية القيام به.

وعن السبب وراء موقفه هذا من أفغانستان، أشار أوباما إلى أن أفغانستان هى المكان الذى من المحتمل أن تقوم فيه الجماعات الإرهابية بعمليات عنف وإرهاب ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها ، فهناك تتوافر كافة الإمكانيات التى تمكن هؤلاء من تنفيذ خططهم ، بالإضافة إلى أن هذه الجماعات تستطيع جمع أموال ضخمة من تجارة المخدرات. ولفت الانتباه إلى أن الولايات المتحدة قد ارتكبت خطاءً استراتيجيا عقب الحادى عشر من سبتمبر حيث اجتاحت أفغانستان وتركتها دون أن تكمل المهمة التى كان من المفترض انجازها هناك ، والتى من اجلها دخلت هذه الحرب ، وانشغلت الإدارة الأمريكية بالعراق وتركت أفغانستان.

وبالتالى فان على الولايات المتحدة ليس فقط التركيز على تتبع طالبان والقاعدة ، بل عليها أيضا أن تعمل على إعادة إعمار الدولة هناك وتحسين الأحوال المعيشية للأفراد ، وهذا يستدعى سحب بعض القوات العاملة فى العراق فى الوقت الحالى وتوجيههم إلى أفغانستان ، ويجب على الولايات المتحدة ألا تنتظر حتى قدوم الإدارة الأمريكية التالية لان ذلك سوف يكون خطأ كبيرا.

متى تنتهي المهمة فى أفغانستان؟

وأكد أوباما انه عندما تستقر الأمور داخل أفغانستان، عندما يشعر أفراد الشعب الأفغاني أنهم يحيون فى مستويات معيشية ملائمة، وعندما يشعروا بان تنظيم القاعدة وحركة طالبان غير قادرين على العمل فى أراضيهم، وأنهم غير قادرين على استهداف الولايات المتحدة ومصالحها أو حتى حلفائها، فهنا فقط تستطيع الولايات المتحدة أن تعلن النصر، وشدد أوباما على أن الخسارة فى هذه المعركة ليست خيارا متاحا ولا بديل عن النصر.

وعن معايير تحقيق الانتصار فى الحرب على الإرهاب  وهل ستكون هذه المعايير فقط مرتبطة بالقبض على أسامة بن لادن، لفت أوباما الانتباه إلى أن القبض على بن لادن أو حتى قتله سوف يكون ذات قيمة رمزية كبيرة فى هذه الحرب، ولكن هذا العمل فى حد ذاته – على حد وصف أوباما– ليس كافيا على الإطلاق، لأنه على الولايات المتحدة أن تعمل على تقويض الشبكات الإرهابية ونزع أسلحتها المختلفة.

خطة زمنية للانسحاب ولكن القوات ستبقى في العراق.؟

ومن ناحية أخرى استضاف الشبكة مقابلة أخرى مع سيناتور الينوي أعدتها مراسلة برنامج CBS Evening News كايتى كوريس وفيها أكد أوباما أن الأوضاع المخيفة فى العراق قد تحسنت إلى حد كبير، وبدأت الحياة تعود من جديد إلى الكثير من المناطق هناك، وأصبح هناك نوع من الثقة بين القبائل السنية فى بعض المناطق مثل الأنبار وبين القوات الأمريكية، ولكن الشيء الوحيد الذي بقى على حاله ولم يتغير هو حالة الشك الكبيرة وعدم الثقة بين السنة والشيعة، وأشار أوباما إلى انه حتى تختفى حالة عدم الثقة هذه بين الجانبين، لابد أن تتمكن الحكومة العراقية المركزية من إعادة الوزراء السنة إليها، والعمل على انخراطهم فى العملية السياسية، وإقناعهم بأنه لا طائل من عمليات العنف التى تقوم بها بعض التيارات السنية، وإيصال رسالة مفادها أن مطالبهم سوف تجد آذانا صاغية لها داخل الحكومة المركزية، وأنهم سيستفيدون من العوائد النفطية، ودون تحقق هذا كله فان العراق لن يشهد مزيدا من التحسن بل أن هذا الوضع الهش عرضة للتدهور من جديد.

وحول مدى قدرة القوات العراقية على استلام المهام الأمنية فى العراق والاضطلاع بمسئولياتها فى هذا الصدد بعد الانسحاب الأمريكى بحلول عام 2010، أكد أوباما انه طبقا للجدول الزمنى الذى وضعه لسحب القوات الأمريكية من هناك فان هذه القوات كلها لن تترك المنطقة، ولكن سوف تظل بعضا من هذه القوات فى العراق، حيث من الممكن أن تتولى تدريب القوات العراقية، فضلا عن القيام ببعض المهام المتعلقة بالحرب على الإرهاب ، كما سيكون من مهام هذه القوات حماية البعثة الدبلوماسية الأمريكية هناك.

وردا على سؤال حول عدم تحديده لعدد القوات الأمريكية التى ستبقى بعد تنفيذ خطة الانسحاب، أشار انه كقائد للقوات المسلحة الأمريكية ليس من مهامه القيام بوظائف من المفترض أن يقوم بها قادة العمليات العسكرية فى ارض المعركة، فكل ما عليه القيام به هو أن يقول لقادة القوات المسلحة أن هذه هى أهدافنا وهذه هى مهمتنا التى يجب أن ننجزها وهم يتولوا تحديد كيفية التنفيذ.

وشدد أوباما على أن استمرار وضع الحرب على ما هى عليه فى الوقت الحالى من حيث عدد القوات الأمريكية، وإنفاق ما يزيد على عشرة مليارات دولار شهريا عليها،فان هذا لن يساهم فى تحقيق الهدف الاستراتيجي التي سعت الولايات المتحدة إليه من الدخول فى هذه الحرب، وهو جعل الشعب الأمريكى أكثر أمنا على المدى البعيد، وترك أفغانستان التى تتدهور فيها الأوضاع بصورة خطيرة دون انجاز المهمة هناك. 

خطة أوباما بين معطيات الواقع وطموحات التنفيذ  

ومن جانبه اهتم برنامج Fox News Sunday الذي يبث على شبكة Fox News ويقدمه كريس والاس CHRIS Wallace – بالزيارة الخارجية التى قام بها باراك أوباما، خصوصا ما يتعلق منها بالحرب على العراق وخططه الرامية إلى سحب القوات الأمريكية من العراق وفق خطة زمنية تنتهي فى عام 2010، بالتزامن مع أخبار عن اتفاق كل من الرئيس بوش ورئيس الوزراء العراقي نورى المالكي فى زيارته الأخيرة إلى واشنطن على نقل المزيد من المسئوليات الأمنية للقوات العراقية، فضلا عن الاتفاق على تحديد أفق زمني لانسحاب أمريكا من العراق، واستضاف البرنامج الأدميرال مايكل مولن رئيس اللجنة المشتركة– المكونة من قادة الأفرع الرئيسية فى القوات المسلحة الأمريكية – الذي أكد على أن ما تم الاتفاق عليه بين بوش والمالكي لا يعتبر تحديدا لوقتا معينا تنسحب فيه القوات الأمريكية ، وإنما هو مجرد تحديد للأهداف العامة فقط دون التطرق إلى تفاصيل ومواعيد محددة للانسحاب، ففي الوقت الحالي لا يمكن تحديد موعدا محددا لسحب القوات من هناك، ولكن هذا الإجراء يعتبر من الأهداف الإستراتيجية التى تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقها فى المستقبل.

وأشار والاس إلى التصريحات التى أدلى بها نورى المالكي لأحد المجلات الألمانية بموافقته على خطة باراك أوباما الساعية إلى سحب القوات الأمريكية من العراق بحلول عام 2010 ثم بعد ذلك تراجعه عن هذه التصريحات وتأكيده على أن انسحاب القوات الأمريكية يعتمد على التقدم المستمر فى ارض المعركة، وتساءل والاس عن النتائج التى يمكن أن تترتب على تحديد جدول زمنى لانسحاب القوات الأمريكية من العراق فى غضون العامين القادمين، وفى هذا السياق أكد مولن أن العواقب سوف تكون خطيرة للغاية، لان تخفيض عدد القوات الأمريكية العاملة فى العراق دون مراعاة تحسن الظروف الأمنية على ارض الواقع  سوف يأتي بنتائج عكسية، ولذلك قامت الولايات المتحدة بحسب عدد من القوات العسكرية من العراق عندما تحسنت الظروف خلال الفترة الماضية ، وإذا استمرت الأوضاع فى التحسن فسوف يقدم توصيات للرئيس الأمريكي بوش باستمرار عملية الانسحاب حتى نهاية العام الحالى.

وأكد الأدميرال أن مسالة التسرع فى تحديد وقت زمني معين خلال العامين القادمين لسحب القوات قد يكون غير مصيب ، حيث من الممكن أن يؤدى التغيير السريع إلى خلق حالة من عدم الاستقرار فى الوقت الذي نسعى فيه إلى استتباب الأوضاع هناك ، حيث انخرطت الولايات المتحدة إلى حد كبير مع الشعب العراقي، وبدأ القادة العراقيين فى التفاهم حول العملية السياسة فى العراق ، وشرع الاقتصاد العراقي فى التحرك فى الاتجاه الصحيح.

الشئون الخارجية معضلة المرشح الديمقراطي

أما برنامج World News الذى يقدمه تشارلز جيبسون  – الذي يبث على شبكة ABC - فقد قدم تقريرا عن زيارة أوباما الخارجية أعده مارك مونى– وأشار التقرير إلى أن هذه الزيارة تهدف إلى إظهار أوباما على الساحة الدولية والتخفيف من حدة القلق المرتبط بقلة خبرته بأمور السياسة الخارجية والتفاعلات الدولية، وهو الأمر الذى عبرت عنه بعض استطلاعات الرأى التى جرت مؤخرا وأكدت أن 72% من الناخبين الأمريكيين وحتى غالبية الديمقراطيين يروا المرشح الجمهورى جون مكين خير من يقوم بوظيفة القائد الأعلى للقوات المسلحة. كما أن هذه الاستطلاعات أكدت وجود قلق بين الأمريكيين والإسرائيليين بخصوص مدى التزامه بأمن دولة إسرائيل.           

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد  3/تموز/2008 - 1/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م