بعد العراق.. هل يكون المثلث بين إيران وإسرائيل وسوريا مفتاحاً للسلام؟

شبكة النبأ: تلقي عدة أسئلة بظلها وظلالها على الوقع المرتبك والقلق في منطقة الشرق الأوسط، خصوصا بعد حرب العراق 2003، ومن هذه الأسئلة.. هل يمكن ان يحدث سلام بين إسرائيل والعرب؟ وماهو مدى نجاح هذا السلام في الحد من ظاهرة التوتر في المنطقة؟ وهل للولايات المتحدة الأمريكية أجندة خاصة للإستقرار النسبي، خصوصا بعد فوضى العراق العارمة؟

كل هذه تكهنات وأسئلة، خصوصا بعد التصعيد الأخير بين ايران من جهة واسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى.

وسوريا اليوم عازمة على السير قدما في مواجهة مثيرة بخصوص محادثات سلام بينها وبين اسرائيل، إيران أيضا على نفس الشاكلة ستلتقي في جنيف الولايات المتحدة..

السلام المحتمل بين إسرائيل ودول المنطقة

قبل زيارته لباريس لحضور قمة اتحاد الدول المحيطة بالبحر الابيض المتوسط قال الرئيس السوري بشار الاسد ان العلاقات الاقتصادية بين بلدان هذا البحر لا يمكن ان تتطور على ضوء الصراعات الاقليمية القائمة الان في الشرق الاوسط وعلى الاخص منها الصراع العربي الاسرائيلي.

وفي حوار استمر لساعتين، اعرب الرئيس الاسد عن اعتقاده ان المنطقة سوف تتحرك نحو التطرف والنزعة المحافظة التي لا تقبل التغيير اذا لم يكن هناك حوار سياسي وسلام عادل بين العرب والاسرائيليين، وقال ان الارهاب ليس سوى حالة ذهنية، وليس له حدود. لذا سوف تفشل كل خطوات الاصلاح التي يحتاجها العرب على المستويات الاقتصادية والتعليمية والثقافية وسوف يتزعزع امن واستقرار المنطقة ما لم يتحقق السلام. بحسب الغارديان.

ومن الواضح الآن ان الولايات المتحدة واسرائيل لم تنتبها لهذه المسألة عندما استبعدتا فكرة ان سورية تريد السلام حقا. لكن القيادة السورية تدرك جيدا ان المنطقة ستشهد قناة جديدة للتطرف اذا ضاعت فرصة السلام مرة اخرى. ومن هنا، تسير مفاوضات سورية غير المباشرة مع اسرائيل في هذا السياق.

فبعد عام 2003 اعلن الاسد بدء المفاوضات مع اسرائيل وبعد حرب عام 2006 نأى بنفسه على نحو واضح عن تصريحات رئيس ايران محمود أحمدي نجاد قائلا: انا لا اقول ان علينا ازالة اسرائيل من الخارطة بل نحن نريد السلام، السلام معها.

جاء هذا خلال مقابلة مع صحيفة دير شبيفيل الالمانية في الرابع والعشرين من سبتمبر 2006

بيد ان ارييل شارون ثم ايهود اولمرت بعده لم يستجيبا لهذه الدعوات في حين رفض الآخرون لاسيما واشنطن الثقة بنظام دمشق.

وفي مايو الماضي أعلنت سورية واسرائيل عن بدء مفاوضات غير مباشرة من خلال وساطة تركية قام بها رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان، وفي هذا الاطار يقول الاسد: لقد اوضحت الحرب في لبنان لكل انسان انها ليست حلا للمشكلة، واضاف: ان اسرائيل اقوى قوة عسكرية في المنطقة وحزب الله اصغر من أي جيش في المنطقة، لكن ماذا حققت اسرائيل؟

غير ان الاسد يعتقد ان من الضروري انتظار ادارة امريكية جديدة في 2009 قبل المضي قدما في المحادثات السورية الاسرائيلية وذلك لان نجاحها يتطلب وساطة قوية يعتقد الاسد انها لا يمكن أن تتوفر إلا في الولايات المتحدة لكن بالرغم من هذا، يتعين ان يكون هناك تقدم خلال فترة الانتظار ولذا جاءت المفاوضات الراهنة غير المباشرة لتحقيق هذا الهدف.

وبعد ثمان سنوات من استمرار حالة الشلل، أي منذ انتهاء المفاوضات بين البلدين عام 2000، وبعد الحرب في لبنان وهجومين على سورية، لم يعد هناك ثقة بين الدولتين. لذا تريد سورية الان اختبار نوايا اسرائيل، وتدرك ايضا ان الدولة العبرية تريد هي الاخرى اختبار النوايا السورية.

ولعل من المفيد الاشارة هنا الى ان المحادثات التي كانت قد جرت بين الرئيس الراحل حافظ الاسد ورئيس وزراء اسرائيل ايهود باراك في 1999 ـ 2000 حققت تقدما في معظم المسائل الشائكة آنذاك ومنها: الامن، والاعتراف المتبادل والمياه.

لذا تريد سورية الآن البدء من المكان الذي توقفت فيه تلك المحادثات من اجل توفير الوقت ولأن ذلك اسهل، اذ باستثناء اصراره على استعادة كل مرتفعات الجولان يظهر الرئيس بشار مرونة تذكرنا بمرونة أبيه خلال محادثات 1999 ـ 2000.

فعندما طالبت اسرائيل الاحتفاظ بموقع للانذار المبكر في الاراضي السورية، وهو شرط لا يمكن قبوله لأن سورية لا تقبل قطعا بأي وجود عسكري اسرائيلي على ترابها، امكن التوصل عندئذ لاتفاق يقضي بوضع جنود امريكيين في الموقع.

ومهما يكن الامر، من الواضح ان الاسد لن يقطع علاقته بإيران كشرط مسبق للمفاوضات فهذه الدولة هي واحدة من البلدان التي تدعم وتساند سورية منذ سنوات طويلة. لكن الاسد يدرك ان السلام مع اسرائيل سوف يغير كل المنطقة لأنه سيفضي ايضا الى السلام بين لبنان واسرائيل مما يساعد في حل مشكلة حزب الله ومن ثم تحويله الى منظمة سياسية. ومن الجدير ذكره هنا ان التحالف بين سورية وايران لم يمنع دمشق ابدا عن ممارسة سياسة خاصة بها لرعاية مصالحها الذاتية، وما مشاركتها في مؤتمر مدريد عام 1993، ومؤتمر أنابولس الا مثالا على ذلك.

بيد ان اكثر ما يشغل اهتمام الاسد اليوم هو التطرف، ولذا يبدو مقتنعا ان الفشل في المفاوضات هذه المرة لن يؤدي الا الى المزيد من الفوضى في المنطقة، لا سيما انها تنتشر من افغانستان الى العراق.

المصالح المتبادلة بين اسرائيل وسوريا في عملية السلام

وحدد الخبير في معهد الامن القومي الاسرائيلي للدراسات الستراتيجية شلوموبروم المصلحة الاسرائيلية في معاودة المفاوضات مع سورية، مشيرا الى انها تتجلى عبر استخدامها على ثلاثة مستويات: الى اي حد يقلص اتفاق سلام مع سورية او يزيد التهديدات التي تواجهها اسرائيل وكيف سينعكس على قدرتها على مواجهتها؟ وهل سيساعد اتفاق السلام مع سورية او سيؤذي تقدم العملية السياسية مع الدول الاخرى وهل سيشجع على المصالحة مع العالم العربي؟ وما الكفة الداخلية للاتفاق؟.

ويسعى الباحث في تقريره الى تحليل الاحتمالات الفعلية لمعاودة المفاوضات الكاملة والجدية ومدى التقدم الذي يمكن احرازه نحواتفاق يراعي المصلحة الاسرائيلية، والطريقة التي ينبغي ان تتصرف بها اسرائيل، راصدا ان احد الشروط التي وضعتها دمشق لمعاودة التفاوض، هواعتراف تل ابيب مجددا بـ(وديعة رابين) اي الاقرار بنية الانسحاب من كل هضبة الجولان، وهوما فعلته اسرائيل، مقابل تقديم الاسد تعهدا مسبقا بفض العلاقة بإيران وحزب الله والتنظيمات الفلسطينية المتشددة.

ويعيد الخبير الذاكرة الى المفاوضات التي جرت في التسعينيات التي كان هدفها معرفة الربح الذي سينتج عن اخراج سورية من دائرة المواجهة مع اسرائيل والترتيبات الامنية الواجب ادراجها في الاتفاق بالمقارنة مع خسارة هضبة الجولان التي تتمتع بسبب موقعها الطوبغرافي بأهمية استراتيجية واضحة في حال نشوب حرب بين الجانبين، مستدركا ان التطورات التي حدثت منذ ذلك الحين جعلت من هذا الهدف اكثر تعقيدا لأن الظاهرة المسيطرة والمؤثرة على امن اسرائيل خلال الاعوام الاخيرة هي ظهور محور راديكالي بزعامة ايران يضم سورية وحزب الله والمنظمات الفلسطينية المتشددة، وبالتالي فان الاهم المطروح الان ليس اخراج سورية من دائرة المواجهة مع اسرائيل، بل اخراجها من هذا المحور واذا ما كان اتفاق السلام معها سيؤدي الى ذلك فعلا.

والمتغير الثاني فى المشهد الصراعي مع سورية هو برأي بروم: تغير الخطر الامني الذي ثمثله سورية بالنسبة لاسرائيل، فبعد ان كان في الماضي يتمثل في قدرة سورية على تنفيذ هجوم مفاجئ تستعيد فيه الجولان وتهدد جزءا من الاراضي الاسرائيلية، فانه اليوم يتمثل بقدرتها على ضرب الجبهة المدنية بالصواريخ.

ويستعرض بروم المواقف الاسرائيلية من التفاوض مع دمشق، مشيرا الى ان معارضيها يقولون ان التحالف بين سورية وحزب الله تحول الى: جزء اساسي من هوية سورية، الى درجة انها باتت تعتمد عليه بصورة كبيرة بحيث لم يعد هناك أملا بأن تقطع علاقاتها معه حتى بعد ابرام الاتفاق مع اسرائيل.

ويرفض المحلل هذا الرأي لكونه يتعامل مع هذا المحور بصورة شكلية ويتجاهل حقيقة اساسية هي انه يمثل شبكة متطورة تستند الى مصالح قابلة للتبدل، مؤكدا ان سورية تعتمد في الوضع الحالي على ايران من اجل تقديم المساعدة العسكرية والمالية لحزب الله، بصفته الطرف القادر على ممارسة الضغط على اسرائيل والمحافظة على نفوذها في لبنان.

من هذا المنطلق فان الاتفاق لوابرم بين الدولتين وادى في الوقت نفسه الى تقارب بين سورية والولايات المتحدة، سيؤدي الى تفكيك عدد من العناصر المهمة في التبعية السورية لايران وحزب الله.

ويتناول بروم المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية التي يصفها بالبائسة، لان التوجهات برأيه لاتبشر بخير، رافضا التفسيرالقائل: ان المفاوضات مع سورية دورا تعطيليا في مسارها، كما توقع الفلسطينيون الذين اعتبروها تخليا عن مسارهم ومحاولة للمناورة لاجبارهم على القبول بالاملاءات الاسرائيلية، مرجحا العكس تماما، لانها ربما ستساعد على كبح الاطراف المعرقلة لهذا المسارلا سيما وان خسارة حماس والجهاد الاسلامي للتأييد السوري سيقلص من قدرتهما على تخريب التقارب الفلسطيني الاسرائيلي وقد يدفعهما في النهاية الى التفاهم مع اسرائيل.

وتدل استطلاعات الرأي العام في اسرائيل على وجود تأييد للمفاوضات مع سورية ولكن معارضة التنازل عن الجولان، ويتضح من مؤشر السلام لـ معهد شتاينمتس، في أكتوبر العام الماضي ان نحو%72.3 ممن شملهم الاستفتاء عارضوا الانسحاب الكامل من الجولان، فيما يبين استطلاع للرأي اجرته يديعوت احرونوت في ابريل الماضي ارتفاع هذه النسبة الى %74.

ويرى بروم ان موقف الرأي العام الاسرائيلي سيتغير فيما لو ادرك: ان لا مجال للتوصل الى اتفاق مع سورية من دون الانسحاب من الجولان.

ويخلص بروم الى ان اسرائيل تتطلع الى سلام شامل مع العرب وتطبيع كامل للعلاقات، ومنذ اعلان مبادرة السلام العربية العام 2002 يبدوان هذا الهدف ممكنا في حال تم التوصل الى اتفاق مع السوريين والفلسطينيين، لا سيما وان غالبية الحكومات العربية والرأي العام العربي تعتبر »الاتفاق بين الاسرائيليين والفلسطينيين هوالاهم، مشددا على انه في المدى البعيد لا يمكن التوصل الى سلام شامل والى تطبيع كامل للعلاقات من دون اتفاق مع سورية.

تحذيرات سورية من مغبة الهجوم على ايران

وحذر الرئيس السوري بشار الاسد من أن شن هجوم عسكري على ايران بسبب برنامجها النووي سيكون له عواقب خطيرة على الولايات المتحدة واسرائيل والعالم بأسره.

وقال الاسد في مقابلة مع اذاعة فرانس انتير إن مثل هذا الهجوم سيكلف الولايات المتحدة والعالم ثمنا غاليا وستدفع اسرائيل ثمن هذه الحرب بشكل مباشر. مضيفا أن هذا ما قالته ايران.

وطلب الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد من مسؤول كبير ألا يتدخل في النزاع النووي مع الغرب فيما اعتبره محللون علامة على وجود قلق داخلي بشأن احتمال أن تزيد أساليب الرئيس المتشددة عزلة بلاده. بحسب رويترز.

وزادت التكهنات بشأن احتمال شن هجوم عسكري على المنشآت النووية الايرانية في أعقاب تقرير بأن سلاح الجو الاسرائيلي أجرى تدريبا على شن مثل هذا الهجوم. وترفض الولايات المتحدة استبعاد العمل العسكري اذا فشلت الجهود الدبلوماسية في وقف البرنامج الايراني لتخصيب اليورانيوم.

وحذر الاسد من أن ذلك سيؤدي الى سلسلة من ردود الفعل التي لا يمكن السيطرة عليها في الشرق الاوسط على مدار السنوات بل وعقود. وقال ان المنطق يرفض ذلك لكن ادارة الرئيس الامريكي مبدأها شن الحرب.

وتنفي ايران انها تسعى سرا لصنع أسلحة نووية وراء ستار برنامج نووي مدني. وتؤكد اسرائيل التي يعتقد على نطاق واسع أنها تملك الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الاوسط أنها ستمنع ايران من امتلاك أسلحة نووية.

وأجرت ايران تجارب اطلاق صواريخ متوسطة وطويلة المدى الامر الذي أدى الى مزيد من تصعيد التوتر. وساعدت المخاوف بشأن احتمال نشوب حرب في ارتفاع أسعار النفط العالمية الى مستويات قياسية.

وحذر أحمدي نجاد من أن رد الجمهورية الاسلامية على أي هجوم سيكون سريعا وقاسيا. ويقول منتقدون في الداخل أن تصريحاته استفزازية.

وعبر علي أكبر ولايتي المقرب من الزعيم الاعلى للجمهورية الاسلامية اية الله علي خامنئي عن انتقاد علني غير معتاد للغة التصريحات الحكومية في النزاع النووي.

وقال أحمدي نجاد ان ولايتي رجل يحظى بالاحترام ومن حقه ان يعبر عن رأيه: لكنه لا يشارك في صنع القرار (بشأن البرنامج) النووي. وأشاد خامنئي الذي له القول الفصل بأسلوب أحمدي نجاد في معالجة القضية.

وترفض طهران حتى الان وقف برنامجها الخاص بتخصيب اليورانيوم لكنها مستعدة لمواصلة المحادثات النووية مع القوى الكبرى.

ويقول دبلوماسيون غربيون ان الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين عرضت اجراء محادثات تمهيدية قبل المناقشات الرسمية. لكن ايران يجب أن توقف أي توسع في برنامجها النووي مقابل أن يوقف مجلس الامن الدولي فرض مزيد من العقوبات ضدها.

ومن المقرر أن يلتقي المنسق الاعلى للسياسة الخارجية والامنية بالاتحاد الاوروبي خافيير سولانا مع كبير المفاوضين النووين الايرانيين سعيد جليلي في جنيف في 19 يوليو تموز.

وقال نائب وزير الدفاع الايراني نصر الله عزتي ان تجارب اطلاق الصواريخ تساعد الجمهورية الاسلامية على الذهاب الى طاولة المفاوضات ويداها مليئتان.

وأضاف عزتي: زعم الطرف الاخر أن ايران يتعين أولا أن تقبل وقف تخصيب اليورانيوم حتى تكون هناك امكانية للتفاوض لكن الطرف المعارض هو الذي استسلم لرغبة ايران في نهاية المطاف.

وقال الاسد انه سيساعد أيضا في التوسط مع ايران استجابة لطلب من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.

وأضاف الاسد، سنجري مناقشات مع أصدقائنا الايرانيين للوصول الى لب القضية والى التفاصيل. هذه هي المرة الاولى التي يطلب منا فيها القيام بدور.

وبعيدا عن النزاع النووي يتوجه فريق كرة السلة الايراني الى الولايات المتحدة في مواجهة رياضية نادرة مع الامريكيين.

وقال محمد مشعون رئيس الاتحاد الايراني لكرة السلة، بعد العديد من الطلبات الموجهة لايران من قبل الاتحاد الامريكي لكرة السلة وبعد مراجعة الطلب من جانب المسؤولين الايرانيين قبلنا هذه الدعوة.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاربعاء  23/تموز/2008 - 19/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م