
شبكة النبأ: في أمر قديم جديد أعادت قضية المهندس اليهودي
السابق بالجيش الأمريكي بن عامي قاديش المتهم بنقل وثائق عسكرية
نووية وصاروخية للحكومة الإسرائيلية فتح قضية التجسس الإسرائيلي
على الولايات المتحدة الأمريكية الذي بدأ بالجاسوس مزدوج الجنسية
جوناثان بولارد وحكم عليه القضاء الأمريكي عام 1986 بالسجن مدى
الحياة.
لكن الغريب فى الأمر أن قضايا التجسس الإسرائيلية لا يتعدى
تأثيرها إحداث بعض الارتباكات الآنية التى سرعان ما تتلاشى ولا
تؤثر على العلاقات الإستراتيجية التى تربط واشنطن وتل أبيب كما
يقول كبار المسئولين الإسرائيليين عند اكتشاف قضايا تجسس جديدة.
وتعكس هذه المعاملة الأمريكية الخاصة جدا تسامحا كبيرا تبديه
الولايات المتحدة مع حليفها الاستراتيجي إسرائيل، والذي لا يحدث مع
أي حليف آخر.
وعلى الرغم من أن مثل هذه القضايا تثار من حين لآخر إلا أن
الكثيرين يتوجسون خيفة من التعليق على هذه الأمور شديدة الحساسية
مما جعل القضية تضاف لقائمة المحظورات الإعلامية التى يندر تناولها
صحفيا وكأنه تابو يحظر الاقتراب منه، فالأمر يتعلق بتجسس حليف
استراتيجي على الولايات المتحدة فضلا عن أن هذا الحليف هو صديق غير
عادي. بحسب موقع تقرير واشنطن.
لكن ذلك لم يمنع ضابطا سابقا بالمخابرات المركزية الأمريكية
"CIA" هو فيليب جيرالدى من الخوض فى الحديث عن المسكوت عنه بمقالة
جريئة نشرها فى عدد يونيو من مجلة "الأمريكي المحافظ" المعروفة
بتوجهاتها المحافظة كما يبدو من اسمها. وقد تميزت المقالة بالرصد
الموضوعي والدقيق لقضايا التجسس الإسرائيلية على أمريكا وبدا أن
الكاتب توخى حذره فى عرض القضية التى تناولها تحت عنوان "الجاسوس
الذي يحبنا" أو The Spy Who Loves Us، مكتفيا برصد الأحداث كما هي
وإبداء رأيه من حين لآخر مقدما توصياته فى النهاية.
من بولارد إلى قاديش
بدأ جيرالدى مقاله بالتذكير بقضية بولارد التى كانت لبنة عمليات
التجسس الإسرائيلية على أمريكا، قائلا أن واشنطن عمدت للتفاوض مع
إسرائيل بعدها والتوصل إلى تفاهم ما يشبه اتفاقية النبلاء
Gentlemen's agreement يقضى بألا يتجسس أي طرف على الآخر بدون
موافقته، لكن الحكومة الإسرائيلية لم تحترم التزاماتها حتى بعد
اكتشاف الجاسوس بولارد كما يقول جيرالدى. واستمرت الولايات المتحدة
من جانبها فى تجنيد عملاء داخل إسرائيل فى فترة الثمانينيات
والتسعينيات وكان معروفا فى دوائر المخابرات الأمريكية أن إسرائيل
تفعل نفس الشيء.
ويذكر جيرالدى فى مقاله كيف تملك الغضب من ديفيد زادى مساعد
مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي "FBI" لشئون مكافحة المخابرات
المضادة Counterintelligence فى أواخر التسعينيات عندما لمس بنفسه
حجم التجسس الإسرائيلي على الولايات المتحدة. وقام حينها بالاتصال
هاتفيا برئيس المعهد المركزي للمخابرات والأنشطة الخاصة "الموساد"
بالسفارة الإسرائيلية فى واشنطن وانتقده بعنف قائلا له "كف هذا
الأمر".
ويعتبر بولارد رمزا لأي عملية تجسس لتل أبيب على حليفها
الأمريكي حتى أن اسمه ذكر فى قضية قاديش التى اكتشفتها المباحث
الفيدرالية فى ابريل الماضي. وكان قاديش يعمل تحت إدارة يوسف ياجور
الذي كان يعمل تحت إمرته أيضا جوناثان بولارد. ويعد ياجور مسئولا
كبيرا بالموساد يعمل بالسفارة الإسرائيلية فى واشنطن متخفيا فى
صورة ملحق علمي هرب من الولايات المتحدة عام 1985 بعد إلقاء القبض
على بولارد لكنه ظل على اتصال مع قاديش.
وبعد اعتقال بولارد تخوف بعض المسئولين الأمريكيين من وجود
مسئول رفيع يُدير عمليات التجسس يُشار إليه باسم "ميجا" Mega كما
كشف مسئولون فى وزارة الأمن القومي NSA بعد مراقبتهم لمحادثات
ضابطة مخابرات إسرائيليين. وكان واضحا أن "ميجا" يعمل فى دوائر صنع
القرار السياسي بدليل أن بولارد وقاديش كانا يبحثان عن ملفات
بعينها إما بالاسم أو بالرقم.
وأعلن المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية أرييه ميكل Arieh
Mekel في مايو الماضي بعد اكتشاف الجاسوس قاديش أن رؤساء حكومات
إسرائيل أصدروا أوامر واضحة بعدم القيام بهذه النوعية من الأنشطة،
وهو ما تناقلته وسائل الإعلام مثل وكالة الأنباء الفرنسية بعنوان
"إسرائيل تقول لا تجسس على الولايات المتحدة منذ 1985". ويقول
جيرالدى أن ميكل لم يقل ذلك وإنما أشار لهذه النوعية من الأنشطة
قاصدا تجنيد أمريكيين يهود للعمل كعملاء للموساد. ويشير إلى أنه من
المحتمل أن تكون تل أبيب توقفت عن تجنيد أمريكيين يهود كجواسيس
بالفعل وإن كان ذلك غير مؤكد لكن عمليات الموساد استمرت فى
الولايات المتحدة.
ويمضي الضابط السابق فى المخابرات الأمريكية فى شرح عمليات
التجسس التى تتعدى استخدام عملاء مجندين بمراحل عدة فتشمل التجسس
على شبكات اتصال والتحكم فى عملاء يتبوأون مواقع ذات تأثير فى
صناعة القرار ويديرون أعمالا سرية من شأنها إمداد وسائل الإعلام
بمعلومات مضللة.
ويضيف جيرالدى وهو زميل فى تحالف الدفاع الأمريكي المحافظ
American Conservative Defense Alliance أن إسرائيل ليست فى حاجة
لتجنيد عملاء فى مواقع مؤثرة وذلك لأن ضباط الموساد والدبلوماسيين
والسياسيين الإسرائيليين قادرين على الوصول لصناعي القرار السياسي
فى الولايات المتحدة. فقد تحدثت تقارير سابقة أن وزارة الدفاع
الأمريكية تحت إدارة بول وولفويتز نائب وزير الدفاع ودوجلاس فايث
الرجل الثالث بالوزارة فى عهد دونالد رامسفيلد لم تكن تراقب الزوار
الإسرائيليين لأمريكا كما ينبغي، كما أن السفارة الإسرائيلية لديها
اتصالات ممتازة مع الإعلام.
ويقول جيرالدى إن المخابرات الإسرائيلية تلجأ فى الغالب للصحافة
البريطانية لنشر موادا دعائية أو موضوعات من شأنها أن تشكل الرأي
العام باتجاه مؤيد لإسرائيل معتمدة فى ذلك على مجموعة "التايمز"
The Times وصحيفة "ديلى تلجراف" Daily Telegraph التى يملكها
إمبراطور الإعلام الأسترالي روبرت ميردوخ Rupert Murdoch اللتان
تنشران قصصا إخبارية كثيرة تعتمد على مصادر حكومية إسرائيلية.
وغالبا ما ينقل الإعلام الأمريكي هذه الموضوعات عن الصحافة
البريطانية.
اعتراف أمريكي بالتجسس الإسرائيلي
ويوضح جيرالدى في مقالته إن جميع الأجهزة الحكومية فى أمريكا
تُؤكد استمرار عمليات التجسس الإسرائيلي لكنها فى الغالب لا يتم
فضحها وذلك لأن ضباط المباحث الفيدرالية يدركون أن التحقق فى هذه
الجرائم لا يخدم مستقبلهم المهني. ويذكر أن إسرائيل دائما ما تذكر
فى التقرير السنوي للمباحث الفيدرالية عن التجسس الاقتصادي
والصناعي الأجنبي.
ويشير تقرير عام 2005 إلى أن إسرائيل تملك برنامجا نشطا لجمع
معلومات عن الملاك فى الولايات المتحدة التى يتم توجيهها لمعرفة
معلومات عن الأنظمة العسكرية والتطبيقات الاليكترونية المتقدمة
التى يمكن تزويد الصناعات العسكرية الإسرائيلية بها. ويضيف التقرير
أن إسرائيل تعمل على تجنيد الجواسيس وتستخدم أساليب اليكترونية
وتقوم باختراق أجهزة الكمبيوتر للوصول لهذه المعلومات.
ويؤكد جيرالدى فى مقاله أن التركيز على الأسرار العسكرية
الأمريكية فى عمليات التجسس الإسرائيلية لا يقتصر على المعلومات
التى تحتاجها للدفاع عن نفسها كما ادعى بولارد عندما تم توقيفه.
ويعتقد العديد من كبار ضباط المخابرات الأمريكيين أن بعض المعلومات
التى سرقها بولارد كانت كفيلة بإقناع الاتحاد السوفيتي بالسماح
لعشرات الآلاف من اليهود الروس بالاستيطان فى إسرائيل فى مقابل سخي
دفعه الروس لمعلومات بولارد القيمة.
كما توصل مكتب تحقيقات البحرية عام 1996 إلى أن إسرائيل قامت
بنقل تكنولوجيا عسكرية حساسة إلى الصين، ثم حاولت بعدها إسرائيل
عام 2000 بيع أنظمة فالكون Phalcon المتقدمة وهى أنظمة عسكرية تحمل
ترخيصا أمريكيا.
وخلص تقرير المباحث الفيدرالية إلى أن سرقة هذه المعلومات أدت
لتراجع الميزات العسكرية الأمريكية بعد أن تمكنت قوى أجنبية من
الحصول على تكنولوجيا ثمينة للغاية استغرق تطويرها سنين عدة.
ويذكر جيرالدى تحذير خدمة التحقيقات الدفاعية بالبنتاجون
Defense Investigative Service لمقاولي الدفاع عام 1996 من أن
إسرائيل لديها "نوايا وقدرات تجسسية" وتحاول جاهدة سرقة أسرار
عسكرية ومخابراتية، كما اعتبرت وزارة الدفاع حينها الأشخاص الذين
لديهم "روابط عرقية قوية" بإسرائيل تهديدا أمنيا قائلة "أن زرع
مواطنين إسرائيليين فى صناعات رئيسية هو أسلوب متبع ويحقق نجاحا
كبيرا". وأشارت مذكرة البنتاجون إلى قيام شركة بصريات بولاية
الينوى Illinois بنقل غير شرعي لمعلومات عن الملكية عام 1986 بعد
اعتقال بولارد بالإضافة إلى سرقة معدات اختبار لنظام رادارات فى
منتصف الثمانينيات.
وأثارت مذكرة البنتاجون فى ذلك الوقت عاصفة احتجاج قادتها لجنة
مكافحة التشهير Anti-Defamation League وأدت لسحب المذكرة واعتذار
رسمي من وزارة الدفاع الأمريكية ألقى باللوم على مسئول صغير
لاستخدامه هذه اللغة فى المذكرة ووعد البنتاجون بعدم كتابة تحذيرات
مماثلة بعد ذلك.
لكن سرعان ما عادت قضايا التجسس الإسرائيلي على الولايات
المتحدة لساحة النقاش فى تقرير لمكتب المحاسبة العامة General
Accounting Office بعد أن أكمل فحصه لعمليات التجسس على الصناعات
الدفاعية والأمنية الأمريكية. وقال التقرير أن المواطنين
الإسرائيليين المقيمين فى الولايات المتحدة سرقوا تكنولوجيا حساسة
لصناعة أنابيب بنادق عسكرية كما حصلوا على خطط موضوعة لأنظمة
reconnaissance ونقلوا تصميمات جوية حساسة.
وكشف التقرير قيام شركة إسرائيلية بمراقبة أنظمة اتصالات لوزارة
الدفاع ليخلص إلى نتيجة مفادها أن إسرائيل من بين جميع حلفاء
الولايات المتحدة تُجرى عملية تجسس هي الأكثر عنفا ضد أمريكا.
علاقة إسرائيل بهجمات سبتمبر
وفى بداية عام 2001 رصدت الولايات المتحدة محاولات لمجموعات
إسرائيلية تبيع رسوما توضح سبل الدخول إلى مكاتب حكومية ومنشآت
تابعة لوزارة الدفاع وقواعد عسكرية ومباني فيدرالية من الأبواب
الخلفية ومواقع انتظار السيارات فيما عرف بقضية "طلاب الفن". وتبين
بعد توقيف العديد منهم أن لديهم خلفيات حول المخابرات العسكرية
والمراقبة الاليكترونية فضلا عن أن أسمائهم لم تكن مقيدة
بالجامعتين الإسرائيليتين اللتان قالوا أنهم مقيدون فيها، لكن
معظمهم تم ترحيلهم لأسباب تتعلق بانتهاك قوانين الهجرة فيما سمح
للباقين بالرحيل.
وبخلاف هؤلاء فإن هناك أيضا ثلاث إسرائيليين عاملين بشركة "اربان
موفنج سيستمز" بولاية نيو جيرسى New Jersey تم استجوابهم بعد أن
شوهدوا وهم يلتقطون صورا فوتوغرافية احتفالا بسقوط أول برج فى
هجمات الحادي عشر من سبتمبر بعد 16 دقيقة فقط من اصطدام الطائرة به
فى وقت لم يكن من المعروف أن الهجوم كان إرهابيا وظن الجميع أنه
حادث مروع. وقامت المباحث الفيدرالية لاحقا باستجواب مدير الشركة
دومينيك سوتر Dominik Suter الذي يوظف الكثير من الإسرائيليين ممن
كانوا يعملون سابقا مع الجيش الإسرائيلي.
ويقول جيرالدى أنه من غير المعلوم أن كان هؤلاء الإسرائيليين
العالمين بالشركة ومجموعة طلاب الفن على صلة وأنهما أمدا تل أبيب
بالمعلومات الكافية التى سهلت وقوع هجمات سبتمبر، لكن المؤكد أن
العاملين فى الشركة كانوا متورطين فى عمليات تجسس يحتمل أن تكون
اليكترونية على اتصالات هاتفية لمواطنين عرب يعيشون بالولايات
المتحدة. وبعد أن تم احتجاز خمسة أشخاص منهم أكثر من شهرين اعترفت
إسرائيل بأنهم عملاء للموساد وقدمت اعتذارا للسلطات الأمريكية
فسمحت لهم بالعودة لتل أبيب بعد أن تبين أن شركة "اربان موفنج" هي
واجهة للتجسس على العرب.
ويضيف ضابط المخابرات السابق أن أعدادا كبيرة من الإسرائيليين
اعتقلوا بعد هجمات سبتمبر يتراوح عددهم بين 55 إلى 95 شخصا بعضهم
كانوا جنودا بالجيش الإسرائيلي. وتعرضت المباحث الفيدرالية فى هذا
الوقت لضغوط كبيرة من نواب بالكونجرس وجماعات موالية لإسرائيل
للإفراج عن المعتقلين. وينقل جيرالدى فى مقاله عن أحد المصادر
قولها إن البيت الأبيض قد يكون اتخذ القرار الأخير فى هذا الشأن
بإغلاق التحقيق.
مازال التجسس الإسرائيلي مستمراً
لكن تجسس الدولة العبرية على أقرب حليف لها لم ينته إلى هذا
الحد. وحاول بعض الإسرائيليين فى واقعتين منفصلتين كشف أسرار نووية
وعسكرية فى ولايتي تينيسى Tennessee وجورجيا Georgia فى مايو 2004.
وفى كلتا الحالتين تبين أن الإسرائيليين الذين حاولوا الاقتراب من
المنشأة النووية فى تينيسى وقاعدة "كينجز باى" Kings Bay البحرية
فى جورجيا يحملون بطاقات هوية عسكرية وأوراق أمريكية مزيفة.
ولم تنته المحاولات الإسرائيلية للتجسس على أمريكا عند الحدود
الجغرافية، ففي نهاية عام 2001 كما يقول جيرالدى فى مقاله رصد
الأمن الدبلوماسي الأمريكي بعض الأحداث التى وصفها بـ "الغريبة" فى
مقار البعثات الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية فى الخارج وكلها ثبت
فيها تورط إسرائيليين. من هذه الأحداث الغريبة كان قيام الشرطة
الفرنسية باعتقال سبعة إسرائيليين لتصويرهم السفارة الأمريكية فى
باريس فى الثانية صباحا. وكشفت التحقيقات أن الإسرائيليين كانوا
يستخدمون فيلم تصوير يحتوى على أشعة تحت الحمراء لتصوير أجهزة
الاتصالات بالسفارة.
وفى أغسطس 2004 نشر الإعلام الأمريكي أخبار تحقيقات المباحث
الفيدرالية التى بدأت عام 1999 مع محلل المعلومات والمخابرات
بالبنتاجون لارى فرانكلين Larry Franklin. واعترف فرانكلين فى
أكتوبر 2005 بكشف معلومات سرية عن إيران لاثنين من مسئولي لجنة
العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية "ايباك" American Israel
Public Affairs Committee (AIPAC) اللذان قاما بدوريهما بنقل
المعلومات للسفارة الإسرائيلية.
الاشتباه في إسرائيل انتحار مهني
ويوضح جيرالدى مدى تقدم صناعة الاتصالات الإسرائيلية فى السوق
الأمريكي قائلا أن شركة مثل "كومفيرس انفوسيس" Comverse Infosys
توفر معدات للتجسس على الاتصالات الهاتفية لأجهزة فرض القانون فى
أنحاء الولايات المتحدة. ويقول جيرالدى إن كثيرا من الخبراء يرون
أن هذا مجرد باب خلفي لشركة الاتصالات الإسرائيلية للتجسس على
المكالمات وإرسالها لطرف ثان غير السلطات الأمريكية خاصة وأن
مسئولي المباحث الفيدرالية والأمن القومي لم يقوموا بفحص أجهزة
ومعدات الشركة للتأكد من أنه لا يمكن تسريب هذه التسجيلات لأن هناك
دائما من يعوق ذلك. بعض المصادر تحدثت مع قناة "فوكس" الإخبارية
Fox News وقالت أن مجرد الاقتراح بأن إسرائيل قد تكون تتجسس علينا
عبر "كومفرس" هو بمثابة "انتحار سياسي" لتضطر القناة لمسح هذا
الجزء من تقريرها بعد ضغوط من جماعات موالية لإسرائيل.
وفى يونيو 2006 سربت بعض الجهات أنباء عن أن البنتاجون بدأ يرفض
منح تصاريح أمنية للأمريكيين اليهود الذين تعيش عائلاتهم فى
إسرائيل، كما أصبح الأمر صعبا للغاية لمن يريد العمل مع مقاولي
الدفاع الأمريكيين من الإسرائيليين. وقال أحد القضاة الإداريين
بوزارة الدفاع الأمريكية "أن الحكومة الإسرائيلية متورطة بنشاط فى
تجسس عسكري وصناعي فى الولايات المتحدة. أن وجود مواطن إسرائيلي
يعمل فى الولايات المتحدة ولديه قدرة على الوصول لمعلومات تخص
الملكية من المحتمل أن يكون هدفا لهذا التجسس.
وينهى ضابط المخابرات السابق مقالته بالقول أن عمليات التجسس
تحدث حتى بين الأصدقاء والحلفاء لكن هذه الكثافة وهذا الإصرار من
جانب إسرائيل هو أمر يثير الإزعاج خاصة أن تل أبيب تعتمد كثيرا على
دعم واشنطن السياسي والعسكري. وبالرغم من أن حلفاء آخرين مثل
بريطانيا وفرنسا وألمانيا لا شك أن لديهم جواسيس فى واشنطن إلا أن
هناك خطا لا يتجاوزونه.
ويقترح جيرالدى فى النهاية على الإدارة الأمريكية أن تُخير قادة
إسرائيل بين استمرار الدعم الذي يأتي إليهم بمليارات الدولارات أو
التوقف عن التجسس على أكبر متبرع لهم . لكن المهم ألا يُسمح لهم
بتلقي الدعم في الذي تُواصل فيه التجسس على داعمها الاستراتيجي
الولايات المتحدة الأمريكية. |