تهديد جديد للأمن القومي: مهرّبو البشر في خدمة الإرهاب

شبكة النبأ: بالرغم من ان دافع العمل لدى مهربي البشر وغيرهم من الجماعات الإجرامية هو جني الأرباح، في حين أن دافع الإرهابيين وغيرهم من المتطرفين هو الإيديولوجية. إلا ان ذلك دعى الى تنامي القلق مؤخرا في الولايات المتحدة بشأن امكانية توظيف مهربي البشر لخدمة الإرهابيين مما حول الامر الى تهديد للأمن القومي الامريكي.

فقد قال شلدون جانغ، وهو مؤلف وخبير في مجالي تهريب البشر والجريمة العابرة للحدود القومية، إن تهريب البشر تهديد للأمن القومي، وإنه من المؤكد أن يستخدم الإرهابيون في يوم ما خدمات المهربين للدخول إلى الولايات المتحدة.

ولكن جانغ، الذي يشغل منصب أستاذ محاضر في علم الاجتماع في جامعة سان دييغو ستيت يونفيرستي، أضاف أن أهداف المهربين تختلف كثيراً عن أهداف الإرهابيين، ومن غير المرجح أن يقوم الطرفان بإنشاء منظمات تعاونية.

وقد تحرى جانغ في كتابه الذي صدر أخيراً بعنوان "تهريب البشر والاتجار بهم: كل الطرق تؤدي إلى أميركا" أسباب، وأساليب، تهريب البشر علاوة على العلاقة المحتملة بين الإرهابيين والجريمة المنظمة.

وقال لموقع أميركا دوت غوف إن تهريب البشر "يقوّض الهجرة المشروعة، ويقوّض حق أي دولة ذات سيادة في السيطرة على حدودها. وترى الولايات المتحدة، أن من الخطر عدم معرفة الحكومة بهوية الداخلين إلى هذا البلد."

إلا أنه أشار إلى أن دافع مهربي البشر وغيرهم من الجماعات الإجرامية هو جني الأرباح، في حين أن دافع الإرهابيين وغيرهم من المتطرفين هو الإيديولوجية.

وقد ذكر جانغ في كتابه أنه "ليست لدى المنظمات الإجرامية عادة أهداف سياسية سوى حماية مصالحها المالية." أما برنامج المنظمات الإرهابية فهو "الإطاحة بالنظام السياسي القائم وتغيير البيئة الاجتماعية الاقتصادية، التي تعتبرها لاأخلاقية، تغييراً جذريا."

ومضى إلى القول في الكتاب "ولكن سبب وجود الجريمة المنظمة هو وجود ذلك القصور والعجز بالذات في النظام الاقتصادي والسياسي. وأي تمزق فيه سيهدد نشاطات المنظمات الإجرامية المربحة."

وأوضح لموقع أميركا دوت غوف أنه، بعبارة أخرى، "لا يمكن للمتطرفين إلا أن يفسدوا فرص كسب المال المتوفرة للمنظمات الإجرامية." ومن غير المرجح بالتالي أن يعقد مهربو البشر تحالفات مع الجماعات المتطرفة.

وأردف: "ومن الجهة الأخرى، إن مجرد كون هاتين المجموعتين غير متماثلتين (من حيث الأهداف) لا يحول دون استفادة الواحدة منهما من الأخرى. ولا يحتاج الأمر إلى كثير من التفكير والحجج لإدراك أنه بإمكان أي شخص لديه الاتصالات والمال اللازمين الحصول على خدمات السفر التي تقدمها إحدى شبكات تهريب البشر التي توفر جميع الخدمات، من الوثائق حتى النقل، لكي يقوم بإرسال زبائن يدفعون الأجرة المطلوبة إلى المكان الذي يرغبون الوصول إليه. وما من سبب يحول دون تمكن المتطرفين من استخدام نفس سوق التهريب كأي شخص آخر."

وأشار إلى وجود حالات موثقة تثبت استخدام مهاجرين غير مشروعين من "دول تزخر بالمتطرفين" للمهربين لمساعدتهم في دخول الولايات المتحدة.

تهريب البشر جريمة "ليست منظمة إلى حد كبير"

وقال جانغ لموقع أميركا دوت غوف إن تهريب البشر "اقتصاد سري ضخم." وتشير بعض التقديرات إلى أنه يدر مليارات الدولارات في كل عام. وهو يزدهر بسبب الطلب على اليد العاملة في الدول المتلقية، ورغبة الناس في الدول المرسلة في الحصول على فرص اقتصادية أفضل، والحواجز البيروقراطية التي تقف في طريق الدخول إلى بلد بالطرق المشروعة للعمل فيه. وفي حين أنه ليس هناك من يعرف بالضبط عدد المهاجرين غير المشروعين الذين نجحوا في الدخول إلى الولايات المتحدة، إلا أن عناصر دوريات حرس الحدود يلقون القبض على حوالى مليون مهاجر غير مشروع سنوياً على الحدود الجنوبية (بين الولايات المتحدة والمكسيك) وحدها.

وقال جانغ إن تهريب البشر، رغم انتشاره، ليس منظماً جدا. وأردف: "لا أعتقد أنه سيتم احتكار تجارة تهريب البشر أو تنظيمها إلى درجة كبيرة في أي يوم من الأيام. فهي تفتقر إلى استقرار في السوق والزبائن. وستبقى التجارة على الأغلب انتهازية وعرضية."

كما أشار في كتابه إلى أن مهربي البشر كثيراً ما يكونون أشخاصاً يقومون بتجارة مشروعة يقيمون "علاقات اجتماعية مصادفة" تلتقي لتوفير خدمات كل من الأطراف للطرف الآخر لجني أموال إضافية. وقال إن "الكثير من التقارير الإخبارية ما زالت تربط تهريب البشر بالجريمة المنظمة التقليدية. ولكن تهريب البشر عبر حدود الدول ظل في الواقع نشاطاً تجارياً يسيطر عليه إلى حد بعيد المغامرون."

وتعمل كل حلقة من حلقات سلسلة تهريب البشر، المستقطِبون والممولون ومديرو المنازل الآمنة وبائعو الوثائق المزورة والأدلاء، على حدة بشكل مستقل إلى حد بعيد عن الحلقات الأخرى.

وأضاف جانغ أن صعوبة استقطاب أشخاص أثرياء بما فيه الكفاية لدفع أجرة التهريب وصعوبة المشاكل اللوجستية في نقل المهاجرين غير المشروعين لا تشجع تجارة تتسم بتدفق العمل المنتظم الذي يمكن التعويل عليه.

فساد المسؤولين هو الممكّن الرئيسي

وقال جانغ "عندما يتحدث المرء إلى أي مهرب، يجد أنه يعتبر أن مشاركة المسؤولين الفاسدين في شبكة التهريب تشكل في بعض الأحيان أكثر الطرق فعالية وإدراراً للربح في العملية. كما أنها الأمر الذي يصعب تتبعه أكثر من أي أمر آخر. ولكن، في حال تعطيل ذلك، في حال القبض على المسؤول الحكومي الفاسد، فإن ذلك يعني عادة القضاء على المنظمة بكاملها. ذلك أن المجموعة برمتها ستنهار عندئذ، لأن هذه العلاقات مع الموظفين الحكوميين علاقات تصعب إقامتها والمحافظة عليها."

وأضاف أن الفساد "يقوض السلطة القانونية لأي حكومة، ويقوض شرعية الحكومة وشرعية الهجرة القانونية. كما أنه يقوض بالطبع، في نهاية المطاف، ثقة الشعب بالمسؤولين الحكوميين."

وأشار إلى أن اعتماد سياسات الهجرة "الواعية" وتشديد أمن الحدود هما الوسيلة الوحيدة القادرة على المساعدة في كبح تهريب البشر.

وخلص إلى القول: "يكمن التحدي في التوصل إلى توازن ملائم، (بحيث لا يصبح المجتمع) مجتمعاً من النوع الاستبدادي ولا بلداً ذا حدود مفتوحة تماما. ونحن جميعاً نبحث عن نقطة وسط."

شبكة النبأ المعلوماتية- االثلاثاء  15/تموز/2008 - 11/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م