بيل جيتس.. التكنولوجيا العالمية في رجُل

شبكة النبأ: في الثامن والعشرين من أكتوبر عام 1955 شهد العالم مولد واحد من أشهر الشخصيات فى مجال البرمجيات ونظم تشغيل الحاسب الآلى الأمريكى بيل جيتس، الذى احتل موقع أغنى أغنياء العالم لفترة طويلة، هذا الرجل بدأ حياته بحلم وأمنية تمثلت فى أن يوجد حاسب آلى فى كل بيت وفى كل مكتب، والأكثر من ذلك أراد أن تتحدث جميع هذه الحواسب لغة واحدة، وتعمل بنظام تشغيل واحد.

ولتحقق حلمه قام جيتس هو وصديق دراسته بول ألن بتأسيس اكبر شركة برمجيات فى العالم شركة مايكروسوفت، التى تعتبر واحد من كبرى شركات العالم فى مجال عملها. واختراع نظام التشغيل ويندوز Windows الذى يعتبر الوحيد الذى تعتمد عليه غالبية أجهزة الحاسب الآلى حول العالم.

وبعد أربعين عاما من العمل فى هذا المجال قرر بيل جيتس مؤخرا ترك مهماته ومسئولياته اليومية فى مايكروسوفت Microsoft والاتجاه إلى حياته الثانية - كما يسميها هو، وتكريس غالبية وقته لدعم العمل فى المؤسسة الخيرية التى أسسها هو وزوجته، فى سياق الاضطلاع بمسئوليته الاجتماعية التى عبر عنها فى العديد من الأعمال التى يقوم بها. بحسب موقع تقرير واشنطن.

للبقاء بقوة.. خمسة عشرة نصيحة لمايكروسوفت

تحت عنوان "15 طريقة لكى تستطيع مايكروسوفت Microsoft إعادة إحياء نفسها من جديد بعد رحيل جيتس Gates" ، واعد هارى ماك كراكين تقريرا لشبكة ABC أكد فيه أن مايكروسوفت بعد ان قرر بيل جيتس التنحي عن أعمال الإدارة اليومية فيها، فان الشركة فى حاجة إلى أن تحافظ على تماسك كيانها واستمرار ريادتها، فعلى الرغم من أنها من اكبر شركات إنتاج البرمجيات فى العالم وأكثرها ربحية على الإطلاق، فان قرار جيتس سوف يترك الكثير من الآثار السلبية على أداء الشركة، هذه التبعات السلبية لم تظهر فى الوقت الحالى، فهناك انقسامات فى الشركة، وإن كانت هذه الانقسامات لم تظهر إلى العلن فى الوقت الحالى فإنها تتزايد وتنمو، خصوصا فى ظل تصاعد نفوذ الشركات المنافسة لمايكروسوفت Microsoft مثل Apple وغيرها من الشركات الأخرى، والذين استطاعوا أن يكسروا احتكار الشركة فى العديد من البرمجيات خصوصا بعد الفشل الذى منى به نظام التشغيل ويندوز فيستا Windows Vista.

وبناء على ذلك يقدم معد التقرير - ماك كراكين - عدد من النصائح للقائمين على إدارة مايكروسوفت بعد استقالة جيتس من اجل أن تحافظ على تماسك كيانها والازدهار والنجاح الكبيران، واللذين حققتهما فى ظل إدارة مؤسسها الأول بيل جيتس، ويؤكد الكاتب أن بعضا من هذه النصائح والتوصيات هى جزء من قواعد اللعبة التى تدار بها سوق البرمجيات، والبعض الأخر تم رفضه من قبل القائمين على الشركة، والبعض الأخر من هذه النصائح يتنافس ويتصارع مع بعضهم البعض.

ويقول ماك كراكين أن أولى هذه النصائح يكمن فى أن تتوقف الشركة عن محاولات بيع كل شئ لكل الناس. فشركة مايكروسوفت تقدم مجموعة متنوعة من البرامج والخدمات المختلفة لكل المستهلكين، بداية من الشركات العملاقة إلى الأطفال، وتزود الأسواق بمختلف تطبيقات الحواسب الآلية ووحدات الـ GPS، وتحاول أن تكون اكبر المعلنين على الشبكة الافتراضية الانترنت، بالإضافة إلى تصنيع مختلف أجهزة الهارد وير Hardware وغيرها من المنتجات الأخرى. وفى هذا السياق يؤكد الكاتب أنه ليس هناك شركة على وجه الأرض تستطيع أن تقوم بكل هذا، حتى أن معظم هذه المنتجات ليست مربحة من الناحية الاقتصادية للشركة. لذلك فانه لابد لها من التركيز على كل شئ واحد، فمن الذكاء لإدارة الشركة أن تركز فى عملها على بعض الأنشطة الجوهرية المهمة التى تتقنها وتتفوق فيها على غيرها من الشركات الأخرى مثل أنظمة التشغيل وبعض أدوات البرمجة والتطبيقات المهمة، وفى هذا الإطار تبرز تجربة شركة IBM.

ثاني هذه النصائح أن تعتمد الشركة على إستراتيجية التطوير المستمر لمنتجاتها، وليس التطوير البطئ الذى تقوم به مايكروسوفت Microsoft كل بضع سنوات، فجزء من الفشل إلى منى به نظام تشغيل ويندوز فيستا Windows Vista يرجع  إلى أن الشركة قررت الاعتماد عليه وعلى مميزاته منذ فترة طويلة دون مراعاة لأى اعتبارات أخرى. بعكس ما تقوم به شركة جوجل Google على سبيل المثال، والتى تدفع بتطبيقات جديدة لشبكة الانترنت على مدار فترات قصيرة متقاربة. وعلى الرغم من تنوع منتجات مايكروسوفت Microsoft فإنها ما تزال مصممة على التعامل مع تطبيقات أجهزة الحواسب الآلية وليس شبكة الانترنت، وبالتالى فان الشركة فى حاجة إلى الاعتماد على إستراتيجية التطوير المستمر وعلى فترات متقاربة.

ثالث النصائح – كما يشير الكاتب – يكمن فى أن تعتمد الشركة أكثر على الإبداع وليس مجرد المحاكاة، لذلك فانه من المهم لها أن تعين مديرا للإبداع Chief Innovation Officer تكون مهمته التخلص من أي مظهر من مظاهر التقليد والمحاكاة داخل الشركة.

ورابع النصائح أن تعامل الشركة عملائها مثل الملوك وليس شئ آخر. ونصيحة أخرى تتمثل فى وجوب توقف الشركة عن خططها الرامية إلى التخلص من نظم التشغيل القديمة التى تعود عليها الكثير من المستخدمين حول العالم لسهولتها وإمكانية التعامل معها بيسر ودون مشاكل كثيرة وإحلالها بواحدة جديدة لم يثبت حتى الآن نجاحه، فلماذا لا تبقى الشركة على النظامين معا من اجل راحة عملائها؟

إمبراطورية الشر

أما برنامج Morning Edition الذى يذاع على إذاعةNPR فقد أذاع تقريرا أعده ويندى كوفمان أشار فيه إلى أنه بالرغم من استقالة بيل جيتس واتجاهه إلى العمل الخيري، فانه ما يزال رئيس مجلس إدارة الشركة كما انه سيظل مستشارا لها.

ولفت كوفمان الانتباه إلى أن مشوار بيل جيتس المهني منذ أن بدأ هو وصديقه بول ألن Paul Allen - الذى أسس معه شركة مايكروسوفت Microsoft - فى مجال صناعة البرمجيات وكانت لديهم رؤية حول ضرورة وجود حاسب آلى على كل مكتب وفى كل بيت. ومنذ السبعينيات أدرك جيتس Gates قيمة وأهمية البرامج software للكمبيوتر، فقد كان يؤمن بأنه لكي تعمل أجهزة الحاسوب بصورة جيدة وبفاعلية فلابد لها من برامج software ذات كفاءة عالية تستطيع التعامل مع المشاكل القائم، وتمكن الحاسوب من إيجاد حلول عملية لها. ولم يتوقف جيتس Gates عند هذه القناعات، بل طور أفكار وقناعات كثيرة أخرى فيما يتعلق بالحاسوب وهو ما يزال لم يتخطى عامه العشرين، فحاول اكتشاف إمكانية أن تتحدث جميع أجهزة الحاسب الآلى نفس اللغة، وان تستخدم جميعها نفس نظام التشغيل، وان تعتمد على نفس البرامج فى انجاز المهمات المطلوبة منها. وبالفعل استطاع جيتس Gates أن يحقق هذا الحلم وأصبح نظام التشغيل ويندوز Windows هو الأكثر انتشار فى العالم، أو بالكاد قد يكون الوحيد فى العالم الذى تعتمد عليها جميع أجهزة الحاسب الآلى حول العالم.

ولكن هذا الانتشار لم يخلو من الاعتراض ومن اتهامات باحتكار مايكروسوفت Gates لسوق البرمجيات حول العالم بطرق غير مشروعة، وفى عام 1998 اتهمت وزارة العدل الأمريكية شركة مايكروسوفت Microsoft بالقيام بممارسات احتكارية تضمن لها استمرار سيطرتها على السوق، ولم يتوقف هذا الاحتكار على مجال نظم تشغيل الحاسوب، بل امتد أيضا إلى مجالا برمجيات البحث عبر الانترنت واقترن اسم مايكروسوفت Microsoft بعد هذه القضية باسم إمبراطورية الشر "The Evil Empire". وفى هذا السياق صدرت العديد من اللوائح والنظم التى حاولت مقاومة احتكار الشركة ، واستمر الصراع بين الجانبين لفترة ليست بالقصيرة إلى أن توصل الجانبين إلى تسوية.

بيل جيتس وحياته الثانية

ومن ناحية أخرى أشار الكاتب إلى أن جيتس Gates بعد تركه العمل اليومى فى مايكروسوفت Microsoft ، وانتقاله إلى ما يحلو له دوما أن يسميه حياته الثانية، فانه خصص يوماً واحداً فقط للعمل داخل الشركة، بينما سيكرس غالبية وقته للعمل فى الجمعية الخيرية التى أسسها هو وزوجته ميلندا Melinda مؤسسة بيل وميلندا جيتس الخيرية Bill and Melinda Gates Foundation. هذه المؤسسة التى تركز فى عملها على مواجهة الفقر وتطوير التعليم والصحة على المستوى العالمى. فقد أشار جيتس Gates أكثر من مرة فى العديد من المقابلات على ضرورة مواجهة الأمراض المتوطنة مثل الملاريا والسل.

أما عن جمعيته الخيرية مؤسسة بيل وميلندا جيتس الخيرية Bill and Melinda Gates Foundation فقد أكدت الشبكة أن هذه المؤسسة كانت لديها رؤية شاملة لمواجهة مشكلة المشردين الذين يعيشون بلا مأوى ، ولم يتوقف منظور هذه المؤسسة عند هذا الحد بل استطاع جيتس Gates وزوجته أن يوسعا من مجال عملها لتواجه مشكلات أكثر صعوبة وتتسم بالعالمية ، مثل مشكلات الفقر والصحة العالمية . وقد قامت المؤسسة بجهود كبيرة فى إطار مواجهة مثل هذه المشكلات ، وساعده على ذلك ميزانيتها المالية الكبيرة التى وفرت جانب كبير منها الثروة الكبيرة التى امتلكها جيتس Gates الذى يعد من أغنى أغنياء العالم. ولفتت الشبكة الانتباه إلى أن المؤسسة تقدما دعما كبيرا لمنظمة الصحة العالمية على مستويات عدة.

رغم الرحيل ما يزال حاضرا

أما ماجى لاك فقد قدمت تقريرا لبرنامج CNN NEWSROOM – الذى يذاع على شبكة CNN - أكدت فيه أنه لا يمكن تخيل شركة مايكروسوفت Microsoft بدون بيل جيتس، ولكن عليها الآن أن تواجه هذه الحقيقة فقد تنحى جيتس Gates عن مهماته اليومية داخل الشركة وبدأ حياة جديدة.

وأكد التقرير أن رحيل جيتس عن مهماته فى مايكروسوفت Microsoft هو رحيل رمزي، لأنه متداخل إلى حد كبير فى أعمال الشركة ومنخرطا فى إدارتها إلى حد كبير، ولا يمكن بسهولة أن ينفض يده بين عشية وضحاه من هذه المسئوليات سواء على المستوى الإدارى أو على المستوى الفنى.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاربعاء  9/تموز/2008 - 5/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م