لبنان: تخطي المرحلة السوداء ولملمة الجراح

شبكة النبأ: تمكن اللبنانيون من تخطي المرحلة السوداء التي عصفت بهم، والتي أخذت بلبنان إلى حافة الذاكرة لأيام الحرب الأهلية في سبيعنيات القرن الماضي، مذكرة الشارع اللبناني بالويلات والمصائب التي خلفتها الحروب والإقتتال الداخلي.

(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تعرض عليكم جانبا من الشأن الداخلي اللبناني، وبعض المشاكل العالقة التي تقبع في أنتظار الرئاسة اللبنانية الجديدة:

سلاح حزب الله وعودة الجدل حول نزعه من بقائه

عادت مسألة سلاح حزب الله الشيعي اللبناني لتطرح بقوة في لبنان مع اعلان الحزب الاستمرار في بناء قدراته الدفاعية، محذرا الغالبية النيابية المناوئة لسوريا من التآمر عليه فيما ارتفعت في المقابل اصوات منددة.

وقال نواف الموسوي مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب المدعوم من ايران وسوريا في تصريحات نقلتها الصحف: اذا اتفقنا او لم نتفق (مع الغالبية) على استراتيجيا دفاعية فان هذا لن يغير من حقيقة ان المقاومة مستمرة في بناء قدراتها الدفاعية.

وحذر الموسوي من: اي محاولة لتركيب وضع في لبنان لطعن المقاومة في ظهرها فانني اقول انكم جربتم هذا الاجراء وسرعان ما انهزم" في اشارة الى المعارك الضارية التي شهدها لبنان في ايار/مايو وسيطر خلالها مسلحو حزب الله وحركة امل الشيعية على غرب بيروت.

واندلعت المعارك التي اوقعت 65 قتيلا اثر اصدار الحكومة المدعومة من الدول الغربية والدول العربية الكبرى قرارين استهدفا حزب الله.

وتابع الموسوي، لن يكون هناك على رأس اي جهاز امني في لبنان او اي موقع عسكري من لا تطمئن المقاومة الى صدق ولائه للوطن او من هو متآمر على المقاومة.

من جهته قال نائب الامين العام لحزب الله نعيم قاسم ان: المقاومة ليست اداء ظرفيا ينتهي دورها عندما تنتهي الذريعة بل المقاومة رؤية ومنهج وليست ردة فعل عسكرية فقط.

وكان حسن فضل الله احد نواب حزب الله صرح ان استعادة مزارع شبعا المحتلة: لن يغير في المعادلة القائمة لجهة ضرورة وحاجة لبنان للمقاومة. بحسب فرانس برس.

واعتبر ان الولايات المتحدة تبدي اهتماما بمزارع شبعا من اجل التوصل الى نزع سلاح حزب الله الذي تعتبره منظمة ارهابية.

وعلق النائب عزام دندشي من كتلة المستقبل النيابية من الاكثرية معتبرا ان هذه التصريحات تدل على نية مبيتة وعلى خطط معدة لاعادة افتعال اعتداءات وغزوات على المواطنين الآمنين لعرقلة ولادة العهد الجديد ومحاولة الحصول على مطالب سياسية لا ينالوها الا بالدماء والدمار.

وقال ان اصرار (حزب الله) على التدخل السافر في تعيين اي موظف امني خطير ومرفوض محذرا من ان يتبع غزوة بيروت مرحلة جديدة ومحاكم تفتيش بدأت تلوح في الافق.

من جهته اتهم النائب انطوان زهرا من حزب القوات اللبنانية مساء السبت المعارضة بالسعي لاسقاط مشروع الدولة بعرقلة انطلاقة العهد الجديد برئاسة العماد ميشال سليمان. وقال: عادوا الى سياسة التحذير واحدهم قال ان وضع مزارع شبعا تحت الوصاية الدولية هو احتلال مغلف. معتبرا ان المواجهة لم تنته وهي مستمرة بين مشروع الدولة والوطن وبين مشروع دولة ولاية الفقيه.

وتابع، نصر على استكمال تطبيق تسوية الدوحة وحققنا الجزء الاكبر منها بانتخاب رئيس للجمهورية ونصر على تشكيل حكومة والذهاب الى انتخابات نيابية عام 2009 محررة من ضغط السلاح.

وتقع مزارع شبعا (25 كلم مربع) التي تطالب بيروت بالسيادة عليها في المثلث الحدودي بين اسرائيل وسوريا ولبنان واحتلتها الدولة العبرية لدى احتلالها هضبة الجولان السورية عام 1967 ولم تنسحب منها عند انسحابها من جنوب لبنان في ايار/مايو عام 2000.

وكانت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس اكدت خلال زيارة مفاجئة الى بيروت ان الوقت حان لتسوية قضية مزارع شبعا. كما شدد على هذا الحل مسؤولون اوروبيون زاروا لبنان اخيرا منهم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند.

مخيم نهر البارد ومشاركة عربية في نفقات الاعمار

اعلن رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة ان دول الخليج العربية الاربع ستساهم بحدود 50% في نفقات اعادة اعمار مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان.

وقال السنيورة للصحافيين على هامش مؤتمر دولي للمانحين في فيينا شارك فيه حوالى سبعين وفدا ان: المساهمة التي قدمتها دول الخليج العربية الاربع السعودية وقطر والكويت والامارات العربية المتحدة ستصل الى 50% والباقي ستقدمه الاسرة الدولية.

وقدرت المنظمات الدولية وفي طليعتها وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) ب450 مليون دولار كلفة اعادة بناء المخيم الذي كان يؤوي حوالى 31 الف شخص بعدما دمر العام الماضي في مواجهات عنيفة بين الجيش اللبناني وتنظيم فتح الاسلام الاصولي. بحسب فرانس برس.

واعلن رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض منذ بدء المؤتمر عن تقديم منظمة التحرير الفلسطينية مساهمة بقيمة عشرة ملايين دولار.

واكد مجددا امام الصحافيين انه من اجل التوصل الى حل (للمسألة الفلسطينية) بحلول العام 2008 فعلى الاسرة الدولية ان تتحقق من وقف اسرائيل سياستها الاستيطانية في الاراضي الفلسطينية.

واعلنت المفوضة الاوروبية بينيتا فيريرو فالدنر باسم الاتحاد الاوروبي عن مساهمة اوروبية بقيمة 45 مليون دولار (28 مليون يورو) لاعادة بناء المخيم مذكرة بان الاتحاد الاوروبي سبق وقدم 500 مليون يورو لمساعدة الفلسطينيين.

مواجهات طرابلس تخلف وقوع ضحايا بين المدنيين

ظل التوتر مخيما في طرابلس شمال لبنان حيث احرق محل تجاري ووقع تبادل لاطلاق النار غداة انفجار اوقع قتيلا وعشرين جريحا على ما افاد مسؤول امني.

وقال المسؤول طالبا عدم كشف اسمه: احرق مجهولون محلا يملكه علوي في حي باب التبانة. الذي تقطنه غالبية من السنة وشهد مؤخرا مواجهات.

وسارعت فرق الدفاع المدني الى اخماد الحريق قبل ان ينتشر الى متاجر اخرى. ووقع هذا الحادث بالرغم من انتشار الجيش وقوى الامن الداخلي بشكل مكثف في المدينة ولا سيما في احياء باب التبانة والقبة وجبل محسن التي يتمركز عناصر من الجيش وقوى الامن الداخلي مع دبابات وآليات مصفحة عند مداخلها. بحسب فرانس برس.

وقتل تسعة اشخاص وجرح نحو 45 آخرون في مواجهات جرت بين مسلحين من باب التبانة والقبة اللذين تقطنهما غالبية من السنة وبين مسلحين من جبل محسن الذي تقطنه غالبية من العلويين.

وباب التبانة والقبة معقلان للاكثرية النيابية المدعومة من الغرب ومن الدول العربية الكبرى بينما يشكل جبل محسن معقلا لانصار حزب الله المعارض المدعوم من سوريا وايران.

وجرى تبادل لاطلاق النار في عدة احياء في المدينة بحسب صحافي وكالة فرانس برس في المكان. وقال مسؤول امني للوكالة: لم يذكر حتى الان سقوط اي ضحية من جرحى او قتلى.

وقتل رجل واصيب عشرون بجروح في انفجار عنيف لم يعرف سببه بعد دمر جزئيا مبنى من خمس طبقات في باب التبانة. وانفجرت ثلاث قنابل يدوية في هذا الحي بدون ان توقع ضحايا او اضرارا مادية بحسب مسؤول امني.

سياحة لبنان وعودة التألق إلى العمل

منذ عودة الهدوء الى لبنان تتدفق الحجوزات ساحلا وجبلا ما يبشر بموسم سياحي واعد يعوض بعض خسائر اعوام الاضطراب الماضية.

وتقول ندى شويري مديرة العلاقات العامة في فندق فينسيا اشهر الفنادق الفخمة في بيروت: لم يكن حبر اتفاق الدوحة قد جف بعد عندما بدات الهواتف ترن من دون انقطاع. تدفقت الحجوزات حتى آخر الصيف من دول الخليح والدول الاوروبية.

وتضيف، عادت السياحة بزخم كبير: الاقامات القصيرة والطويلة المؤتمرات اعراس اللبنانيين المقيمين في الخارج.

من ناحيته يتوقع وزير السياحة جو سركيس ارقاما تضاهي ارقام افضل السنوات. ويقول سركيس: بسبب عدم الاستقرار لم يتعد عدد السياح 280 الف سائح حتى نهاية نيسان/ابريل عام 2008. بحسب فرانس برس.

ويضيف، الان نتوقع ان يتراوح عدد السياح بين مليون و300 الف ومليون و 600 الف سائح وهو العدد الذي كان مقدرا لعام 2006 التي كانت ستكون من افضل السنوات.

ويقول وزير السياحة: كان من المتوقع ان تصل عائدات السياحة والاستثمارات لعام 2006 الى 4,4 مليار دولار. ويضيف باسف: لكننا لم نحقق فعليا سوى نحو 1,5 مليار دولار.

يذكر ان الحرب التي شنتها اسرائيل على حزب الله بذريعة اختطاف اثنين من جنودها صيف عام 2006 دفعت بالسياح الى مغادرة لبنان تحت القنابل. يضاف الى ذلك الاغتيالات السياسية التي طاولت شخصيات مناهضة لسوريا والتفجيرات والمعارك الدامية التي احتدمت صيف عام 2007 بين الجيش ومجموعة اصولية تحصنت في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان.

وكذلك الازمة السياسية التي استمرت 18 شهرا بين الاكثرية والمعارضة وادت الى فراغ سدة الرئاسة الاولى لمدة ستة اشهر وتوجت مطلع الشهر الجاري باعمال عسكرية في بيروت ادت الى سيطرة المعارضة عسكريا واسفرت عن مقتل 65 شخصا.

لكن اتفاق الدوحة الذي انجز في 21 ايار/مايو الجاري ادى الى عودة الهدوء والى انتخاب الرئيس ميشال سليمان والى رفع اعتصام المعارضة بعد ان ابقت خيمها لمدة عام ونصف عام ما ادى الى شل المؤسسات التجارية في وسط بيروت.

ويقول وزير السياحة انه منذ توقيع اتفاق الدوحة من المتوقع ان يرتفع عدد السياح بنسبة 30% عما كان عليه في العام الماضي. ويضيف الفنادق تعيد توظيف العمال وشركات الطيران تنظيم رحلات اضافية.

ويوضح سركيس ان 40% من السياح من المواطنين العرب و25% من الاوروبيين والباقين من جنسيات مختلفة. ويقول: يحتل الاردنيون المرتبة الاولى بين السياح العرب (40%) وذلك منذ الغاء سمات الدخول قبل ثلاثة اعوام يليهم رعايا السعودية فالكويت فالامارات فالعراق.

ويؤكد، ان اللبنانيين المنتشرين في الخارج يصرفون مبالغ طائلة خلال اقاماتهم. ويعزو سركيس عوامل الجذب التي يتمتع بها لبنان الى الطبيعة وحب مواطنيه للحياة. ويقول: ياتي العرب ليتمتعوا بالمناخ المنعش والمطاعم واماكن اللهو. اما الاوروبيون فيقصدون خصوصا المواقع الاثرية مثل تلك الموجودة في بعلبك (شرق) وصور (جنوب) وجبيل (شمال بيروت).

ومن الدلائل على استئناف السياحة زخمها عودة المهرجانات الفنية الدولية صيف عام 2008 بعد توقف عامين وهي من السمات المميزة للبنان. فقد اعلنت مهرجانات بيت الدين الدولية عن برنامجها الذي يمتد من 11 تموز/يوليو الى 12 آب/اغسطس. وسيليها الاعلان عن نشاطات مهرجانات بعلبك وصور وجبيل.

الجماعات المتأثرة بالقاعدة ومخاوف العمل في لبنان

تقول مصادر سياسية لبنانية وفلسطينية ودبلوماسيون في بيروت إن المتشددين الاسلاميين السنة الذين يستلهمون القاعدة والمحتمل أن يكونوا مرتبطين بها يشكلون تهديدا متزايدا للامن في لبنان.

ويبني المتشددون الذين حارب بعضهم في العراق وجودا لهم في بلد قال عنه أيمن الظواهري الرجل الثاني في القاعدة انه: سيكون له دوره المحوري في المعارك المقبلة مع الصليبيين واليهود.

وقال مصدر سياسي لبناني كبير: هناك تحرك بين خلايا المتطرفين النائمة. الجماعة تزداد حجما ولكنها دون قيادة مركزية. وجودهم أصبح قويا على الارض وماليا.

وتابع قائلا مشيرا الى أبو مصعب الزرقاوي زعيم القاعدة في العراق الذي قتل في عام 2006 "هناك كثيرون ذهبوا للعراق أيام الزرقاوي وعادوا ليصبحوا أكثر نشاطا." ويوافق نشطاء فلسطينيون في لبنان على التقييم الامني ذاته. بحسب رويترز.

ويحتوي لبنان بما لديه من حدود مشتركة مع اسرائيل ويستضيف قوات لحفظ السلام على العديد من الاهداف المحتملة للاسلاميين المتشددين. وكان الظواهري دعا في رسالة صوتية أذيعت في 22 أبريل نيسان الجيل الجهادي في لبنان أن يعد نفسه للوصول الى فلسطين وأن يطرد القوات الغازية الصليبية التي يزعمونها قوات حفظ السلام وألا يقبل بالقرار 1701.

وكانت القوة الدولية لحفظ السلام في لبنان هدفا لهجمات بالقنابل ثلاث مرات منذ توسيعها بموجب قرار للامم المتحدة أنهى حرب عام 2006 بين اسرائيل وجماعة حزب الله الشيعية اللبنانية التي تسيطر على جنوب لبنان وتتعاون مع قوة حفظ السلام.

وكانت جماعة فتح الاسلام وهي جماعة متأثرة بالقاعدة خاضت العام الماضي تمردا مسلحا استمر ثلاثة أشهر ضد الجيش اللبناني في مخيم فلسطيني في شمال لبنان.

وتم سحق التمرد في نهاية الامر بعدما اجتذب مئات المقاتلين من أنحاء العالم العربي في أعنف اقتتال داخلي في لبنان منذ الحرب الاهلية التي استمرت بين عامي 1975 و1990. ويعتقد بعض الساسة اللبنانيين المعارضين لسوريا أن المخابرات السورية أرسلت الجماعة لتقويض الاستقرار في لبنان بينما يعتقد الجيش أن للجماعة صلات بتنظيم القاعدة.

وكشفت قوات الامن اللبنانية عن خلية للقاعدة يقودها سوري وسعودي في أواخر العام الماضي. وجرى توجيه اتهامات لاعضائها البالغ عددهم 31 عضوا بالتامر لتفجير كنيسة في بلدة زحلة المسيحية في سهل البقاع.

وقال السري انه قد يجري حشد الجماعات الوليدة لمهاجمة أهداف غربية بعد رسالة الظواهري التي انتقد فيها ايضا حزب الله دون أن يذكره بالاسم.

ويشعر حزب الله المدعوم من ايران وسوريا شأنه شأن أي جماعة أخرى في لبنان بالقلق من التشدد المرتبط بالقاعدة أو الذي يستلهم نموذجها والذي ألقيت عليه مسؤولية شن هجمات انتحارية ضد الشيعة في العراق.

وقد تفسر سيطرة حزب الله المحكمة على جنوب لبنان الذي تسكنه أغلبية شيعية لماذا لم يشن المتشددون الاسلاميون السنة حملة متواصلة الى الان رغم ضعف قوات الامن اللبنانية.

واعتبر أحمد الموصلي الاستاذ في الجامعة الامريكية في بيروت وهو خبير في الحركات الاسلامية أن حزب الله من ضمن الاهداف المحتملة للجماعات المرتبطة بالقاعدة.

وقال الموصلي: هم في وضع أفضل الان وأفضل تسليحا وأكثر قدرة. ومضى يقول انه تهديد حقيقي. القاعدة كانت قادرة على الضرب في أماكن الامن فيها محكم حقا. ومن ثم فانهم أكثر قدرة في بلد كلبنان.

السياحة وسبل الفرار من المواجهات الداخلية

في ميناء ضبية شمال بيروت تحولت اليخوت الفخمة الى زوارق سريعة لنقل الهاربين من المواجهات بين مناصري الاكثرية والمعارضة في لبنان الاكثر عنفا منذ نهاية الحرب الاهلية.

ويقول مدير شركة نقل بحري ان: سعر الرحلة للشخص الواحد تبلغ 1500 دولار ويشمل فقط ايصاله الى ميناء لارنكا القبرصي.

واندلعت في السابع من ايار/مايو مواجهات بين مناصري المعارضة بقيادة حزب الله الشيعي واخرين من الموالاة اسفرت عن مقتل 62 شخصا واصابة نحو 200 اخرين.

ومذذاك يغلق مؤيدو حزب الله الطريق المؤدية الى مطار بيروت الدولي فيما يقفل مناصرو الاكثرية النيابية المناهضة لسوريا الطريق الرئيسية الى سوريا في موازاة توقف مرفأ بيروت عن العمل.

وتؤمن شركة النقل المذكورة على غرار بضع شركات اخرى رحلتين يوميا الى لارنكا انطلاقا من ميناء ضبية الخاص. وتستغرق الرحلة ست ساعات لعبور 210 كيلومترات.

ويوضح مدير الشركة: اننا نقبض سلفا نصف كلفة الحجز ولا نغادر الميناء الا بعد امتلاء الزورق. بحسب فرانس برس.

ويتابع، لا نستغل القدرة القصوى لاستيعاب اليخت البالغة خمسون شخصا بل نكتفي بملء المقاعد ال16 لتأمين راحة الركاب.

واليخت مزود بثلاث غرف صغيرة مع حمام لكل منها اضافة الى قاعة جلوس ومطبخ واستراحة خارجية فخمة.

وحتى الاسبوع الفائت كان لبنانيون اثرياء او سياح خصوصا روس يستخدمون تلك اليخوت للقيام برحلات قبالة الساحل اللبناني او التوجه الى منتجع شرم الشيخ المصري على البحر الاحمر.

ورغم الوضع المتأزم يحرص كثيرون على المجيء من قبرص الى لبنان. ويشير الشاب الى انهم خصوصا صحافيون واناس مجبرون على العودة او وزراء عائدون من مهمة رسمية.

على رصيف ناد خاص في منطقة الكسليك شمال بيروت تنظم امرأة انيقة مغادرة عائلتها. وتقول كلوديت: استخدم يختا خاصا تملكه احدى صديقاتي لاتوجه الى قبرص مع اهلي واطفالي الذين كانوا في عطلة هنا.

ويعلق المسؤول عن العلاقات العامة في النادي ايلي كنعان "هنا لا رحلات لغرض تجاري. وكل مخالف يتم طرده فورا من النادي".

وحيال هذا الوضع تسهل السفارة القبرصية نقل اللبنانيين ومواطنين من جنسيات اخرى الى اراضيها.

ويقول مسؤول في قسم التأشيرات: نبذل ما في وسعنا لتسليم التأشيرات خلال يوم واحد وحتى خلال فترة اقل في الحالات الطارئة ملاحظا ان الطلب ازداد منذ يومين.

ويسارع عناصر الامن العام اللبناني الى ختم الجوازات بعد التأكد من صلاحيتها.

ويوضح مالك شركة خاصة للملاحة الجوية ان رحلات تشارتر خاصة بدأت تغادر بيروت رغم التوقف عن العمل في المطار بمعدل رحلتين يوميا الى عمان وعلى متن كل منها عشرون راكبا او الى قبرص وفق الطلب. لكنه يرفض تحديد التعرفة التي تناهز 400 دولار.

ومع استمرار اغلاق الطرق المؤدية الى المطار بسواتر ترابية توصل سيارة المسافرين الى قرب هذه السواتر فيعبرونها سيرا على ان تلاقيهم في الجهة الاخرى سيارات تقلهم الى الطائرات.

بدورها تفيد سيارات الاجرة المتجهة الى سوريا من الوضع وتسلك طريقي طرابلس او القاع نقطتي العبور في شمال لبنان.

وتراوح كلفة استئجار سيارة الى دمشق بين 400 و600 دولار بعدما كانت 75 دولارا قبل التطورات الاخيرة. اما اذا اختار الراكب سيارة جماعية فعليه ان يدفع ثمانين دولارا مقابل عشرين دولارا في السابق.

انتعاش النمو بعد تراجع مستويات التضخم

قال رياض سلامة حاكم مصرف لبنان المركزي ان معدل التضخم السنوي في لبنان بلغ عشرة في المئة في شهر مارس اذار الماضي مدفوعا بارتفاع أسعار النفط والغذاء وضعف الدولار.

وقال سلامة ان الأزمة السياسية والمخاوف الأمنية في لبنان تحول دون مواجهة الموجة التضخمية الراهنة. والأزمة وهي الاسوأ منذ الحرب الاهلية بين عامي 1975 و1990 شلت أغلب انشطة الحكومة وتركت البلاد دون رئيس منذ نوفمبر تشرين الثاني الماضي واثارت أعمال عنف في الشوارع.

وقال سلامة امام مؤتمر اقتصادي في بيروت انه يتوقع استقرار سعر صرف الليرة رغم عودة المناخ التضخمي وبلوغ معدل التضخم عشرة في المئة في الوقت الحالي. وفي وقت لاحق أكد سلامة أن رقم عشرة في المئة يخص شهر مارس مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

وقال وزير المالية اللبناني جهاد أزعور ان مصرف لبنان المركزي مرتاح لمعدل التضخم السنوي الذي يقارن بمعدل 4.5 بالمئة في 2007. بحسب رويترز.

وأضاف ازعور انه لا يبدو ان ذلك يخلق ضغوطا لا يمكن التعامل معها. وتابع ان الحكومة اتخذت خطوات للحد من التضخم لكن هناك حدود لما يمكن أن تقوم به.

وقال ان هناك ضغوطا اضافية تمت السيطرة عليها عن طريق تقديم الدعم وعدم نقل ارتفاع أسعار النفط للمستهلك.

وقلص التضخم القوة الشرائية للبنانيين الذين عانى اقتصادهم من الازمة السياسية ومن اغتيالات ومن عصيان مدني مسلح من جانب نشطاء اسلاميين في عام 2007 وحرب بين جماعة حزب الله واسرائيل في عام 2006.

وقال ازعور تحقيق معدل نمو اربعة بالمئة في 2007 كان دليلا على قوة الاقتصاد اللبناني.

وأضاف أزعور ان معدل النمو اللبناني شهد انتعاشا قويا جدا في الربع الاول من عام 2008 وان بلوغة مستوى اربعة بالمئة في العام بكامله مضمون. واشار الى ان هذا المستوى سيرتفع اذا انحسرت الأزمة السياسية. وقال ان الصادرات والاستهلاك والاستثمار في المعدات هو ما يقود النمو.

وقال ازعور ان الاقتصاد اللبناني كان يمكن ان يحقق نموا بمعدل ثماينة بالمئة لولا الازمة السياسية.

وقال سلامة ان اسعار الفائدة ستظل مستقرة في 2008 وان هناك احتمال ان تخفض اذا تحسن الوضع السياسي.

والصراع السياسي يدور بين ائتلاف حاكم مدعوم من جانب العديد من الحكومات الغربية والعربية منها الولايات المتحدة والسعودية وبين معارضة مدعومة من سوريا وايران.

الاقتصاد وأحجية القوت الدائم على دعم المغتربين  

يعيش لبنان تحت وطأة أزمة سياسية بدأت قبل أكثر من عامين، مع الانقسام بين المولاة والمعارضة، وتفاقمت مع المعارك التي شهدتها البلاد صيف 2006 بين حزب الله وإسرائيل والمعضلة الرئاسية، وقد انعكس الوضع على القطاع الاقتصادي في البلاد، وخاصة المرافق الصناعية والسياحية.

وبالتزامن مع ذلك، أدى ارتفاع أسعار النفط إلى تضرر الصناعات التي تحتاج إلى مصادر طاقة مكثفة، لكن بعض القطاعات الاقتصادية اللبنانية نجحت في اختراق جمود الأزمة الحاصلة وتحقيق بعض التقدم، وفي مقدمتها العقارات وبعض المبادرات الفردية الخاصة، وتحوّل المغتربون إلى مصدر أساسي لتدفق الأموال.

ويقول فادي عبود، رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين، في حديث لبرنامج أسواق الشرق الأوسط CNN: أفضل الصادرات اللبنانية حالياً تتمثل في الشباب المتعلم.. نحن نخسر شهرياً ستة إلى سبعة آلاف شاب وشابة. بحسب (CNN).

ويلفت عبود إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج في لبنان بسبب أسعار الطاقة فيقول: نحن الفينيقيون، وقد اخترعنا الزجاج، لكن صناعة الزجاج والبلاستيك والسيراميك ومواد البناء وأحجار القرميد لم يعد مجدياً على المستوى التجاري، جميع الصناعات التي تحتاج إلى طاقة مكثفة تصارع للبقاء وليس هناك من مستقبل أمامها.

أما القطاع الأبرز في لبنان، وهو القطاع السياحي، فيمر بدوره في مرحلة دقيقة للغاية، فبعد أن كانت فنادق لبنان وحاناته ومنتجعاته عنواناً للسهر والاستجمام، تبدو اليوم خاوية، وتشير أرقام الاتحاد العام لغرف التجارة العربية إلى أن خسائر قطاع السياحة اللبناني خلال العامين الماضيين بلغت أكثر من 2.2 مليار دولار.

أما نسب إشغال الفنادق، فهي عند أدنى مستوياتها، وما زاد الطين بلّه تحذير العديد من الدول الخليجية، وفي مقدمتها السعودية والبحرين، مواطنيها من السفر إلى لبنان بسبب الأوضاع، مع العلم بأن تلك الشريحة هي الأكثر تأثيراً في السياحة اللبنانية.

ويوجه بعض الخبراء انتقادات ضمنية إلى اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، إذ يرون أنها لم تراع مصالح لبنان الاقتصادية خلال هذه الفترة الصعبة.

ويقول بعضهم إن الاقتصاد اللبناني ما كان ليستمر واقفاً على قدميه خلال الفترة الماضية دون الشريان الحيوي الذي يوفره المغتربون اللبنانيون، الذين يرسلون سنوياً إلى بلادهم أكثر من ستة مليارات دولار، تعادل ما يقارب ربع الناتج المحلي للبنان.

لكن الاقتصاد اللبناني ما زال يتيح لبعض المبادرات الفردية بالتحرك، فعلى سبيل المثال، يزدهر مشروع الشاب، مازن حجار، الذي ينتج جعة جديدة أطلق عليها اسم 961، وهو رمز الهاتف الدولي اللبناني.

ويتحدث حجار عن مشروعه قائلاً: يتمتع اللبنانيون بشغف كبير للحياة، وهم يريدون عزل نفسهم عن الأوضاع السياسية.

وأضاف عن مشروعه يتقدم بصورة جيدة، وأنه بدأ يحقق نتائج شبيهة بما تحققه الشركات المنافسة الأكبر حجماً مع خطط للتوسع عالمياً.

وتعد العقارات أيضاً من أبرز القطاعات التي تشهد نمواً حالياً في لبنان، فمع انخفاض أسعار الفائدة وتدفع أموال النفط من الخليج يسجل القطاع نمواً سنوياً يتراوح بين 30 و 40 في المائة.

ويشير عدد من الباحثين الاقتصاديين إلى خطورة الاستمرار في الرهان على صمود الاقتصاد اللبناني بدعم من المغتربين، وفي هذا الإطار، يدعو نيكولاس شماس، وهو مستشار استراتيجي معروف في بيروت إلى "إعادة اختراع" الاقتصاد اللبناني، معتبراً أن الدور الذي كان يلعبه لبنان اقتصادياً في السابق قد انتهى.

شبكة النبأ المعلوماتية- االخميس  3/تموز/2008 - 29/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م