السياسة الاقتصادية وجه آخر لإحتلال العراق

إعداد: المركز الوثائقي والمعلوماتي

شبكة النبأ: بعد أن أثارت مسألة العقود النفطية التي تعاقدت بها حكومة كردستان العراق مع شركات نفطية أجنبية أزمة كبيرة داخل الحكومة العراقية، حتى عدت هذه الخطوة من قبل بعض السياسيين والمثقفين بأنها احتلال أمريكية جديد للعراق ولكن على الصعيد الاقتصادي وفي هذا الشأن أعلن وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني الاثنين أن وزارته فشلت في التوصل إلى اتفاق مع شركات النفط العالمية لتقديم الدعم الفني لزيادة إنتاج النفط في البلاد.  وتتعلق العقود بحقول كركوك مجموعة شل والرميلة بريتش بتروليوم والزبير إكسون موبيل والقرنة الغربية/المرحلة 1 شيفرون وتوتال ومحافظة ميسان شل و BHB بيليتون وحقول صبا- لحيس شركات اناداركو وفيتول ودوم من الإمارات العربية المتحدة.

 وقال الشهرستاني في مؤتمر صحفي بدأنا منذ بداية العام الخطة العشرية لزيادة الإنتاج وذهبنا إلى أصحاب الخبرة الرئيسة في العالم وعرضنا عليهم أن يقدموا الخبرة مقابل أجر. بحسب موقع الحرة.

وأضاف أن الشركات رفضت عرضنا وطالبت المشاركة في الإنتاج لكننا لا نزال نتفاوض معهم.  وعلى هامش المؤتمر النفطي العالمي في مدريد، قال رئيس مجموعة شل يورين فان دير فير إنه يأمل في التوصل إلى اتفاق مع الحكومة العراقية خلال أسابيع وليس خلال أشهر.

وفي الوقت ذاته، كشفت وزارة النفط عن أسماء الحقول النفطية التي ستطرح للتنافس من قبل الشركات العالمية وفق دورة التراخيص الأولى.

وقال الشهرستاني إن هناك ستة حقول ستطرح للتنافس من قبل الشركات النفطية العالمية الـ35 بينها حقلا الرميلة الشمالي والجنوبي وحقل غرب القرنة وحقول البزركان وأبو غرب والفكة في ميسان فضلا عن حقلي كركوك وباي حسن إلى جانب حقلي الغاز وهما حقل عكاس وحقل المنصورية.

وأوضح أن هذه تعد من الحقول المنتجة حاليا وعليه تم طرحها لإعادة تطويرها وتأهيلها بما يضمن زيادة الإنتاج وفق مخطط وزارة النفط للسنوات المقبلة.

وأضاف أن هذه الحقول تمثل القاعدة الأساسية في البلاد، مشيرا إلى أنه من المؤمل أن تسهم هذه العقود في زيادة الإنتاج بمقدار مليون ونصف المليون برميل يوميا إضافة إلى الإنتاج الحالي البالغ 2.5 مليون برميل يوميا.

وأشار إلى أن حقلي الغاز سيسهمان بشكل كبير في توفير الغاز اللازم لتوليد طاقة كهربائية تسد حاجة البلاد منها إلى جانب تصدير الفائض إلى دول الجوار.

وأكد وزير النفط أن هناك 35 شركة من أصل 120 تم تأهيلها للحصول على أحد عقود تطوير حقول النفط.

وعن طبيعة العقود التي سيوقعها العراق، قال إن العقد النموذجي الذي سيعلنه العراق سيكون عرض خدمة وليس عقد مشاركة بالإنتاج لأن العراق صاحب هذه الثروة وعليه، لا نسمح لأحد بمشاركة العراقيين في نفطهم.

وأضاف أن حقول الغاز سيكون التنافس عليها من قبل الشركات المتخصصة في استخراج وإنتاج الغاز فقط، موضحا أنه لا يمكن للشركات النفطية أن تشارك في التنافس على هذه الحقول.

وتابع أن لوزارة النفط الحق في إعادة تشكيل الشركات"ائتلاف الشركات "لتأهيل الحقول المتنافس عليها.

ودعا الشركات المتنافسة إلى أن تقيم مكاتب لها يكون مقرها في بغداد وفي حال فوزها بأحد العقود يتوجب عليها حينها افتتاح فرع لها في مناطق أخرى من العراق.

وحول المصادقة على هذه العقود، قال الشهرستاني إن القرار النهائي للبت بهذه العقود سيكون من صلاحيات مجلس الوزراء العراقي.

وأوضح أن لجنة الطاقة في مجلس النواب ستطلع على كافة آليات إبرام هذه العقود ولا يعني ذلك أن الموافقة على تمرير هذه العقود مرتبط بموافقة مجلس النواب.

من ناحية أخرى، أكد انطونيو بروفو رئيس المجموعة الأرجنتينية الإسبانية "ريبسول ABF " إحدى الشركات المرشحة من مدريد أن هناك أمورا عدة يجب أن تتوضح قبل توقيع عقود في مدريد.

وجدد وزير النفط العراقي رفضه العقود التي أبرمتها حكومة إقليم كردستان مع شركات أجنبية دون موافقة الحكومة المركزية، وقال إن أي عقود وقعت دون موافقة حكومة بغداد لا يؤخذ بها، والحكومة لا تتعامل معها. وقال إن كل العقود الموقعة قبل إقرار قانون النفط غير قانونية.

على صعيد آخر، أعلن رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني السبت تشكيل لجنة سياسية بعضويته وعضوية رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ومسؤولين بارزين ستبحث الاسبوع القادم في "حل مشترك" لقانون النفط في البلاد.

وبلغ عدد الصفقات التي أبرمتها حكومة الإقليم منذ صدور قانون النفط الخاص بها في أغسطس/آب الماضي 17 صفقة.

وكان العراق قد علق في يناير/كانون الثاني الماضي عقدا سنويا مع أكبر مصفاة نفط في كوريا الجنوبية لتصدير 90 ألف برميل من النفط يوميا بعد أن اتفقت مع سلطات كردستان العراق على التنقيب في حقل بازيان الذي تقدر كمية النفط المتوفرة فيه ب 500 مليون برميل.

دور أمريكي في توجيه السياسة النفطية العراقية

من جانب آخر كشفت صحيفة "نيو يورك تايمز"، أن مجموعة من المستشارين الأمريكيين، يقودهم فريق صغير من وزارة الخارجية الأمريكية، لعبوا دورا كبيرافي ترتيب عقود بين الحكومة العراقية وخمس شركات نفطية كبيرة، لتطوير بعض من من أكبر الحقول النفطي في العراق.

وقالت الصحيفة ، إن الكشف عن هذه المعلومات، عشية الإعلان عن تلك العقود، هو التأكيد الأول لإشتراك إدارة الرئيس جورج بوش المباشر في عقود تفتح القطاع النفطي العراقي أمام التطوير التجاري، لافته إلى أنه "من المرجح أن يثير هذا الإشتراك إنتقادات حوله.

وأعلن وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني، خلال مؤتمر صحفي عقده في مبنى الوزارة ،عن أسماء الحقول النفطية التي ستطرح للتنافس بين شركات النفط العالمية، ضمن دورة التراخيص الأولى التي تمنحها الوزارة، في وقت تشهد فيه أسعار النفط العالمية أعلى مستوى لها في التاريخ.

واستطردت الصحيفة قائلة إن مسؤولين كبارا في وزارة الخارجية، قالوا إن محامين تابعين للحكومة الأمريكية ومستشارين من القطاع الخاص يزودون الوزارة، بأسس وأفكار تفصيلية حول صياغة مسودات العقود، على أساس دورهم كمستشارين في وزارة النفط الأمريكية.

لكن الصحيفة تعترف بأنه من غير الواضح تبيان مدى تأثير عمل هؤلاء في قرارات وزارة النفط" العراقية.

وتوضح (نيويورك تايمز) أن المسؤولين الذين تحدثوا لها، شريطة عدم ذكر أسمائهم، قالوا إن تدخلهم "يأتي فقط لمساعدة طاقم العمل من الدرجة الثانية في وزارة النفط العراقية، في مجال التفاصيل التقنية والقانونية الخاصة بالعقود، وإنهم لم يشاركوا في اختيار الشركات التي ستُبرم العقود معها."

وأضافت الصحيفة أنها حاولت "مرارا الإتصال بالمكتب الإعلامي في الوزارة (النفط العراقية) للتعليق على هذه المعلومات، إلا أنها لم تتلق جوابا."

وعلقت قائلة " إنه مع تواصل ارتفاع أسعار النفط ، فإن منح عقود من دون تقديم عروض، يعد فرصة ثمينة نادرة بصناعة النفط ، في بلد يعد من أكبر البلدان التي تضم حقولا غير مستغلة، ولها إمكانية در أرباح طائلة."

وقال حسين الشهرستاني، اليوم، إن (35) شركة عالمية "ستتنافس على عقود تطوير الحقول النفطية العراقية، ومنها حقول: الرميلة الشمالي والجنوبي وغرب القرنة والبزركان وأبو غرب والفكة في ميسان، فضلا عن حقلي: كركوك وباي حسن، إلى جانب حقلي: عكاس والمنصورية الغازيين."

ولم يفصح وزير النفط العراقي عن أسماء تلك الشركات الـ (35)، مكتفيا بالقول إنه تم اختيارها "من بين (120) شركة، للحصول على أحد عقود تطوير حقول النفط."

لكن (نيويورك تايمز) توقعت أن تمنح العقود النفطية العراقية إلى خمس شركات عملاقة، إثنتان منها أمريكيتان هما ( آكسون موبيل Exxon Mobil) و(شيفرون Chevron)، وواحدة بريطانية هي (بي بي BP)، وشركة (شل Shell) الإنجليزية - الهولندية، وشركة (توتال Total) الفرنسية، بالإضافة إلى "عدد من الشركات النفطية الصغيرة" حسب قول الصحيفة.

وأردفت الصحيفة قائلة إن "هذه العقود كانت قد قوبلت بإنتقادات من جانب معارضين للحرب في العراق، الذين يتهمون إدارة (الرئيس الأمريكي جورج) بوش بالعمل من خلف الكواليس لتأمين الدخول الغربي إلى حقول النفط العراقية."

وأشارت (نيو يورك تايمز) إلى أن إدارة بوش، من جانبها، أعادت تأكيدها على أن القرارات النفطية "تعود إلى العراقيين."

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو، إن " العراق بلد ذو سيادة، وبوسعه اتخاذ قرارات قائمة على أساس ما يرغب ويريد، للمضي قدما في تطوير ثرواته النفطية."

وتضيف الصحيفة، أنه "على الرغم من إثراء الشركات النفطية العالمية بسبب ارتفاع الأسعار، إلا أنها بقيت متعطشة لحقول نفط جديدة، وخصوصا في العراق الذي يعد مركز جذب في ضوء هذا الواقع، حيث أنه فضلا عن إحتياطياته الهائلة، فهو يملك قدرة كامنة على تقديم مصادر نفطية جديدة إلى السوق الرخيص نسبيا."

وتابعت قولها إن " الحكومة الأمركية سعت أيضا إلى تشجيع الإستثمار في كل بقاع العالم، لتوفير نفط جديد للتخفيف من إستثنائية حصر العرض العالمي، الذي يتسبب في ارتفاع الأسعار."

وترى الصحيفة أن "إنخفاض نسبة عمليات التخريب التي تستهدف أنابيب النفط (في العراق)، بسبب التحسن الأمني الملحوظ ، يساعد على توجه كبرى الشركات لتطوير الحقول العراقية، حيث يقول مسؤولون عسكريون أمريكيون إن خطوط النقل الآن لديها قدرة فائضة، بانتظار زيادة إنتاج الحقول.".

إلا أن الصحيفة ترى أن " أي تصور عن توسط أمريكي في السياسات النفطية العراقية، يهدد بإشعال الرأي العام ضد الولايات المتحدة، وخاصة في البلدان العربية، التي تشكك في نوايا واشنطن بالعراق."

وفي هذا السياق، يقول فردريك باتون، وهو مستشار رفيع المستوى في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن "نزعم أن النفط ليس في محور اهتماماتنا، لكننا نؤكد فعليا أنه كذلك. إننا نقوض مصداقيتنا عندما نتحدث عن قضايا مثل السيادة، في الوقت الذي يكون لنا الحق فيه بالتدخل في ذلك"، في إشارة إلى القرارات النفطية العراقية.

وأردفت الصحيفة أن " المسؤولين الأمريكيين يقدمون النصح المباشر إلى العراق في قضايا كثيرة، إبتداءً من الكهرباء حتى التعليم. إلا أنهم يتجنبون الخوض في مسائل تتعلق بكيفية إدارة العراق لثرواته النفطية، مشددين على أن التقرير فيها ينبغي أن يكون من شأن الحكومة العراقية."

وتشير (نيو يورك تايمز) إلى أنه "في وقت مبكر من زمن الاحتلال، دعم المستشارون الأمريكيون جهود وزارة النفط (لعراقية) في إلغاء عقد القرض الذي منحه صدام إلى شركة (لوكويل Lukoil) الروسية النفطية. وأكدت الوزارة، في حينها، أن حكومة صدام كانت قد ألغت العقد قبل ثلاثة شهور من الغزو.".

وتقول لوكويل، بحسب الصحيفة، إن "محاولة إلغاء العقد غير قانونية، لأن صدام لم يستأنف في تحكيم دولي أولا، كما تنص شروط العقد."

وتختتم الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن العقود النفطية العراقية "دخلت المجال السياسي الأمريكي، في خضم الحملة الإنتخابية والتنافس بين الديمقراطيين والجمهوريين للوصول إلى البيت الأبيض."

عقود مساعدة فنية

من جهة اخرى اعلنت وزارة النفط العراقية انها انهت المفاوضات مع خمس شركات نفطية من اجل ابرام عقود قصيرة الاجل معها لتقديم المساعدة الفنية لزيادة انتاج العراق من النفط بحوالي 500 الف برميل يوميا بشكل سريع. وتبلغ كلفة هذه العقود 500 مليون دولار.

لكن وكالة الانباء الفرنسية نقلت عن مسؤول في وزارة النفط العراقية ان المفاوضات مع هذه الشركات فشلت بسبب رفضها تقديم المساعدة الفنية مقابل البدل النقدي والاصرار على أخذ حصة من النفط الذي ينتج من الحقول التي تقدم المساعدة الفنية من اجل زيادة انتاجها.

وكانت الوزارة قد طلبت من عدد كبير من الشركات الاوروبية والامريكية تقديم عروضها الفنية من اجل زيادة انتاج العراق من النفط بحوالي نصف مليون برميل يوميا.

واعلن الشهرستاني يوم الاحد ان هذه العقود لا تتضمن مشاركة هذه الشركات في تقاسم الانتاج بل هي عقود للحصول على الخبرة الفنية من هذه الشركات لزيادة انتاج النفط.

واعلن الناطق باسم وزارة النفط عاصم جهاد الاثنين ان الوزارة تنوي ابرام خمسة عقود مساعدة فنية مع كل من اكسون موبيل وشيل وشيفرون وتوتال وبي اتش بي بيليتون بينما لا تزال في مرحلة المفاوضات مع تجمع من الشركات النفطية تضم اناداركو وفيتول ودوم لابرام العقد السادس.

لكنه اشار الى ان هذه الشركات ستعطى الافضلية عند الاعلان عن فتح باب الاستثمار في قطاع النفط العراقي بموجب قوانين النفط العراقية التي تعود لمرحلة ما قبل الغزو بينما القانون الجديد لم يتم اقراره من قبل البرلمان العراقي.حسب BBC

وكانت الحكومة العراقية قد اقرت قانون النفط العراقي الجديد العام الماضي لكن لم يصادق عليه من قبل البرلمان بسبب الخلافات بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة اقليم كردستان حول ادارة احتياطيات النفط والجهة المخولة بإبرام العقود مع الشركات الاجنبية.

استثمارات كبيرة في قطاع النفط

يذكر ان انتاج العراق من النفط وصل الى ذروته منذ الغزو الامريكي للعراق 2003 لكن الحقول النفط العراقية بحاجة الى استثمارات هائلة لتطويرها ولتحديث البنية التحتية لقطاع النفط في العراق.

وقد انعكس تحسن الوضع الامني في العراق منذ العام الماضي على قطاع النفط العراقي الذي يشهد استقرارا من معدل الانتاج والتصدير.

ويبلغ انتاج العراق من النفط حاليا 2.5 مليون برميل ويتم تصدير اكثر من مليوني برميل يوميا عبر ميناء البصرة جنوبي العراق وميناء جيهان التركي.

ورغم ان مثل هذه العقود هي الاولى منذ تأميم قطاع النفط في العراق قبل 36 عاما ولا يسمح بموجبها لهذه الشركات بالاستثمار في هذا القطاع لكنها تعتبر الخطوة الاولى في طريق عودة الشركات الاجنبية للعمل في قطاع النفط العراقي الذي يعتبر ثالث اكبر احتياطي من النفط في العالم.

 

وكان نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح قد اعلن في شهر ابريل/نيسان الماضي ان احتياطي العراق من النفط تتجاوز 350 مليار برميل بينما تشير التقديرات المؤكدة الى امتلاكه 115 مليار برميل.

.............................................................................................

- مركز يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية للاتصال والاشتراك:www.annabaa.org /// [email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- االخميس  3/تموز/2008 - 29/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م