شبكة النبأ: لو سلطنا الضوء على تاريخ حي الغدير الذي يعد من
اكبر الأحياء الشعبية في محافظة كربلاء المقدسة، فقد أنشئ في بداية
السبعينات من القرن الماضي على اثر توزيع الف دار من قبل احمد حسن
البكر، مما فتح آفاق أمام الكثير ممن يرغبون السكن جوار الامام
الحسين (ع) من أبناء محافظات الوسط والجنوب وحتى المحافظات
الشمالية.
وسكان هذا الحي المتواضع والبسيط اغلبهم من اصحاب الدخل المحدود،
وهم من مختلف العشائر العراقية الأصيلة والتي عكست الأخلاق العربية
مما تحمله من عادات وتقاليد ورثتها هذه العشائر من الامتداد
الحضاري والتاريخي للعراق.
ويقدر عدد سكانه بأكثر من (150 ألف) نسمة، وهو من أقدم أحياء
كربلاء تقريبا، وكذلك لو تجولت في أسواقه التي تعد من أقوى الأسواق
تنافساً بالأسعار والنوعية ستجد زبائنه والمتسوقين من اغلب
الأحياء المجاورة له، لأنه يجاور حي العامل والعسكري والموظفين
والشهداء والنضال و قوى الأمن الداخلي وهذه الاحياء تمتاز بزخمها
البشري الكبير.
ولمعرفة المزيد عنه كانت لـ(شبكة النبأ المعلوماتية) هذه الوقفة
مع أهالي الحي ليحدثونا عن معاناتهم ومتطلباتهم التي لها اول وليس
لها اخر:
المواطنين وأحلام توفُر الخدمات
اذ قال عماد مهدي (معلم): من اين نبدأ حيث اننا إذا ناقشنا
الوضع التربوي في هذا الحي تجد عدد المدارس لا يتناسب مع عدد
السكان أبداً، و يوجد فيه تسعة مدارس موزعة بين ابتدائية ومتوسطة
وإعدادية واغلب هذه المدارس تفتقر لأبسط المقومات التربوية والصحية،
اذ تجد داخل الصف الواحد أكثر من سبعين طالباً!! فضلا عن المجمعات
الصحية التي تكاد تكون معدومة (لاتصلح للاستخدام البشري).
يضيف عماد، اما الجانب الصحي فيوجد مستوصف واحد تم انشائه في
الثمانيات من القرن الماضي، وهو أيضا يفتقر لأبسط المقومات الصحية،
وبخصوص المجاري الثقلية والخفيفة فها نحن دخلنا في القرن الواحد
والعشرين وهذا الحي يتمنى إن يجد هذه الخدمة، التي تتمتع بها أفقر
دول العالم ونسمع ان الحي مشمول بهذه الخدمة منذ زمن طويل ولكننا
لانعلم هل سيتحقق هذا الحلم ام لا، اما تعبيد الشوارع وتبليطها فهي
متوقفة وحسب لسان المسؤولين لحين إنجاز شبكات المجاري، وغيرها
الكثير من الخدمات التي يبقى أبناء هذا الحي يتطلعون لها من قبيل
مياه الشرب الشحيحة الى حد كبير ومعضلة الكهرباء التي اصبحت مرضا
لا يمكن شفاءه.. وان كنّا نحن اهالي هذا الحي المهمل نعرف الإجابات
عن تساؤلاتنا عن هذا الاحلام، ولكن( ذكر ان نفعت الذكرى).
فيما قال الصحفي ضياء الموسوي(رئيس تحرير مجلة المعرفة).. حي
الغدير هو تلك الواحة البشرية الزاخرة بثقافات وتقاليد وأعراف
عربية أصيلة، حيث ان معظم سكانه من الطبقات الفلاحية والريفية
التي نزحت تحت وطأة الظروف المعيشية القاسية من مختلف محافظات
القطر إلى كربلاء المقدسة ليحصلوا على فرص عمل، ومن الأسباب الأخرى
التي استهوت قلوبهم وعواطفهم نحو مرقدي الامام الحسين وأخيه ابا
الفضل العباس (عليهم السلام)، ولا يخفى على الجميع ما الثقل الذي
يشكله هذا الحي من قاعدة شعبية كبيرة وكذلك قاعدة انتخابية، وقد
لجأ اليه العديد من المسؤولين سابقا، الا انه ورغم ما ذكرناه تجده
محروم من ابسط الخدمات ويفتقر للعديد منها.
فيما قال الشيخ معين الشبلاوي.. في الحقيقة ان حي الغدير يختلف
اختلافا جذريا عن باقي أحياء المحافظة، حيث تجده خليط متجانس من
العشائر العربية الأصيلة وهم متمسكين بهذه العادات والتقاليد
العربية، وكذلك لو أجريت مسحا بيانيا عن الكفاءات والشهادات العليا
التي يتمتع بها أبناء هذا الحي لوجدت الكثير من هذه الكفاءات وفي
مختلف الاختصاصات، إلا أننا نؤشر الضعف الواضح والمقدم من الخدمات
لأبناء الحي، ونكاد لا نعرف السبب بذلك، فإذا كان الأساس في تقديم
الخدمات على الكثافة السكانية و الاحتياج الفعلي لهذه الخدمات فان
حي الغدير يحتل المركز الأول في هذا الاستحقاق او المعيار، الا
اننا نجد حي الغدير يشمل بالمتبقي من بقايا المشاريع.
وأشار الى أننا نجد حي الغدير يمارس ضده التهميش والإهمال،
ونتمنى ان لا يكون هذا إلغاء مقصود. وأضاف المواطن حيدر محمد..
ان كنت تبحث عن الكفاءات والشهادات تجدها في حي الغدير وان بحثت عن
العاطلين عن العمل أيضا تجدهم في حي الغدير، حيث تجد هذا الحي قد
شمله الحرمان في الزمن السابق او كما يقولون(البائد)، اما الان وفي
ظل مسؤولين منتخبين تجده لم يحصل على حصته من المشاريع الاعمارية
ايضا، وقد يعود هذا لسبب كون الحي تابع لمشاريع المركز.
وتدارك قائلا: الا أننا نتأمل خيرا ان يشمل هذا الحي المكافِح
بحملة الإعمار التي نسمع ونرى اثارها قد شملت مختلف المناطق إلا في
حينا المظلوم.
فيما قال حسام حليم (صاحب محل لبيع المواد الغذائية).. ها نحن
نتطلع لحكومتنا المنتخبة منذ ان استلمت السلطة بان يشمل هذا الحي
بالخدمات الضرورية التي يحتاجها كما شملت باقي مناطق المحافظة، الا
وحسب فهمي أجد السبب في ذلك هو عدم وجود ممثل له في مجلس المحافظة،
فهذا هو السبب الوحيد الذي نجد ان المشاريع التي نفذت داخله ليس
ضمن المستوى المطلوب ولا تمثل طموح أبنائه، فتجد مدارسه أشباه
مدارس حيث تنقصها ابسط الخدمات الضرورية وكذلك تجد النقص حتى في
الكادر التدريسي، وغيرها الكثير من الخدمات المفقودة.
المجالس المحلية للحي.. آراء متشائمة
أيضا
فيما قال علي غازي رئيس المجلس المحلي للمنطقة الخامسة في حي
الغدير.. في الحقيقة ان رأي المجلس المحلي لواقع الخدمات المقدمة
لهذا الحي الذي يبلغ عدد نفوسه أكثر من (140) ألف نسمة ليس ضمن
الطموح او حتى استحقاقه من الخدمات المقدمة، اذ ان مجمل المشاريع
التي حصل عليها الحي منذ انطلاق عملية الاعمار في المحافظة تكاد
تعدها على الأصابع، علما ان الحي لم يشمل خلال عام 2007 بأي مشروع
إعماري ضمن الميزانية الانفجارية!!، وكما نعلم بان مدينة كربلاء
تحصل على دعم مالي من مختلف البرامج حيث هناك مشاريع تنمية
الأقاليم ومشاريع خطة استثمارية ومشاريع مجلس الاعمار وغيرها من
البرامج من الدول المانحة، الا ان حي الغدير تجده اذ شمل بمشروع من
احد هذه البرامج لا يشمل بمشروع أخر بينما تجد في مناطق أخرى تشمل
بجميع هذه البرامج، والجميع يعلم علم اليقين بان حي الغدير بحاجة (
لصولة اعمارية) كونه يفتقر لأبسط الخدمات الضرورية.
وقال محمد لوكان رئيس مجلس المحلي للمنطقة الرابعة في حي
الغدير.. لو أردنا ان نتكلم عن معاناة حي الغدير وأبنائه فنحن
بحاجة للوقت طويل ولكني أود ان أتكلم عن شيئا يسير من هذه
المظلومية المفرطة التي عانا ويعاني منها الحي.. حيث عاشت مناطق حي
الغدير أبان النظام البائد الحرمان والتهميش وحرمانه بالكامل من
ابسط مقومات الحياة.. اما في هذا الوقت الديمقراطي فهذا هو الحي
موجود ولا يحتاج الى شاهد عيان على صحة كلامنا وعلى مختلف الخدمات
المقدمة، فمثلا على مستوى البلدية لم يشمل حي الغدير بشبكة المجاري
ولم يتم تبليط شوارعه ولم يشمل بترصيف ولم توفر البلدية ساحبات
كافية لرفع الأنقاض مما يتناسب مع مساحة الحي وكثافته السكانية.
اما على مستوى الخدمات الصحية فقد ترك الحي بدون مركز صحي طيلة
الفترة السابقة ( واقصد في النظام البائد) ولم يتم إنشاء مركز صحي
الا في نهاية الثمانينات من القرن الماضي وكان يشترك معه الأحياء
المجاورة كحي العامل والعسكري والشهداء بالإضافة الى الكثافة
السكانية العالية، أي ان المركز الصحي لم يوفر سوى اقل من نسبة 5%
من الخدمات الى أبناء الحي خلال السنوات الماضية، اما ألان نجد
وخلال هذه السنة هناك عملية أستطيع ان اسميها (عملية ترقيع) لهذا
المستوصف الوحيد واليتيم، فنجد في باقي المناطق جرت عملية هدم
وبناء وتوسيع إلا في مستوصف حي الغدير فإنها مجرد عملية ترقيع لا
تتناسب ابدا مع الكثافة السكانية الكبيرة للحي.
فيما قال عدنان تيكان عن المنطقة الاولى.. ان حي الغدير مقسم
لثمان مناطق وكل منطقة فيها مجلس محلي ومختار، ولكننا نجد ان الحي
لم يأخذ استحقاقه من المشاريع الإعمارية طيلة هذه السنوات الثلاثة
إلا الشيء اليسير والتي لم تغيير من واقع الحي شيء.
وأخيرا فإننا لم نلحظ سوى تطابق آراء كل المواطنين وبمختلف
مستوياتهم العلمية للواقع الذي يعيشه أهالي حي الغدير، الذي يبقى
يناشد أصحاب القرار لأن ينظروا بعين المسؤولية، وان يخصص له
ميزانية خاصة كما تخصص للأقضية ونواحي المحافظة، وإنها تبقى
مسؤولية مشتركة لا يتنصل منها احد من ابسط مواطن إلى أعلى الهرم من
السلطة من خلال توفير عنصر الإخلاص في العمل والحس الوطني
والاحتفاظ بعامل الأمل.
|