لا اعتراض على حكم الباري وقدره ولا عجب في ما ينزل وما يريد،
هكذا أدبنا أئمتنا(سلام الله عليهم) وعلمائنا (رحم الله المتوفين
وحفظ الباقين)، فلا نسال الله رد القضاء ولكن نسأله اللطف به.
رزية كبيرة ومصاب جلل ذاك هو يوم رحيلك سيدي، فمازلت غضا طريا
كعود المسك يفوح بريحه لكل سالك قريب وبعيد، وكمصباح في ليالي
ظلماء يهتدي به الباحثون عن الحقيقة، وتندفع بعلمه الشكوك والظنون،
لا ننعاك بل ننعى أنفسنا التي ، لم تستطع أن ترتشف منكم الكثير،
ولم يحالفها الحظ بقدر اكبر من الانتهال من بحر العلم و الأخلاق.
قدرنا أن نفقدكم واحدا تلو الآخر في زمنِ صعب وفي وقت تشابهت به
الأمور وانقضت علينا الفتن من كل حدب وصوب، وهنا لا أجد ابلغ من
قول القائل:
لهفي علينا والذئاب تحيطــنا
من للقطيع وقد
توفى الراعيــا
نعم، كلكم جدكم رسول الله وكلكم حسينيون وكلكم حسنيون، ولكن
فقدكم في هذا الوقت كثيرا علينا، فجمعكم حصنا حصين لهذه الأمة التي
تناهشتها الذئاب وقل المدافع عنها، ورحيلكم واحدا تلو الآخر يهد
للدين أركانا.
أيها القمر الزاهر رحلت مبكرا كعلي الأكبر (سلام الله عليه)،
(يا كوكبا ما كان اقصر عمره وكذا تكون كواكب الأسحار)، رحلت في
ريعان الشباب وعنفوانه رحلت وان تحمل هم امة وهموم أجيال قادمة.
لم نعرفك ولا أظن إننا سنعرفك، فما بينك وبين بارئك كبير ولعل
اشتياقك لأسلافك جعلك تطلبهم حثيثا حتى استجاب لك خالقك ما أردت،
ففزت بلقائهم وخسرنا بفقدك سيدي.
رحيلا قبل أوانه وسفر مبكر ا وأفول قبل النهاية، حقنا لو بكينا
ولو ندبنا، فمن مثلنا تتكالب عليه النوائب وتذهب عنه الحماة، ولكن
رضينا بما رضي الله لنا، والله يحكم لا معقب لحكمه.
وإنا لله وإنا اليه راجعون.
* باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات
والبحوث |