حتى في مغادرته هذه الدنيا الفانية كان هادئاً أبقى نفسه منه في
تعب وأصر للمحافظة على راحة كل من حوله، فلم يثر ضجيجاً حين سلم كل
الأمر لله تعالى ليتركنا حيارى ..
هل مات؟
نعم، رحل عنا رجل الفضيلة والعلم .. السماحة والفقاهة ..
التسامح والاجتهاد، رحل عنا ليسجل برحيله فضيلة جديدة تضاف إلى
أنهار الفضائل التي تجلت في وجوده لتستمر معنا بعد وفاته.
سماحة الفقيه المجتهد المحقق الورع المعظم آية الله السيد محمد
رضا الشيرازي (قدس الله نفسه الزكية)، وهو في عز سني العطاء والبذل
كتب الله –تعالى- له الرحيل، لنرى –نحن- موقعنا من سيرته الزكية
المباركة بعد أن أعلنا الحداد فاجتمعنا في مختلف بقاع العالم لنقيم
مجالس العزاء والتأبين لروحه الطاهرة.
هذا هو السؤال المحوري الذي أراه ينزف من نعش مولاي سماحة السيد
الفقيد (قدس سره) .. أين نحن من سيرته الرسالية الأصيلة؟
كان وكان فهل نحن كما كان؟ أو حتى نسعى لنكون قريباً مما كان؟
كان تالياً متدبراً متعمقاً في كتاب الله العزيز، فألف (التدبر)
الذي لمسنا فيه امتزاج سماحته بكلام الله –عز وجل- ...
فهل نحن كذلك؟
كان عالماً فقيهاً لا يؤخره شيء عن كسب العلوم واستحصالها، فهو
سائر على خطى أجداده الأطهار (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) ..
فهل نحن كذلك؟
كان مثالاً رائعاً للتقوى، لا يمكن أن ترى منه غيبة أو تعدياً
أو تجاوزاً ولا حتى في أضيق المساحات ..
فهل نحن كذلك؟
كان حاملاً لمسئولية التبليغ لله –عز وجل- فلا يترك فرصة إلا
ويستغلها في ذكر آية قرآنية أو حديث عن معصوم أو قصة فيها حكمة
وموعظة، فهو لا يطلب غير رضا المولى –جل شأنه- ..
فهل نحن كذلك؟
كان محمد رضا الشيرازي ..
فهل نسعى للاقتداء به؟
لا زلت – سيدي – أتذكر اتصالك قبل شهر رمضان لتطلب مني مضاعفة
الجهود قدر الإمكان من أجل مواجهة الفضائيات والفعاليات التي
يقيمها المفسدون في هذا الشهر الكريم.
فقلت لك: سيدنا عندهم آلة إعلامية ضخمة.
فقلت لي: وعندنا الله – عز وجل -، وتأييد أهل البيت (عليهم
الصلاة والسلام).
هكذا كان فقيدنا الغالي، وهكذا رحل عنا لنرى في موته فضيلة
يهتدي بها كل صاحب قلب، وتزيد مرض كل من في قلبه مرض.
آه ثم آه، وأي آه تنفع ..
وآه أخرى على قلمي الذي يعجز عن كتابة ما يليق بهذا المصاب
العظيم، وأي قلم لا يتهالك أمام رحيل الرضا الشيرازي (رضوان الله
تعالى عليه) .. ؟
فلك المعذرة سيدي يا صاحب العصر والزمان.. |