شبكة النبأ: بعد انهيار النظام العراقي السابق اثر اجتياح
القوات الأمريكية العاصمة العراقية بغداد عام 2003 م أعيد افتتاح
وتأسيس العشرات من المدارس الدينية الخاصة بالطائفة الشيعية بعد
سنوات طويلة من الحظر والإغلاق الذي فرضه النظام السابق، مستثنيا
بقراره سيء الذكر عدد محدود من تلك المدارس التي بقيت مشرعة
الأبواب بعد أن حظيت بالموافقات الرسمية الخاصة، وتحت المراقبة
الأمنية المشددة في مدينة النجف حصرا، إحدى أهم المناطق المقدسة
لدى المسلمين الشيعة.
ومن المدارس التي أعيد افتتاحها هي مدرسة ابن فهد الحلي في
مدينة كربلاء المقدسة جنوب غرب العاصمة بغداد، التي استقطبت حال
افتتاحها المئات من طلبة العلوم الدينية والكثير من أساتذة الفقه
المرموقين، برعاية المرجعية الشيرازية التي يعود إليها تأسيس
الحوزة الدينية في كربلاء مطلع القرن الماضي.
ويعتبر المجدد الشيرازي الثاني الراحل السيد محمد الحسيني
الشيرازي ابرز من تكفل بديمومة هذه المدرسة طيلة فترة إشرافه عليها
قبل أن يضطر إلى هجرة العراق بسبب سياسات النظام البعثي القمعية
المتمثلة باستهداف الرموز الدينية والسياسية بعد استيلائها على
مقاليد الحكم. بعد مطاردته ومن ثم الحكم عليه بالإعدام قبل ان
يتمكن من الهروب خارج العراق.
حيث قطن في سبعينيات القرن الماضي دولة الكويت قبل أن يستقر به
الحال في إيران عقب نجاح الثورة الإسلامية هناك.
وإثر مواقفه الرافضة لاستمرار الحرب العراقية الإيرانية التي
اندلعت عام 1980 واستمرت لثمان سنوات متواصلة، تعرض و أتباعه إلى
المضايقات والتشديد من قبل السلطات الإيرانية.
فقد القى، من خلال فتاواه، بمسؤولية ضحايا الحرب على قيادتي
الدولتين على حد سواء، كما انتهج الدعوة إلى نبذ العنف والتفرقة
وترجيح لغة العقل والتسامح والعيش المشترك وتغليب السلم والاعتدال
ورفض سياسات الدولتين اللتين أسفرتا عن استباحة دماء المسلمين من
كلا الشعبين، وساقته تلك المواقف إلى وضعه تحت الإقامة الجبرية
بمدينة قم في إيران، حتى وافته المنية بظروف غامضة.
وكان للفقيه الراحل السيد محمد رضا (الذي يوافق هذا التقرير
ساعات وفاته الأولى اثر ظروف غامضة أيضا)، التوجيه المباشر ومتابعة
إعادة افتتاح مدرسة ابن فهد الحلي في كربلاء، لما كان يمتلكه من
أهلية علمية وإدارية في تولي هذا الأمر، على الرغم من كونه لا يزال
يقطن مدينة قم في إيران.
نشطت على مدى السنين الخمس الماضية هذه المدرسة الواقعة في وسط
مدينة كربلاء في العديد من المجالات الاجتماعية. بالإضافة إلى
كونها تمثل المكتب الرئيسي للمرجعية الشيرازية، فضمت مدرسة ابن
فهد الحلي مئات الطلبة من مختلف محافظات العراق.
كما أشرفت الحوزة الدينية على تأسيس العشرات من المؤسسات
الإنسانية والإعلامية والثقافية كالجامعات والمؤسسات الإعلامية
ومراكز الدراسات بالإضافة إلى الهيئات الخيرية في مختلف مدن
العراق، مما استقطب توجهات العديد من الشباب والكوادر المثقفة
العراقية.
وكان السيد الفقيد اية الله محمد رضا الشيرازي، النجل الاكبر
للإمام الشيرازي الراحل،من مواليد عام 1962 ، يعتبر احدى الشخصيات
البارزة التي نشطت في دعم وترسيخ نشاطات تلك المؤسسات الأكاديمية
والثقافية ماديا ومعنويا.
كما تتلمذ على يده العديد من الأساتذة والعلماء، وأسهمت
محاضراته التي تبث على القنوات الفضائية الأثر الفاعل في استقطاب
توجهات العديد من الشباب، فضلا عن رعايته الشخصية للعشرات من طلبة
العلوم الدينية، استطاع من خلالها استمالة قلوب المئات من المريدين
والأتباع في العراق والعالم الإسلامي.
فقد ألف عددا من المجلدات والكتب في علم الاصول وتفسير القرآن،
منها كتاب (الترتب) وهو بحث أصولي معمق كتبه للعلماء والمجتهدين.
وقد نال بسببه عدة إجازات إجتهاد.
ومن كتبه ايضا تفسير للقرآن الكريم إسمه (التدبّر في القرآن)
طبع منه مجلدان.
ومن مؤلفاته (الرسول الأعظم ص رائد الحضارة الإنسانية) و(خطب
الجمعة) و(سلسلة المهدوية) و(ومضات) وغيرها. |