شبكة النبأ: خلال السنين الخمس الماضية التي مرت بالعراق، وفي
أجواء تطورات الأحداث المتسارعة محليا أو إقليميا، بدأ يوقن
العراقيون أن لا مكان للصدفة في صناعة المتغيرات، وأصبحت المفاجآت
لا تمر بهم مرور الكرام، بعد أن أدركوا بقناعة إن ما تجري عليهم من
أمور ليس اعتباطيا أو عبثيا أوجدتها سخرية الأقدار.
فرغم انهماك العاملين في تحضير المكان لاستقبال جثمان الراحل
محمد رضا الشيرازي تلحظ النقمة والغليان لدى العاملين والحشود التي
تقاطرت على مدرسة ابن فهد الحلي، التي تضم مكتب للمرجعية الشيرازية
في كربلاء، لدى انتشار خبر وفاة الراحل في ظروف مفاجئة بمدينة قُم
حيث يقطن في إيران صباح الأحد الأول من حزيران.
فقد غصت الباحة الداخلية من المبنى بالعلماء والمسئولين وكبار
السن من أهالي المدينة، فيما انتشر العشرات من الشباب حول بوابة
المبنى والأرصفة المقابلة على شكل حلقات يستفسرون عن ظروف الوفاة.
حيث يُعتبر السيد محمد رضا وهو نجل الإمام الراحل محمد الحسيني
الشيرازي من أهم الشخصيات الدينية والعلمية في العراق، والخليفة
الأبرز لعمّه المرجع آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي، وقد
تنقل الفقيد بصحبة والده من العراق إلى الكويت ومن ثم إلى إيران
ليكمل دراسته الحوزوية لدى علماء الشيعة هناك، واصدر العديد من
المؤلفات والكتب الدينية.
اما الرواية الرسمية الصادرة من احدى مستشيفات ايران فرجحت وفاة
السيد محمد رضا اثر نوبة قلبية المت به عقب ادائه صلاة الفجر.
تقاسيم الغضب والحزن امتزجت في وجوه كل من صادفناهم هناك،
وارتفعت مكبرات الصوت تنعى الفقيد بإجلال، معلنة تشييع الجثمان يوم
الاثنين في مدينة قم وبعدها سيوارى الثرى في مقبرة الشيرازي في صحن
الروضة الحسينية في مكان مخصص من عشرات السنين لدفن موتى العائلة
هناك، فيما غطت واجهة مبنى مدرسة ابن الحلي الواقع في وسط مدينة
كربلاء المقدسة لافتات السواد المعزّية والناعية.
بعض المقربين من الفقيد تملكتهم الحيرة والاندهاش فهم يرون إن
الراحل كان يتمتع بوافر من الصحة والعافية وهذه النهاية المأساوية
لم تكن في الحسبان، وقد عزم قبل وفاته القدوم للاستقرار في العراق.
في حين هناك من كان يحاول التلميح من خلال بعض الكلمات المبهمة
إن الوفاة لم تكن طبيعية بل كانت بفعل فاعل.
فيما اخبرنا البعض إن جميع مقلدي المرجع الشيرازي من طلبة
وأساتذة كانوا قد عقدوا آمالهم عليه لما له من ملكة وعلمية في
مختلف الشؤون السياسية والدينية فضلا عن كونه لا يزال في مقتبل
عمره، حيث عول عليه الكثيرون في التصدي للمرجعية الدينية في العراق
مستقبلا.
وكان الراحل السيد محمد رضا الشيرازي من الشخصيات البارزة التي
نشطت في دعم وترسيخ نشاطات المؤسسات الأكاديمية والثقافية ماديا
ومعنويا، من خلال تأهيل الكوادر المهنية المستقلة.
الخطيب المعروف السيد عبد الحسين القزويني الذي حضر إلى المكان
حالما توارد إليه نبأ الوفاة كان يحدثنا والمرارة تعتصر كلماته
معلنا حلول المصيبة بهم وبالحوزات العلمية خصوصا في كل مكان، حيث
يقول ان لوقعها اثر أدمى قلوبنا وحزّ بنفوسنا.
مؤسس جامعة أهل البيت الدكتور محسن القزويني كان ضمن الحاضرين،
اخبرنا بكونه كان صديقا للسيد الراحل محمد رضا الشيرازي يصفه بكتلة
من العلم والأخلاق والأدب، وخلال سنين عمره يؤكد انه لم يرد مسمعه
شكوى لأحد من الفقيد، فقد كان حسب ما يقول القزويني إن الراحل أنيس
الجلسة لا يُمَل منه لشدة تواضعه ودماثة خلقه رقيق القلب زاهد في
الدنيا وما فيها.
كما يضيف انه استطاع أن يؤسس ويخرج عددا كبيرا من الأساتذة
والعلماء وله العديد من المؤلفات القيمة التي تتسم بالموضوعية
والأكاديمية، وله العديد من الكتابات في علوم القرآن، وله الفضل في
تأسيس العديد من المؤسسات التنموية في العراق كجامعة أهل البيت
(ع).
في حين استذكر احد السادة المعممين في حديثه لنا انه في احد
الأيام ابلغ والد الفقيد الإمام الشيرازي بقوله" إن لم تكن مفخرة
في هذه الدنيا فيكفيك فخرا بهذا الولد في الدنيا والآخرة".
ويستدرك إنهم لم يفيقوا من صدمة رحيل الإمام الشيرازي حتى صدموا
بوفاة ولده، الذي كما يقول عقدنا عليه آمالنا فقد سَبق مَن قبله في
عمره من حيث غزارة العلم والفقه وإدارة الأمور ليختم حديثه بتشديد
الأسف على هذه الخسارة الكبرى.
احد الحاضرين رفض ذكر اسمه قال بتردد تتعثر كلماته خشية "وفاة
السيد كانت كوفاة أبيه الإمام الشيرازي ومسلسل النوبة القلبية لا
ينتهي لقد كان شابا وقوي البنية ولا يشكو من مرض، توفي عندما عزم
على القدوم إلى العراق بعد أن تزايد عدد نفوذ ومقلدي المرجعية
الشيرازية". |