عشقٌ في زجاجة شعر

فريد عبدالله النمر

 

أيقظتها لغة تبث ذهولا= وسكبتها للعاشقين سبيلا
 

أيقظتها لغة تمد مواهبا= في رشفة أختمتها التفضيلا
 

أيقظتها لغة تسابق في دمي =عشقا مع النغم الرقيق رسولا
 

وتنفست بالحب صدق عواطفي= وتسنمت بالصادقات عليلا
 

فتزاحمت كاسات عشقها ترتمي= حظا بكأس العاشقين جزيلا
 

فمنحتها شوق ارتعاشة أحرف= نثرت علي من السما منديلا
 

فتراقصت للعشق أنهر فكرتي= وتسلمت بقصائدي الإكليلا
 

فدعوت أقلامي تسامر صحوها= فوجدتهن وقد همين نزولا
 

فتألقت أغصان عشقها روعة= تهدي السماء وريقها المبلولا
 

فتسابقت فسلُ المودة نحوها= وتعملقت بالخطارات نخيلا
 

وسحائب الأفكار تمطر صفحتي= ولطالما غنى اليراع هطولا
 

فأرقن للتحنان من أعيادها= لغة الغرام تسابقا ووصولا
 

وجرين أنهار العواطف جمة= وجنونها أرخ السطور سهولا
 

لتبيح للقرطاس نخب غواية= فواحة ومن البيان مثيلا
 

بأرق ما يهدي اليراع لحونه= وأدق من وتر يشف هديلا
 

وإذا به شعري انتعاشة رنة= تلج النفوس ملامحا وميولا
 

وإذا القصيد زجاجة مدخورة  =من عمق ما سكب الجمال جميلا
 

وإذا بخمر الشعر في أكوابه= شفة تسيل حكاية وفصولا
 

كالكوكب الذري توقد زيتها =فجرا وعين النيرين فتيلا
 

 فشحنت بالنغم الروي نبوءة= وجعلتها للوافدين دليلا
 

فنمت نبوءة تائها مزدانة= بأنوثة ُترضي السماء قبولا
 

بأنوثة لو أنها مرّت على =العرش السماوي اصطفاها خليلا
 

عزفت غناء الوالهين لحونها= للراقصات وللقلوب رعيلا
 

فتمسكت كل المجرة باسمها= نسكا ولم ترض سواه بديلا
 

مسحت لأنات الجراح وأسكتت= ظلا على النغم الجريح ثقيلا
 

أيقظتها لغة ُتزف لكوثر =عبدته أفواج الملائك جيلا
 

رسمته شطآن القداسة ضفة= للعاشقين إلى النهى قنديلا
 

فاستعذبتها رشفة الحب التي =تشفى السؤال وتمنح المأمولا
 

فكأن أفواه اليراع نمارق =تغري النجوم شقائقا وخميلا
 

وكأن أسراب الغمام بكفها =المزن الهطال وقد نبتن سيولا
 

يا آية السكر التي لا تنتهي =من قبل آدم تورق التبجيلا
 

آثرت فيك من التوحد خصلة= لا تقبل التشبيه والتفضيلا
 

وسبرت بحرك وهو بحر هادئ= في عالم لن ارتضيه بديلا
 

وأبيت إلا بالسؤال يقلني= قلبا على عرفانه مجبولا 
 

أترى أفي الشعر السؤال محير= أم إن ذا الشعر استوى جبريلا
 

ام ان ما بيني وبين مشاعري= سحب ثقال تورق التأصيلا
 

فوجدت انك في السؤال أجابة= لا تعرف الإيهام والتضليلا
 

فتكاثرت بالعشق كل قصائدي=  بتزاحم الأوزان عرضا طولا
 

جاءت بها  الأملاك تشعل حرفها =مذ مدّ حرف الله فيك وصولا
 

تنبيك أنها والحروف حكاية= كتبت بلوح العرش ميلا ميلا
 

وأنا المثقف في هواي حداثةٌ=  ُملئت ترتّل فاطما ترتيلا
 

فنمت بيَ الكلمات تثمر صحوة= تتضوع الترحيب والتأهيلا
 

جرّبت معطفك الرقيع بمتنها= فتعاظمت صور العفاف فصولا
 

رحبت تقدم للعذوبة عذبها= سرعان ما استجدى البيان حلولا  
 

فنفضت قلبي واليراع محلق = ودّعت فيه المغرق المعسولا
 

ودعوته سَكَرا يسيل سنابلي= طوع الهيام وقد غسلن أصيلا
 

حتى إذا رقص الطلوع بقاربي= شدّ الشراع إلى هواه سبيلا
 

وجرت على القلب المطرز بالهوى= سفن البيان نوارسا وخيولا
 

فتوضأ الشعر الرقيق بساحلي =من وحي ما استسقى الدليل دليلا
 

بالشاطئ الأشهى يحنّ عذوبة= فتعذرت لغة تراكِ ذبولا
 

عشقا ببابك ذي القصائد ترتمي=  و لربما ظنّ المريبُ قتيلا
 

هي هكذا  قمم الفصاحة تزدهي= بالعاشقين ملاحما وصليلا
 

تمتاز بالضوء الجميل ترقرقا= كالشمس طالعة تريق أصيلا
 

و بها البتول غواية قدسية =نفحاتها تذكي العقول عقولا
 

فتموسقت عشقا بلحنها نوتتي= تتقدم المعقول والمنقولا
 

تلد السماء مواهبا وعباقرا= نبغت تشع وترفض التأويلا
 

تتخير اللمحات من أنوارها= حتى انتهت تتوج الإكليلا
 

أهلا فمولدك الشريف يظلني= شوطا على الشرف الجليل طويلا
 

أهلا أرتل بالكتاب شمائلا= ولشانئيك الخاسرين عذولا
 

وعشقت روحك والضياء يحوطها= وزعمت فيك إمامة ورسولا
 

يا فجر إيمان وشمس هداية =يتصدران عوالما ومحولا
 

يا قلب فاطمة النقاء وقدسه= يتطلب التكبير والتهليلا
 

ها جئت أقرؤك الجنان بكوثر =يتخلل القرآن والإنجيلا
 

وكيان عشق يا ثمالة عشقه= قد ُشيّدت لجنانه التفضيلا
 

هذي تراتيل الهداية خصبة= تملأن قلبا للرسول بتولا
 

شدّت عروقها من دماه توكلا= فتوقدت نورا يدرّ أصولا
 

فحنت تأصل للحنو مكانة =بأرق من شغف الأمومة حولا
 

ومحمد بالمكرمات يصونها= ثغرا يقاوم جائرا وجهولا
 

والى الرسالة  منحة وعزيمة= تحمي النصوص وتنسخ التدجيلا
 

وعليّها المعطي الشجاعة حقها= يرعى السماء وُيفرح المسلولا
 

حاكته في رحم الشجاعة لبوة= فتعملقت لغة تخيف صقيلا
 

وابناها أسد الغاب في تيارها= "حسن" يقيم إلى العدالة جيلا
 

أم الحسين ومن سواها أمه=  وابن الكرامة لا يعيش ذليلا
 

أم الحسين وللقداسة شعلة= تتمثل التحرير لا التعليلا
 

يكفيك فيها أنها الشرف الذي= يتصدر الأكوان والمأهولا
 

عذراء تلتحف الطهارة منبتا= أصلا بفرع جنانها مشمولا
 

يا لاعتذار الشعر في أبياته= إذ لمْ يفِ الزهرا البتول مقولا
 

لكن ما أجراه وحي نبوءة= بتوسلٍ تتأمل المأمولا
 

شكرا لقب الشعر حيث أظلني =شكرا إليك فقد عشقت بتولا
 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء  25/حزيران/2008 - 21/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م