
شبكة النبأ: فيما لاتزال أزمة الغذاء العالمية تلقي بظلالها
المأساوية على العديد من دول العالم في آسيا وافريقيا وامريكا
اللاتينية من خلال ارتفاع اسعار المحاصيل الغذائية الرئيسية
بالتزامن مع ارتفاع اسعار النفط ومشتقاته، طالت هذه الازمة ايضا
الإقتصاد العراقي وأخذت صيحات التحذير تتعالى مؤخراً من تأثيراتها
السلبية على الفقراء وذوي الدخل المحدود خاصة وأن البلد لا يمتلك
أية خطط اقتصادية في الوقت الحاضر ويستورد كافة المحاصيل والسلع
الغذائية دون تحقيق اكتفاء ذاتي في أية مادة..
فقد نصح خبراء اقتصاد عراقيون الحكومة الاسراع بوضع خطة شاملة
للتقليل من التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية لأزمة الغذاء
العالمية على العراق. وفيما حذر خبير من ان الازمة ستكون لها
تأثيرات سلبية على الشرائح الفقيرة في المجتمع، رأى المستشار
الاقتصادي لرئيس الوزراء ان العراق "بلد لايمكن ان يجوع فيه احد".
الباحث الاقتصادي حسام الساموك يرى ان ازمة الغذاء العالمية
تاتي اليوم وسط شكوك كبيرة بان العملية "استغلت بشكل بشع من قبل
القوى الدولية التي تحاول ان تلحق الضرر بالدول المنتجة للنفط"
لافتا النظر الى "قرار الكونغرس الامريكي محاكمة منظمة الدول
المنتجة للنفط الاوبك بعد ارتفاع اسعار النفط."
ويقول الساموك لوكالة اصوات العراق "اننا اذا ما تذكرنا ان
الولايات المتحدة واحدة من اكبر منتجي ومصدري الحبوب في العالم
فاننا سنجد ان اللعبة استغلت بحيث تم الدعوة لرفع اسعار الحبوب من
قبل الدول المنتجة الاخرى التي تساعد الولايات المتحدة في هذا
الميدان." مشيرا في هذا السياق الى ان "الولايات المتحدة دفعت
تايلند الى ان تدعو الى تاسيس منظمة اوبك خاصة بمصدري الرز."
وابدىالساموك قناعته بان الدافع وراء ذلك "لتتحول عملية رفع
اسعار الحبوب عموما والرز بشكل خاص الى سوط مسلط مقابل اسعار النفط
التي يتصورونها سوط آخر مسلط من قبل الدول المتنجة للنفط."
يذكر ان أسعار السلع الغذائية الرئيسية، بحسب تقارير اقتصادية
دولية، ارتفعت إلى الضعف في العامين الماضيين وسجل الأرز والذرة
والقمح مستويات قياسية ووصلت أسعار بعض المواد لأعلى مستوياتها في
30 عاما بعد حساب عامل التضخم، مما أدى إلى اندلاع أعمال شغب
واحتجاجات في بعض الدول النامية حيث ينفق السكان ما يزيد على نصف
دخلهم على الغذاء.
وحث الساموك العراق كبلد يعاني ازمات اقتصادية كبيرة خاصة
بالميدان الزراعي المسارعة الى "اعتماد خطط طموحة للتخلص نهائيا من
التكاسل التلقائي الذي عم الكثير من مرافقنا حتى المرفق التشريعي
الاول والذي هو مجلس النواب."
وشدد على ضرورة "تشريع قانون مجلس الاعمار" الذي يعتبرالجهة
التي "يفترض ان تقود وزارة الزراعة."
واشار الى ان العراق كان يفترض به "البدء باستزراع واستصلاح
الاراضي منذ سنوات" حاثا في الوقت ذاته على الدخول في "مفاوضات
جادة مع ايران وتركيا حول الحصص المائية التي يتم اغتصابها."
وكان وزير الموارد المائية عبد اللطيف جمال رشيد زار، الشهر
الماضي، تركيا في إطار جولة تشمل دول الجوار (تركيا وسوريا) لبحث
موضوع الشحة الشديدة في مياه نهري دجلة والفرات.
وأوضح بيان للوزارة أن "وزير الموارد المائية الدكتور عبد
اللطيف جمال رشيد توجه اعتبارا من 21/5/2008 بزيارة إلى كل من دول
الجوار (تركيا وسوريا)" لبحث "موضوع الشحة الشديدة في نهري دجلة
والفرات التي يعانـي منها العراق خلال السنة المائية 2007/2008
بسبب قلة تساقط الأمطار في حوضي النهرين وانخفاض الوارد المائي".
يذكر أن وزارة الموارد المائية كانت قد أعلنت في نيسان ابريل
الماضي أن الإيرادات المائية لنهري دجلة والفرات وروافدهما تراجعت
هذا العام نتيجة الشحة الكبيرة في سقوط الأمطار في عموم العراق.
واستغرب الساموك من "تخفيض وزارة الزراعة لانتاجها الزراعي الى
النصف وللحبوب والرز بشكل خاص." بعكس الدعوة التي قدمتها قمة
الغذاء العالمية التي تم عقدها قبل اسبوع والداعية دول العالم
بمجملها الى زيادة الانتاج الزراعي بنسبة50% "
وانعقدت في العاصمة الإيطالية روما مطلع الشهر الحالي قمة منظمة
الأغذية والزراعة ( الفاو) لمناقشة أزمة الغذاء العالمية بمشاركة
193 دولة عضو في الأمم المتحدة.
وشارك في القمة 44 من زعماء العالم يبحثون دعوات عاجلة للتحرك
بهدف الحد من ارتفاع اسعار السلع الغذائية الذي يهدد بزيادة الذين
يعانون من الجوع بمقدار مائة مليون شخص.
ويرى المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء عبد الحسين العنبكي ان
العراق بلد "لايمكن ان يجوع فيه احد" وانه قادر على ان "يوفر
الغذاء والمستلزمات الضرورية للعيش."
واضاف العنبكي لـ اصوات العراق، ان الموازنة العراقية للعام
الحالي تحتوي على موازنة تشغيلية كبيرة كما تضم بنودها "دعما كبيرا
لنظام شبكة الحماية الاجتماعية بالاضافة الى دعم العائلات
الفقيرة."
وعلى الرغم من ان العنبكي يقول ان الجدوى التشغيلية لهذه
الاموال ستكون اكبر لو انها "وجهت الى الاستثمار لخلق فرص عمل
لتقليص البطالة" الا انه يرى انها "ضرورية لمساهمتها في التقليل من
حدة الفقر في العراق."
فيما تحدث الباحث الاقتصادي نجم الطائي عن ما اسماه "مواجهة
العراق لعاصفة هائلة من التحديات الاقتصادية." قال ان اخطرها"
ارتفاع أسعار السلع الغذائية الرئيسة كالقمح، والذرة، والأرز
ووصولها إلى مستويات قياسية بعد أن ارتفعت بنسبة 50 في المئة
تقريباً خلال الأشهر الستة الماضية."
وطبقاً للمنظمات الدولية فان أسعار المواد الغذائية الاساسية
ارتفعت بنسب مهولة فالحبوب ارتفعت 92% والرز 70% والقمح 120% وذلك
كمتوسط عالمي حيث إن نسب الارتفاع تختلف من دولة لأخرى.
وقال الباحث نجم الطائي ان الازمة لاتخص العراق لوحده بل "نجد
أن مخزونات الغذاء العالمية قد وصلت إلى أدنى مستوى لها."
وارجع أسباب الازمة الى عدة عوامل منها "ارتفاع أسعار النفط
(وصل سعر البرميل الى 137 دولارا) الذي أدى إلى زيادة تكلفة انتاج
ونقل الغذاء، وما صاحبه من ارتفاع اسعار المنتجات المتعلقة
بالزراعة كالمكائن الزراعية والأسمدة اللازمة لتخصيب الأرض."
ورأى الطائي ان "ازمة الغذاء العالمية ستلقي بظلالها على
العراق خصوصا وان نسبة العوائل التي تعيش تحت مستوى خط الفقر منه
بلغت 43 بالمئة ما ينذر بالتأثيرات السلبية على الواقع الاقتصادي
لشريحة واسعة من المجتمع.
واعتبر ان "توقعات نقص الموارد المائية خلال هذا العام والجفاف
الذي قد يصيب البلاد بسبب قلة الامطار التي سقطت خلال الموسم وهي
مؤشرات تؤكد ان أزمة الغذاء ستؤثر بشكل كبير."
وافاد الطائي ان مواجهة الازمة والحد من تاثيرها مرهون
بـالاسراع في توفير مستلزمات الانتاج المهمة وقيام وزارة الموارد
المائية بدراسة وتحديد الاحتياجات الفعلية وفقا للخطة الزراعية
الكفيلة بتوفير جزء من متطلبات الغذاء من المحاصيل الرئيسة.
واستطرد "وهوالامر الذي من شانه "كسر توقعات وزارة التجارة
الاميركية بانخفاض الانتاج العراقي من القمح والحنطة من 2.5 مليون
طن الى 1.3 - 1.5 طن سنويا."
وللحد من تاثير ازمة الغذاء العالمية على العراق يرى الخبير
الستراتيجي الدكتور علي العيساوي انه "لابد من الوفاء بالاحتياجات
الإنسانية العاجلة، ثم العمل من أجل تعزيز برامج الامن الغذائي
المقترحة من قبل الوزارات العراقية." معتبرا ان هذا من شانه "
التعامل مع الفقر المتوقع جراء حلول ازمة الغذاء في العراق على أن
يتضمن ذلك تقديم الدعم لبرنامج شبكات الأمان لتوفير الحماية
الاجتماعية في وجه الحاجات العاجلة."
واشترط لغرض انجاح الحلول العاجلة "الاشتغال في الوقت ذاته على
الحلول الطويلة الاجل مثل بناء انظمة للوقاية من الجفاف والفيضان
يمكن أن تساعد المجتمع العراقي الذي قد يعاني من انعدام الأمن
الغذائي على التكيف مع هذه الظروف." |