معاهدة لشبونة: منعطف أوربا الحاد نحو التكامل والإتحاد

اعداد/صباح جاسم

 

شبكة النبأ: فيما يعدّه البعض نكران جميل لأوربا صوّت الأيرلنديين في بريطانيا بالرفض للمعاهدة الاوربية التي تنظم العلاقات بين المؤسسات الحكومية في كافة انحاء اوربا تحت أطار موحد سعياً لترسيخ سياسة الاتحاد والتكامل التي تنتهجها القارة الخضراء منذ ربع قرن تقريبا.

وبينما وافقت 18 دولة اوربية من اصل 27، على الاتفاقية التي سُميت معاهدة لشبونة تأمل الحكومة الايرلندية اعادة التصويت نظراً لضيق الفارق بين الرافضين والموافقين.

وتهدف معاهدة لشبونة الى تعزيز عمليات اتخاذ القرار في الاتحاد الاوربي بعد خطوات متوالية للتوسعة فيما يثير رفض ايرلندا الشكوك حول مستقبل المعاهدة التي يجب ان تصدق عليها كل الدول الاعضاء في الاتحاد الاوربي.

وواجه رئيس الوزراء الايرلندي براين كوين سيلا من الانتقادات بعد رفض الناخبين المدوي لمعاهدة لشبونة بينما عبر نظراؤه الاوروبيون عن اسفهم وتصميمهم على المضي قدما في عملية المصادقة على النص.

وكتبت صحيفة "ايريش اندبندنت" تحت عنوان "كابوس كووين" ان رئيس الوزراء فشل في اول اختبار له بعد شهر من توليه هذا المنصب.

وقد تولى كووين رئاسة الحكومة في السابع من ايار/مايو خلفا لبيرتي اهيرن الذي اجبر على الاستقالة بسبب الاشتباه بتورطه في قضية فساد.

من جهتها كتبت صحيفة "ايريش ديلي ستار" على صورة لرئيس الوزراء والدم يسيل على خده "صفعة كبيرة". اما صحيفة "ايريش ايكزامينر" فقد كتبت ان موقع كووين ليس مهددا لان المعارضة لن تطلب رؤوسا بما انها دعمت المعاهدة.

ولا يؤثر رفض الايرلنديين المعاهدة (53,4% ضدها مقابل 46,6% ايدوها) على عملية المصادقة عليها التي تمت في 18 بلدا من الدول الـ27 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي. وفي مواجهة هذا الفشل تناولت المناقشات في دبلن امكانية تنظيم استفتاء ثان.

وكان الايرلنديون رفضوا في 2001 معاهدة نيس الاوروبية. لكن السلطات قررت تنظيم اقتراع ثان بعد عام اثر حصولها على ضمانات من المفوضية الاوروبية لاحترام الحياد العسكري للجزيرة. ووافق الناخبون الايرلنديون بعد ذلك على النص.

وكتبت صحيفة "الاندبندنت" ان الخيار الممكن الوحيد لكووين هو الدعوة الى استفتاء في الخريف، بينما رأت "ايريش ايكزامينر" ان هذا الخيار مثيرا للسخرية.

وكان كووين صرح ردا على سؤال عن امكانية تنظيم استفتاء ثان انه لا يستبعد اي خيار. لكن سكرتير الدولة للاستيعاب كونور لينيهان اكد انه يستبعد اجراء تصويت ثان.

وقال لشبكة التلفزيون العامة "ار تي اي" انه: لا يستطيع ان يرى وضعا نستطيع فيه تعريض هذا الموضوع للخطر لان اوروبا وايرلندا ستجازفان باحتمال التسبب بمزيد من الاضرار.

وذكر مراقبون ان السلطات لا تستطيع هذه المرة تبرير تنظيم تصويت ثان بنسبة المشاركة الضئيلة كما حدث في 2001 (35% في الاستفتاء على معاهدة نيس) اذ انها بلغت في استفتاء53% . بحسب فرانس برس.

وردا على سؤال لوكالة فرانس برس لم يرفض رجل الاعمال ديكلان غانلي احد اهم الرافضين للمعاهدة تنظيم استفتاء ثان شرط ان يتناول معاهدة جديدة مهمة وتعالج المشكلة الحقيقة وهي العجز الديموقراطي في الاتحاد الاوروبي.

من جهتها عبرت الدول الاوروبية عن اسفها لرفض الايرلنديين المعاهدة لكنها اكدت انها ستواصل عملية المصادقة رغم ذلك.

من جهته اكد رئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يونكر انه من الواضح ان المعاهدة لن تدخل حيز التنفيذ في الاول من كانون الثاني/يناير 2009.

واكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ضرورة مواصلة عملية المصادقة على معاهدة لشبونة الاوروبية بشكل لا يؤدي فيه الحادث الايرلندي الى ازمة.

رغم الرفض الايرلندي المعاهدة الأوروبية لم تمُت

وقال رئيس المفوضية الأوروبية خوزيه مانويل باروزو ان معاهدة لشبونة الخاصة بالاتحاد الاوروبي ما زالت حية وان الدول يجب ان تمضي قدما في التصديق عليها رغم رفضها في ايرلندا.

واضاف، ان رئيس الوزراء الايرلندي بريان كوين ينبغي ان يقدم أفكارا بشأن المضي قدما في قمة في بروكسل تبدأ الخميس القادم كي يمكن لزعماء الاتحاد الاوروبي السبعة والعشرين اتخاذ "قرارات مشتركة" خلال القمة التي تستمر يومين. بحسب رويترز.

وقال باروزو في مؤتمر صحفي: التصويت بالرفض في ايرلندا لم يحل المشاكل التي تهدف معاهدة لشبونة لحلها... تعتقد المفوضية الاوروبية ان عمليات التصديق الباقية يجب ان تستمر حسب المقرر. وأشار الى انه تم التصديق على المعاهدة بالفعل من جانب 18 دولة من دول الاتحاد الاوروبي السبعة والعشرين.

وتهدف معاهدة لشبونة الى تعزيز عمليات اتخاذ القرار في الاتحاد الاوروبي بعد خطوات متوالية للتوسعة. ويثير رفض ايرلندا الشكوك حول مستقبل المعاهدة التي يجب ان تصدق عليها كل الدول الأعضاء.

واعترف باروزو بأن حملة الرفض وجدت أسانيد قوية وقال انه يحترم النتيجة رغم انها تمثل أصوات جزء ضئيل من سكان الكتلة الذين يبلغ تعدادهم حوالي نصف مليار نسمة. وقال: كل الدول الأعضاء لهم بالضبط.. بالضبط نفس الاحترام.. وبالنسبة لي فان رأي ايرلندا يعتبر مثل رأي فرنسا.

الناخب الإيرلندي يصفع حكومته

وفي مؤتمر صحفي، قال رئيس وزراء ايرلندا كوين، إن النتيجة كانت خيبة أمل لزملائي في الحكومة ولي أيضاً، غير أنه رفض إعلان موت المعاهدة، مكتفياً بالإشارة إلى أن أيرلندا وأوروبا دخلتا بحاراً غير معروفة، في دلالة على حالة الغموض التي تخيّم على مستقبل الاتحاد.

وكان وزير العدل الأيرلندي، ديرموت أهيرن، قد قال لشبكات التلفزة المحلية إن شعب بلاده "قال كلمته" مشيراً إلى أن اتجاهات التصويت تميل لصالح رفض الإصلاحات التي باتت تعرف باسم "معاهدة لشبونة،" الأمر الذي دفع المراقبين لانتظار ما سيقرره قادة الدول الأوروبية حيال هذه التطورات.

وقال أهيرن: يبدو أن نتائج التصويت ستصب في مصلحة معارضة القرار في نهاية المطاف لأسباب لا يمكن حصرها.. لقد قال الشعب كلمته.

وسيكون على قادة الاتحاد الأوروبي الأن التفكير في خطوات بديلة، قد يكون منها دعوة الأيرلنديين إلى التصويت مجدداً أو العودة إلى التفاوض لوضع معاهدة جديدة قد يستغرق العمل عليها سنوات طويلة. بحسب (CNN).

يذكر أن أيرلندا هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي اشترطت إجراء استفتاء لتمرير الاتفاقية، في حين اكتفت سائر الدول بإقرارها من خلال مجالس النواب.

وتتركز اعتراضات الناخبين الأيرلنديين على تقليص عدد أعضاء المفوضية الأوروبية من 27 إلى 18 عضواً، معتبرين أن ذلك سيؤدي إلى الإضرار بمصالح الدول الصغيرة، مثل أيرلندا، ويلغي تمثيلها، إلى جانب رفض ربط قوة صوت الدولة خلال عمليات الاقتراع بحجمها الجغرافي أو السياسي.

خلفية معاهدة لشبونة ووضعها الحالي

ومن المقرر ان تحل معاهدة لشبونة، التى وقع عليها رؤساء الدول والحكومات الاعضاء فى الاتحاد الاوربى فى شهر ديسمبر الماضى، محل  دستور الاتحاد الاوروبى غير الناجح والذى كان من المقرر ان ينظم  سياسات الكتلة التى تتكون من 27 دولة ويحسن فاعليتها فى التعامل مع  التحديات المقبلة.  بحسب وكالة شينخوا.

ويجب ان يصدق على المعاهدة جميع الاعضاء الـ27 بالاتحاد الاوروبى قبل ان تدخل حيز التنفيذ والذى من المقرر ان يكون فى الاول من يناير  2009. وحتى الآن، وافق 17 بلدا على الوثيقة من خلال تصويت اجرى  بالبرلمان.

وهنا نرى تفاصيل عن الدول التى صدقت على المعاهدة في أوربا ومنها النمسا، حيث أجاز البرلمان التصديق بـ151 صوتا مقابل 27 صوتا فى  التاسع من أبريل. 

أما في بلغاريا، وافق البرلمان البالغ عدد مقاعده 240 على المعاهدة فى 21 مايو بموافقة 193 نائبا مقابل 16 نائبا. وفي الدنمارك حيث صدق البرلمان على المعاهدة بأغلبية 90 مقابل 25 فى  24 أبريل.

في فرنسا صدق مجلس النواب بالبرلمان على المعاهدة فى السابع من  فبراير بـ336 صوتا مقابل 52 صوتا، بعدما رفضت فرنسا لحوالى ثلاث  سنوات دستور الاتحاد الاوروبى السابق فى استفتاء. 

أما في المانيا صوت مجلس الشيوخ بالبرلمان على التصديق على المعاهدة  فى 23 مايو بالرغم من ان ولاية - مدينة برلين امتنعت عن التصويت بسبب خلاف داخل ائتلافها الحاكم. فى حين صوتت جميع الولايات الاتحادية  الـ15 الاخرى فى المانيا لصالح التصديق على المعاهدة. 

والمجر كانت اول دولة بالاتحاد الاوروبى تصدق على المعاهدة فى  تصويت اجرى بالبرلمان فى 17 ديسمبر 2007. ووافق المشرعون المجريون  على المعاهدة بـ325 صوتا مقابل خمسة اصوات، فى حين امتنع 14 عن  التصويت فى البرلمان الذى يضم 386 عضوا.  ولاتفيا وافقت على المعاهدة فى الثامن من مايو. وليثوانيا وافقت على المعاهدة فى الثامن من مايو. 

أما لوكسمبورج، فصدق البرلمان على المعاهدة فى 29 مايو. ومالطا صدق فيها البرلمان بالاجماع على المعاهدة فى 29 يناير. البرتغال اجرى البرلمان تصويتا للتصديق على المعاهدة فى 23  أبريل. أيضا رومانيا صدق البرلمان على المعاهدة فى الرابع من فبراير. 

وساند المعاهدة 387 نائبا وعارضها نائب واحد. وفي سلوفاكيا وافق البرلمان على المعاهدة فى العاشر من أبريل بعدما سحب حزب المعارضة تهديده بعرقلة التصديق. وأخيرا سلوفينيا حيث صدق البرلمان على معاهدة الاصلاح فى 29 يناير.  

من جانب آخر فالبلدان التى ستكمل العمليةهي: استوانيا حيث وافق البرلمان على المعاهدة بـ91 صوتا مقابل صوت  واحد فى 11 يونيو. ويتعين على الرئيس توماس الفيس التوقيع على تصديق  البرلمان فى غضون اسبوعين. وفنلندا التي وافق البرلمان على المعاهدة فى 11 يونيو بـ151 صوتا مقابل 27 صوتا معارضا. وسيتم الانتهاء من العملية عندما توقع الرئيسة تاريا عليها بموجب القانون.

وبولندا حيث وافق مجلسا البرلمان على المعاهدة فى شهر أبريل. غير  أن الرئيس ليخ كازينسكى لم يوقع بعد على المعاهدة لاستكمال المرحلة  النهائية فى عملية التصديق.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت  21/حزيران/2008 - 17/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م