ثورة الوقود وغموض مستقبل الاقتصاد الامريكي

اعداد: ميثم العتابي

 

شبكة النبأ: خلّف ارتفاع معدلات اسعار النفط عالميا أثرا واضحا على جميع الدول، والمخيف في الأمر حين تكون كبريات الدول هي التي تتأثر بشكل مباشر، فالحال هذه كيف ستكون الدول الفقيرة في مطلع قرنٍ ينظر إليه على انه بداية لعصر الجوع والفقر العالمي.

الولايات المتحدة الامريكية ومخاوف الشعب التي تستفيق يوما بعد يوم على تأجج الاسعار، وشحة الوقود، وتقلبات المناخ، والتضخم الحاصل في السياسة الاقتصادية الامريكية.

(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي الذي أعدته لكم عن الوضع الداخلي في الولايات المتحدة ومدى انعكاس الازمة النفطية العالمية على الشارع الامريكي. هذا إلى جانب عرض بعض الاحتجاجات في بلدان اوربية:

مستقبل الولايات المتحدة الامريكية وثورة البنزين

يمثل يوم الذكرى الذي يحتفل به الأميركيون في آخر يوم اثنين من شهر أيار/مايو من كل عام، البداية غير الرسمية لفصل الصيف، ويعتبر، بالنسبة للكثيرين منهم، بداية موسم الإجازات والسفر.

وما أن تصرف المدارس تلامذتها في العطلة الصيفية حتى تنطلق العديد من الأسر الأميركية في إجازاتها السنوية ومعظمها تستقل سياراتها إلى الشواطئ والمنتجعات؛ حيث تقدر الرابطة الأميركية للسيارات أن 31.7 مليون أميركي قطعوا 80 كيلومترا أو أكثر خلال العطلة الممتدة من 24 إلى 26 أيار/مايو.

ومع ذلك، يظل هذا العدد أقل مما كان عليه في العام 2007. فمع ارتفاع أسعار البنزين إلى مستويات قياسية، بات العديد من الأميركيين يعيدون النظر في خطط سفرهم. وتقول الرابطة الأميركية للسيارات إن عدد الذين سافروا في إجازات خلال عطلة يوم الذكرى هذا العام أقل من العام الماضي. وهذا هو أول انخفاض تشهده أميركا في عدد المسافرين في إجازاتهم منذ هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر الإرهابية.

وقد أثر غلاء البنزين على السفر البري والجوي على حد سواء. فمع تجاوز سعر برميل النفط أرقامه القياسية، تواجه شركات الطيران زيادة كبيرة في تكاليف وقود الطائرات الأمر الذي اضطرها إلى رفع أسعار تذاكر السفر والحد من الخدمات التي تقدمها. وتخلف الأسعار المرتفعة للبنزين والنفط آثارا بالغة على جيوب الأميركيين بطرق أخرى أيضا. بحسب موقع يو اس انفوز.

وتقدر الرابطة الأميركية للسيارات كلفة البنزين العادي بـ3.80 دولار للغالون الواحد، وهذا يمثل ارتفاعا بنسبة 19 في المئة عما كان عليه في شهر أيار/مايو، 2007، وأكثر مما كان عليه منذ خمسة أعوام بأربعة أضعاف. أما تكلفة الغالون من زيت الديزل، المستخدم في تشغيل معظم الشاحنات، فقد بلغت 4.54 دولار للغالون الواحد. فكلما زادت تكلفة تعبئة خزان البنزين في الشاحنة، كلما قفزت تكاليف نقل البضائع، ولاسيما منها المواد الغذائية إلى الأسواق. وهذا يعني أن الأميركيين حين يدفعون المزيد على البنزين فإنهم أيضا يدفعون أكثر على التبضع من البقالات.

ويعول الناخبون على المرشحين الطامحين في الفوز بمناصب عامة على كل المستويات في إيجاد حلول للتحكم في الأسعار المرتفعة للبنزين والمواد الغذائية.

وقد طرح المرشحون للرئاسة، بناء على ما لمسوه من الناخبين الذين يشعرون بدواعي القلق إزاء مستقبل الاقتصاد والبيئة الذين تحدثوا إليهم، عددا من الحلول القصيرة الأجل والطويلة الأجل للتخفيف من تأثيرات ارتفاع أسعار البنزين.

فقد اقترح كل من المرشح الجمهوري المفترض السيناتور جون ماكين وعضو مجلس الشيوخ من الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، التوقف عن استقطاع الضريبة الفدرالية على البنزين بقيمة 18.4 سنتا خلال فصل الصيف حين يأخذ الأميركيون إجازاتهم السنوية قائلين إن من شأن ذلك أن يخفف على الأميركيين بعض الشيء.

أما المعارضون لهذا الاقتراح، ومنهم عضو مجلس الشيوخ باراك أوباما الطامح للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي له، فيقولون إن إلغاء ضريبة الوقود الفدرالية لن يوفر على الأميركيين سوى مبلغ زهيد من المال لا يستحق الذكر.

ويذكر أوباما، الذي اتهم ماكين وكلينتون بأنهما يساندان تعليق الضريبة الفدرالية على البنزين لأغراض سياسية ولهدف في نفس يعقوب، أن الخطة لن توفر للأميركيين سوى بضعة دولارات على حساب استنزاف الاعتمادات اللازمة لإصلاح الطرقات.

وقد اقترح كل من المرشحين الطامحين للفوز بالرئاسة طرقا مختلفة لتقليل الاعتماد الأميركي على النفط الأجنبي الذي يبلغ حاليا حوالى 60 في المئة من النفط المستخدم في الولايات المتحدة. وتتضمن هذه المقترحات إيجاد سبل لتشجيع الشركات على تطوير أنواع الوقود البديل التي من شأنها أن تحد من استخدام النفط وتساعد البيئة.

ومع تنامي الشعور بالإحباط لدى الناخبين إزاء ارتفاع أسعار البنزين، طلبت اللجان القضائية في مجلسي الشيوخ والنواب من كبار المسؤولين التنفيذيين في شركات النفط الأميركية تقديم تفسير لهذا الارتفاع في تكاليف النفط.

ويفسر المسؤولون في شركات النفط سبب هذا الارتفاع على أن الطلب العالمي على النفط يزداد بصورة مطردة بينما تظل مخزونات النفط محدودة.

وقد أجاز الكونغرس قانونا يقضي بالتوقف عن تعبئة خزانات الاحتياطي الاستراتيجي القومي من البترول، وهو قانون يقول الكونغرس إنه سيرفع كمية العرض.

يذكر أن خزانات المخزون الاحتياطي من النفط، وهو أكبر مخزون من النفط للحالات الطارئة في العالم، تعتبر معبأة بنسبة 97 في المئة.

ووقع الرئيس بوش على مشروع القانون رغم انتقاده له قائلا إنه لن يكون له أي أثر على أسعار البنزين ليصبح قانونا ساري المفعول. ولن تتم معاودة تعبئة خزانات الاحتياطي الاستراتيجي القومي حتى تستقر أسعار النفط عند/أو دون الـ75 دولار للبرميل الواحد لمدة 90 يوما على الأقل.

وأصدر مجلس النواب مؤخرا مشروع قانون يطالب وزارة العدل بمقاضاة منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) على قيامها بالحد من الإمدادات والتعاون على تحديد الأسعار. ولم يصوت بعد مجلس الشيوخ على هذا القانون.

وقد هدد بوش باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد التشريع، معتبرا أن من شأنه أن يحفز على اتخاذ إجراءات انتقامية ضد الولايات المتحدة. ولا بد من التصويت على القانون بأغلبية الثلثين في مجلسي النواب والشيوخ لكي يتم تجاهل اعتراض الرئيس على مشروع القانون ليصبح قانونا ساري المفعول.

ورغم أن قادة الحزبين ساعدوا في إصدار هذا التشريع، إلا أن أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي يختلفون على الطرق الأخرى الكفيلة بحل المشكلة.

تراجع واضح في حركة التنقل بالسيارات

لاول مرة منذ نحو 30 عاما بدأ الاميركيون يستخدمون اقل سياراتهم كما اظهرت احصائيات اولية للادارة الفدرالية للطرقات السريعة التي اشارت الى تراجع بنسبة71 بالمئة في عدد الاميال المقطوعة من قبل مستخدمي السيارات في كانون الثاني/يناير 2008 مقارنة بالفترة ذاتها من 2007.

ويتجه سعر غالون البنزين (783 لترات) الاقل سعرا من اوروبا بسبب ضعف الرسوم لتجاوز مستوى اربعة دولارات كمعدل وطني. وارتفع سعره 59 سنتا في غضون شهرين.

وبذلك ارتفع سعر ملء خزان سيارة دفع رباعي تستهلك 12 لترا في المئة كلم من 71 دولارا في شباط/فبراير الى 84 دولارا في بداية ايار/مايو. بحسب فرانس برس.

وقال مايكل موريس من ادارة معلومات الطاقة: ان ارتفاع اسعار البنزين يدفع اصحاب السيارات الى الاقتصاد والقيادة لمسافات اقل واللجوء الى وسائل نقل اقل استهلاكا.

كما سجلت ارقام استهلاك البنزين تراجعا في الفصلين الاخيرين وهو تراجع لم تشهده الولايات المتحدة منذ 1991. وتراجع الاستهلاك خلال الاشهر الاولى من 2008 بنسبة 60 بالمئة وهو تراجع يتوقع ان يتواصل هذا الصيف مقارنة بصيف 2007 بحسب الوكالة الفدرالية لادارة معلومات الطاقة.

ويؤكد ثمانية من كل عشرة اميركيين (78 بالمئة) ان ارتفاع اسعار البنزين لا يندرج ضمن التقلبات الظرفية بحسب تحقيق ل "يو اس اي توداي غالوب" والذي انجز في الفترة من 2 الى 4 ايار/مايو.

وفي 2005 كان 36 بالمئة من الاشخاص يعتقدون ان اسعار البنزين ستنخفض. اما اليوم فان اغلبية من 54 بالمئة تعتقد ان سعر البنزين سيبلغ في غضون خمس سنوات 6 دولارات للغالون.

وقال دوغ هيكوكس من الادارة الفدرالية للطرقات السريعة: ان الناس بدأوا يقدرون مزايا التعاون في النقل واضحى هناك اهتمام متزايد بتطوير النقل العام.

واظهرت دراسة حديثة بين اعضاء الجمعية الاميركية للسيارات في شيكاغو ان 76 بالمئة منهم يحاولون تقليص عدد الرحلات بالسيارة للقيام بمشترياتهم في حين اكد 24 بالمئة انهم عدلوا وبعضهم الغوا رحلات السيارة اثناء فترة العطل.

وقالت متحدثة باسم الجمعية لصحيفة "شيكاغو تريبيون" مؤخرا ان تجميع التنقلات بالسيارة للقيام بالمشتريات لا يعني الكثير ما عدا اثناء عطلة نهاية الاسبوع حين يتم استخدام السيارة لزيارة الاسرة او حضور حدث رياضي او للذهاب الى الكنيسة او للمرور بالسوبرماركت.

وتعج الصحف والمواقع الالكترونية بالنصائح الخاصة باستخدام السيارة بطريقة اقتصادية وبالمواقع التي تعرض مواقع محطات البنزين الاقل سعرا في المنطقة. وتضاعف عدد مرتادي بعض هذه المواقع خلال عام.

شركات طيران تصارع في سبيل مواكبة ارتفاع الأسعار

قالت أكبر ثلاث شركات طيران في الولايات المتحدة إنها رفعت أسعار التذاكر مرة أخرى، بنحو 20 دولار، لمواكبة كلفة الوقود المتصاعدة.

والزيادة الجديدة، التي أقرتها كل من "أميركان أيرلاينز" و"يونايتد أيرلاينز" و"دلتا أيرلاينز"، ستكون على رسوم الوقود، والتي تبلغ الآن 130 دولار لكل رحلة ذهاب وإياب، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع الرسوم والضرائب لأكثر من كلفة السفر نفسه.

وبدأت "دلتا أيرلاينز" بهذه الزيادة، والتي سيتم تطبيقها على معظم الرحلات داخل الوليات المتحدة، وهذه هي الزيادة الثانية خلال أسبوع، والتي تبعتها فيها معظم الشركات المنافسة.

وقال بيتس تالتون الناطقة باسم "دلتا" إن: الزيادة جاءت نتيجة أوضاع السوق الحالية، وأسعار التذاكر تعكس الكلفة المرتفعة. بحسب الأسوشيتد برس.

وتتسابق شركات الطيران لرفع أسعار التذاكر، بحجة ارتفاع الكلفة، وتعمد إلى رفع رسوم كثيرة مثل الرسوم على الأمتعة الزائدة، وصالات الانتظار وغيرها، وحقيقة الأمر أن تلك الشركات تصارع لمواكبة أسعار الوقود، إذ يعد الكلفة الأكبر لشركات الطيران.

وارتفع سعر وقود الطائرات بشكل متسارع، تبعا لارتفاع أسعار النفط الخام، ووصل سعر غالون الوقود في بورصة نيويورك نحو 3.57 دولارات، وهو أعلى بنحو 78 في المائة من سعره في نفس الفترة من العام الماضي. بحسب (CNN).

ويتوقع محللون أن تسجل كثير من شركات الطيران خسائر هذا العام، بعد أن كانت تحاول الإبقاء على الطلب رغم الكلفة المرتفعة، دون اللجوء إلى رفع الأسعار.

ويقول جيوفاني بيسيغناني مدير مجموعة العاملين في قطاع النقل الجوي "سأقول لرؤساء شركات الطيران إن عليكم ربط الأحزمة والاستعداد لرحلة مليئة بالمطبات هذا العام."

أوباما يشير إلى اقتناء سيارات صديقة للبيئة

قال الديمقراطي باراك اوباما ان الامريكيين سيبدأون في تغيير انواع السيارات الفارهة التي يقودونها اذا واصلت اسعار البنزين ارتفاعها.

وقد جعل سناتور ايلينوي الاوفر حظا في الفوز بترشيح حزبه للانتخابات الرئاسية مكافحة التغير المناخي قضية رئيسية في حملته. ومع ارتفاع اسعار الوقود فقد طالب مرارا صانعي السيارات بزيادة معايير كفاءة استهلاك الوقود. بحسب رويترز.

ودون ان يبلغ الامريكيين تحديدا بالتوقف عن شراء المركبات ذات التجهيزات الرياضية التي تلتهم البنزين قال اوباما ان اسعار الوقود المرتفعة ستؤدي الى تحول.

وقال للصحفيين على متن طائرة حملته الانتخابية: لقد شاهدنا ذلك هذا الفصل. الناس يغيرون سلوكهم وقد شهدنا انخفاضا في مبيعات السيارات ذات التجهيزات الرياضية والشاحنات الكبيرة وزيادة كبيرة في (مبيعات) كل من السيارات متوسطة وصغيرة الحجم.

كما أوضح اوباما: لقد قاموا بعمل افضل في الاستثمار مما قاموا به في الماضي. لايزال هناك مزيد من العمل يتعين فعله ويجب على الحكومة الاتحادية مساعدتهم لفعله.

ويمتلك أوباما الذي يقضي معظم وقته مسافرا في مختلف انحاء الولايات المتحدة على طائرة وفي سيارات يقودها حراسه، سيارة صديقة للبيئة.

الامريكيون بدأوا يخفضون من استهلاك الوقود والطعام

مع ارتفاع أسعار البنزين والغذاء بالولايات المتحدة يقول المستهلكون الامريكيون انهم يقللون ساعات القيادة لكن لا يمكنهم خفض كميات الطعام حسبما أفاد استطلاع جديد للرأي.

وقال نحو نصف الذين شاركوا في الاستطلاع الذي أجري بالتعاون بين رويترز ومؤسسة زغبي انهم يقللون ساعات القيادة لتعويض ارتفاع اسعار البنزين والتي بلغت متوسطا قياسيا وصل الى 3.8 دولار للجالون حسبما ذكر نادي السفر ايه.ايه.ايه.

وأضاف الاستطلاع أن ثمانية بالمئة فقط من المشاركين بالاستطلاع الوطني وعددهم 1076 قالوا انهم يأكلون كميات أقل بوجه عام لمواجهة ارتفاع اسعار الغذاء. بحسب رويترز.

وتدعم أرقام الانفاق الخاص نتائج الاستطلاع بشأن الطلب على البنزين. وقالت شركة ماستركارد ادفايزورز ان السائقين الامريكيين استهلكوا بنزينا أقل بنحو سبعة بالمئة في الاسبوع الذي انتهى في 16 مايو ايار وذلك قياسا الى الاسبوع ذاته من العام 2007.

وأضافت ماستركارد ادفايزورز التابعة لمؤسسة ماستركارد والتي ترصد الطلب الاسبوعي عن طريق حجم المبيعات عبر شبكات السداد التابعة لها ان الامريكيين اشتروا منذ مطلع العام بنزينا اقل بنسبة 1.5 بالمئة مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي.

وفي مواجهة ارتفاع اسعار الغذاء بدأ الناس يغيرون عاداتهم لكنهم لايزالون يستهلكون الكمية ذاتها من الاطعمة تقريبا.

وقال نحو 15 في المئة من المشاركين في الاستطلاع انهم يأكلون كميات أقل من الاغذية مرتفعة الثمن. وقال عدد مماثل تقريبا انهم يستخدمون كوبونات لخفض التكاليف.

وأفاد نحو 33 في المئة أنهم يستوعبون ارتفاع تكاليف الغذاء دون أي تغيير في أنماطهم الحياتية بينما قال نحو 18 في المئة فحسب انهم يستوعبون الزيادة في اسعار الوقود.

وقال أكثر من خمسة بالمئة انهم حصلوا على مزيد من القروض الشخصية لمواجهة ارتفاع تكاليف الطاقة بينما قال أقل من خمسة بالمئة انهم يقترضون لمواجهة ارتفاع تكاليف الغذاء.

في بريطانيا احتجاجات واسعة على ارتفاع أسعار الوقود

شارك المئات من سائقي الشاحنات، الغاضبين بسبب الارتفاع الحاد في أسعار الوقود في بريطانيا، في احتجاجات واسعة النطاق تجري في العاصمة لندن وعلى طول طريق إم فور (M4) السريع في ويلز.

ويقول السائقون إن أسعار الديزل تجاوزت حاجز الـ 120 بنسا (1.2 جنيها إسترلينيا) للتر الواحد، يُضاف إلى ذلك الارتفاع الذي شهدته ضريبة الوقود بمقدار 2 بنسا، الأمر الذي يرون أنه قد يدفع الشركات إلى "وضع لا تُحسد عليه".  ويطالب المحتجون بتقديم حسم كبير لسائقي الشاحنات على أسعار الوقود.

تأتي هذه التطورات في الوقت الذي يستعد فيه أليستر دارلينج، وزير الخزانة البريطاني، للاجتماع بأعضاء مجلس العموم (البرلمان) المهتمين بمتابعة الخطط الحكومية الرامية لزيادة ضريبة الطرقات على السيارات القديمة والتي تسبب تلوثا أكثر للبيئة.

ويقول بيتر كارول، رئيس شركة نقل بريطانية: ان الشيء الرئيس الذي نأمل تحقيقه هو جعل الحكومة تعترف أن هذا (ارتفاع أسعار الوقود) إما ليس بمشكلة أو أنه مشكلة كبيرة. وفي الواقع إنه بمثابة أزمة حقيقية.

وكان 35 نائبا عماليا قد وقعوا على عريضة تدعو وزارة الخزانة لإعادة النظر بخططها بهذا الشأن، محذرين من أن الحكومة قد تخسر المزيد من دعم الناخبين بسبب هذه القضية.

وأفادت التقارير بأن قافلة من الشاحنات، يتصدرها سائقون من مقاطعة كينت، قد بدأوا بالفعل بشق طريقهم إلى وسط العاصمة لندن قبل أن يسلموا عريضة احتجاج إلى مقر رئيس الحكومة في 10 داوننج ستريت.

وقد نبهت السلطات المختصة إلى أن الاحتجاجات قد تتسبب بأزمة سير خانقة في بعض المناطق، وبالتالي على سائقي السيارات أن يتوقعوا حدوث تأخير كبير في رحلاتهم.

أما في ويلز، فقال المنظمون إن حوالي 100 سائق شاحنة قد تعهدوا بالمشاركة في مسيرة احتجاجية لمسافة 60 ميلا تبدأ من "كروس هاندز" بالقرب من ليانيللي وتنتهي في منطقة سينيد في خليج كارديف، حيث سيقوم المشاركون أيضا بتسليم عريضة إلى السلطات المختصة هناك احتجاجا على ارتفاع أسعار الوقود. تضاعفت تقريبا أسعار البنزين والديزل في بريطانيا خلال السنوات الست الماضية

وقال مايك بريسنيل، من مؤسسة "ترانساكشين 2007" التي تنظم الاحتجاج في لندن، إن أسعار الوقود ترتفع بشكل صاروخي. أما الحكومة، فلديها الصلاحيات لاتخاذ إجراءات، لكنها تبدو وكأنها لا تصغي. إن المئات من شركات النقل البريطانية تُدفع باتجاه جدار مسدود.

ويُذكر أن أسعار البنزين والديزل في بريطانيا ارتفعت إلى حوالي الضعف خلال السنوات الست الماضية، إذ قفز سعر البنزين الخالي من الرصاص من 68 بنسا للتر عام 2002 إلى أكثر من 115 بنسا عام 2008، بينما ارتفع سعر الديزل من 72 بنسا إلى 126 بنسا خلال نفس الفترة.

وتتعرض الحكومة البريطانية إلى ضغوط متصاعدة بشأن ارتفاع أسعار الوقود والخطط الرامية لزيادة ضريبة استخدام الطرقات العامة من قبل السيارات المسجلة من تاريخ 2001، والتي تنفث نسبة أعلى من الغازات الملوثة للبيئة.

العودة الى وسائل النقل العام

منذ ارتفاع سعر البنزين تدفق الركاب فجأة على وسائل النقل العام في الولايات المتحدة التي يستخدم فيها واحد من ثمانية اميركيين عادة سيارته الخاصة للتوجه الى عمله ولا يلقى فيها النقل العام اقبالا.

وفي كافة المدن الاميركية شهدت اسعار مترو الانفاق والقطارات والحافلات ارتفاعا كبيرا في عدد الركاب في حين ارتفع سعر البنزين من ثلاثة دولار الغالون (3,78 لتر) في كانون الثاني/يناير الى نحو اربعة دولار في نهاية ايار/مايو.

وحتى الان وبينما ازداد التردد على وسائل النقل العام بنسبة 30% مقارنة بالسنوات الاثنى عشر الماضية ما زالت اغلبية واسعة من الاميركيين (76%) يستخدمون سياراتهم للتوجه الى عملهم في حين يفضل 11% منهم تقاسم سياراتهم ويركب منهم 5% المترو حسب معطيات مكتب الاحصائيات. بحسب فرانس برس.

لكن منذ بداية السنة تواجه اجهزة النقل العمومي ارتفاعا في نشاطها. وهذا الامر ينطبق على سياتل (واشنطن) ودالاس (تكساس) وسان فرانسيسكو.

وفي نيويورك يشهد مترو الانفاق الذي يعود الى مئة سنة وينقل نحو خمسة ملايين راكب يوميا تدفقا اضافيا للركاب بنسبة 5% منذ كانون الثاني/يناير.

وفي لوس انجليس يكتشف السكان المترو. وقد اصبح 14% منهم يركبونه منذ ثلاثة اشهر حسب ارقام المترو البلدي.

وفي منطقة واشنطن نقل المترو الذي بني قبل 32 سنة اكثر من 800 الف راكب يوميا خلال الاشهر القليلة الماضية رغم ارتفاع اسعاره كثيرا، وهو نشاط نادر لم يشهد له مثيل خلال السنوات الاخيرة الا في كبرى التظاهرات او الاحداث الرياضية.

واعلنت ادارة مترو العاصمة انها تعد لخطة طارئة لتلبية الطلب المتزايد اذا ارتفعت اسعار البنزين الى خمسة دولار الغالون.

وتساءل مدير مترو واشنطن جون كاتوي امام مجلس ادارته: اذا بلغ سعر البنزين خمسة دولار او حتى ستة كيف سينعكس على قدرتنا في النقل؟ سنشهد يومها تدفقا كثيفا من الركاب الذين يتخلون عن السيارة لركوب وسائل النقل بسبب تكاليفها.

واقترح كاتوي بعض الافكار بانتظار القيام بالاستثمارات الضرورية المكثفة. وقال: قد نطلب من الموظفين العمل حسب جدول زمني اكثر مرونة، لاستخدام النقل في اوقات لا يكثر فيها الازدحام.

وافاد استطلاع للرأي اجرته واشنطن تايمز ان اغلبية كبيرة من الاميركيين (70%) تتوقع ان يتجاوز سعر غالون البنزين عتبة الخمسة دولار بحلول نهاية الصيف. ويقول معظمهم انهم قلصوا المسافات التي يقطعونها بالسيارة من باب التوفير.

وافادت ارقام وزارة النقل في اذار/مارس انه للمرة الاولى منذ ثلاثة سنين قطع الاميركيون مسافة اقل بالسيارة: ناقص 11 مليار ميل (الميل يساوي 1,6 كلم) اي بتراجع نسبته نحو 4,3%

واصبحت شركات النقل العام تروج لتوفير الطاقة التي تمثلها كما هو الحال في نيويورك حيث تقوم مديرية مترو الانفاق بحملات دعائية لبيع تذاكر النقل وتثني على الراكب الذي يساهم في الحفاظ على البيئة بركوبه المترو.

وافادت جمعية النقل العمومي الاميركية ان استخدام وسائل النقل العمومية ادت الى خفض بنحو 37 طنا سنويا من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الولايات المتحدة اي ما يعادل كمية من الكهرباء يستهلكها 4,9 مليون منزل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس  19/حزيران/2008 - 15/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م