اعصار التضخم يضرب دول الخليج

اعداد/صباح جاسم

 

شبكة النبأ: بعدما تصاعدت الاصوات الداعية الى فك الارتباط مع الدولار في بعض دول الخليج ملقية اللوم عليه في زيادة التضخم ظهرت في الأفق نتائج دراسات اقتصادية تبين ان رفع قيمة العملات او فك ربطها بالدولار الضعيف لايمكن ان يخفف الضغوط التضخمية على دول مجلس التعاون الخليجي إلا اذا صاحب ذلك خفض في الانفاق وتشديد للسياسات النقدية الداخلية.

ويمثل التضخم تحديا رئيسيا في المنطقة حيث تقوم حكومات الدول التي تربط عملاتها بالدولار بزيادة الاجور والدعم وتفرض قيوداً على الاسعار كما تشدد القيود على الإقراض لتخفيف أثر الزيادة في الاسعار.

وقال عبد الحليم المحيسن رئيس ادارة الدراسات بالاتحاد الخليجي لغرف التجارة إن من المتوقع أن يرتفع التضخم في دول المجلس نحو ثلاث نقاط مئوية في العام 2008 وأن يواصل الصعود لسنوات.

وأبلغ المحيسن رويترز، نتوقع أن يرتفع معدل التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي بما يتراوح بين نقطتين وثلاث نقاط مئوية في 2008 مقارنة بمستواه في 2007.. في قطر مثلا يتوقع أن يصل التضخم الى ما بين 16 و17 بالمئة في 2008 من 13.7 في المئة في 2007. والكويت هي البلد الوحيد ضمن مجلس التعاون الخليجي الذي لم يعد يربط عملته بالدولار.

وقال المحيسن، من الصعب تخفيض معدلات التضخم أو السيطرة عليها في المستقبل القريب وذلك بسبب التأثير البالغ للعوامل الخارجية، مستشهدا بالسعودية حيث تأتي 70 في المئة من الضغوط التضخمية من الخارج. بحسب رويترز.

وارتفع التضخم في السعودية صاحبة أكبر اقتصاد عربي الى 9.6 بالمئة في مارس اذار مسجلا أعلى مستوى منذ السبعينات.

وتضغط زيادة اسعار الغذاء وتراجع الدولار على دول مجلس التعاون وبدأت قطاعات كبيرة من السكان تشعر بوطأة الزيادة العالمية في اسعار المواد الغذائية في وقت ارتفعت أسعار النفط الى نحو ستة أمثالها في زهاء ست سنوات.

وأثار ارتفاع الاسعار وتراجع القوة الشرائية أعمال شغب من جانب عمال مهاجرين في الامارات العربية المتحدة.

وقال المحيسن انه على الرغم من أن اصلاح العملة يمكن ان يسهم في تخفيف التضخم الا أنه لن يحل المشكلة التي يغذيها الى حد كبير ارتفاع اسعار الغذاء العالمية.

واضاف، سوف يستمر الطلب الداخلي في الارتفاع بسبب ارتفاع اسعار النفط مما سوف يزيد من الضغوط التضخمية. من المتوقع اذن أن يستمر التضخم في الارتفاع في السنوات القليلة القادمة.

وتابع، لا يمكن لرفع قيمة العملات الخليجية أو فك الربط بالدولار الحد من التضخم ما لم يصاحب هذه الاجراءات حزمة كاملة من الاجراءات الاخرى التي يجب أن تتضمن تشديد السياسة النقدية والحد من الانفاق الحكومي.

وفي الكويت التي فكت ربط عملتها بالدولار في مايو ايار 2007 وسمحت لها بالارتفاع نحو تسعة بالمئة ارتفع التضخم الى أكثر من مثليه في سبعة أشهر حتى يناير كانون الثاني ليصل الى 9.5 في المئة.

الشرق الاوسط يكافح لإحتواء نسب التضخم القياسية

وأطلقت دول خليجية جهودا طارئة للسيطرة على الغلاء في حين بلغ معدل التضخم في مصر ذروته في 19 عاما مع ارتفاع أسعار الغذاء والوقود مما يهدد بالاضرار بنمو الاقتصاد واثارة استياء شعبي.

وتعتزم قطر تجميد أسعار الصلب والاسمنت لمدة ثلاث سنوات ومد أجل دعم الديزل في حين تستعد الكويت للكشف عن خطة عمل من أجل محاربة التضخم الذي بلغ وفقا لاحدث رقم متاح 10.14 في المئة مدفوعا بتكاليف الاسكان والغذاء.

ويفرض ارتفاع التضخم الى مستويات قياسية تحديات هائلة في الشرق الاوسط مع بذل الحكومات جهودا مضنية لادارة اقتصادات منهكة أو تعمل بأكثر من طاقتها القصوى وتجنب استياء عام عميق على غرار الاضرابات والاحتجاجات التي شلت أوروبا جزئيا مؤخرا.

وفي الخليج يهدد التضخم بالحاق الضرر بنمو اقتصادي سريع واخراج خطط لاقامة وحدة نقدية عن مسارها في حين قد يفضي ارتفاع أسعار الغذاء في مصر الى زيادة الجوع. كما أعلنت ايران ارتفاع معدل التضخم الى 25 في المئة مما قد يقوض الدعم لحكومتها ذات التوجهات الشعبية.

والمثير للسخرية أن الاكثر انتفاعا من طفرة الطاقة، دول الخليج العربية المصدرة للنفط؛ يعانون من التضخم نظرا لاستيرادهم المزيد من المواد الغذائية ومع ارتفاع تكاليف الخرسانة والحديد والاسكان بفضل نمو اقتصادي قوي. بحسب رويترز.

وقال ماريوس ماراثفتيس مدير أبحاث المنطقة لدى بنك ستاندرد تشارترد في دبي: التضخم لايزال مشكلة بالنسبة لاستقرار الاقتصاد الكلي وهي مشكلة ينبغي معالجتها. من الناحية الايجابية فان من المعترف به على نطاق واسع الآن من قبل كل الجهات الرسمية أن هذه بالفعل مشكلة.

ويعرقل جهود دول الخليج في معركتها مع التضخم ربط العملات بالدولار المتراجع الذي يدفع تكاليف الواردات للارتفاع ويضطرها الى الاقتداء بقرارات خفض أسعار الفائدة الامريكية حتى مع ازدهار اقتصاداتها.

وأظهر أحدث مسح لرويترز أن التضخم في دول الخليج المنتجة للنفط سيرتفع على الارجح الى تسعة بالمئة على الاقل هذا العام مع صعود الايجارات وأسعار السلع الاولية وتراجع أسعار الفائدة مما يشجع الاقراض.

وبحسب بيانات رسمية ارتفعت أسعار المستهلكين في المدن المصرية 19.7 بالمئة على أساس سنوي في مايو أيار وهو أعلى مستوياتها في 19 عاما.

ويؤثر ارتفاع أسعار الغذاء في مصر أكبر بلد من حيث السكان في الشرق الاوسط على الفقراء بصفة خاصة نظرا لأن الكثير منهم ينفق أكثر من نصف دخله على الغذاء. وكانت استجابة مصر للازمة بنظام لبطاقات التموين.

وقال سايمون وليامز الخبير الاقتصادي لدى اتش.اس.بي.سي: هذه ليست مشكلة خليجية فحسب. نلحظ ضغوطا تضخمية متصاعدة في كل الاسواق الصاعدة والاسباب متماثلة عموما، فترة طويلة من النمو السريع في الطلب المحلي مع ارتفاع حاد في أسعار السلع الاساسية.

وفي الكويت الثرية أصبح التضخم سريعا أول اختبار حقيقي لاستجابة الحكومة الى مطالب مجلس الامة (البرلمان) منذ حله حاكم البلاد في وقت سابق هذا العام لانهاء جمود تشريعي.

وتدعو الحركة الدستورية الاسلامية في الكويت الحكومة الى زيادة دعم المنتجات الاساسية وضم المغتربين الى برامج المساعدة الحكومية والغاء رسوم استيراد المواد الغذائية ووضع استراتيجية لمعروض المواد الغذائية على مستوى البلاد.

وترتفع باطراد أسعار المستهلكين في ايران رابع أكبر بلد منتج للنفط في العالم يغذيها الاسراف في انفاق عائدات النفط وأسعار فائدة دون معدل التضخم بأشواط.

وبحسب أحدث أرقام البنك المركزي بلغ معدل التضخم السنوي 25.3 بالمئة في 20 من مايو ايار صعودا من 16.6 في المئة قبل عام.

وللمرة الاولى أعلنت البحرين أصغر منتج خليجي للنفط تكلفة جهودها لمحاربة التضخم قائلة انها تنفق 500 مليون دينار (1.33 مليار دولار) سنويا على دعم الغذاء والوقود.

معدلات التضخم بين التراجع والارتفاع عربيا

وتنعم الدول العربية بظروف اقتصادية مؤاتية تضمن لناتجها المحلي تجاوز مستوى ألفي بليون دولار بالأسعار الجارية في نهاية العام المقبل، ما يصل إلى نحو ضعفين ونصف ضعف ما كانت عليه عندما بدأت أسعار الخام بتحطيم الأرقام القياسية في 2003.

وعزا مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي محسن خان، هذا التطور المدهش إلى: تحسن الأوضاع الاقتصادية الكلية والتقدم المحرز في مسيرة الإصلاح الهيكلي في المنطقة، إضافة إلى عامل إيرادات النفط.

لكن تقريراً عن آفاق الاقتصاد الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى أصدره الصندوق مؤخرا كشف أن الناتج المحلي العربي تعرض للتشويه بسبب التضخم الذي لعب دوراً مؤذياً في زيادة أسعار السلع الاستهلاكية بمقدار الضعف في الدول العربية ككل، وبما يناهز7 أضعاف في مجلس التعاون الخليجي، في السنوات الخمس الماضية، ما حدا بالمسؤول الدولي إلى اعتبار احتواء التضخم أكبر التحديات التي تواجه دول المنطقة في المدى القصير.

وأوضح أن التضخم مبعث قلق للدول المصدرة للنفط التي تربط عملاتها بالدولار، ويجب التصدي لأخطاره ما دام التيسير النقدي سائداً في أميركا وسعر صرف الدولار في تراجع، لاسيما في حال استمرت تكلفة السلع المستوردة بالارتفاع، وحذر من أن المهمة لن تكون سهلة، أو حتى متاحة بسبب التضارب بين ضرورة تقييد الإنفاق لكبح جماح التضخم والحاجة المقابلة لزيادة الإنفاق على مشاريع البنية التحتية والبرامج الاجتماعية والأجور، لافتاً إلى أن بلداناً قد تضطر إلى تحمل مستويات مرتفعة من التضخم بصفة موقتة. بحسب تقرير واشنطن.

وتوقع خبراء الصندوق هبوط معدلات التضخم في اثنتين فقط من دول مجلس التعاون في 2008، من مستويات مرتفعة جداً، من 13.8 إلى 12 في المئة في قطر ومن 11 إلى 9 في المئة في الإمارات. فعلى رغم الانحسار المتوقع في هذين البلدين، فإن متوسط التضخم في المجلس مرشح للارتفاع بمقدار نقطة مئوية كاملة ليـصل إلى 7.1 في المئة، مستمداً قوته من زيادات محتملة تبدأ من نصف نقطة إلى أكثر من نقطتين في عمان والكويت والسعودية حيث ستزيد معدلات التضخم على 6 في المئة.

وتحرك معدل التضخم الخليجي بتسارع ملحوظ منذ كان لا يتجاوز 1.1 في المئة في 2003، ثم ضاعف وتيرة تسارعه في الشهور الأخيرة من 2007 متجاوزاً 6 في المئة.

وشملت التوقعات احتمال تراجع معدلات التضخم عن مستويات قياسية في العراق (من 30.8 إلى 15.9 في المئة) واليمن (من 12.5إلى 10.3 في المئة) في 2008، وكذلك استقرارها عند مستويات مرتفعة في مصر والسودان وسورية أو منخفضة في البحرين والمغرب، لكنها لم تستبعد احتمال التسارع الصعودي في بقية البلدان العربية، منها الأردن، حيث يتوقع أن يقفز مؤشر التضخم بصورة دراماتيكية إلى 10.9 في المئة، وليبيا (إلى 8 في المئة) ولبنان (5.5 في المئة) وتونس (4.7 في المئة).

وفرض التضخم نفسه بقوة على أهم مؤشرات الأداء الاقتصادي للدول العربية عبر قناة الأسعار، وتجلت آثاره في فارق ضخم بين الزيادة الإسمية المتوقعة في القيمة الإسمية للناتج المحلي والنسبة المتوقعة للنمو الحقيقي الذي يأخذ التضخم في الحسبان. فطبقاً لخبراء الصندوق يتوقع أن تصل القيمة الإجمالية للناتج العربي إلى 1.8 تريليون دولار بالأسعار الجارية في 2008، مرتفعة بنسبة تزيد قليلاً على 23 في المئة مقارنة بـ2007، بينما لا يتوقع أن تتجاوز نسبة النمو الحقيقي للاقتصادات العربية 6 في المئة في الفترة ذاتها.

كما تعتبر الزيادة الإسمية السنوية المتوقع أن تحققها الدول العربية في قيمة ناتجها المحلي هذه السنة، والبالغة 334 بليون دولار، الأضخم منذ 2003 وتعادل بمفردها نصف قيمة الناتج الفعلي في السنة ذاتها. لكن إيصال الناتج العربي إلى مستوى تريليوني دولار لا يحتاج إلى تحقيق أكثر من ثلثي هذه الزيادة وفي ظروف اقتصادية مواتية يتوقع صندوق النقد أن تستمر في المستقبل المنظور، إلا في حال طالت فترة التباطؤ الاقتصادي في الدول الصناعية

دول الخليج وزيادة التضخم بسبب العقار

وتوقع صندوق النقد الدولي أن تنجح دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مواصلة النمو رغم الأزمة العالمية، داعياً إلى ضرورة احتواء الضغوط التضخمية التي رجح أنها الخطر الأكبر على اقتصاديات المنطقة.

وقال محسن خان، مدير الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، إن التضخم في الخليج ناجم بشكل رئيسي عن ارتفاع أسعار العقارات وإيجارات المساكن، مشيراً إلى أن الربط بالدولار لم يؤثر كثيراً على التضخم، وأن فك هذا الارتباط أو تعديل أسعار الصرف سيكون له عواقب صعبة.

مواقف صندوق النقد جاءت في تقرير يحمل عنوان "آفاق الاقتصاد الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى،" عدد شهر مايو/آيار ٢٠٠٨، وقد عرضه خان وناقش بنوده في دبي.

وكان أبرز ما خلص إليه التقرير هو أن آفاق النمو على المدى القصير ما تزال مواتية إلى حد كبير في المنطقة، حيث يُتوقع أن يبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي حوالي ستة في المائة عام ٢٠٠٨، بانخفاض طفيف عن المعدل المحقق في عام ٢٠٠٧.

ولفت التقرير إلى أن ما تعرضت له الدول المتقدمة مؤخراً على صعيد تسجيل اضطرابات مالية، لم يكن له أثر يذكر في أي من بلدان المنطقة تقريبا، ويرجع كثير من الفضل في هذا الصمود إلى تحسن الأوضاع الاقتصادية الكلية في المنطقة والتقدم في مسيرة الإصلاحات الهيكلية. بحسب (CNN).

وخلال عرضه للتقرير، قال خان: يمثل احتواء التضخم المتزايد التحدي الأكبر أمام السياسات الاقتصادية الكلية في معظم بلدان المنطقة على المدى القصير.

وذكر خان أن أسعار النفط، الذي يعتبر أبرز صادرات المنطقة، تواصل الصعود، وذلك رغم أن الاقتصاد الأمريكي وخلفه الاقتصاد العالمي يعاني بعض التراجع، معتبراً أن أسباب ذلك قد تعود إلى واقع ارتفاع الطلب من الدول النامية وثبات العرض.

وأضاف خان ممازحاً الحضور: البعض يتوقع أن يبلغ سعر النفط 200 دولاراً، وفي حال حصل هذا الأمر فتصوروا حجم الأموال التي ستتدفق على المنطقة.. سيكون التضخم الحالي أمراً مرحباً به مقارنة بما قد يحدث آنذاك.

وحدد خان العقارات على أن السبب الرئيسي للتضخم في الإمارات وقطر، وأسعار الغذاء على أنها سبب للتضخم في السعودية، والتي بدأت أسعار العقارات والمساكن تؤثر فيها أيضاً، وقال إن التوقعات كانت تشير إلى احتمال تراجع حدة أزمة الإيجارات في دبي مع طرح 50 إلى 60 ألف وحدة سكنية، لكن ذلك لم يحدث لأن الوحدات استغلت استثمارياً.

وتابع: كل الدراسات التي أجريناها أكدت أن الربط بالدولار لا يلعب دوراً كبيراً في التضخم الحالي، وأن العامل الأساسي هو أسعار العقارات والإيجارات والطعام، وفك الارتباط أو اعتماد سلة عملات لن ينفع كثيراً، بل يجب التركيز على توفير وحدات سكنية.

وكشف خان أن شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، الذي انتشرت خلاله شائعات حول احتمال قيام الإمارات برفع قيمة الدرهم شهدت دخول 50 إلى 60 مليار دولار إلى أسواقها، بما يعادل ثلث الناتج المحلي، وذلك بهدف الاستفادة من المضاربة.

ولفت إلى أن هذا الأمر كان ليضر بالاقتصاد الإماراتي، ويفتح شهية المضاربين على الضغط لإجراء تعديل صرف جديد، مستبعداً أن تقدم الدول الخليجية على فك الارتباط، باعتبار أن ذلك سيضر باحتياطياتها من الدولار وبعوائدها من النفط.

ورأى خان أن المبرر الأساسي لقدرة دول المنطقة غير النفطية على متابعة النمو في ظل أسعار النفط المرتفعة وتزايد أسعار الغذاء يكمن في أن عوائد النفط تتدفق عليها من الدول النفطية، وهو ما يساعدها على تجنب الوضع الراهن.

واعتبر الخبير الاقتصادي الدولي أن خطر تعرض الدول الخليجية لتصحيحات قوية في أسواق المال والعقارات أمر قائم، وإن كانت نسب حصوله أقل بما لا يقاس من التضخم.

وأشار إلى أن منطقة الخليج تعاني من محدودية الأدوات الاستثمارية مقارنة بسائر دول العالم، حيث تقتصر الفرص المتاحة على البورصة والإيداع في المصارف، الأمر الذي ينعكس نشاطاً في القطاع العقاري.

ووفقاً للتقرير، فقد حققت البلدان المصدرة للنفط نفعا كبيرا من وراء الارتفاع الحاد في أسعار النفط، ويشهد النشاط الاقتصادي غير النفطي توسعا سريعا في الوقت الراهن، فيما يرجع جزئيا إلى برامج الاستثمارات العامة الكبيرة ومستوى الثقة المرتفع لدى مجتمع الأعمال.

غير أن التضخم يمثل مصدرا للقلق المتزايد. ففي البلدان المصدرة للنفط ذات العملات المربوطة بالدولار الأمريكي، سوف تكون السيطرة على التضخم من التحديات التي يتعين عليها مواجهتها ما دام التيسير النقدي سائدا في الولايات المتحدة وسعر الدولار آخذ في التراجع.

وفي البلدان منخفضة الدخل، سجل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي ارتفاعا مقداره 8.75 في المائة عام 2007، ومن المتوقع أن يشهد النمو تراجعا بسيطا ليصل إلى حوالي 7 في المائة عام 2008.

وتشمل البلدان المصدرة للنفط التي تحدث عنها التقرير، الجزائر وأذربيجان والبحرين وإيران والعراق وكازاخستان والكويت وليبيا وعُمان وقطر والمملكة العربية السعودية وسوريا وتركمانستان والإمارات العربية المتحدة.

وتضم البلدان منخفضة الدخل أفغانستان وأرمينيا وجيبوتي وجورجيا وجمهورية قيرغيزستان وموريتانيا والسودان وطاجيكستان وأوزبكستان واليمن، أما الأسواق الصاعدة فتتألف من مصر والأردن ولبنان والمغرب وباكستان وتونس.

وسط المخاوف: إقرار مشروع العملة النقدية الخليجية

ووافق محافظو البنوك المركزية في دول الخليج العربية على تأسيس نواه لبنك مركزي مشترك العام المقبل وهي خطوة كبيرة باتجاه الوحدة النقدية وتعهدوا بالتغلب على العقبات المتبقية حتى في ظل التضخم الذي أثار الشكوك حول المشروع.

وسعى محافظو البنوك المركزي في دول مجلس التعاون الخليجي الست الى تبديد الشكوك بشأن الالتزام بموعد نهائي مقرر في عام 2010 للوحدة النقدية وهونوا من تكهنات بأن الدول الاعضاء قد تلجأ الى اصلاحات منفردة بشأن ربط العملات بالدولار.

وقال الشيخ عبد الله بن سعود آل ثاني محافظ مصرف قطر المركزي للصحفيين بعد الاجتماع الاستثنائي لمحافظي البنوك المركزية في الدوحة "نحن ملتزمون بعام 2010".

وأضاف، دون ان يوضح متى ستصدر العملة الخليجية الموحدة، ان عام 2010 سيكون موعد تأسيس مجلس نقدي او سلطة نقدية لدول مجلس التعاون الخليجي.

وقال الشيخ عبد الله لرويترز: نحن لا نتحدث عن العملة. بحسب رويترز.

ويهدد التضخم دول الخليج التي أدت سياساتها النقدية المتراخية وارباحها الاستثنائية من الارتفاع القياسي في أسعار النفط الى زيادات في الاسعار الى مستويات لم يسبق لها مثيل وهددت بزعزعة اقتصاداتها المزدهرة.

وقرر المحافظون الذين عادة ما يجتمعون مرتين كل عام عقد اجتماع استثنائي في يونيو حزيران في محاولة لتسريع مشروع الوحدة النقدية.

وكانت الشكوك قد ثارت حول المشروع بعد ان قررت عمان في عام 2006 عدم الاشتراك في المشروع وبعد ان تخلت الكويت عن ربط عملتها بالدولار في مايو ايار عام 2007.

وقال ناصر القعود نائب الامين العام المساعد لمجلس التعاون الخليجي عقب اجتماع محافظي البنوك المركزية في العاصمة القطرية الدوحة: وافق المحافظون على المسودة.

وأضاف، أن وزراء المالية سيبحثون المسودة في 17 سبتمبر ايلول المقبل في جدة بالسعودية.

وقال الشيخ عبد الله انه تمت كذلك الموافقة على مسودة بشأن تأسيس مجلس نقدي جديد يكون نواه لبنك مركزي اقليمي. وان المجلس من المرجح ان يبدأ العمل هذا العام او في العام المقبل.

لكن سلطان ناصر السويدي محافظ البنك المركزي بدولة الامارات العربية المتحدة قال في تصريحات نشرتها صحف منها جلف نيوز ان التضخم يهدد بتأجيل مشروع العملة الموحدة ويؤدي الى خلافات في الرأي بشأن اطلاق المشروع.

وأضاف السويدي: معدلات التضخم المرتفعة لم تكن قط مصدر قلق من قبل وعلى الرغم من أنها ظاهرة مؤقتة حتى الآن فانها بالفعل العامل وراء الخلافات في الرأي في هذه المرحلة ويمكن أن تؤجل اصدار العملة الموحدة الى ما بعد 2010 .

وبلغ التضخم معدلات قياسية أو اقتربت من القياسية في أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم حيث تربط أغلب الدول عملاتها بالدولار الامريكي المتداعي مما يدفع تكاليف الواردات للارتفاع.

واضطر ربط العملات الخليجية بالدولار دول الخليج الى اتباع خطى تخفيضات الفائدة الامريكية رغم ازدهار اقتصاداتها مع ارتفاع اسعار النفط الى ستة أمثالها في ست سنوات. وسجلت اسعار النفط أعلى ارتفاع في يوم واحد مقومة بالدولار لكن عملات الخليج لم ترتفع.

ومعدل تضخم لا يزيد بأكثر من اثنين بالمئة عن المتوسط الاقليمي كان ضمن المعايير المتفق عليها بين الدول الست للوحدة التي تصمم على غرار الوحدة النقدية الاوروبية.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز أن من المتوقع أن ترتفع الاسعار بنحو تسعة في المئة في المتوسط هذا العام في معظم دول الخليج مع ارتفاع الايرادات وأسعار السلع الاولية على مستوى العالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء  18/حزيران/2008 - 14/جمادي الثاني/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م