كما هو متوقع، فقد أثارت قضية الاتفاقية بعيدة الأمد بين العراق
والإدارة الأمريكية المزمع توقيعها في نهاية شهر تموز المقبل،
عاصفة بدت علاماتها تلوح بالأفق.
هدف هذه الاتفاقية يتمثل في ترتيب الوضع القانوني للجيش
الأمريكي في العراق وتحدد صلاحية القوات الأمريكية أولا، والاتفاق
على "إطار استراتيجي" طويل الأمد تقول عنه الإدارة الأمريكية انه
سيرسي ما وصفته بـ " التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية
والثقافية والأمنية". ثانيا.
وهذه الاتفاقية بشقيها ستكون بمثابة باب العراق للخروج من الفصل
السابع للأمم المتحدة، وستحل محل تفويض الأمم المتحدة الخاص ببقاء
القوات متعددة الجنسية في العراق، والذي ينتهي نهاية العام الجاري.
ورغم الغموض الذي يلف بنود وفقرات هذه الاتفاقية، ولكن يمكن
تحديد أهم معالم هذه الاتفاقية بعدة محاور وحسب ما رشح من بعض
المطلعين على تفاصيلها:
*اتفاقية( وضع القوات الأمريكية) وتتمحور في:
1- بقاء طويل الأمد لقواتها العسكرية على الأراضي العراقية.
يقال بأنه محدد بعشر سنوات على الأقل.
2- إعطاء صلاحيات لهذه القوات باعتقال ومطاردة عناصر مطلوبة أو
إصدار الأوامر بشن غارات وعمليات هجومية واحتجاز أشخاص يعتقد إنهم
يشكلون تهديدا للأمن.
3- البقاء على الحصانة لتلك القوات والمتعاقدين معها وعدم
مسائلتهم أمام القانون العراقي.
4- حرية الحركة لتلك القوات بالدخول والخروج إلى المدن وأماكن
إقامتها، وكيفية العمل المستقبلي معها.
5- إعطاء الأولوية للشركات والمتعاقدين الأمريكان في
الاستثمارات المستقبلية وبضمانات أوسع لصالح تلك الشركات وبمراقبة
أمريكية .
*اتفاقية( الإطار الاستراتيجي) طويل الأمد والذي تلخص بـ:
1- تستمر القوات الأمريكية بمساعدة العراق بالحفاظ على آمنه من
أي تهديد خارجي أو داخلي.
2- المساعدة في الحفاظ على النظام الديمقراطي التعددي الذي
إنشاء في البلاد عقب عام 2003.
3- الاستمرار بتدريب وتجهيز القوا ت العراقية وإسنادها بالعنصر
ألاستخباراتي والفني.
4- دعم العراق دوليا سياسيا واقتصاديا ومساعدته للعودة إلى
الحظيرة الدولية.
5- مساعدة العراق للتخلص من آثار النظام السابق من عقوبات دولية
وديون خارجية وإخراجه من طائلة الفصل السابع للأمم المتحدة.
الاتفاقية مازالت في طور التفاوض بين الحكومتين، وهي بحاجة في
حال إقرارها إلى عرضها على مجلس النواب العراقي للتصديق عليها أو
رفضها، ولكن هذا لا يعطي المسوغ أو المبرر للتهاون في متابعتها أو
التدقيق فيها، بل، إن الأمر يتطلب أكثر انتباها وتيقظا، وحالة من
التأهب العام كي لا يقع العراق في مستنقع اتفاقية جدية مشابهة لما
وقع فيه مع البريطانيين في معاهدة (بورتسموث)، والتي دفع الشعب
العراقي من اجلها الكثير من اجل التخلص منها.
ومن منطلق النظرة الاستباقية والتفكير الجدي في رفع حالة
التيقظ إلى متطلبات المرحلة، فإننا نرى:
1- الإسراع بالاتفاق السياسي بين جميع الكتل السياسية الوطنية،
سواء في الحكومة أو المعارضة على ضرورة عدم توقيع أي اتفاقية أو
معاهدة بعيدة الأمد، وشديدة الخطورة في الوقت الحاضر مع أي طرف
خارجي، وبوجود القوات الأمريكية على الأراضي العراقية، والذي سيشكل
ضغطا خفيا على جميع الأطراف ، ولحين اكتساب السيادة الكاملة للبلاد.
2- وقف العمل بالاتفاقية والمفاوضات الجارية في الوقت الحالي
تماما وترحيل مضمونها وفكرتها إلى حكومة قادمة أكثر توازنا وذات
مساحات جيدة في اتخاذ القرار وعدم تحميل الحكومة الحالية موازين
خارج طاقتها.
3- إشراك جميع المرجعيات الدينية وبجميع طوائفها واطلاعها بصورة
كاملة ومفصلة على أي اتفاق مستقبلي تنوي الحكومة العراقية إبرامه
وعدم الاكتفاء بعرضه على جهة محددة.
4- ملاحظة وتدقيق ما جاء في بيانات المراجع الدينية والالتزام
بتوجيهاتهم بصورة حرفية كونهم الأساس الأول المساهم في إنجاح
العملية السياسة الجديدة في البلاد، فلا يجوز ترك آرائهم بعد
الوصول إلى مراحل متقدمة في العمل السياسي.
5- في حال احتياج وضرورة العراق بصورة ملحة إلى مثل هكذا نوع من
الاتفاقات فلابد من عرضها بصورة علنية على الاستفتاء الشعبي، وعدم
المساومة مطلقا على مبدأ السيادة الكاملة وعدم إعطاء صلاحيات فوق
القانون العراقي، وجعل الجميع يخضع له، سواء عراقيين أم قوات
أجنبية.
6- وضع الفترة الزمنية المحددة بيد البرلمان العراقي المنتخب
الحالي أو القادم وجعله صاحب اليد الطولى في إنهاء أي تواجد أو
اتخاذ قرار بإقصاء أو طرد أي مسؤول غير ملتزم بالمعاهدات الدولية
أو التجاوز على السيادة الوطنية.
7- العمل على جعل جميع البنود ذات قراءات محددة غير قابلة
للتمدد السياسي، وتعريف جميع رموز الاتفاقيات بمفاهيم محددة و
واضحة.
8- عرض مثل هذه الاتفاقيات على خبراء في القانون الدولي
والسياسي وفتح المجال لمناقشات أوسع وإبداء الآراء وعدم تحديدها
بفترة معينة، ضمانا لاكتساب أفضل النتائج.
* مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث
http://shrsc.com |