شبكة النبأ: من مقومات الإسلام الرئيسة هو عنصر السلم الذي ما
فارق منظومة القوانين الإسلامية التي جاء بها خير البشر الرسول
الأكرم محمد صلوات الله عليه وآله. كما أمره بذلك العلي الأعلى
سبحانه وتعالى، حتى يتم التعايش العالمي بين مختلف طبقات وألوان
أبناء آدم، وليتحقق إذ ذاك الرخاء والأمن والأمان. ويعد الامام
الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) من اهم منظري مشروع
السلم الانساني والعالمي حتى ان كتابه الفقه السلام يعتبر من اهم
الكتب المعاصرة في هذا الباب، ذلك ان مشروعه يمثل تاصيلا حقيقيا
لمنهج الاسلام القائم على الرحمة والمحبة والتعايش البشري والحكمة
والموعظة الحسنة.
بسم الله الرحمن الرحيم
{فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لأنفظوا من
حولك فأعف عنهم وأستغفر لهم وشاورهم في الأمر}.
- إن الذي نشاهده اليوم في بلاد الإسلام من كثرة السجون وكثرة
قوانين العقوبات فهو تابع للغرب فكراً أو عمالة، فليس من الإسلام
بل أنها المنفرات في الإسلام ويدل على ذلك تطبيق العقوبات في زمن
النبي محمد (ص) إذ لم يبني سجناً على مملكته الواسعة_ آية الله
العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس).
- أن من يملك قوة المنطق لا يحتاج إلى منطق القوة _ آية الله
السيد مرتضى الشيرازي (طاب ثراه).
- إذا قدرت على عدوك فأجعل العفو عنه شكراً للقدرة عليه _
الإمام علي (ع).
علامات تعجب؟
- لماذا رحبت الشعوب بالفاتحين؟! ولماذا دخل الناس في دين الله
أفواجا؟!
- خير لنا أن نرى العمامة في مدينتنا من ان نرى فيها تاج
البابوية _ رئيس ديني مسيحي في بيزنطة _.
مقدمة
في الظروف الاستثنائية، والأحوال الانتقالية، التي يودع فيها
المجتمع واقعاً معيناً باتجاه واقعاً جديداً، مختلفاً كماً ونوعاً...
يتغير النهج الشامل للمجتمع بالاستناد إلى الأهداف المستحدثة
السلبية والايجابية.
والأوضاع الجارية في مجتمعنا الإسلامي يصعب توصيفها أو تصنيفها
بسبب تعقيداتها، واضطراب الفكر الموجه، وتصارع القوى المنظورة منها
أو غير المنظورة.. وعلى الرغم من كل ذلك تبقى قضايا معينة يتعذر
تجاوزها لأنها حاجات أو موضوعات ملحة تمس إنسانية الحضارة وتخدش
الدين ... أن الإرهاب أو العنف أخطرها ، إذا يواجه العالم بلا
استثناء ... وهو مصدر الاضطرابات والتغييرات يقابلها الإسلام..
بسلامه وسلمه ... شاخصاً حياً طرياً، يحمل إلى العالم نوراً وفكراً
وتطبيقاً، يتشكل أحيانا صلباً بأنامل سبق لها إن نهلت من الشريعة
الإسلامية السمحاء ووقفت إمام عاديات الزمن وما يثير الدهشة، إن
صورة الإرهاب أصبحت أكثر شدة وأكثر حدة، وأكثر تكراراً، رغم إن
دعاة اللا عنف ونشر السلام ما زالوا يدعون الإنسانية إلى الركون
إلى العقل، لحل إشكالات العصر المتزاحمة بفعل فوضى الطموحات
المتسارعة ونشر الأفكار القسرية على الناس، وأول دعاة اللا عنف
الدين الإسلامي، فالإسلام صان للإنسان حقوقه، وحرم الاعتداء على
النفس والعرض والشرف والمال والعقل والدين، وهي ضروريات اعتبرها
الإسلام غاية وأساساً لقيام المجتمع القويم.
ومن هذا المنطلق فأن الإسلام يأخذ بيد الإنسان غاية وهدفاً
أساسيا ليكون فرداً فعالاً في بناء نهضة البشرية وتقدمها
وازدهارها.
جاء الإسلام بمجموعة من المبادئ والمفاهيم الخالدة التي حظيت
بعظيم الاهتمام والعناية، ووفير الانتباه والتوقير من قبل شعوب
العالم، وخاصة في باب السلم والسلام، أو اللاعنف واللاإرهاب...
فكانت محط أنظار الإنسانية ومحور تفكيرها على مر القرون والأزمنة
والأمكنة.. وأصبحت _ بالإضافة إلى كثير من الإحكام المشرقة الأخرى
_ سبباً لاستقطاب سائر أممها وشعوبها إلى الإسلام.
أذا كان الله سبحانه وتعالى، وهو الخالق، البارئ، المصور،
المحيي، المميت، النافع، الضار، الرازق، ذو القوة المتين، والجبروت
والسلطان، ومع ذلك كله خلق الإنسان مختاراً ونسب إليه المشيئة، حيث
قال تعالى ((وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر))،
ومن خلال رمزية هذه الآية يعرف أصل حرية الإنسان، وأن لها اكبر
المساحات في الإسلام، ما عدا المحرمات حيث يلزم تركها والواجبات
حيث يلزم فعلها... وذلك رعاية لمصلحة الإنسان نفسه أو بني نوعه.
الصراع أزلي
أن مسيرة الصراع بين البشرية في مختلف الميادين ابتدأت منذ إن
هبط آدم (ع) إلى الأرض، ووجدوا الإنسان عليه، قال سبحانه ((أهبطوا
بعضكم لبعض عدو)).
وقد كان لهذا الصراع وجهان سلبي وايجابي، فأما الأول: فله مظاهر
الكثيرة، منها صراع من اجل السيطرة الفردية على الحياة ومميزاتها
وسحق الآخرين وحقوقهم، فالبعض يريد لنفسه جلب أكثر قدر من النفع
ودفع أكثر قدرة من الضرر، وآخر سعي للتحكم على ما ينفعه وما ينفع
غيره، وثالث أخذ يلحق الإضرار بالآخرين.
وليس هذا الوجه من الصراع في هذه المسيرة مما جبل عليه الإنسان،
لأن الله سبحانه وتعالى لم يخلق فطرة الإنسان مجبولة على الشر
وإنما الشر في استعماله المنحرف، كالإنسان المجرم يستعمل السكين في
قتل الأبرياء، وليس من طبع السكاكين القتل وإنما جعلت للفائدة.
وأما الوجه الايجابي لهذا الصراع في هذه المسيرة فهو التنافس
الذي يوجب تقدم الحياة، فعلى سبيل المثال الصراع في الجانب المعنوي
فلو لم يوجد بين الإنسان والشيطان، لم يتمكن الإنسان من التقدم إلى
الدرجات الرفيعة في الدنيا ولا في الآخرة، ولم يمكنه الاختيار
ليخرج فائزاً، وينال درجة تسمو درجات الملائكة.
وكذلك لولا الصراع والتنافس بين دول العالم في الجانب المادي
لما حصل هذا التطور الذي تنعم فيه البشرية في المجالات المختلفة،
إذ به تمكن الإنسان من الاكتشافات الغربية، ولم يقتصر في طموحه على
اكتشاف إسرار الأرض من بحارها وجبالها وأنهارها وأعماقها.. بل شجعه
البحث إلى اكتشاف جديد في الكواكب الأخرى، حتى وصل إلى المريخ بل
يريد اليوم الوصول إلى سائر المجرات .
ولا يقتصر هذا الوجه الايجابي من هذا الصراع على الإنسان فقط،
بل تشترك معه حتى الحيوانات، فالصراع بينها _ كما في الأسد مثلاً
حينما يأكل الغزال، والثعلب في أكله الدجاج _ هو نوع من الجمال
والتطور والبقاء في الحياة.
ولا يكون هذا ظلماً في الأطر المقررة، نعم إذا تجاوز الحدود
فأنه ظلم ويقتص منه، تقوله الآية الكريمة : ((وإذا الوحوش حشرت)).
وقال الإمام علي (ع) في قوله عزوجل: ((ونضع الموازين القسط ليوم
القيامة فلا تظلم نفس شيئاً))، فهو ميزان العدل يؤخذ به الخلائق
يوم القيامة، يدين الله تبارك وتعالى الخلائق بعضهم من بعض ويجزيهم
بأعمالهم ويقتص للمظلوم من الظالم.
ومنشأ هذا الصراع والتنافس بين البشرية في الوجه الأخير هو
الطموح وهو حسن في نفسه أذا استعمل في موضعه، وربما يعبر عنه
بالطمع ، وقال سبحانه وتعالى: ((والذي اطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم
الدين)).
وطموح الإنسان عادة يغلب أرادته كما هو طبيعة التنازع بين النفس
المطمئنة والنفس الإمارة بالسوء، والنفس اللوامة.
ومن هنا نرى طبيعة الإنسان تنزع إلى الطموح المشروع وغير
المشروع وهذا يؤدي إلى الخلاف مع الغير، والخلاف يقود إلى النزاع
والصراع وكثيراً ما يوجب ذلك العنف والإرهاب.
وقد اصطلح في العصر الحديث على احد طرفي الصراع السلبي بالإرهاب
ومن خلال استعمال هذا المصطلح في وسائل الإعلام العالمية كان
مفهومه أقرب إلى مجال السياسة، منه إلى المجالات المختلفة.
معنى الاسلام
أن لفظ (الإسلام) مأخوذة من مادة السلم والسلام، وذلك كتناسب
الحكم والموضوع، لأن السلام والإسلام يلتقيان في توفير الطمأنينة
والأمن والسكينة، كما قال سبحانه: ((الذين أمنوا وتطمئن قلوبهم
بذكر الله إلا بذكر الله تطمئن القلوب)).
وحامل هذه الرسالة خاتم الأنبياء محمد (ص) هو حامل راية السلم
والسلام، لأنه يحمل إلى البشرية الهدى والنور، والخير والرشاد،
والرحمة والرأفة، ويحدث القرآن عن رسالته فيقول: ((وما أرسلناك إلا
رحمة للعالمين)).
كما إن الإسلام جعل (السلام) شعاراً له وأختاره تحية للمسلمين،
ان المسلم اذا التقى بمسلم قال: (السلام عليكم) . وتحية الله
للمؤمنين تحية سلام: ((تحيتهم يوم يلقونه سلام)). وتحية الملائكة
للبشر في الآخرة سلام: ((والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام
عليكم)). وتحية المؤمنين بعضهم لبعض في الجنة هي سلام: ((لا يسمعون
فيها لغواً ولا تأثيما* ألا قيلا سلاماً سلاماً)). وفي أخر كل صلاة
يذكر المصلي لفظ (السلام) في مواضع كثيرة.
ومن اسماء الجنة (دار السلام) كما في الآية المباركة: ((لهم دار
السلام عند ربهم)) فأنها مستقر الصالحين.
وأهل الجنة لا يسمعون من القول ولا يتحدثون بلغة غير لغة السلام
((لا يسمعون فيها لغواً ألا سلاماً)). وحتى جوابهم ردا على
الجاهلين هو السلام: ((وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً)).
أن الاصل في الاسلام هو السلام، فقد كادت الامبراطوريات
المختلفة ان تقضي على الحرث والنسل، قبل بعثة النبي الاكرم (ص)
فأختار الله سبحانه وتعالى الاسلام عطفاً عليها، ورحمة بها وشريعة
سمحاء لها، بعد ان اصطفى الرسول محمد (ص) لأداء هذه المهمة المقدسة
ونشر الرسالة الطاهرة المطهرة المتمثلة بنشر الرحمة والسلام
للبشرية، يقول تعالى: ((وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين)).
فلم يعرف عن الاسلام أنه اعلن الحرب في العالم وهو في ذروة
دعوته وانتشاره في ازهى عصور سيادته، الا ما شرعه دفاعاً لدرء
الخطر والذود عن النفس، والعرض، والمال، والوطن عند الاعتداء من
قبل المولعين بالعدوان من اعداء الاسلام، أو حروب الدفاع عن
المستضعفين الذين يرضخون تحت الظلم والعدوان.
معنى الارهاب
وردت مادة (رهب) في القرآن الكريم واريد به المعنى اللغوي لا
كما هو المصطلح في يومنا هذا، فالمقصود به ما يكون سبباً للردع عن
العنف والارهاب لا مشجعاً له.
وذلك لأن الطغاة عادة يقومون بالسيطرة على البلاد والعباد
متخذين سياسة العنف والارهاب والقتل والقمع... كما هو المشاهد في
طول التاريخ، من هنا اراد الاسلام للمسلمين ان يكونوا اقوياء حتى
لا يطمع فيهم طامع... فقالت الآية الكريمة: ((وأعدوا لهم ما
استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)) .
ومعنى (ترهبون) هنا هو ردع العدو بتلك القوة التي هيأت كي يمتنع
من اتخاذ اي قرار من المهاجمة، وهذه وقاية لكي لا تقع الحروب ولا
تنجر البشرية الى العنف والأرهاب كما لا يخفى، ومما يدل على ذلك
سيرة رسول الله (ص) حيث كانت بعيدة كل البعد عن العنف والارهاب،
وانما اراد (ص) للمسلمين القوة حيث كان المشركون يخططون ضدهم كل
يوم... ويشنون الحروب الدامية للقضاء عليهم.
ثم ان وسائل استخدام الردع كثيرة، ومن اهمها القوة السياسية
والأعلامية والدولية والدبلوماسية.
وهذا لا يعني التسابق في امتلاك الاسلحة الخطرة كما هو دأب
الغرب والشرق، بل لزوم التخلي عن جميع الاسلحة المتطورة حالياً، من
النووية والجرثومية وحتى القنابل والطائرات الحربية والدبابات وما
اشبه من مختلف الاسلحة النارية، فأنها سلاح غير عادل.
وقد حرف مصطلح (الارهاب) الذي وضع للصد عن التعدي وهدر الحقوق
الى ما يعني العنف، فكثرة استخدام هذا المصطلح في وسائل الاعلام
الغربية جعله وكأنه من وضع الغرب ومصطلحاته التي وضعها في قاموسه
السياسي والعسكري.
علماً بأن مادة (رهب) في القرأن الكريم مصطلح، اقرب الى السلم
منه الى الحرب على ما بيناه، بينما جعله الغرب ينطبق على مختلف
حالات العنف فسميت به، وقد اتهم الاسلام به، من قبل بعض المغرضين،
مع ان الاسلام هو الذي يدعوا العالم كله الى السلم والسلام ونبذ
العنف والارهاب وهنا بعض الغموض في مصطلح (الارهاب) اليوم، فكل
يتهم الطرف الاخر ارهابياً، فهل حركات التحرير من الاجنبي سواء
كانت اسلامية أو وطنية أو غيرها تعتبر ارهابية... وهل جهاد الشعوب
ضد الحكام الطغاة المستبدين ايضاً إرهاب... وهل يصح نسبة رجالات
الفكر والعلم و المعرفة الى الارهابين؟؟.
نعم قد تكون بعض الحركات والرجالات تسير في طريق العنف والارهاب
بالمعنى المصطلح وهولاء لا يمثلون الاسلام وهو بريء منهم، لأنهم
خارجون عن سيرة الرسول الاعظم (ص) وسيرة اهل بيته الطاهرين (ع) وما
نزل به القرأن الحكيم حيث يقول: ((وما ارسلناك الا رحمة للعالمين)).
ثم ان مادة (رهب) لها استخدام محدد في الاسلام فهي تدل على
تلازم منطق القوة وقوة المنطق في الاطار السلمي الصحيح.. وفي هذا
التلازم دلالة على السلم والسلام، كما هو واضح في قوة المنطق..
وحتى الجانب الثاني لا يراد منه الا الحفاظ على السلم عبر التهديد
بهذه القوة من اجل الحفاظ على حقوق الانسانية.
خصائص الارهاب
للعنف والارهاب خصائص نشير الى بعضها:
أولاً _ الارهاب قد يكون فردياً، أو جماعياً سياسياً.. وهو من
اشكال الصراع السياسي، ومن عناصره ما يلي:
1-زرع الخوف والرعب في نفوس الناس، بالقيام بأعمال العنف من
القتل والخطف والتفجير وما اشبه.
2- زعزته الحكم والقائمين به عبر اعمال العنف.
3- نشر عقيدة خاصة يراد تطبيقها بالعنف ويكون منه القمع الطائفي
وهده كلها مرفوضة شرعاً.
ثانياً: ومن خصائص الارهاب انه وسيلة من الوسائل العنيفة
الفعالة التي يلجأ اليها من لهم اهداف معينة، سواء كانوا رأس
القضية أو فروعها، وانه ظاهرة سياسية تندرج في لائحة الظواهر
المماثلة لها، كالحروب والثورات وحروب العصابات والحروب الاهلية
وما اليها، والغالب ان هذه الوسيلة لم تلق اهتماماً كافياً
كالاهتمام بالحروب والثورات وحروب العصابات وأمثالها.. بسبب اعتبار
الارهاب جريمة عادية تعود مسؤولية الحكم فيها ومعالجتها الى
المحاكم الجنائية العادية أسوة بالأعمال كالقتل والتخريب التي يقوم
بها المجرمون العاديون واللصوص المحترفون والقتلة لأجل الأغراض
الشخصية بهدف السرقة والنصب والابتزاز والاختطاف.. وما اشبه ذلك.
ومن الواضح ان الارهاب السياسي لا يندرج تحت هذه اللائحة لأنه
صاحب قضية تتعدى مصلحته الفردية وأنما يصنف الارهاب الجماعي في
قائمة الاجرام لأن السلطات السياسية في البلاد غالباً تريد التقليل
من شأن ذلك عن قصد وتحقيق، وذلك تهرباً من مساواة ارهاب الحكام
وارهاب المحكومين ولتبرير ضرب المحكومين بأعتبارهم خارجين عن العرف
والقانون، وهذا ما يزيد الارهاب حقداً أو شراسة... فأن الارهابين
غالباً اذا كانوا سياسيين يريدون واقعاً سياسياً وهدفاً مقصوداً،
بينما السلطات تجعل ذلك من الأعمال الفردية للقتلة واللصوص
والمجرمين... هذا من ناحية.
ومن ناحية ثانية لان تميز الارهاب السياسي عن الجريمة العادية
يؤدي بالنتيجة النهائية الى وضع تلك السلطات السياسية القائمة موضع
الاتهام... والسلطات السياسية القائمة لا تريد ان تكون في الاتهام
بأزاء هؤلاء الارهابين المنظمين، كما يؤدي ايضاً الى أتهام
المنظمات الدولية والقواعد والقوانين التي تسير سياسيات الدول تجاه
بعضها وتجاه مواطنيها، وهذا يعني التوصل الى اعادة النظر في
مستويات القيم الاخلاقية والسياسية المعتبرة والمعمول بها.
وخلاصة هذه الصورة في الارهاب (هو فعل يستعمل العنف أو يهدد
بأستعماله) وفي كلا الحالين يبدو العنف محوراً رئيسياً بفعل
الارهاب.
ثالثاً: ومن خصائص الارهاب انه لم يتخذ صورة معينة وانما يتخذ
اشكالاً اخرى كالقتل الاعتباطي والتفجير وبتر الاعضاء والجرح وهتك
الاعراض وسلب الحريات وأذهاب القوى وتلف الاموال.. ومن المجرم وغير
المجرم، والذي يحدث ان المجرم قلما يعاقب بمقدار جرمه بل اكثر من
مقدار الجرم غالباً وربما لم تأمر به الشريعة، على سبيل المثال قطع
رجل بدل قطع يد ومثل جدع الاذن وقطع الرأس وفق العين وقطع اللسان
وغيرها، وحرمة هذه الامور مقطوع به في الكتاب والسنة والاجماع
والعقل، وعلى هذا فالغالب ان ارهاب الضعفاء يكون رد فعل الاقوياء،
وكثير من الارهاب هو نتيجة الظلم والطغيان.. ومن هنا ينبغي حل
مشكلة الارهاب والعنف حلاً جذرياً وذلك بتطبيق قوانين الاسلام من
الحرية والتعددية والشورى والاخوة وما اشبه.
نظرية الاسلام في إزالة الارهاب وإشاعة
السلم والسلام
لقد وضع الاسلام الحلول الجذرية لحل مشكلة العنف والارهاب وكان
من الممكن للمسلمين العمل على زوال الارهاب واحلال السلام محله
وذلك بتطبيق القوانين الاسلامية.
فأن هناك ارهاب الانسان ضد نفسه وحياته، فالانسان الحر في
الشريعة الاسلامية لا يحق له ان يقتل نفسه، قال سبحانه وتعالى:
((ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيماً * ومن يفعل ذلك
عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً)).
ولا يجوز للأنسان ان يبتر عضواً من اعضائه كقطع يده أو اذانه أو
جدع أنفه أوفق عينه أو ما شابه ذلك ،او ان يذهب قوة من قواه كقوة
عينه فلا يبصر أو اذنه فلا يسمع، أو المرأة تذهب قوة رحمها فلا
تنجب، ولذا قال الفقهاء: بأنه يجوز للمرأة ان تعطل رحمها عن
الانجاب بشكل مؤقت لسنة أو ما اشبه ذلك، أما ان تعطل رحمها عن
الانجاب مطلقاً فذلك غير جائز.
وسنذكر في الجزء القادم بأختصار رأي النظرية الاسلامية في زوال
بعض انواع الارهاب واحلال السلام محلها. |