استطاع الفكر الديني في مراحل تكونه ونشؤئه الاولى بناء مراكز
اتصال مع مختلف الشرائح الاجتماعية تمثلت في المساجد والتي ظلت
لفترة طويلة منبر اعلامي ثقافي وتربوي. يساهم في ترسيخ المفاهيم
الاسلامية المتنوعة, كما ساهمت واقعة الطف في فتح مراكز اتصال
تمارس نفس الدور التربوي والثقافي, مما ساهم في بلورة ثقافة دينية
في الوسط الاجتماعي ولو بشكل محدود ضمن دائرة التكاليف الابرز مثل
الصلاة والصيام
غير ان التطور السريع والكبير في مختلف الجوانب الحياتية,
والانفتاح على العلوم المتنوعة جعل من الحياة ميدان كبير واوسع,
وهو ما اسس لمراكز اتصال مع شرائح المجتمع المختلفة بشكل يتناسب مع
ثورة الاتصالات فظهرت مراكز عديدة امتدت من القنوات التلفزيوينة
الى الموبايل ومن السواحل الجميلة الى المجمعات التسويقية السياحية.
الامر الذي افقد المراكز الدينية قدرتها على الاتصال بشكل جيد.
ورغم سعي الهيئات الدينية اللحاق بالتسارع والتطور الكبير, الا
انها ظلت دون المستوى المطلوب لكونها تفتقد الشكل المؤسساتي في
عملها وتعاطيها, كما انها تفتقد الامكانيات والادوات الحرفية
للفجوة الكبيرة بين الفكر الديني والواقع الحياتي للشباب بسبب
التطور السريع.
ومع كل ذلك لم تفقد الهيئات الدينية آملها في تطوير بعض مراكز
الاتصال بالتعاون مع بعض المثقفين الدينين الذين يملكون نوع من
المهنية والحرفية.
فانقطاع وتباعد الاتصال مع الشباب جعلهم فريسة سهلة للثقافة
الغربية القائمة على الاغراءات بهدف تحقيق اكبر قدر من الرفاه
واللذه, والفهم السطحي للواقع الحياتي المتغير, وهو ما حذرت منه
بعض الروايات التي تدعو لسرعة المبادرة في تربية الاولاد قبل ان
تسبقنا اليهم المرجئة. ولعل المرجئة تعبير ورمز للفكر التائه
والضال الذي سبقنا بادواته الكثيرة والمتغيرة.
فالمطلوب اليوم من الهيئات الدينية رفع الحجب والموانع عن
المراكز الرياضية والترفيهية والحضور الفاعل عبر بلورة عمل مؤسساتي
يسهم ويعزز من فاعلية حضورها في هذه المراكز وينظم طرق اتصالها
وتواصلها مع الشباب.
كما انه من المهم العمل على الريادة في تاسيس انشطة وبرامج
مختلفة تكون اسوة حسنة يقتدي بها الشباب مثل اقامة حلقة حوارية في
الكورنيش او دورة تدريبية على القراءة او اقامة معرض تراثي او
تشكيلي بهدف بلورة الحس الثقافي والفني لدى الشباب.
ولعل اقامة اسبوع المروع على ضفاف كورنيش القطيف هو من
المبادرات الجميلة والرائعة في هذا المجال. كما يمكن الاستفادة من
تقنية الرسائل للتذكير بالاخلاق الحسنة والسلوك الحضاري والقيمي
....
وكذلك ينبغي العمل على تطوير الخطاب الديني بما يتناسب مع
الواقع المتغير والعمل على معاودة الاتصال مع الشباب بمختلف
شرائحهم وفئاتهم, كما ينبغي دفع المثقفين والمتدينين نحو مراكز
تواجد الشباب وخلق فرص الاتصال. فمعاودة الاتصال مع الشباب تحتاج
لحضور فاعل في المراكز الشبابية. |