شبكة النبأ: هو رئيس أحد أهم مراكز الأبحاث الأمريكية، وهو مجلس
العلاقات الخارجية الذي يصدر عنه مجلة الشئون الخارجية Foreign
Affairs. ويٌعد ريشارد هاس أحد أبرز المفكرين السياسيين الأمريكيين
في الولايات المتحدة الأمريكية.
وهو يتميز بخبرات واسعة في هذا المجال نظراً لمشاركته في عملية
صنع القرار الأمريكي في العديد من الفترات، الأمر الذي يٌميز
أفكاره بجانب كبير من الواقعية والقابلية للتطبيق. ويٌعد هاس أحد
أنصار التيار المحافظ التقليدي، الذي يؤمن بأهمية قيام الولايات
المتحدة الأمريكية بدور قوي على المسرح الدولي غير أنه يؤكد على
التمييز ما بين مصالح الولايات المتحدة ومصالح الإنسانية كلها.
بحسب تقرير واشنطن.
سيرته الذاتية
حصل هاس على البكالوريوس من كلية أوبرلين وكلاً من الماجستير
والدكتوراه في الفلسفة من جامعة أكسفورد.
وقد ولد ريتشارد هاس في بروكلين في عام 1951. وهو يعيش في
واشنطن مع زوجته ووليديه.
ويلاحظ أن ريتشارد هاس قد شغل العديد من المناصب السياسية
والفكرية. كما أنه يتمتع بخبرة حكومية سابقة واسعة، فقد خدم هاس في
مناصب عديدة فقد عمل في وزارة الدفاع في الفترة من 1979 -1980، وفي
وزارة الخارجية الأمريكية في الفترة من (1981 إلى 1985). كما أنه
كان مساعداً تشريعياً a legislative aide في مجلس النواب الأمريكي.
كما كان خلال الفترة من 1989 إلى 1993، مساعداً خاصاً للرئيس
جورج بوش والمدير الأول للعاملين في شئون الشرق الأدنى وجنوب أسيا
في مجلس الأمن القومي.
وفي عام 1991 مٌنِح هاس ميدالية المواطنون الرئاسية لإسهاماته
في تطوير السياسة الأمريكية والتعبير عنها إبان عمليات درع الصحراء
وعاصفة الصحراء.
أيضاً هاس كان مديراً لبرامج الأمن القومي وكبير الزملاء لمجلس
العلاقات الخارجية. وأستاذ زائر في الدراسات الدولية في كلية
هاميلتون وزميل أول في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، ومحاضراً في
السياسة العامة في مدرسة كنيدي لنظم الحكم في جامعة هارفارد. كما
شغل منصب زميل بحث في المؤسسة الدولية للدراسات الاستراتيجية.
وقد عٌين ريتشارد هاس مديراً للتخطيط في وزارة الخارجية
الأمريكية في فترة استمرت من 9/3/2001 إلى 21/6/2003.
ويعد هاس رقم عشرين لرئاسة هيئة تخطيط السياسة منذ إنشائه في
1947. كذلك عين هاس مستشاراً رئيسياً لوزير الخارجية كولن باول في
نطاق واسع من اهتمامات السياسة الخارجية.
كذلك صدق مجلس النواب الأمريكي على منح هاس رتبة سفير، هاس أيضاً
كان المسئول القيادي في الحكومة الأمريكية لدعم عمليات السلام في
شمال ايرلندا ، كما عمل منسقاً للسياسة الأمريكية بشأن مستقبل
أفغانستان .
وفي وقت سابق شغل ريتشارد هاس منصب نائب الرئيس ومدير دراسات
السياسة الخارجية في مؤسسة بروكينجز. وأيضاً كان مستشار لأخبار
الـNBC ومساهم بشكل متكرر في جريدة الشئون الخارجية Foreign
Affairs Journals.
الناخب الأمريكي والرئيس الأمريكي القادم
يرى ريشارد هاس أنه من الصعب التكهن بالرئيس الأمريكي رقم 44.
ففي مقاله بعنوان "ماذا عن العالم What about the world?"، أشار
إلى أنه ليس من السهل تحديد مدى اهتمام الشعب الأمريكي بالسياسة
الخارجية الأمريكية في الحملة الانتخابية. ذلك الاهتمام الذي يكشف
عن رؤية الأمريكيين للعالم.
ويَرى هاس أنه من الصعب توقع درجة اهتمام الأمريكيين بالسياسة
الخارجية الأمريكية. فَرَغُم أن الحرب على العراق سيطرت على المشهد
السياسي منذ ست شهور مضت. ورغم أن العراق مازالت موضع خِلاف بين
كثير من الأمريكيين بسبب الكوارث الملحوظة التي سببتها للولايات
المتحدة مثل الحالة الأمنية.
غير أنه من الملاحظ أن الحالة الأمنية التي يبدو أنها تتحسن
تدريجياً، قد نتج عنها توليد ضغط عام أقل بشأن عمل شئ مفاجئ مختلف.
كَذلك أشار هاس أن السياسة الخارجية تَحظى باهتمام أقل مما حظيت
به منذ شهور مضت. الأمر الذي يرجع إلى تضاؤل فرصة الحرب بين
الولايات المتحدة وإيران، نتيجة للتقويم الاستخبارتي القومي بشأن
البرنامج النووي الإيراني. والذي كَشَفَ عن كون إيران أرجأت برنامج
تطوير السلاح النووي. وبشكل أكثر أهمية أن سعة تخصيب اليورانيوم
مازالت في وقت مبكر، مما يؤجل قرار الرئيس الأمريكي بشأن التعايش
مع ذلك الوضع أو الهجوم على إيران النووية.
أيضاً أَشَارَ هاس أن أحد الأسباب التأثير المتواضع بشأن
القضايا الدولية على اختيار الناخبين للرئيس القادم، هو أن هناك
توافق بين المتنافسين. فعلى سبيل المثال، هناك توافق حول فكرة أن
الولايات المتحدة لابد أن تبقى في العراق لبعض الوقت ولو مع خفض
عدد القوات العسكرية. وأنه لابد أن تعمل الولايات المتحدة بشكل
دبلوماسي لتوجيه المناخ العالمي بالعمل مع حلفائها الأوروبيين لمنع
أفغانستان من الانزلاق للفوضى السابقة. والوقوف ضد الإرهاب والذين
يدعمونه بأي شكل من الأشكال. ومن ثم مِن الملاحظ أنه لا يوجد أحد
من المنافسين على الرئاسة في الانتخابات يؤيد سياسة العزلة
Isolationism، ولو من بعيد.
وأخيراً، وربما الأمر الأكثر أهمية هو تدهور الاقتصاد الأمريكي
الذي يلقي بظلاله على السياسة الخارجية. فالأزمة الأكبر التي تواجه
العديد من الأمريكيين هو عجزهم المتزايد لمقابلة النفقات العقارية
الشهرية. ومن ثم فإن تراجع النشاط الاقتصادي، وفقدان الوظيفة (البطالة)،
وارتفاع أسعار البترول، هو ما يٌثِير خَوف الأمريكيين أكثر في
الانتخابات الرئاسية 2008 وليس الحرب.
وإلى جانب القضايا الاقتصادية، تَشغل قضية الهجرة محور اهتمام
أجندة القضايا السياسية وبشكل خاص على سياسات الجمهوريين. فهناك
معارضة متزايدة بشأن الدخول غير القانوني للبلاد، غير أنه لا يوجد
توافق حول ما الذي يمكن عمله بشأن ذلك. كما أنه لا يوجد توافق بشأن
هؤلاء الذين يريدون المجئ للولايات المتحدة الأمريكية في المستقبل.
ويٌلاحظ أن تجدد اهتمام المواطنين الأمريكيين بالسياسة الخارجية
وباقي العالم يمكن أن يَظهر في حال كان هناك تطور في الأحداث. كما
كان الحال عندما تم اغتيال رئيس وزراء باكستان السابق بيناظير بوتو
Benazir Bhutto. فكلاً من المتنافسين الديمقراطيين والجمهوريين على
السواء كانوا مٌطالبين بتفسير ما الذي عليهم الإعداد لفعله في حال
كان هناك فرصة للقبض على أسامة بن لادن أو الحاجة لتأمين الأسلحة
النووية الباكستانية.
ومن ثم يَرى هاس أن الرئيس الأمريكي القادم سوف يٌواجه ضغوط
وتحديات السياسة الخارجية المختلفة. تلك الضغوط التي لا شَك في أن
استجابته لها ستؤثر ليس فقط على الولايات المتحدة لكن على العالم
بأكمله. وفي غضون ذلك فإن السياسة الخارجية ستحظى فقط بتأثير غير
مباشر على خَيَار الأمريكيين.
فقط المصالح الدائمة
كما أشرنا في السابق ينتمي ريشارد هاس للتيار المحافظ التقليدي.
والذي يؤمن بأن المحرك الأساسي للسياسة الخارجية الأمريكية هو
المصلحة القومية.
ففي مقاله بعنوان " لحظة بالمرستونيان The Palmerstonian
Moment"، يرى هاس أننا ندخل في عهد السياسة الخارجية الأمريكية وأن
العلاقات الدولية حالياً، تكشف عن أن الدول ليست خصوم واضحة أو
حلفاء تلقائيين، فهو أمر يصعب التنبؤ بشأنه.
فالدول يمكن أن تكون شركاء نشيطين في قضية ما و غير نشيطين في
قضية أخرى. ومِن ثم على الإدارة القادمة تبني المشورات الهادفة،
وبناء ائتلافات مع الدول الأخرى.
فالمٌحافظون التقليديون يروا أنه رغم كون الولايات المتحدة قوة
عظمى إلا أنها لا يمكنها الالتزام اللانهائي بالقضايا الدولية. وأن
قوة الولايات المتحدة تتمثل في تعبئة القوى الأخرى والتأكيد على
المصالح الجماعية وتمكين الأمم الأخرى من المشاركة في حل المشكلات
الدولية على أسس جماعية.
وفي هذا السياق أشار هاس إلى القول المأثور لللورد بالميرستون
Palmerston Lord ، "أن الأمة ليس لديها أصدقاء دائمين أو أعداء
دائمين فقط مصالح دائمة".
الدور الأمريكي في الشرق الأوسط الجديد
تحدث هاس عن الدور الأمريكي في الشرق الأوسط الجديد، وتحدياته
وتصوره عن مستقبل هذا الدور. وذلك في مقاله بعنوان "الشرق الأوسط
الجديد"، التي نشرت في مجلة الشئون الخارجية Foreign Affairs.
والتي عَبر هاس من خلالها عن أن سيطرة الولايات المتحدة على
الشرق الأوسط تشهد نهايتها، وأن الحرب على العراق كانت بداية
النهاية، وأن حقبة جديدة في تاريخ المنطقة قد بدأت، وأنه على
واشنطن أن تعتمد على الدبلوماسية بدلاً من القوة العسكرية من أجل
التأثير في المرحلة الجديدة. وفي هذا السياق ينصح هاس بعدم
الاعتماد بصورة كلية على القوة العسكرية واللجوء للدبلوماسية.
وقد تحدث هاس عن أن صانعي القرار الأمريكي في حاجة لتجنب خطأين:
الأول، هو الاعتماد على القوة العسكرية؛ حيث أن الولايات
المتحدة قد تعلمت مما تكلفته في العراق، وما تكلفته إسرائيل في
لبنان - من أن القوة العسكرية ليست هي العلاج. كما يرى هاس أن
القيام بشن ضربة استباقية على إيران لن يفشل فقط في تدمير جميع
المنشآت. ولكن أيضاً يمكن أن يقود طهران لإعادة إنشاء برنامجها ولو
سراً. ومحققاً التفاف الإيرانيين حول نظامهم، كما أنه يمكن أن يٌحث
إيران على الثأر ضد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان
والعراق وربما بِشكل مباشر في الولايات المتحدة الأمريكية.
كما أنه يمكن أن يدفع العرب والعالم الإسلامي إلى التطرف ،
وتولد المزيد من الإرهاب والحركات المعادية ضد الأمريكيين. كذلك قد
يؤدي العمل العسكري ضد إيران إلى ارتفاع أسعار البترول، وزيادة
الفرص الأزمات الاقتصادية الدولية والتدهور العالمي. ولهذه الأسباب
ينصح هاس بضرورة جعل القوة العسكرية الملجأ الأخير.
الخطأ الثاني، هو اعتبار ظهور الديمقراطية حل لإصلاح المنطقة.
فمن الصحيح أن الديمقراطيات الناضجة لا تهدف لشن الحرب على بعضها
البعض. غير أنه خلق مثل هذه الديمقراطيات يتطلب وقت طويل كما أنه
ليس بالأمر الذي يسهل تحقيقه.
ومن ثم على الحكومة الأمريكية في هذا الوقت أن تستمر في العمل
مع الحكومات غير ديمقراطية لتحقيق مصالحها.
كما أن الأحداث تكشف عن الديمقراطية ليست حل لمشكلة الإرهاب.
واستدل على ذلك بموقف كلاً من حماس وحزب الله الذين استغلوا الفرص
التي وفرتها الديمقراطية من خلال الانتخابات ثم ما لبثوا أن قاموا
بشن هجمات عنيفة. مما يعزز فكرة أن الإصلاح الديمقراطي لا يوفر
ضماناً كافياً. ومن ثم فهو يرى أن المبادرات الأفضل يمكن أن تكون
خطوات مٌصممة بشأن إصلاح الأنظمة التعليمية، ودعم التحرير
الاقتصادي، وفتح الأسواق، وتشجيع السلطات العربية والإسلامية
للحديث عن الطرق التي من خلالها يأتي الإرهاب وفضح الداعمين له،
وتناول الشكاوى التي تدفع الشباب للحاق به.
مؤتمر أنابوليس والصراع العربي
الإسرائيلي
وفي حوار أٌجري مع هاس بشأن مؤتمر أنابوليس تم نشره على الموقع
الإلكتروني لمجلس العلاقات الدولية أجراه جيدون روز، في 28 نوفمبر
2007 بعنوان " أشار هاس أن عملية السلام لا يمكن تحقيقها بعقد
مقابلة بين الأطراف في مؤتمر . وأن السبب وراء اهتمام الإدارة
الأمريكية بعملية السلام وعقد مؤتمر أنابوليس بشكل جزئي يرتبط
بتغيير السياسة الأمريكية في المنطقة بجعل الدبلوماسية أولاً وعمل
مجهود في تحقيق النجاح في التوسط بين الجانب الإسرائيلي والفلسطيني.
ويرى هاس أن الخطاب الذي ألقاه الرئيس بوش كان لحد ما محبط.
ويرجع ذلك لفشله في إعطاء الفلسطينيين الأمل والأمر الأكثر أهمية
إعطاء محمود عباس حجية يمكنه الرجوع بها للشعب الفلسطيني والقول
أنه من أجل ذلك تمت المفاوضات مما يدفعهم لتحقيق أمالهم بالعنف
والمواجهة وحماس.
أيضاً تحدث هاس عن أنه في نفس الوقت ما أشار إليه الرئيس
الأمريكي في خطابه في أنابوليس عن أهمية كون إسرائيل دولة يهودية
يٌعبر عن رسالة واضحة للإسرائيليين أن أي فلسطيني لديه الحق في
العودة سيكون عودته لفلسطين. مما يعني عدم الخوف من الظروف
والتغيرات الديموغرافية للسكان.
وهو ما يتفق مع رؤية التيار المحافظ التقليدي للسلام التي تقوم
على أن يكون هناك دولتين مستقلتين بحدود تقترب من حدود ما قبل حرب
يونيو 1967 مع بعض التعديلات الناتجة عن التفاوض وليس الضم بشكل
انفرادي إكراهي.
وفي سياق المقابلة، أشار هاس إلى عدد من إخفاقات الإدارة
الأمريكية خلال السبع سنوات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط، والتي
رصدها كالتالي:
أولاً، ضعف الموضع الأمريكي في الشرق الأوسط الكبير.
الأمر الثاني، ظهور الإمبراطورية الإيرانية التي لديها نفوذ
وتأثير خلف حدودها.
ثالثاً، إضعاف السلطة الفلسطينية وظهور حماس كفاعل رئيسي في
غزة.
رابعاً، وهو ما يَخٌص بشكل كبير الدور الإيراني والأمريكي بشأن
الفوضى في العراق والتي استنزفت الموارد الأمريكية.
وفي هذا السياق خَلصَ هاس أنه لأسباب عديدة يعتقد أن الشرق
الأوسط في حالة أسوأ اليوم مما كان عليه الحال منذ سبع سنوات. |