القمامة طاقة بديلة لمستقبل الكهرباء

شبكة النبأ: تعد تقنية العامل البديل التي ترتكز عليها كبريات الدول المنتجة والمصنعة في  استعمال الوقود البديل أحدى اهم المشاكل التي تتعلق مباشرة بالإقتصاد أولا والبيئة ثانيا، فبعد التردي الحاصل على المستوى العالمي في مشاكل البيئة وتفاقم حالة طبقة الأوزون والارتفاع النسبي الحاصل في درجات حرارة الارض، إضافة الى تراجع الوقود الطبيعي المستخرج والتكلفة الكبيرة التي تكتنف عمله، حرص العلماء والخبراء على استخراج الطاقة البديلة أو الوقود البديل والذي يعد أقل تكلفة اقتصادية وأقل ضررا بالبيئة.

(شبكة النبأ) في سياق التقرير هذا الذي أعدته لكم عن استخراج الطاقة والوقود البديل المصنع من القمامة والذي يوفر الطاقة الكهربائية:

القمامة في طريقها لصناعة الوقود النظيف

على مسافة أقل من ساعة بالسيارة من وسط لوس انجليس تعمل آلة بحجم شاحنة صغيرة بلا هوادة في دك أطنان من بقايا الطعام والمناشف الورقية وغيرها من مخلفات البيوت على جانب تل يصل ارتفاعه الى 300 قدم.

وبالنسبة لشركة ويست مانجمنت (ادارة المخلفات) التي تدير الموقع فان هذا التل أكثر من مجرد جبل من القمامة. اذ تمتد شبكة من الانابيب تحت هذا التل لاستخلاص الغاز من القمامة المتعفنة وتحوله الى محطة لتوليد الكهرباء.

وباستثناء الالة ذات العجلات الضخمة التي تدك سطح التل فانه يبدو للناظر مثل تل عادي. بل انه يخلو من الروائح الكريهة. لكنه يولد كهرباء تكفي احتياجات 2500 منزل في جنوب كاليفورنيا.

قد تختلف المسميات من قمامة ونفاية وزبالة لكن النظرة للمخلفات التي ينتجها الانسان وتبلغ 1.6 مليار طن في مختلف أنحاء العالم كل عام بدأت تتحول الى اعتبارها مصدرا لطاقة نظيفة.

ومع تصاعد المخاوف بشأن التغيرات المناخية وأسعار الوقود الاحفوري مثل النفط والغاز الطبيعي بدأ عدد متزايد من الشركات الاستثمار في سبل لاستغلال غاز الميثان في توليد الكهرباء للمنازل والسيارات. بحسب رويترز.

وفي مختلف بقاع الارض فان مقالب النفايات التي تديرها السلطات البلدية لجمع النفايات ودفنها تعد من أكبر مصادر غاز الميثان الذي يزيد تأثيره على حرارة كوكب الارض 21 مرة على تأثير غاز ثاني أكسيد الكربون.

ويقول مؤيدون لفكرة استغلال غاز الميثان ان جمعه وحرقه لتوليد الكهرباء سيؤدي لاضرار أقل للبيئة لان غاز ثاني اكسيد الكربون الناجم عن حرقه سيكون أقل ضررا للبيئة من غاز الميثان نفسه.

وفي الولايات المتحدة فان شركات القمامة مثل ويست مانجمنت والايد ويست اندستريز تتوسع بسرعة في مشروعات استغلال مقالب النفايات لتوليد الكهرباء وفي الوقت نفسه فان شركات جديدة تعمل على تطوير أحدث الاساليب التكنولوجية لتحويل القمامة الى ايثانول وغاز وكهرباء.

ويقول تيد نيورا مدير تطوير الطاقة المتجددة بشركة الايد ويست ومقرها فينكس: نحن قادرون على تحويل هذا المورد الى قيمة مالية بالنسبة لنا... وهذا يفيد في تحسين دخلنا.

وتولد شركته الطاقة في 54 موقعا من مقالب النفايات التابعة لها وعددها 169 في الولايات المتحدة كما أنها بصدد تطوير 16 مشروعا اضافيا.

لكن دعاة حماية البيئة ليسوا بنفس القدر من الحماس لهذه المشروعات اذ يقول ناثانيل جرين مدير سياسات الطاقة المتجددة بمجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية ان محاولة الاستفادة من مواقع النفايات أقرب الى: تجميل خنزير بأحمر الشفاه. ويضيف أن على الانسان أن يبذل جهدا لتقليل القمامة.

وتولد أوروبا أكبر نسبة من الغاز الحيوي أو الميثان المستخلص من النفايات أو مخلفات الحيوانات وغيرها من المواد العضوية حيث تمثل ألمانيا وحدها 70 في المئة من السوق العالمية.

وفي بريطانيا فان الغاز المستخرج من مواقع النفايات يمثل ربع الطاقة المتجددة المنتجة بالبلاد ويولد كهرباء تكفي نحو 900 ألف منزل.

وبدأت مشروعات تحويل النفايات الى طاقة تنتشر في العالم النامي حيث أدى النمو السريع الى زيادة حجم نفايات المدن لكن جهود الاستفادة من غاز الميثان المستخلص منها كانت أبطأ وتيرة.

وفي العام الماضي أعلن البنك الدولي عن اتفاق لاقامة شبكة لتجميع الغاز وتوليد الكهرباء في تيانجين بالصين وقال ان فرص انتشار مشروعات أخرى مماثلة في الصين هائلة.

لكن في دول أقل تطورا من الصين يتعين اقامة البنية الاساسية لجمع وتخزين النفايات قبل بدء مشروعات توليد الطاقة.

وقال هنريك هارجولا المدير الاداري لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: بعض الدول النامية منبهرة باحتمالات تنفيذ نظم الحرق. والمشكلة في العادة أشبه بوضع منشأة حديثة وسط الغابات. فلا يوجد من يتولى أعمال الصيانة.

وفي الولايات المتحدة توجد تكنولوجيا توليد الكهرباء من القمامة منذ السبعينات على حد قول بول بابور نائب رئيس ويست مانجمنت لشؤون الطاقة المتجددة.

ويقول بابور ان حوافز ضريبية اتحادية طبقت عام 2005 وقيودا على مستوى الولايات تقضي بتوليد نسبة من الكهرباء من مصادر متجددة كانت حافزا لنمو مثل هذه المشروعات في الفترة الاخيرة.

ويسلم دعاة الحفاظ على البيئة بأن حرق غاز الميثان وتوليد الكهرباء أفضل من اطلاقه في الهواء لكنهم يراوغون في وصف مقالب النفايات بانها موارد للطاقة المتجددة.

ويقول جرين من مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية: هذا خيار أفضل من الناحية البيئية. لكنه ليس متجددا لانه ليس شيئا يمكننا أن نفعله للابد. وقبل أن نبدأ في منح حوافز لانتاج الطاقة من القمامة فاننا بحاجة أولا للتوصل الى الحوافز الصحيحة حتى نعظم كمية التدوير التي نقوم بها.

ورغم الجدل الدائر حول مدى نظافة الغاز المنتج بيئيا فان شركتي ويست مانجمنت والايد ويست تستفيدان من مصادر الدخل الجديدة المتنامية. وقال نيورا من الايد ويست ان الشركة تحقق أقل من خمسة في المئة من ايراداتها من مبيعات الكهرباء لكنها تقيم كل المواقع التابعة لها لتحديد أفضل السبل لتطويرها.

وقال نيورا ان الكهرباء المنتجة من مقالب النفايات تبلغ في المتوسط نحو خمسة ميجاوات لكل مشروع وهو ما يكفي احتياجات أربعة الاف منزل.

وتعتزم شركة ويست مانجمنت التي تنتج الكهرباء في 100 مقلب للنفايات من مواقعها البالغ عددها 280 في الولايات المتحدة انفاق 400 مليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة لبناء 60 محطة اضافية لتوليد الكهرباء من غاز الميثان.

وقال بابور انه لانتاج غاز كاف لتشغيل محطة كهرباء على نحو له جدواه المالية يجب ان يحتوي الموقع على كمية كبيرة من المخلفات العضوية وان يكون قائما منذ عدة سنوات. وفي الوقت الحالي يتعين اقامة مثل هذه المحطات في ولايات ترتفع فيها أسعار الكهرباء حتى تتمكن الكهرباء المولدة من مقالب النفايات من منافستها. وأخيرا يتعين أن تكون قريبة من خطوط نقل الكهرباء حتى لا تزيد كلفة توصيلها بالشبكات عن الحد المحتمل.

وفي الشهر الماضي انضمت شركة ويست مانجمنت الى عدد متزايد من الشركات تستخدم النفايات في تسيير المركبات.

وتقوم الشركة في كاليفورنيا ببناء أكبر منشأة من نوعها لتحويل غاز مقالب النفايات الى غاز طبيعي سائل لتسيير شاحنات الخدمة الشاقة التابعة لها والتي تتولى جمع القمامة.

لكن الاهتمام باستخدام النفايات في توليد الطاقة يتجاوز الشركات الكبيرة الراسخة الى غيرها.

فشركة زيجن في بوسطن شركة جديدة تعمل على تشغيل أول عملية من نوعها لتوليد الكهرباء دون أي انبعاثات من مخلفات البناء التي تنقلها من مواقع النفايات.

وتعمل الشركة لتحويل النفايات الى سينجاس وهو غاز خليط من الهيدروجين وأول أكسيد الكربون. وتتلقى زيجن دعما ماليا من شركات لرأس المال المخاطر منها بيناكل فنتشرز وفلاجشيب فنتشرز.

ويقول بيل ديفيز الرئيس التنفيذي للشركة ان غاز سينجاس الذي تنتجه شركته قادر على انتاج قدر أكبر من الطاقة من الغازات المنافسة دون الاضطرار لدفن النفايات. وتأمل زيجن جذب عملاء صناعيين يمكنها تشغيل مصانعهم بنفاياتهم بالتكنولوجيا الخاصة بها.

وقال ديفيز: نحن نجري محادثات مع شركات كبرى تشعر فعلا بالقلق بشأن سعر النفط والغاز الطبيعي المتصاعد.

وتعمل شركة جنرال الكتريك أيضا على تطوير تكنولوجيا الغاز الخاصة بها والتي تستخدم حاليا لحرق الفحم بأسلوب أفضل بيئيا وذلك لتحويل النفايات البلدية الى غاز أنظف.

وتقيم مجموعة سولينا التي تدعمها شركة اكسيونا الاسبانية منشأة في كاليفورنيا لصناعة وقود الطائرات من النفايات البلدية.

وتبني شركة بلوفاير ايثانول فيولز أول مصنع للايثانول السليولوزي بجوار مقلب للنفايات في لانكستر بولاية كاليفورنيا حتى يمكنها استغلال النفايات البلدية.

كميات أقل من القمامة لانتاج طاقة بديلة

أي منتج نموذجي موجود على رف إحدى الأسواق التجارية "سوبر ماركت"، يمكن أن يكون قد أنتج أكبر بنحو مائة ضعف من حجمه قمامة قبل أن يصل إلى المستهلك، وذلك حسب "منتدى المستقبل" وهي مؤسسة خيرية بيئية.

تلبية الطلب على الطعام، الماء، الأخشاب والوقود يسبب زيادة مخيفة في حجم القمامة المنتجة في شتى بقاع العالم.

وحسب تقديرات دائرة البيئة والغذاء والشؤون الحضرية البريطانية، فإنه أكثر من نصف القمامة المنزلية في البلاد يأتي من متاجر التجزئة، وأن نحو 30 في المائة تقريبا منها تعود إلى خمس سلاسل متاجر كبيرة.

ويقول بيتر مادين الرئيس التنفيذي لـ "منتدى المستقبل": إن أكبر كميات القمامة يأتي من الإنتاج وتصنيع المنتجات. القمامة تسبب لنا سلسلة من المشكلات، بعضها بيئية ولكن ليس كلها.

وبات إنتاج القمامة موضوعا ساخنا في مجتمع قطاع الأعمال، بسبب التكلفة المالية المتصاعدة للتخلص منها.

وعلى مدى خمسة الأعوام الماضية تضاعفت تكلفة التخلص من القمامة، ومهيأة للوصول إلى 48 جنيها للطن في المستقبل القريب. وبإمكان قطاعات الأعمال الذكية تحقيق وفورات تكلفة ضخمة.

وكشفت دراسة حديثة أن قطاع الصناعات التحويلية البريطانية يمكن أن يوفر 1 في المائة من إجمالي الحركة ببساطة، عن طريق اتخاذ تدابير منخفضة التكلفة لتخفيض كمية القمامة التي تنتجها.

ويقول مادين: ستصبح الأمور فقط أكثر تكلفة والمزيد من الأعباء القانونية للتعاطي مع القمامة، وكل الدلائل السياسية تشير إلى أن الاتحاد الأوروبي وحكومات المملكة المتحدة والحكومات المحلية، ستتجه بشكل متزايد لوضع الإجراءات موضع التنفيذ من أجل إعادة الاستخدام وحل المعضلة. بحسب رويترز.

كذلك فإن القمامة تجد الصدى لدى المستهلك، وتستخدم من قبل قطاعات الأعمال كوسيلة للتغلب على المنافسة. وفي العام الماضي، اعتقد نحو ثلثي المستهلكين تقريبا، أن على متاجر التجزئة أن تبذل المزيد من أجل خفض كمية مواد التغليف التي تستخدمها، وذلك وفقا للبيانات التي جمعت بواسطة شركة استشارة السوق "مينيتل".

ويتابع مادين: العملاء يتوقعون بشكل متزايد أن تتحمل الشركات مسؤولية حل هذه المشكلات. كلما تنتج قمامة أكثر، يعني ذلك أنك لا تستخدم الموارد والطاقة بطريقة جيدة، من أجل توصيل منتجاتك وخدماتك للمستهلك، إنه دليل على سوء الإدارة.

ويقول خبراء الصناعة إن أول شيء ينبغي على الشركات فعله هو تقليل القمامة لأدنى حد ممكن، ثم محاولة عدم إنتاج القمامة في المقام الأول. وطالما كانت تنتج أقل، لا بد أن تفكر بشأن إعادة استخدامها: هل يمكن أن تصبح مواد خام أو موردا لجهة أخرى؟ الخطوة التالية هي إعادة التدوير، وبالتالي يمكنها استعادة الطاقة من القمامة. وفي حالة إخفاقها في ذلك يتعين عليها رميها داخل حفرة في باطن الأرض.

إن المساعي الأكثر راديكالية لتخفيض حجم القمامة كانت تتمثل في تبني نظام إنتاج "الحلقة المغلقة"، الذي يتطلب استبعاد الفاقد كليا من دورة الإنتاج.

واختارت "إنترفيس" صانعة الأرضيات العالمية، هذا النظام بهدف تحقيق أثر قدم بيئي صفري. وتعيد الشركة حاليا تصميم منتجاتها وطرق الإنتاج، حتى يمكن إعادة تصنيع الفاقد من المواد في شكل موارد جديدة، وتوفير "تغذية" فنية بالنسبة للدورة الإنتاجية التالية.

ويقول مادين إن جزءا كبيرا جدا مما تفعله "يونيليفير" هو نقل الماء في أرجاء العالم، محسّن الأقمشة وغسيل الشعر "الشامبو". بمجرد أن تشرع في تحرير منتجك من المواد، تكون هناك كميات أقل كثيرا من الفاقد المرتبط بالإنتاج.

إن سائل بيرسل Persil من إنتاج "يونيليفير" الآن مركز مرتين عن السابق، وتستخدم كمية مواد تغليف أقل بنسبة 40 في المائة.

إن تحويل القمامة إلى طاقة مجال محفوف بالجدل، وأن ناشطي البيئة لا ينفكون يعارضون هذا النوع من إعادة استخدام الفاقد. وتتركز اعتراضاتهم على حرق القمامة، حيث يقولون إنه ينتج غازات سامة خطيرة.

وهناك حجة أخرى وهي أن استخدام القمامة كوقود، لا يشجع على إعادة تدوير المواد التي يمكن استعادتها بطريقة مريحة.

ولكن هناك سلسلة من التقنيات الحديثة التي تساعد على استعادة الطاقة من القمامة، وتجنب بعض مشكلات الحرق المباشر.

وعلى سبيل المثال، فإن تحويل البلازما إلى غاز هي عملية تحول المواد التي تحتوي على عنصر الكربون في القمامة البلدية الصلبة، إلى وقود سينغاز Syngas، اختصار لكلمة Synthesis Gas "الغاز المخلق" والذي بدوره يمكن أن يتم حرقه داخل التوربينات لتوليد الطاقة الكهربائية، بطريقة أقرب إلى إنتاج الغاز الطبيعي.

هذه العملية التي تستخدم درجات حرارة عالية جدا، تنتج كذلك ألواح خاملة كيميائيا، يمكن استخدامها ككتل للبناء.

وهناك نظام فاعل آخر لتحويل القمامة إلى طاقة وهو تجميع الفاقد الزيت وتحويله إلى ديزل أحيائي، واستخدامه كوقود للسيارات.

شركة أرجنت انرجي للوقود الأحيائي في بريطانيا، تأخذ فاقد زيت الخضراوات أو الدهن الحيواني، من مصادر مثل التصنيع الغذائي وتكرره إلى منتج يصلح استخدامه في محركات الديزل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين  26 أيار/2008 - 19/جماد الاول/1429