آثار العراق سلع تجارية تتنقل في انحاء العالم!؟

اعداد: ميثم العتابي

شبكة النبأ: بعد الإجتياح الامريكي للعراق في العام 2003 والفراغ الامني الحاصل آنذاك، حصلت أثر ذلك عمليات نهب وسلب لجميع مرافق الدولة، وهذا ناتج طبيعي لدولة يغيب فيها القانون كليا، ساعد ذلك قوانين منها حل الجيش العراقي ومسك سلطة الاحتلال بقضايا الأمن الداخلي، والتي ساعدت وبشكل كبير على تفشي حالة السرقة والنهب.

غير ان المحزن في الأمر ان من بين عمليات النهب التي طالت البلاد هو سرقة وتهريب الخزين التراثي الثقافي الحضاري لبلاد وادي الرافدين، وهو الذي يعد من أغنى الحضارات في العالم، ذلك لما يحويه العراق من أبعاد حضارية وتراثية تعود إلى أحقاب زمنية بعيدة غائرة في القدم إذ تصل إلى أكثر من أربعة آلاف عام قبل الميلاد وهي بذلك مهد الحضارة البشرية وعنوانها الاول.

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير نسلط الضوء على جانب مهم من عمليات إسترجاع القطع الأثرية المهربة إلى الخارج، أو تلك التي ما زالت في الداخل، مع إرفاق البيان الصادر من الخارجية الأمريكية والذي يقضي بمنع استيراد كل ما يتعلق بالثقافة والحضارة العراقية:

الآثار العراقية في تهريب مستمر إلى أوربا

عرض العراق سبلا جديدة لاستعادة الاف الكنوز التي لا تقدر بثمن والتي نهبت من المواقع الاثرية والمتاحف منذ الغزو الامريكي بما فيها حظر بيع الاثار.

وقال بهاء المياح مستشار وزارة السياحة والاثار ايضا ان جيش الولايات المتحدة احدث اضرارا كبيرة بمواقع تاريخية هامة اثناء الاحتلال ويسمح الان للمزايدين الامريكيين بالاتجار بحرية في التحف المسروقة.

وتوصف المنطقة الواقعة بين نهري دجلة والفرات التي تمثل الكثير من عراق اليوم بصفة عامة بأنها "مهد الحضارة".

وقال المياح ان مواقع هامة مثل بابل كانت ضحية للنهب والاضرار من فترة طويلة ولكن المشكلة ساءت اكثر منذ القتال في عام 2003 والفراغ الامني الذي اعقب ذلك.

وقال المياح للصحفيين في لندن حيث التقى مع علماء آثار من المتحف البريطاني ومن اماكن اخرى: نحن لانقول انها مشكلة جديدة.. ولكنها تصبح مشكلة أكبر. بحسب رويترز.

وقدم عرضا بالشرائح يؤرخ للاضرار التي لحقت ببابل وأور وكيش واماكن اخرى على يد المسلحين وقوات الاحتلال.

وقال انه بينما يعد تغيير اثر القواعد المؤقتة والمطارات والبنى التحتية العسكرية الاخرى التي اقيمت منذ عام 2003 متأخرا للغاية الا ان القوات الامريكية بدأت تتشاور مع وزارته قبل اقامة القواعد لضمان عدم حدوث اضرار اخرى.

واضاف انه من الاهمية بمكان استعادة الكنوز التي سرقت من المتاحف والمواقع الاثرية خلال السنوات الاخيرة.

ووجهت انتقادات للقوات الامريكية لفشلها في تأمين المتحف الوطني العراقي في بغداد في الايام التي اعقبت غزو عام 2003 مما يعني ان 16 الف قطعة سرقت من المخازن و40 قطعة من القاعات. والبعض تم استعادته منذ ذلك الحين.

ويعتقد خبراء ان الكثير من اعمال النهب كانت منسقة جيدا مع ارتفاع حاد في النشاط قبل الغزو الامريكي مباشرة عندما بدا الامن متراخيا وفي الاشهر التي اعقبت الحرب.

واستهدفت شبكات على دراية واطلاع فترات محددة معروفة بآثار يمكن تسويقها مثل الاختام الاسطوانية والالواح والعملات.

ووفقا لما ذكره المياح فان الطريقين الرئيسيين لخروج الاثار المنهوبة من العراق هما عبر الاردن والضفة الغربية واسرائيل ثم الاتجاه الى اوروبا أو من خلال الامارات العربية المتحدة ودبي والدول المجاورة ثم الاتجاه ثانية الى اوروبا.

وسلط المياح الضوء على التعاون بين الولايات المتحدة والعراق منذ عامين عندما اعيد تمثال بلا رأس لايقدر بثمن للملك السومري (انتيمنا). ويعود التمثال الى اكثر من اربعة الاف عام.

واضاف، في نفس الوقت فاننا نرى مزايدين في كل انحاء الولايات المتحدة يقومون بالاتجار في تحفنا ولم يتم اتخاذ اي اجراء.

وقال ان بعض الدول تضع المسؤولية على العراق في اثبات انه يملك التحف المتنازع عليها. وسأل: كيف يمكننا ان نقدم الدليل الى احد اذا كانت هذه الاثار تم استخراجها من باطن الارض نتيجة للحفر غير القانوني.

واقترح المياح اقامة لجنة من علماء الآثار يمكن ان يقرروا الى اين تعود التحف التي تظهر في ارجاء العالم. واقترح ايضا حظر الاتجار في الاثار العراقية. وقال: نعتقد انه ربما كان افضل شيء يمكننا ان نفعله هو ان نجرد الاثار من قيمتها التجارية.

التمكن من استعادة 3993 قطعة اثارية خلال ستة اشهر 

كشف وزير السياحة والآثار محمد عباس العريبي إن مجموع ما تم استعادته من آثار 1293 ليصل مجموع ما استعيد خلال فترة ستة أشهر (3993) قطعة أثرية، متوقعا إلى إن هذا العدد قد يتضاعف خلال الأشهر القليلة القادمة.

ونقل بيان للوزارة عن العريبي قوله: إن (129) قطعة أثرية تم استلامها من محافظة البصرة، مشيرا إلى إن هذه القطع عبارة عن مجموعتين، المجموعة الأولى تمثل (70) قطعة أثرية قدمت من احد المواطنين الشرفاء في المحافظة فيما تم استلام (75) قطعة من مفتشية آثار البصرة جمعت من المواقع الأثرية وقطعتين أثريتين من مواطن آخر من المحافظة.

وأوضح العريبي إن القطع الأثرية تعود إلى العصور الإسلامية الأولى وإنها عبارة عن جرار فخارية ومزهريات مزججة وقنان زجاجية مختلفة وقطع معدنية ومكاحل واوان.

وكانت تقارير اميركية قدرت عدد القطع الاثرية التي تعرضت للسرقة او الضياع  بـ (15000) قطعة. وان التقارير التي تتحدث عن اضعاف هذا الرقم مبالغ فيها.

 وأضاف البيان: هذه الوجبة من الآثار تعد الثالثة في غضون اسبوعين حيث تم تسليم المتحف الوطني العراقي 701 قطعة أثرية اعادها الوفد العراقي الذي زار سورية للفترة من 20 ولغاية 25 نيسان  ابريل 2008.

وأشار البيان أيضا إلى إنه تم استلام (463) قطعة أثرية من محافظة ذي قار، لافتا إلى إن مجموع ما استلم خلال الأسبوعين بلغ (1293) قطعة أثرية.

و أشار البيان إلى إن جميع القطع الأثرية التي تعاد إلى المتحف الوطني العراقي تخضع إلى عملية فرز وتقييم وتحديد الفترة التاريخية والموقع الذي سرقت منه كما تخضع بعض القطع التي تعرضت إلى إضرار إلى عمليات صيانة فنية يقوم بها متخصصون من موظفي الهيئة.

ولفت البيان أيضا إلى إن الهيئة العامة للآثار والتراث دعت إلى تشكيل شرطة اثارية من خريجي أقسام الآثار في الجامعات العراقية يتم تدريبهم على حماية المواقع الاثارية العراقية للحد من التجاوزات والسرقات التي تقع في تلك المواقع من قبل عصابات إجرامية متخصصة في سرقة الآثار العراقية وتهريبها إلى خارج العراق.

وزارة الثقافة السورية تسلم الآثار العراقية قطع أثرية

سلمت سوريا العراق 700 قطعة اثرية مسروقة ضبطت في سوريا منذ الاجتياح الامريكي للعراق قبل خمس سنوات.

وفي احتفال في المتحف الوطني في دمشق سلم وزير الثقافة رياض نعسان اغا الى وزير الدولة العراقي للسياحة والاثار محمد العريبي القطع التي تعود غالبيتها الى الالف الثالث قبل الميلاد من مقتنيات متحف بغداد الذي نهب بعد سقوط المدينة. بحسب رويترز.

وقال اغا للصحفيين مناشدا أن تحذو دول عربية حذو سوريا: هذه القطع لوحدها تشكل ثروة بوسع العراقيين ان يجعلوا منها متحفا.

وقالت منى المؤذن امينة المتحف الوطني في دمشق ان المتحف قام بحفظ ودراسة القطع المضبوطة والتأكد من تاريخها وتسجيلها. ويقدر المسؤولون العراقيون ان هناك ما يزيد عن 15 الف قطعة اثرية عراقية مسجلة سرقت منذ عام 2003 تم استرجاع 6 الاف منها.

واشنطن تفرض قيودا على مستوردات ثقافية من العراق

في ما يلي نص بيان أصدرته وزارة الخارجية لمناسبة فرض وزارة الأمن القومي قيودا على استيراد أي مواد من العراق ذات علاقة بتراثه الثقافي، وذلك لأجل منع أي تسريب لأية قطع أو مواد ثقافية عراقية خارج الأراضي العراقية. وفي ما يلي نص البيان:

يسرّ وزارة الخارجية أن تعلن أنه إلحاقا بصلاحيات قانونية وأخرى خول بها الرئيس، فرضت وزارة الأمن القومي الأميركية قيودا على استيراد أية مواد تتعلق بالتراث الثقافي للجمهورية العراقية. وتصبح هذه القيود نافذة المفعول ابتداء من تاريخ اليوم، 30 نيسان/أبريل، 2008،  وذلك بعد نشر الأمر الجديد بفئات المواد المحظور استيرادها في السجل الفدرالي.

وقد تم فرض القيود الجديدة على المستوردات بموجب قانون الحماية الطارئة للآثار الثقافية العراقية للعام 2004 والذي يمنح الرئيس صلاحية اتخاذ قرارات مستعجلة بموجب المعاهدة  حول قانون تطبيق قانون الملكية الثقافية بخصوص اية مواد تتعلق بالآثار او الإثنولوجيا العراقية.   وحدّدت وزارة الخارجية بموجب صلاحية خول بها الرئيس الأحكام القانونية الضرورية بما فيها ان المواد المعنية هي جزء من مخلفات او آثار ثقافية او حضارية معينة، والتي أصبح سجلها في خطر أن تكون عرضة للنهب، والتفكيك، والتشتت، والتجزئة او انها تهدد بأن تمثل أزمة. يذكر أن نهب إرث العراق القومي نتيجة للسلب والتصدير غير المرخص لممتلكات ذلك البلد الثقافية تم توثيقه على نطاق واسع. بحسب تقرير واشنطن.

وتنطبق القيود على المستوردات على أية ممتلكات ثقافية للعراق بما فيها المواد الخزفية  والحجرية والمعدنية والزجاجية والعاجية والعظمية او المصنوعة من المحار والرسوم والمنسوجات والحاجات الورقية  والبرشمانية والجلدية والخشبية وغيرها من حاجات ذات اهمية أثرية او تاريخية او ثقافية او دينية او علمية نادرة نقلت بصورة غير مشروعة من العراق منذ تبنّي قرار مجلس الأمن الدولي رقم 661 بتاريخ 6 آب/أغسطس، 1990.  ان أية مواد من هذا القبيل لا يجوز استيرادها ما لم تكن مشفوعة بوثائق تفيد انه صدرت من العراق قبل ذلك التاريخ.

ويذكر ان الزراعة والمدن والمخطوطات والمعابد والحرب والدولة والامبراطورية والمكتبات والفن والعلوم تطورت وازدهرت خلال التعاقب الزاخر لثقافات العراق القديمة والإسلامية.  ومواقع العراق الأثرية والتراثية هي بمثابة أرشيف هذا التاريخ الفريد والذي بدأت دراسته للتو، بالرغم من اجيال متوالية من الدراسة والبحث. والغاية من القيود الأميركية على المستوردات هي تقليص الحافز للنهب من أجل الحفاظ بصورة أفضل على تراث العراق الثقافي لأجيال الحاضر والغد.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 24 أيار/2008 - 17/جماد الاول/1429