الانسان هو افضل مخلوقات الله في الكون وعلى هذا الاساس فان
بقية مخلوقات الله عز وجل هي مسخرة لهذا الانسان وبالتالي يتطلب من
الانسان المحافظة على كل ما حواليه لديمومة حياته وحياة البشرية.
اذن طبيعة الارض والسماء والبحار وما يعيش فيها وعليها هي
مخلوقة بشكل دقيق وبمقادير وصفات الهية رائعة حتى تدوم الحياة بها
(انَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر: 49]) اذن كل شيء
وفق قياسات معينة خلقها الله عز وجل.
واليوم نتابع من خلال وسائل الاعلام المتطورة الاخبار التي تخص
البيئة والمعنيين بالبيئة فهذا يلوث واخر يدافع، فهل الشارع
الاسلامي لم يتطرق الى هذا ؟
طبعا وعلى البديهة كلا، فالدين الاسلامي خاتم الاديان والقران
خاتم الكتب ومحمد خاتم الرسل وكل ما جاء في الكتاب والسنة يحوي كل
تفاصيل الحياة المعلومة والغير معلومة وبشتى اتجاهاتها، اذن ما هي
الموارد التي تطرق اليها الدين الاسلامي في ما يخص البيئة ؟
طبعا هنالك اكثر من اية تصف السماء والارض والبحار وكيفية خلقها
وما هيتها ومافيها من قدرة لله عز وجل على الخلق فمن الطبيعي يجب
الحفاظ على هذه الطبيعة كما خلقت واذا ما حاول احد العبث فان
النتائج السلبية ستظهر اجلا او عاجلا.
في التشريع الاسلامي هنالك ابواب فقهية تخص الطهارة والنجاسة
واهم مادة للطهارة من النجاسة هي الماء والذي بسببه جعل الله عز
وجل كل شيء حي، فالماء الذي يهم الحياة شرط ان يكون طاهر وخالي من
الشوائب.
في صدر الاسلام كان مصدر الماء في الاحايين الكثيرة هو البئر
لهذا وجدت عدة فتاوى تؤكد على طهارة ماء البئر والحفاظ عليه من
التلوث بحيث لو سقطت ميتة في البئر او مسكر او تبول فيه احد او حتى
سقوط العذرة فيه هنالك عدة وسائل لتطهير البئر حسب نوع الميتة
وتوعية النجاسة الساقطة فيه ( شرائع الاسلام ج1 ص9 ) عملية
التطهير هذه ليس المقصود منها رفع النجاسة بقدرالاهم وهو رفع
التلوث من ماء البئر،وهناك فتوى اخرى تلزم لمن يريد حفر بئر ان
يبتعد عن مستنقعات النفايات والفضلات بمسافة عدة امتار حتى لا
يتلوث ماء البئر بهذه النفايات ( شرائع الاسلام ج1 ص11 )، هذه ادلة
على وجوب تجنب التلوث.
اضف الى ذلك مثلا يحدد الاسلام تاثير التلوث بحجم معين من
الماء، لو سقطت نجاسة في ماء حجمه كر ( الف ومائتا رطل عراقي )
فاذا تغير لون او رائحة او طعم الماء عندها يحسب ماء ملوث ولا يجوز
استخدامه.
من هذا فان الاسلام يؤكد على عدم تلوث الماء لغرض ديمومة
الحياة.
اما على الارض فان هنالك اكثر من اية تحث الناس على عدم الافساد
في الارض ومن يفعل ذلك فان جزاءه سيكون وخيم من الله عز وجل وهنالك
فئة من الناس تعتبر نفسها من المصلحين واذا قيل لهم لا تفسدوا في
الارض قالوا انما نحن مصلحين والعكس هو الصحيح، فالفساد المقصود به
هنا الفساد الاجتماعي الاخلاقي والحضاري، فالعبث بالحرث والنسل من
اشد الامور التي يحذر منها الاسلام.
هنالك حديث رائع لرسول الله (ص) الكل يعرفه وقرأه مئات المرات
وهو ( النظافة من الايمان ) هذا الحديث عملاق بكلمتيه وحرف الجر،
فالايمان المقصود في هذا الحديث هو الايمان بالله عز وجل، أي الذي
يريد تثبيت عرى الايمان في قلبه اكثر احدى موارده هي النظافة،
والنظافة المقصودة هنا ليس النظافة الجسدية فقط بل والبيئية
والمعنوية والقلبية ولهذه الاسباب جعلت النظافة احدى الادلة على
ايمان الشخص بالله عز وجل، فاذا كان المقصود هو النظافة الجسدية
فان هنالك الكثيرين من الملحدين على درجة عالية من النظافة الجسدية
اين درجة الايمان في قلوب هذه الملة ؟.
هنالك كثير من المحذورات الاسلامية التي تحذر المسلم من الاقدام
عليها الا اننا نجهل سبب التحذير لهذا فكثير من البشر مسلمين وغير
مسلمين يقدم على اعمال تؤدي الى التلوث وتهدد حياة البشرية التي هي
افضل مخلوقات الله عز وجل كما اسلفت فالطبيعة التي وجدت لخدمة
البشرية اصبحت بفعل البشرية اداة فناء البشرية والامثلة كثيرة على
مايحصل اليوم من تلوثات عانت منها البشرية.
امراض تم اكتشافها الان، سابقا ما كان لها ذكر مثلا انفلونزا
الطيور،الايدز، سارس هذه الامراض لم تكن موجودة اصلا في الماضي ان
الذي استحدثها هي المنشات الكيمياوية والنووية المنتشرة في اصقاع
الارض والتابعة للدول الصناعية الكبرى والتي تعقد سنويا عدة
مؤتمرات لبحث عملية التخلص من نفاياتهم التي باتت التهديد الاول
والاخير للبشرية من خلال هدم البيئة الطبيعية التي خلقها الله عز
وجل.
اليوم لفت انتباهي اعلانات عالمية لشركات ومصانع عالمية هي
الاخرى ومن دول اوربية مختصة المانيا مثلا حيث تعمل هذه الشركات
على استخراج الادوية من الاعشاب الطبية دون الكيمياوية وهذا جاء
نتيجة لدراسة التاثير الذي احدثته بعض الادوية من خلال محتوياتها
الكيمياوية.
وحتى الحيوانات اصيبت بامراض غريبة ما عرف لها من علاج ( جنون
البقر مثلا ) نتيجة استخدام اللقاحات الكيمياوية والتي باتت المصدر
الاول لتلويث حتى بيئة الحيوانات.
قاعدة لا ضرر ولا ضرار قاعدة فقهية مشهورة فكل عمل او قول يشترط
فيه عدم الاضرار بالفاعل والمقابل حتى تكون هذه الاعمال والافعال
شرعية واذا ما حدث العكس فان ذلك يكون في صنف الحرام وعليه ننظر
الى عملية رمي النفايات النووية في البحار وبقية المخلفات
الكيمياوية التي تقوم هذه الدول الصناعية الكبرى بهذه العملية تعد
نسف لقاعدة لاضرر ولا ضرار بدليل الهيجان العالمي ضد هذه الاعمال
التلويثية.
في الصين تعرضت مزارع كثيرة الى هجوم من قبل العصافير والطيور
في اكل حبات الزرع ( البذور) مما اثر على انتاجهم فاستخدموا وسيلة
قرع الطبول للقضاء على الطيور وعدم اقترابها من مزارعهم وفعلا هربت
هذه الطيور باستثناء القليل منها وشاءت الصدف ان تتعرض هذه المزارع
الى موجة من الجراد التي لا يمكن القضاء عليها الا بالطيور فاضطروا
الى البحث عن الطيور حتى في السماء لجلبها الى مزارعهم كي تنقذهم
من حشرة الجراد، هنا اريد ان اقول ان كل شيء تم خلقه من الباري عز
وجل بشكل موزون ولا يمكن العبث بالقياسات والمقادير التي خصصها
الله لمخلوقاته. |