الفساد المالي والإداري أبرز تحديات بناء العراق الجديد

احمد عبد الأمير الأنباري

شبكة النبأ: مما لاشك فيه أن بناء العراق الجديد بالصورة التي ترتقي إلى مستوى طموح الشعب العراقي، لايمكن انجازه في ظل وجود تحديات الفساد المالي والإداري. هذا التحدي تدركه الحكومة ورؤساء الكتل السياسية وأعضاء البرلمان، ومستوى إدراكهم لهذا الخطر ينعكس في تصريحاتهم العديدة التي تحث على متابعة المفسدين ومعاقبتهم سبيلا للقضاء على الفساد بشكل كامل. كما ان لهذا الإدراك وجه آخر، إلا وهو العلم بوجود الفساد والإقرار بهذا الوجود والاعتراف بمخاطره.

فقد أكد رئيس الوزراء في أكثر من مناسبة أن العام الحالي هو عام القضاء على الفساد ، ومعاقبة المفسدين وتقديمهم للعدالة ، مساوياً بين الفساد والإرهاب في كونه معول هدم لكل ما تحقق في العراق منذ العام 2003 ولحد الآن.

وحذر نائب رئيس الوزراء برهم صالح من أن الفساد الإداري الذي تواجهه الحكومة هو التحدي الأكبر والخطير الذي يهدد الجميع وينذر بضياع ما تحقق في العراق منذ العام 2003، وحمل المجتمع الدولي مسؤولية استشراء ظاهرة الفساد المالي في العراق، مطالباً بالكشف عن إدارة أموال البلاد خلال الفترات السابقة.

وقال نائب رئيس الوزراء العراقي، في كلمة في افتتاح المنتدى الاقتصادي الاول لمكافحة الفساد في بغداد، ان الفساد الاداري المستشري من اكبر التحديات الخطيرة التي تواجهنا كعراقيين وتهدد بفقدان ما نسعى لتحقيقه من مستقبل حر مزدهر. وأضاف ان رئيس الوزراء اعتبر الفساد المالي والاداري تحديا خطيرا يستوجب مجابهته كأولوية اساسية للحكومة مشيراً الى ان الحكومة ارادت من هذا المؤتمر ان يكون بداية «حملة تعبئة وطنية هادفة لاستئصال هذه الآفة التي إن لم نواجهها بحزم وجدية ستنال منا جميعاً، مشيرا الى تعرض 71 من كوادر المفتشين الى الاغتيال او الجرح او الخطف منذ 2003. بحسب صحيفة الحياة

واضاف ان الحكومة العراقية حددت أسباب الفساد المالي والاداري وتكمن اساسا في عدم رسوخ المؤسسات وسلطة القانون، فضلاً عن التحديات الامنية وغياب المساءلة والشفافية الحقيقيتين». كما حمّل الاختلالات في الوضع السياسي في البلاد بعض المسؤولية عن الفساد، مشيراً الى ان التجاذبات السياسية التي شكلت الانقسامات الطائفية العامل الرئيسي فيها، والمحاصصة والمحسوبية الحزبية وتحويل الوزارات والمؤسسات الى ضيعة لهذه الجماعة او تلك، ومحاولات تسييس هذا الملف من جانب مراكز الثقل، شكلت مناخا لتفشي ظاهرة الفساد المالي والإداري.

وقد اوضح نائب رئيس الوزراء برهم صالح  ان الحكومة العراقية مطالبة باتخاذ جملة من التدابير للحد من هذه الظاهرة وفي مقدمتها اعتماد سياسة الشفافية والمساءلة وبما يعزز كل منهما الاخر، مشيراً الى ان الحكومة توصلت إلى جملة من الاقتراحات للحد من هذه الظاهرة واهمها دعوة المؤسسات الحكومية الى وضع نظام توفير البيانات والمعلومات الضرورية للكشف عن ادارة المال العام، وتمكين الاعلام والمواطنين من الاطلاع عليها. بحسب رويترز.

من جهة اخرى أعرب عدد من أعضاء مجلس النواب عن خشيتهم من مخاطر تفشي الفساد الاداري والمالي بصورة تمنع اقامة العديد من المشاريع الخدمية العامة، وشددوا في احاديثهم خلال تواجدهم في بيروت على هامش مشاركتهم في ورشة العمل الخاصة بالفساد الاداري والمالي، على ضرورة ان تسن مجموعة من القوانين الصارمة التي تعمل على المساعدة في القضاء  نهائيا على مظاهر الفساد التي باتت تهدد مجمل العملية السياسية والعمرانية في البلد، فضلا عن ذهاب العديد من المبالغ الى الجهات الارهابية كي توظف لتدمير البنية التحتية في العراق.

وقال النائب محمد التميمي عضو لجنة النزاهة في مجلس النواب والمشارك في الورشة: اعتقد ان موضوع الفساد من الامور الخطيرة جدا والتي باتت توظف الان باتجاه دعم الجماعات المسلحة في الكثير من الاوقات,وادت الى تقصير حكومي واضح في تقديم الخدمات ونوعية هذه الخدمات. بحسب جريدة الصباح.

 واضاف التميمي ان السلطة القضائية وعلى الرغم من انها سلطة مستقلة في العراق ، لكن هناك الكثير من الاشارات تبين ان بعض السياسيين يحاولون التدخل في عمل هذه السلطة ويحاولون ان يفرضوا على القضاء ما يريدون, وسبب ذلك هو الوضع الامني الذي ادى الى تسييس القضاء بهذا الاتجاه لذا نحاول الان ان نركز على السلطة القضائية والحفاظ على استقلاليتها من التسييس، بحسب قوله. واشار الى ان من الامور الخطيرة الاخرى التي ساهمت بتفشي الفساد هي تبني قوات (الاحتلال) لعدد من السياسيين المتورطين بقضايا الفساد الاداري والمالي,الامر الذي جعل مشكلة الفساد متعددة الابعاد ما يحتم علينا الان وضع ستراتيجية ورؤية واضحة لعلاج الحالة.

وعن الاسماء التي ينوي رئيس هيئة النزاهة اعلانها قال التميمي: ليس لدي اسماء معينة من المتورطين بقضايا الفساد الذي اعلن رئيس هيئة النزاهة انه يكشف اسماءهم, لكن اعرف الاسباب التي حالت دون الكشف عن هذه الاسماء وهي التدخلات السياسية الكبيرة، لانها تمس شخصيات كبيرة واحزابا سياسية لها علاقة بهذا الامر, وبالتالي اعتقد ان رئيس هيئة النزاهة سوف لن يعلن اي شيء بهذا الخصوص, واذا اعلن فانه سيكشف الاسماء غير المتواجدة الان في العراق، بحسب تعبيره. من جانبه اشار نديم الجابري الى  انه لا شك ان مسألة الفساد تعقدت كثيرآ وهي امر له جذور وليست وليدة اللحظة, وربما ارتبطت بالوضع الاقتصادي السيئ لبعض منتسبي الدوائر, لكن اعتقد ان العامل الاهم لنشوء الفساد هو الفساد السياسي الذي انعكس سلبا على الادارة والاموال والحرص على المال العام, لذا اعتقد ان معالجة الفساد تبدأ من معالجة الفساد السياسي. الى ذلك اعتبرت مقررة لجنة النزاهة في مجلس النواب عالية نصيف جاسم الفساد بانه الوجه الاخر للارهاب, داعية الى تكاتف الجميع بغية القضاء عليه وشل حركته التي اثرت سلبا على واقع الحياة بصورة عامة في العراق، ان من بين الاسباب الاخرى التي ساهمت بتفشي ظاهرة الفساد هو تعطل الدور الرقابي لاعضاء مجلس النواب, اذ يوجد نص قانوني يحتم على منع مراقبة اي وزير او مسؤول من قبل اعضاء مجلس النواب الا بعد استحصال موافقة هيئة الرئاسة وهذا الامر مخالف للنظام الداخلي في مجلس النواب.

ومن جانبه اشار رئيس المجلس المشترك لمكافحة الفساد علي العلاق، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وكيل الامم المتحدة، المدير التنفيذي لمكافحة المخدرات والجريمة ماريا كوستا عقده الاثنين في بغداد عقب الجلسة الاولى لمؤتمر اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، ان " تفعيل انضمام العراق للاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد سيساعد العراق في استرجاع امواله المهربة من قبل النظام السابق كونها ستوفر له المساعدة القانونية والقضائية من احضار الشهود والقاء القبض على المتهمين."
وأضاف أن " انعقاد مؤتمر اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، والذي سيستمر ليوم الثلاثاء، سيكون له دور كبير في اعطاء دعم للعراق ،ومؤشر جيد في بدء دخول الامم المتحدة في الجوانب الاساسية من القضايا العراقية والتي يعتبر الفساد جزءا منها."

يذكر أن مؤتمر اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد يعد جزءا من مبادرة العهد الدولي مع العراق حول الحكم الرشيد ومكافحة الفساد والتي حضرها العديد من الخبراء الدوليين والعراقيين.

وطالب العلاق الامم المتحدة بلعب دور اكبر من اجل مساعدتهم في تفعيل انضمام العراق للاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد. بحسب جريدة كل العراق.

من جهتها اكدت الامم المتحدة استعدادها لدعم العراق في مساعدته في مكافحة الفساد المالي والاداري.

وقال وكيل الامم المتحدة، المدير التنفيذي لمكافحة المخدرات والجريمة ماريا كوستا، خلال المؤتمر الصحفي ان " الامم المتحدة مستعدة لمساعدة العراق في مكافحة الفساد المالي والاداري من خلال مبادرة العهد الدولي للحكم الرشيد."

من جهته اعتبر رئيس لجنة النزاهة في البرلمان صباح الساعدي ان " النظام الاداري في العراق يمر بمرحلة مأساوية."وقال خلال الكلمة التي القاها في الجلسة الصباحية إن " سبب الفساد المالي والاداري هوالفساد السياسي الذي استشرى في البلد نتيجة لتولي العناصر التي لا تتمتع بالكفاءة للمناصب الوزارية مسنودة من قبل الجهات التي رشحتها."

....................................................................................

مركز يقدم الخدمات الوثائقية التي تتضمن موضوعات مختلفة  من دراسات وبحوث وملفات متخصصة.

للاشتراك والاتصال: www.annabaa.org /// [email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- االاثنين 19 أيار/2008 - 12/جماد الاول/1429