العوائل العراقية بإنتظار نهاية "محنة الإمتحانات"

شبكة النبأ: اكثر من خمسة ملايين طالب، هم مجموع الطلاب في شتى مدن العراق، وكلهم يؤدون هذه الأيام امتحانات نهاية العام، وما بين مدن ساخنة، واخرى يسودها استقرار نسبي، تظل الامتحانات هاجسا مقلقا لكل العوائل العراقية التي تتمنى ان تنتهي "محنة الامتحانات" على خير.

فقد بدأت الامتحانات، ونصف مليون طالب في الموصل ينتظرون ان يجدوا طريقهم الى المراكز الامتحانية في مدينة تسيطر عليها اجواء المعارك والاشتباكات، فيما بدت مدارس مدينة الصدر ببغداد شبه معطلة، وسط مخاوف من تجدد القتال قبل او اثناء الامتحانات.

وهذه المدينة الواقعة شرقي العاصمة بغداد تعاني اوضاعا امنية متوترة، ومع بداية الإمتحانات، بدت المدارس المنتشرة في قطاعات المدينة شبه معطلة، منذ بدء احداث العنف في الاسبوع الاخير من شهر اذار مارس الماضي بين مسلحي جيش المهدي التابع للتيار الصدري، والقوات الحكومية.

في الموصل يقول المتحدث باسم مديرية تربية نينوى عصام عبد يحيى، إن مشاكل الامتحانات "بدأت مع اول يوم لاداء الامتحانات الشفهية، ففي ذلك اليوم فوجئنا جميعا باعلان حالة حظر التجوال الشامل في عموم المحافظة، والقوات الامنية التي اغلقت كل الجسور والمنافذ لم تسمح لا للطلاب ولا للهيئات التدريسية بالتوجه للمراكز الامتحانية."

حظر التجوال الذي تشهده الموصل ترافق مع اجراءات امنية مشددة، واعلان بدء الحملة العسكرية لملاحقة تنظيم القاعدة في المدينة، ومع وصول المزيد من المسؤولين والقطعات العسكرية من بغداد، يبدو ان اداء الامتحانات بالنسبة لنصف مليون طالب من اهالي الموصل، لن يكون امرا متيسرا كما في مدن ومحافظات اخرى تشهد نوعا من انواع الاستقرار النسبي.

ويتابع يحيى، إن القلق "يسود الان بين اوساط الهيئات التعليمية واهالي الطلبة حول الاوضاع الامنية التي سترافق اداء الطلبة لامتحاناتهم، اضافة الى ان نقاط التفتيش المنتشرة في الطرقات قد تعيق الحركة بين المراكز الامتحانية، وربما حتى يطلبون فتح مظاريف الاسئلة الامتحانية بحجة التفتيش كما حصل في السنوات السابقة، وهذا كله يعني ان هناك مشكلة حقيقية سنواجهها خلال الامتحانات."

وتقول فرح عدنان، الطالبة في احدى المدارس المتوسطة في الموصل، أن الوصول الى المراكز الامتحانية "هو المشكلة الرئيسية التي تواجهنا، فالاوضاع الامنية متوترة والجسور مقطوعة بين الساحلين الايمن والايسر في المدينة." وتضيف فرح "انا اسكن في حي الطيران في الساحل الايمن، ومدرستي في الساحل الايسر، وصعوبة التنقل بين مناطق المدينة سيكون سببا في عدم وصولي في الموعد المحدد للامتحان."

وفي مدينة الصدر يقول معاون مدير قسم الامتحانات في تربية الرصافة الثالثة، ان الامتحانات للمراحل غير المنتهية "بدأت في موعدها المقرر ووفق الجداول الامتحانية في عموم مدينة الصدر." مضيفا "ستكون امتحاناتهم على اساس المواد التي درسوها خلال الفترة التي سبقت العمليات العسكرية في المدينة." في اشارة الى عدم اكتمال تدريس المناهج الدراسية بسبب تعطل الدراسة لاكثر من شهر.

ويوضح المتحدث باسم عمليات بغداد التي تقع مدينة الصدر ضمن قواطع عملياتها، إن "وزير التربية طرح بعض الحلول لتسهيل اداء الامتحانات لطلبة الابتدائية والمتوسطة والاعدادية في مدينة الصدر, وستعلن التفاصيل في الوقت المحدد."

ويضيف اللواء قاسم عطا، لـ(اصوات العراق) أن "قيادة عمليات بغداد ستعالج موضوع الامتحانات واليات اداء الطلبة لها، بالتنسيق مع وزارة التربية."

من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية عبد الكريم خلف ان "هناك تقييما جديدا للاوضاع في مدينة الصدر، وان الوزارة تنسق مع وزارة التربية لتوفير السبل الكفيلة بتسهيل اجراء الامتحانات لعموم الطلبة في مدينة الصدر."

يقول معاون مدير احدى المدارس الابتدائية في المدينة، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن "ادارة المدرسة، وضعت جدولا محددا للامتحانات، ابلغ به اولياء امور الطلبة، وتم التاكيد على أن الامتحانات ستكون في موعدها المقرر، وان جميع الطلبة من الصف الاول وحتى الخامس الابتدائي سيؤدون الامتحانات في وقت واحد، وهو الساعة الثامنة من صباح يوم الثلاثاء الماضي."

وفي نفس التوقيت تماما، اي في الثامنة من صباح الثلاثاء الماضي، كان الطلاب في ثلاث محافظات امنة نسبيا، في طريقهم لاداء الامتحانات، رغم ان الامر لن يخلو من المصاعب كما يبدو.

ففي مدينة كربلاء التي تقع الى الجنوب من العاصمة بغداد، توجه أكثر من 170 ألف طالب وطالبة موزعين على 612 مدرسة، لاداء الامتحانات، بحسب المدير العام لتربية كربلاء عبد الحميد عبد العزيز الصفار.

ويقول الصفار ان مديريته "قامت بتهيئة كافة مستلزمات النجاح لهذه الامتحانات التي ستكون موعدا لحصاد النجاح بعد موسم دراسي كامل." مضيفا أن "التهيئة التي نقصدها هي القاعات والدفاتر الامتحانية وعدد الطلبة الذين سيؤدون الامتحانات، وتطلب الاعداد لبدء الامتحانات اقامة غرفة عمليات عقدت العديد من الاجتماعات، سعيا لتسهيل اداء هذه الامتحانات."

وتقول المعلمة أمل الزيدي، إن "أغلب المعلمين انهوا المناهج الدراسية المقررة، وخاصة لطلبة الصف السادس الابتدائي الذين سيؤدون الامتحانات الشاملة (البكلوريا)." مضيفة "ليست هناك مشاكل فيما يتعلق بالإدارة او الهيئات التعليمية، لان الوضع الان جيد." مطالبة "أولياء أمور التلاميذ أن يساعدوا الهيئات التعليمية بشحذ همم أولادهم لزيادة ساعات القراءة."

ويخالفها في الرأي، المدرس (أبو علي) الذي رفض الكشف عن اسمه الحقيقي، قائلا "لا اعتقد إن الهيئات التعليمية والتدريسية قد أكملت مناهجها هذا العام." مبينا ان الاسباب "لا تتعلق بالإدارات أو بمديرية التربية، بل بسبب الأوضاع الأمنية تارة أو الزيارات الدينية التي تشهدها المدينة تارة أخرى."

ومدينة كربلاء التي تبعد 110 كم عن العاصمة بغداد، هي احدى ابرز المدن المقدسة عند المسلمين الشيعة، ويؤمها الزوار من مختلف محافظات العراق والبلدان الاسلامية في العديد من المناسبات الدينية.

ويضيف ابو علي، ان الزيارات الدينية الكثيرة "تتطلب ان تكون هناك عطلة لأكثر من أسبوع، فضلا عن المواجهات المسلحة التي تشهدها المدينة بين الحين والأخر، وهذا ما يؤثر على انسيابية عملية التعليم في كربلاء وربما سائر المحافظات العراقية."

في محافظة أربيل، قال مدير الامتحانات في وزارة التربية في حكومة إقليم كردستان العراق "بدأت امتحانات المراحل غير المنتهية يوم الثلاثاء المصادف 13 من أيار مارس الجاري، في حين تبدأ امتحانات المراحل المنتهية للأساس في 25 من الشهر نفسه والمرحلة الإعدادية يوم 26" منه.

وأشار إلى انه لا توجد إحصائيات لحد الآن حول عدد الطلبة الذين يشاركون في المراحل غير المنتهية؛ الا انه قال إن 97 ألف طالب وطالبة سيشاركون في امتحانات مرحلة الأساس و57 ألف طالب لمرحلة الإعدادية بفروعها العلمي والأدبي والمهني.

وأوضح ناظم دهام جميل "بعد إلغاء الامتحانات بحسب النظام التعليمي الجديد لإقليم كردستان للمراحل الأولى والثانية والثالث الابتدائي فانهم يستمرون في الدوام الاعتيادي لحين انتهاء المراحل الأخرى من الامتحانات".

وبحسب النظام التعليمي الجديد لإقليم كردستان العراق ألغيت الامتحانات النهائية للمراحل الأولى والثانية والثالثة الابتدائي، كما اندمجت المرحلة الابتدائية مع مرحلة المتوسطة وسميت بمرحلة الأساس وسيؤدي الطالب الامتحانات النهائية لتلك المرحلة في الثالث المتوسط باعتبارها المرحلة النهائية.

كما انه بحسب النظام التعليمي الجديد الذي طبق هذا العام في إقليم كردستان اعتبر فيه ان مرحلة الأساس هي مرحلة التعليم الإلزامي وعلى الطلبة الالتزام به لحين الوصول إلى مرحلة الثالث المتوسط بدلا من مرحلة السادس الابتدائي كما هو معمول به في العراق.

وأشار مدير عام الامتحانات إلى ان جميع الاستعدادات اتخذت من قبل وزارة التربية لإجراء الامتحانات في أجواء هادئة وهيئت القاعات وكافة المستلزمات للامتحانات النهائية.

وتعد محافظة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق من المناطق الأمنة وتقع على بعد 349 كم شمال شرق بغداد.

في محافظة البصرة الجنوبية، بدت الاوضاع اكثر هدوءا بعد احداث دامية شهدتها المدينة اواخر شهر اذار مارس ومطلع نيسان ابريل الماضيين، ومع اقتراب موعد الامتحانات، اكتملت الاستعدادت لاستقبال الطلبة الذي وفدوا الى المراكز الامتحانية، بحسب مدير عام التربية في المحافظة.

ويقول قحطان نوري الموسوي إن "لجنة الامتحانات الفرعية في مديرية تربية البصرة، قامت بتهيئة جميع المتطلبات الخاصة بعملية الامتحانات، وهي تجري اتصالات مستمرة مع الجهات ذات العلاقة لتأمين الجانب الامني للمراكز الامتحانية والمدارس."

واستطرد الموسوي قائلا إن العمليات العسكرية التي شهدتها البصرة "تركت تداعياتها في عملية استمرار الدوام الرسمي في مدارس المحافظة، واثرت في عملية اكمال المناهج الدراسية المقررة." مستدركا ان هذا ما دفع القائمين على العملية التربوية الى "الاسراع بمعالجة حالة التأخير في انجاز المقررات الدراسية عن طريق استحداث حصص إضافية لتعويض فترة التوقف، مع استمرار الدوام طيلة ايام الأسبوع."

لكن احمد محمود، وهو طالب مرحلة الخامس الاعدادي يرى ان عملية الاسراع في اكمال المنهاج الدراسية "سببت نوعا من عدم الثقة لدى الطلاب في انهم استوعبوا الفصول الاخيرة من المناهج بشكل صحيح." متمنيا ان تراعي الكوادر التدريسية "ما عاناه طلاب البصرة من ارباك وتعطيل دراسي، طوال الاحداث التي عاشتها المدينة، ومساعدة الطلبة وعوائلهم على اجتياز مرحلة الامتحانات التي تبدو وكانها محنة حقيقية."

ويبلغ عدد الطلاب الذين يؤدون الامتحانات في عموم محافظات العراق باستثناء اقليم كردستان، اكثر من خمسة ملايين ونصف المليون طالب، بحسب مدير المكتب الاعلامي في وزارة التربية.

ويعطي وليد حسين لـ(اصوات العراق) احصائية مختصرة عن عدد الطلبة في الصفوف المنتهية الذين يؤدون الامتحانات، فمن بين الخمسة وملايين ونصف طالب، "هناك (1,056,000) مليون طالب سيشاركون في الامتحانات النهائية للمراحل المنتهية، منهم 552 الف طالب وطالبة من المرحلة الأبتدائية، و320 الف طالب في المرحلة المتوسطة، و 152 الف طالب وطالبة على مستوى الاعدادية بقسميها العلمي والادبي، و18,500 الف طالب وطالبة في التعليم المهني."

وعن الحلول التي وضعتها الوزارة لمعالجة الاشكالات التي قد تشهدها المدن الساخنة اثناء الامتحانات، قال حسين ان الوزارة ستشكل غرفة عمليات برئاسة وزير التربية نفسه، لمعالجة اي امور طارئة ترافق فترة اداء الامتحانات في المناطق الساخنة، مثل مدينة الصدر ببغداد ومدينة الموصل."

واضاف حسين أن وزارة التربية "لديها دائما خطط بديلة، بعضها قد يتضمن نقل المركز الامتحاني الى مناطق اكثر امنا، وغيرها من السبل التي سبق ان اتبعتها الوزارة في السنوات الماضية."

شبكة النبأ المعلوماتية- االاحد 18 أيار/2008 - 11/جماد الاول/1429