فيلم كيرت فيلدرز وأفلام الزرقاوي!

مهند حبيب السماوي

الفلم الذي بُث على احد مواقع الانترنيت للنائب الهولندي اليميني المتطرف كيرت فيلدرز الذي يطعن في مبادئ الدين الأسلامي ذكرني مباشرة بعشرات بل مئات الأفلام التي بثها الأرهابي أبو مصعب الزرقاي وعصابات القاعدة في مختلف المواقع الالكترونية التابعة لمليشياتهم بعد سقوط النظام السابق ودخول هؤلاء الى العراق بعد أن قامت الأدارة الامريكية بأغبى خطوة تتعلق بالعراق حينما قامت بحل الجيش العراقي وترك حدوده سائبه بلا حرس حدود أو جيش يحميها من المتسللين والارهابين.

هذه الأفلام التي بثتها تنظيمات القاعدة والمسلحين في العراق ساهمت ب :

1. تقديم صورة سيئة وبربرية للاسلام من قبل هؤلاء الذين كانوا يذبحون ويقتلون ويضعون خلفهم شعارات ولافتات اسلامية بل وتتفوه السنتهم القذرة بعبارة الله اكبر !.

2. توفير المادة الأولية لكيرت فيلدرز وأمثاله للطعن في الأسلام وتعاليمه التي قام هؤلاء الارهابيون بلوي عنقها وتأويلها حسب اهوائهم وأمراضهم. 

3. فضح أيديولوجيا بعض من الأسلاميين المتشددين أنفسهم  وكيف أظهرتهم للعالم وهم يتبنون أفكار ظلامية إرهابية تقود الى تدمير المجتمع وتفتيت الحضارة والرجوع به القهقرى الى عصور ماقبل الصناعة.

وهذا يعني أنه لايوجد فرق بين فيلم فيلدرز وأفلام هؤلاء اذ كلاهم يسيء للإسلام ويرسم عنه صورة همجية بعيده عن مضمونه الإنساني ومحتواه الحضاري وفحواه التي رسمتها تعاليم النبي الأعظم صلوات الله عليه واله والتي تجعل من النبي _مثلاً _ يسأل عن شخص يهودي افتقده  في يوم من الأيام بعد أن كان يرمي كل يوم القمامة  أمام بيت النبي !! ويخرج النبي يحملها بيديه ويضعها بعيداً ولا يفعل له اي شيء بل عندما خرج النبي في احد الايام ولم يجد القمامة سأل عن اليهودي فقيل له انه مريض  فقام النبي صلى الله عليه واله بعيادته !!!.

وفي الواقع أن الذي شاهد فلم فيلدرز فأنه سوف يرى تلاوة الكثير من الأيات القرآنية بأصوات بعض من قراء القرآن التي أنتقاها فيلدرز أو من يقف ورائه _ ولاريب ان هنالك الكثير ممن يقف ورائه_ من خارج سياقاتها التي أتت فيها مع ظرفها الزمني والمكاني...كما أنه قد أنتقى أيضاً بعض المقاطع من بعض الخطب لبعض مشايخ المسلمين... ثم يعقب الاية او القول بلقطات من عملية أرهابية لجماعات أسلامية متطرفة ليؤكد من خلال ذلك أن هذه التعاليم هي من أدى الى حدوث هذه المجازر والعمليات المجرمة...

طبعاً لاداعي لأثبات فساد هذا الأستدلال لان المقدمة _ ان كانت الايات القرانية فعلاً _ التي يحاول فيلدرز القول بأنها سبب الارهاب، هذه الايات موجودة منذ عشرات بل مئات السنين ولم تحدث عمليات أرهابية بهذا الشكل والأسلوب والهمجية التي تحدث الأن، فالخلل يعني ليس بالآيات وانما بالاشخاص انفسهم الذي يعللون افعالهم الهمجية والبربرية بالايات القرانية وليس الا ذواتهم وشخصيات هؤلاء الذين ينفذون هذه العمليات...

ولو انتقلنا من فلم كيرت فيلدرز الى افلام الزرقاوي والجماعات التكفيرية في العراق فاننا سوف نرى في تلك الافلام الكثير من الذبح والقتل وهم يستندون في ذلك الى أيات قرانية واحاديث نبوية وهذه قمة المأساة وأوج الأسائة الى الدين الأسلامي... لان الذين يقومون بهذه الاعمال البربرية هم من المسلمين ويتفوهون بايات قرآنية تتحدث عن القتال والجهاد كما أنهم يدعمون موقفه ببعض الاحاديث النبوية وبذلك يقدمون للأخر مادة اولية للهجوم على الأسلام وتقديمه بالصورة التي يبتغونها...

المشكلة الكبرى في هذه القضية أن المسلمين ومشايخهم ينددون بفلم فيلدرز وهو فلم تافه وتتداخل فيه ابعاد سياسية وانتخابية أكثر منها فكرية

وايديولوجية... ولاينددون أو يتظاهرون بالمستوى والحماس نفسه غضبا على افلام الزرقاوي والجماعات التكفيرية في العراق, وضحاياهم في العراق الذين فتكت تلك العصابات الأجرامية بهم وولغت في دماء العراقيين الابرياء ممن لاناقة ولاجمل لهم في السياسة ولا في مكاسبها ومغانمها....

نعم ربما هنالك استنكار باهت ورفض خجول لا يتناسب أبداً مع حجم الفضائع  التي أرتكبها الارهابيون في العراق  الذين يتحملون بشكل مباشر كل تداعيات السمعة السيئة التي يوصم بها المسلم اينما ذهب في أرجاء العالم والذين بصراحة لم يقفوا ضد تنظيم القاعدة وكل من شذ عن نهج الاسلام المعتدل الوقفة المطلوبة الحقيقية منهم.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- االسبت 17 أيار/2008 - 10/جماد الاول/1429