خياراتنا العملية ومهمة اتخاذ القرار

ميثم العتابي

شبكة النبأ: تعدد مفاهيم الخيارات يعطي لنا صورة واضحة وجلية حول تعددية القرارات، ومهمتنا الدقيقة في كيفية جلب القرار المناسب في اللحظة المناسبة. إذ تبدو العملية للوهلة الأولى شاقة، ذلك حسب مقتضيات اللحظة الآنية التي يمليها علينا الظرف الراهن المحيط بنا وبالآخر. على ان تكون محصلة كل القرارات خارجة عن محيط العاطفة والإرتجال، وهما عنصران من شأنهما ان يفسدان كل قرار.

وهذا ما يسمى بمنهجية التفكير لا أعتباطيته، فالتفكير هو الركن الأساس في إتخاذ القرار المناسب والموافق لكل حالة مهما تنوعت وتغيرت ظروفها وعلى حدى، ومنهجية التفكير تتطلب الإلمام بالكثير من الأمور والعلاقاتية التي من شأنها ربط العناصر بمكوناتها وتأصيل هذه العناصر لتحديد رقعة العمل والنمط التي سيكون علينا التحرك وفق وضوح علاماتها.

والخيارات هي في جعل حالة شبه وسطية بين فحوى تعددية القرارات التي تطرح في اللحظة المعينة من الاجراء العملي، وكلما أزداد التفكير في تتبع المنهجية العلمية الدقيقة، كثرت الخيارات وتعددت أصواتها، بالتالي كثرت تعددية القرار، وتشعب المعنى، وأنحسر الخطأ.

ومن الطبيعي أن يكون الخيار المرتبط بالقرار يرمي من وراءه إلى أهداف متوخاة، وهذه الاهداف هي التي تحيط بكلية اتخاذ القرار، فالهدف من وراء أي قرار هو عادة مايمليه علينا الإنسجام أو التقارب بيننا وهذه الاهداف.

وإلى جانب التفكير المحض في عملية فرز تشبه إلى حد كبير فرز الأصوات للناخبين، يقوم المقرر بفرز هذه القرارات من مناطق الخيار، لإكتشاف المناسب منها، وهذا يتطلب جهدا كالممارسة العملية، أو الإيمان بواقع العملية التي يتبناها، أيضا بعد النظر الذي من شأنه ان يكون جامعا بين مصلحية الفرد والمصلحة العامة، وإلى جانب ذلك كله حتمية الأخلاق الجيدة التي تؤهله من:

ـ عدم ظلم الآخر، سواء على المستوى الإقتصاي، المعنوي، أوالمادي المتعلق بالآخر كالخسارة الجسدية وما إلى ذلك.

ـ عدم تجاهل او احتقار أو تهميش الآخر، وجعله مشاركا رئيسا.

ـ عدم الركون بأي حال من الأحوال إلى مبدأ الغاية تبرر الوسيلة على الصعيد الإنساني، بالتالي جعل الإنسان الاخر ومصالحه ومتعلقاته جزء مهم ومحوري أثناء لحظة اتخاذ القرار.

المهم من هذا كله في عميلة اتخاذ القرار، وتعدد الخيارات، هو الانسان، والانسان وحده. فكل المفكرين والمنظرين الذين يهتمون بالشأن الإنساني والإرتقاء به، يركزون على تعددية منطق التأويل للفكرة الواحدة، حتى تأتي النتائج وفق الحسابات الإنسانية الاكثر.

وطبيعي جدا كلما تقدمت الأمم، كلما زادت إحتمالية تعدد الأهداف وتعدد الخيارات، بالتالي تتشعب القرارات حتى تصل إلى أعداد كثيرة وكبيرة، ذلك أيضا يتوقف على نوع وحجم وشكل القرار والعملية المزمع عقدها.

وهذه التعددية هي لضمان ضم أكبر عدد ممكن من مراكز الصحة العملية الفكرية الضامنة المحافظة على الانسان. وبالتالي إختزال ومحو بواطن الأخطاء التي من شأنها ان تعمل خللا في العلاقات الاجتماعية والمنظومة الإنسانية.

والقرار لايمكن أن يأتي وحده دون معونة جماعية أوفردية مكتسبة عن طرق مختلفة (أصدقاء، مستشارين، علماء، .. ألخ) ذلك طبعا تحدده قيمة القرار ومدى إنعكاسه على أرضية الواقع. والأهم من ذلك كله كيف يتم إختيار هؤلاء؟ طبعا وفق أهمية القرار، فلهؤلاء أحيانا انزياح ايجابي على مستوى القرار وشكله ومحيطه، أو سلبي على مجرى الأمور التي يخلفها القرار، لأنهم يرون بعيون مجردة، عيون بشرية خالصة قد لاترى إلا مصالحها أحيانا.

ولكن من الممكن جعل القرار أكثر مركزية وأكثر تعميما للفائدة وأكثر إيجابية عن طريق التفكير بالامور التالية:

ـ النظر لكل الظروف المحيطة بالقرار بعين حيادية، وليست احادية.

ـ معرفة مصالح المستشارين والعلماء والاصدقاء، المتوخاة من القرار مسبقا.

ـ الإلتزام بالتعهد الأخلاقي الكامن في الذات الإنسانية.

ـ المردود المستقبلي الكبير وراء القرارات الإيجابية، وإن كانت المردودات الآنية قليلة سواء على الصعيد الاستثماري الاقتصادي او السياسي او الديني او حتى الاجتماعي.

ـ التحلي الكامل بالثقة والمسؤولية اتجاه الآخر، مهما يكون الآخر، والنظر إلى الأمور بعين العقل والحكمة والواعز الأخلاقي، والإبتعاد عن العاطفة أو الإنجرار خلف الاهواء والمصلحة الشخصية.

بهذا سنكون على يقين بأن قرارتنا مهما كانت وفي أي حال وعلى أي صعيد، ستكون خادمة بالدرجة الأولى المحيط الذي يكتنفها، وثانيا ستكون مفيدة لنا، فالفائدة المتوخاة هي تقديم السعادة للإنسانية على تعدد ألوانها وأشكالها ومعتقداتها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثلاثاء 6 أيار/2008 - 29/ربيع الثاني/1429