مدينة الصدر محاصرة أم أسيرة

عبدالامير علي الهماشي 

مدينة الصدر بوابة العراق الجديد كما أسميتها من قبل تعيش أحداثا درامتيكية هذه الايام وهي على موعد مع فتح كبير إذا ماسارت الامور وفق ما هو مخطط له ،وربما يتمنى أبناؤها حلا سريعا حتى لو بآخر الدواء.

 ولولا هذه الاحداث لاخذت مشاريع الاعمار ومشاريع إعادة البنى التحيتية مداها الطبيعي ووفق ما خُطط له في ميزانية الدولة لهذا العام والعام المقبل ومن زار او يزور المدينة هذه الايام يرى الفارق بين ماكان وما هو  كائن فبدلا من الجزرات الوسطية التي تم زرعها بالورود التي استبشرنا منها خيرا قبل شهرين تم زراعة العبوات المستوردة  والداخلة لنا عنوة ولاهداف اصبحت معروفة للقاصي والداني.

وقد لاحظت أن بعض السياسيين اللاعبين بكل الاوراق من أجل تعطيل قطار العملية السياسية في العراق يتباكى بدموع التماسيح على أوضاع مدينة الصدر ويكون من ضمن الوفد البرلماني الذي يعتصم في المدينة وهو من كان يتهم أبناءها بأنهم من عصابات القتل التي تنال طائفته ،وهو من يترأس مجاميع مسلحة تعاونت مع تنظيم القاعدة الارهابي في تصفية طائفية في محافظته وبعضهم كان يشكو((طائفيا)) من هذه المدينة للقوات الامريكية ويحرضها لهجوم او حصارعليها ،ونجحت هذه المحاولات وباشرت القوات الامريكية قبل سنة تقريبا بالبدء بحصار المدينة ولولا تدخل رئيس الحكومة المالكي )) شخصيا لبقت المدينة تحت الحصار منذ ذلك الوقت ،وشكلت هذه القضية اولى الخلافات بين السفيرالامريكي السابق ((زلماي زاد)) وقائد القوات الامريكية.

ولذلك يبدو مستغربا أن يُتهم رئيس الوزراء بانه يحاصر المدينة في الوقت الحاضر ،وقد يقول بعضهم أن ظروف اليوم ليست كأمس،ولكن مصادر مطلعة تؤكد على أن الحكومة أوقفت الكثير من الاقتراحات العسكرية التي تؤدي نتيجتها الى تدمير اجزاء من المدينة نتيجة وجود العبوات امام المنازل وفي دور العبادة.

وربما يُصر بعضهم على اعتبار المدينة محاصرة كعقاب جماعي لابنائها في عملية ((تسيس)) وتوظيف للاحداث لمصلحته في تسجيل النقاط او تاليب الناس ضد الحكومة.

وربما تصح هذه المقولة لو هُدد ابناؤها عند خروجهم ودخولهم من قبل القوات المسلحة ولكن الامر مختلف تماما حيث يُلاقي أبناء المدينة التهديد من العصابات المسلحة التي لايتجاوز عددها أكثر من بضعة الالاف يتوزعون في قطاعات المدينة او احيائها.

ويحاول المسلحون تأزيم الاوضاع من خلال استهداف مرافق الحياة الضرورية لخلق جو ساخط ضد الحكومة وتحويلها الى فعل عسكري او عصيان مدني تُشل فيه الحياة وربما تُسقط فيه العملية السياسية برمتها ونعود الى المربع الاول الذي عجزت الاساليب الماضية حتى هذه اللحظة عن تحقيقه.

وقد ينقلب السحر على الساحر وتطالب العوائل المتضررة باخراج هؤلاء او تُشكل مجالس لاسناد الحكومة في فرض القانون في المدينة ،وبعد التجربة    التي أثبتت عُقم الاساليب المتبعة من قبل هذه الجماعات في احداث تغيير سياسي وهي ترتزق على الاستنزاف حسب ما هو مخطط لها خارجيا وليس وفق اجندة عراقية وطنية.

ومن الممكن القول أن الاجراءات الامنية مشددة وتؤدي العمليات العسكرية الى الكثير من التجاوزات ولكن هناك مبررات عديدة أهمها هو عدم تسرب هذه المجاميع الى مناطق اخرى ولذلك تحاول هذه المجاميع التمترس بالعوائل في مدينة الصدر لصد هجوم حكومي كبير ضدها والتي سوف تؤدي الى خسائر كبيرة في الارواح اذا ماتمت بالطريقة التي يريدها المسلحون او الطامحون باعادة الامور على الاقل الى ماقبل خطة فرض القانون.

ان المدينة هي اسيرة لمسلحين خارجين عن القانون وهو ما يطلقه ويصرح به أبناء المدينة الذين نلتقيهم يوميا ويبدون تذمرهم الواضح من هؤلاء الذين يعرفون سيرهم الذاتية وواقع حياتهم اليومي ،وربما دخلت اطراف اخرى في بداية الازمة لاشعال فتنة كبيرة.

وربما تكون محاصرة لكن ليس ذلك الحصار الذي يحاول الاخرون تشبيهه بحصار غزة وشتان  مابين المدينتين ومابين الحكومتين وما بين الوضعين على المستوى السياسي والامني والعسكري.

وننتظر مبادرة من رؤساء العشائر ووجهاء المدينة لطرد هذه العصابات وتسليمها الى الجهات التنفيذية لتعود الحياة طبيعية وهادئة.

وقد يُطالب بعضهم بحل عسكري سريع التي عادة ماتكون نتائجها التدميرية كبيرة وعلاجها غير ناجع وهو ماشهدته تجارب السنوات الخمس الماضية في كثير من الامور التي جرت في مكافحة الارهاب.

 ولكن المواطنيين المتضررين في المدينة يتنامى لديهم شعورا بان الاجراءات ربما تبقى الى أمد غير محدد والكثير من العوائل تعيش قوتها اليومي من خلال الاجر التي يتقاضاها رب الاسرة ومعيلها من خلال الاعمال اليومية.

وهذ ما يُحاول الاخرون استثماره وتوليد حالة من السخط والرفض لاجراءات الحكومة في هذا المجال.

ويقترح بعض الخبراء ان التعامل مع هذه المواقف التي تكون فيها المناطق أسيرة لعصابات مسلحة أن تكون عمليات منتخبة لقوات منتخبة يجري من خلالها تطهير المناطق دون خسائر كبيرة.

كما لاننسى ان يكون هناك حل سياسي مع الحل العسكري المرتقب للوصول الى حل يريح المدينة وابناءها اولا واخرا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5 أيار/2008 - 28/ربيع الثاني/1429