شبكة النبأ: ما بين صعوبة التنقل في المناطق المزدحمة في مدن
العراق التي غصّت بالسيارات بعد التغيير عام 2003 وكثرة الحواجز
الكونكريتية في الشوارع والأزقة، ومابين الكلفة الباهضة للوقود
والصيانة التي يتطلبها التنقل بالسيارات، ظهرت موجة عارمة من
الاستعمالات المختلفة للدراجات النارية في البلد، حتى أضحت وسيلة
مهمة للتنقل والتسوق والوصول لأماكن العمل والدراسة. ويستخدمها
اصحابها كذلك لنزهة الاطفال خاصة في الاعياد والمناسبات.
يقضي جليل عبد السادة جل نهاره في شارع المشروع القريب من
منطقة الأسواق بمدينة الكوت بانتظار المتبضعين من السوق لنقل
بضاعتهم بواسطة دراجته النارية والتي شاعت تسميتها محليا بـ (الستوتة).
هذا النوع من الدراجات النارية المزودة بصندوق خلفي انتشر مؤخرا
في مدينة الكوت بسبب قدرتها على في اختراق الشوارع المزدحمة وتفادي
الاختناقات المرورية فضلاً عن أجورها الزهيدة مقارنة بأجور
المركبات.
وعبد السادة ( 41 عاما ) معيل أسرة مكونة من ستة أفراد، بدا
عليه الإعياء لوقوفه طويلا تحت أشعة الشمس قال والعرق يقطر من وجهه
"هذه الدراجة هي مصدر رزق عائلتي، فإذا ما تعطلت أو توقف العمل
فيها لأي سبب نبقى بلا مورد."
وتابع عبد السادة ان "مالكي هذا النوع من الدراجات هم من أصحاب
الدخول المحدودة وعندهم عوائل كبيرة ومصدر عيشهم هي الستوتة."
وأضاف "بيننا العديد ممن يحملون الشهادة الجامعية لكنهم يئسوا من
الحصول على وظيفة حكومية مما دفعهم لشراء دراجة من هذا النوع
يعملون بها."
نتيجة الطلب على الدراجات النارية ارتفع سعر الواحدة من مليون
و350 ألف دينار عراقي، حين اشتراها خالد رهيف في آب أغسطس العام
الماضي ، إلى حوالي المليونين و250 ألف دينار أي الضعف تقريبا.
وقال خالد حمد ارهيف (خريج المعهد الفني في الكوت قسم المحاسبة)
"اضطررت لشراء هذه الدراجة بعد استدانة قسم من ثمنها من شقيقتي
بهدف الحصول على مورد مالي حتى وان كان بسيطاً". موضحاً أن "عددا
غير قليل من العاطلين عن العمل اضطروا للاستدانة واشتروا ستوتات
وهم الآن يعملون في الشارع فذلك أفضل لهم من البطالة."بحسب وكالة
اصوات العراق.
وبين ارهيف بأن بداية العمل والنزول إلى الشارع كانت صعبة عليه
بسبب " المضايقات المرورية والخجل من الأصدقاء." بدافع الخجل اختار
ارهيف العمل "في وقت الظهيرة وفي بعض الأحيان ليلا كي لا يراني أحد".
وكانت السوق الكبيرة لـ (الستوتات) محافظة كربلاء، لكنها انتقلت
إلى المحافظات الأخرى، ومنها واسط وأصبحت لها معارض خاصة بها
وأسواق جملة ووكلاء مختصون بها، أغلبهم يتعامل بالأقساط الشهرية
بعد أن يأتي المشتري بكفيل يضمنه.
وعلل ارهيف سبب ظهورها أو انتشارها في محافظة كربلاء "لأنها
استخدمت في نقل الزوار أثناء الزيارات حيث تغلق السلطات المحلية
هناك شوارع المدينة أمام حركة المركبات دائما."
وأعتبر علي جواد ( صاحب مكتب بيع الستوتات) أن أفضل طريقة لبيع
هذا النوع من الدراجات هي الدفع بالأقساط الشهرية " لأن أغلب
المشترين فقراء لا يستطيعون دفع ثمنها مقدما. وقد اعتمدنا هذا
الأسلوب في البيع و نجحنا في تسويق كميات كبيرة من الستوتات."
أما لماذا يفضل المتبضعون استخدامها بدلا من سيارات الحمل
الصغيرة فيقول أحد العاملين وهو يضغط الدواس " تستطيع الستونة دخول
الشوارع الضيقة ضمن منطقة الأسواق ، كما أن أجورها زهيدة مقارنة
بالأجور التي يتقاضاها أصحاب سيارات الحمل لذلك صار الطلب عليها
كبيراً."
من جانبه قال محمد هادي وهو صاحب مركبة بيكب حمولة طن واحد، إن
انتشار هذا النوع من الدراجات "أثر بشكل كبير على أصحاب مركبات
الحمل الصغيرة، بل أوقف عملنا تماما."
و أضاف "نحن في الغالب نقف في الأماكن القريبة من الأسواق لنقل
البضائع وإيصالها إلى مناطق مختلفة داخل المدينة." ثم قارن " أما
أصحاب الستوتات فصاروا منافسين أقوياء لنا لان باستطاعتهم أن
يحملوا بقدر ما تحمله مركباتنا ، مع أكثر من ميزة تخدم الزبون مثل
قلة السعر، وقدرتهم على دخول الشوارع الضيقة ضمن منطقة الأسواق،
والغالبية منهم يقوم بحمل البضاعة بنفسه، لذا فضلهم المتبضعون
علينا."
وأردف أن " البعض من زملائنا اضطر لبيع مركبته وشراء ستوته
وصاروا يحصلون على مورد مالي أكثر."
البعض من المتبضعين صار يوصي صاحب الستوتة بأن يتسوق نيابة عنه
ويوصل البضاعة الى البيت، كما يقول محمد هادي.
لماذ سميت الدراجة النارية بإسم الدلع ( ستوته) يجيب واحد من
راكبيها، خليل حسن، بأن هذه التسمية مشتقة من ماكنة المطبخ
المتعددة المهمات ( ست البيت) التي هي خلاطة وعصارة وثرامة.
الستوتة مثلها ذات مهام متنوعة فهي "واسطة لنقل الحمولات، وأحيانا
لنقل الأشخاص ويستخدمها أصحابها لنزهة الأطفال خاصة في الأعياد
والمناسبات، وهي بذلك تشبه ست البيت وسميت ستوتة للدلع."
وومع أن الستوتة صارت سيدة الشارع بلا منازع، لأنها تنقل
الأشخاص والبضائع في الشوارع العامة والأزقة لكن واحدا من أوائل
العاملين عليها محمد فرهود (47 عاما) يشكوا من مضايقات رجال المرور
"يضايقوننا ويطالبون بلوحات التسجيل كما يمنعونا أحيانا من الوقوف
في الأماكن التي تعودنا عليها، و لا يسمح لنا بدخول محطات الوقود
لأغراض التزود بالوقود."
وبين فرهود الحاجة لـ ( تاسيس نقابة أو جمعية أو رابطة تدافع
عنهم وتطالب بحقوقنا، فعددنا غير قليل."
لرجال المرور ملاحظاتهم حول انتشار الستوتات وهم يقسمونها الى
نوعين حددها أحدهم " الأول ذو الإطارين وبمحرك 125وهذا النوع يعامل
كدراجات هوائية، والنوع الثاني دراجات الحمل، أي التي تحمل صندوق
ملحق بها (بدي) و بمحرك أكبر، وهي تشبه المركبة وحمولتها طن واحد"
وبين رجل المرور بأن النوع الأخير "يجب أن يخضع إلى القوانين
والأنظمة المرورية ولا بد من أن تحمل لوحات تسجيل وأن يحمل سائقها
رخصة قيادة،كما لابد من أن يرتدي غطاء الرأس ( الخوذة ) أثناء سيره
في الشارع."
وقال إن "باب التسجيل مفتوح حاليا في الدوائر المرورية، ويمكن
إنجاز معاملة التسجيل بيوم واحد إن كانت مستوفية للشروط ". |