شبكة النبأ: على خلفية تسلل المارد الصيني لأفريقيا مستغلا
انشغال الولايات المتحدة بمشاكلها الداخلية والخارجية، يبرز اهتمام
الادارة الامريكية البالغ والمفاجئ بالقارة السمراء، ومن خلال ذلك
تتسلط الأضواء على سباق محموم بين واشنطن وبكين على موارد القارة
المتخمة بالذهب وبالثروات الطبيعة، وعلى رأسها النفط.
فقد هيمنت المساعدات الأمريكية الضخمة على اصداء زيارة بوش
الاخيرة للقارة، إلا انه ورغم تأكيداته على ان جولته كانت لإبداء
جانب الرعاية والاهتمام، تجمع العديد من الجهات الدولية المختلفة
على انها تدخل في إطار حماية المصالح العسكرية والإستراتيجية
ومصادر الطاقة، وموازنة النفوذ الصيني المتزايد هناك.
وفي دلالة بالغة الأهمية على تركيز الإدارة الأمريكية الحالية
على ثاني أكبر قارات العالم، فإن بوش هو الرئيس الجمهوري الوحيد
الذي زار أفريقيا، وثاني رئيس من كلا الحزبين يقوم بجولة فيها خلال
ولايته الرئاسية الأولى.
كما تضاعفت المساعدات الأمريكية إبان رئاسة بوش بواقع أربعة
أضعاف، وعينت الولايات المتحدة، ولأول مرة في تاريخها، سفيراً لها
لدى الاتحاد الأفريقي، إلى جانب إنشاء القيادة الأمريكية الأفريقية
العسكرية.
اهتمام متأخر
برز الاهتمام بنفط القارة إبان الاستعدادات للحرب الأمريكية على
العراق، وإضرابات العمال في فنزويلا، وتهديدات رئيسها هوغو شافيز
الدائمة بقطع إمدادات النفط، إضافة إلى الاضطرابات الأمنية التي
شهدتها المملكة العربية السعودية عام 2003، وهي عوامل حفزت مجتمعة
"شهية" الولايات المتحدة اللامتناهية لمصادر الطاقة، كما يرى
الخبراء.
تزود دول غرب أفريقياً الولايات المتحدة بحوالي 12 في المائة من
الواردات الأمريكية من النفط، ويتوقع مجلس الاستخبارات القومي في
امريكا أن ترتفع إلى 25 في المائة بحلول العام 2015.
يقول إيان غاري، محلل السياسة النفطية بمنظمة أوكسفام العالمية
لـCNN، إن القارة أصبحت بقعة ساخنة لسباق دولي محموم للاستثمار في
قطاع النفط لأسباب عدة، لعل أبرزها أنها المنطقة الأخيرة في العالم
التي توجد بها احتياطيات هائلة من النفط والغاز، لا تخضع لسيطرة
مؤسسات الدولة، كما هو الحال في الشرق الأوسط.
وأضاف أن النفط الخام المستخرج من إقليم خليج غينيا، يعد من
النوعية الممتازة، كما أن موقع تلك الحقول في المناطق البحرية،
يزيح عن كاهل شركات النفط عبء إرباك وكذلك الاحتكاك بالمجتمعات
السكانية.
سباق أمريكي صيني محموم
ويرى مراقبون ان تلك القارة الساخنة مرشحة لتكون جبهة "حرب"
باردة، سلاحها الدولار، بين القطبين، الرأسمالي والشيوعي.
كبير الباحثين في "معهد السياسة الدولي"، إيان بريمر، قال في
حديث سابق لـCNN إن حاجات الصين المتزايدة لإمدادات ثابتة ومستقرة
من النفط والمواد الخام دفعها للتورط سياسياً بعمق في مناطق حول
العالم، تمتعت فيها واشنطن طويلاً باحتكار النفوذ الدولي.
وقادت احتياجات الصين الهائلة لموارد طاقة تضمن دوران عجلة
اقتصادها المتنامي، حيث من المرجح أن يبلغ استهلاك التنين 21 مليون
برميل من النفط الخام في اليوم بحلول عام 2022، إلى العديد من
أنحاء المعمورة، من بينها إيران وإقليم دارفور غربي السودان الغني
بالنفط، ليجد نفسه في خط مواجهة مباشرة مع أمريكا، بحسب ما ذكره
بريمر.
ويشكل تغلغل النفوذ الصيني في القارة الأفريقية هاجساً مقلقاً
لإدارة واشنطن، رغم مطالب مسؤولين أمريكيين بضرورة تنسيق القطبين
الرأسمالي والشيوعي لحماية مصالحهما المشتركة.
ولفت تقرير من "مفوضية المراجعة الأمنية والاقتصادية للولايات
المتحدة والصين" إلى أن إستراتيجية الطاقة التي تنتهجها حكومة
بكين تشكل مصدر قلق إلى أمن الطاقة الأمريكية، وذلك نظراً
لاهتمامات بكين المتصاعدة بالسيطرة على النفط ومصادر إنتاج الموارد
الطبيعية الأخرى، مباشرة من مصادرها، عوضاً عن الاستثمار، لإتاحة
المزيد من الإمدادات في السوق العالمية.
واستشهد التقرير بالسودان كمثال حي للإستراتيجيات التي تتبعها
الصين في القارة - "حزمة متكاملة" - تشمل التمويل، والخبرة التقنية،
إلى جانب النفوذ الدولي لحماية الدولة المضيفة في المحافل الدولية.
فالصين تسيطر على شريحة لا يستهان بها من حقول النفط في
السودان، حيث يبلغ إجمالي استثمارات "المارد الشيوعي" ما يفوق
أربعة مليارات دولار.
السيناتور الديمقراطي جوزيف ليبرمان، نبه إلى هذا الأمر، وذلك
في كلمة ألقاها أمام مجلس العلاقات الخارجية، تحت عنوان: "سياسات
الطاقة الأمريكية الصينية: خيار التعاون أو التصادم"، حيث ألمح إلى
أن المنافسة الشرسة بين القطبين على الطاقة ربما تكون أحد أكبر
المخاطر التي قد تؤدي إلى مواجهة محتملة بين الطرفين.
وطالب السيناتور، العضو في مجلسي الأمن القومي والشؤون الحكومية
بمجلس النواب، أكبر مستهلكين في العالم للنفط للعمل سوياً من أجل
توظيف تقنيات جديدة تساعدها للتخفيف من اعتمادها على الذهب الأسود.
وجاء في جلسة استماع سابقة لرئيسة "مفوضية الأمن والاقتصاد
للولايات المتحدة والصين" كارولين بارثلوميو أمام مجلس النواب، أن
الصين تسيطر على شريحة مهمة من حقول النفط في السودان، وتستورد 7
في المائة من حاجياتها من النفط من هناك، وأن الاستثمارات الصينية
تصل إلى نحو 4 مليارات دولار.
وفي هذا المجال، أكد المحلل النفطي من أوكسفام، غاري، أن
اهتمامات التنين الصيني بثروات القارة الأفريقية الطبيعية ترقبها
عن كثب رادارات صناع القرار في واشنطن، لكنه استبعد أن تشكل مصدرا
محتملا للتوتر في العلاقات الثنائية بين القطبين، مشدداً على أن
"النزال" سيقتصر على الساحة التجارية.
وأكد غاري في حديثه أن حزم المساعدات المالية والقروض لها
اعتبارات حاسمة في تحديد إلى أي المعسكرات ستتجه تراخيص حقوق
التنقيب في السباق القائم، مشيراً إلى أن مفعول إستراتيجية المارد
الشيوعي فيما يتعلق وموارد أفريقيا الطبيعية، التي تمزج بين
التجارة والدبلوماسية، هي الأكثر تأثيراً، رغم أن بعض الشركات
الصينية تفتقر للتقنيات الحديثة التي تتيح لها التنقيب عن النفط في
أعماق البحار، كما هو الحال في أنغولا.
وأوضح غاري أن شريحة كبرى من برامج المساعدات الأمريكية، مثل
برامج مكافحة الإيدز التي أطلقها الرئيس بوش، لا تتحيز لصالح شركات
النفط الأمريكية، على حد قوله.
ويجمع مراقبون أن بكين، التي تستورد قرابة 30 في المائة من
حاجياتها من النفط الخام من أفريقيا، لعبت أوراقها بحنكة وذكاء
أمام واشنطن، باستخدام سلاح القروض دون تبعات (no string attached
loans)، التي ساعدت القارة السمراء في الابتعاد قليلاً عن صندوق
النقد الدولي والبنك الدولي، وشروطهما المجحفة.
المساعدات الأمريكية بين الوعود والتنفيذ
ومن جانبه أكد ستيف راديليت، كبير الباحثين في "مركز التنمية
الدولية"، أن كافة المساعدات الأجنبية تأتي مقرونة بغايات وأهداف
متعددة.
وشدد راديليت على أهمية النفط الأفريقي بالنسبة لأمريكا، التي
يأتي قرابة ثلث وإراداتها من الطاقة من تلك القارة، علما أن أكبر
الدول المصدرة للنفط، وهما نيجيريا والسودان، هما في الوقت عينه من
أكبر متلقي المساعدات الأمريكية. وأوضح أن الساعدات المقدمة
لنيجيريا تأتي على شكل إعفاءات من الديون، والأخرى للسودان كمعونات
إنسانية. بحسب رويترز.
وأورد أن العديد من الدول المنتجة للنفط في القارة، مثل غينيا
الاستوائية، والكاميرون والغابون، تتلقى مساعدات رمزية أو لاشئ على
الإطلاق، وذلك في معرض تأكيده على أن النفط ليس العامل الأساسي
المؤثر في المساعدات الأمريكية لأفريقيا.
ويشار إلى أن واشنطن أطلقت في عهد بوش، أضخم حملة ترعاها إدارة
أمريكية لمكافحة الإيدز، وهي عبارة عن خطة خمسية، خصص لها 15 مليار
دولار، وتعتبر أكبر برنامج صحي عالمي على الإطلاق لمكافحة مرض واحد
بعينه، إذ ارتفع عدد المنتفعين منه من 50 ألف مريض إلى 1.3 مليون.
وتواصل الإدارة الأمريكية تخصيص موازنات ضخمة للإيدز، رغم مطالب
بعض الخبراء مؤخراً بضرورة أن تعيد الحكومات النظر في الأموال
الضخمة المخصصة لمواجهة هذا المرض وحده، وجدولتها لمعالجة أمراض
أخرى تفتك بأطفال القارة، منها سوء التغذية والملاريا والأمراض
الرئوية، بمعدلات توازي الإصابة بالإيدز، الذي وصف يوماً بأنه
"أكبر تهديد للصحة العالمية."
التدافع الجديد على الموارد الإفريقية
وفي مقال للكاتب دينو ماهتاني نشر بصحيفة الفايننشال تايمز، جاء
فيه: على النقيض من الشرق الأوسط الذي أبعدت فيه الشركات الكبرى عن
نشاطاتها العملية، أو تم ردعها عن الاستثمار، فإن إفريقيا قدمت
للشركات متعددة الجنسيات شروطاً سهلة نسبياً، ودخولاً مكثفاً إلى
حقولها النفطية خلال السنوات ال 15 الماضية.
كانت هذه القارة قادرة على اجتذاب الأموال من أكبر شركات النفط
من أمثال "إكسون موبايل"، و"شل"، المتطلعة إلى استغلال أراضيها
الواعدة التي لم يتم الاستكشاف فيها نسبياً، ولا سيما في خليج
غينيا وشمال إفريقيا.
كما أن لدى هذه القارة أكبر احتياطي في العالم من النفط
"الخفيف" والنفط "الحلو" المفضلين من جانب مصافي تكرير النفط في
البلدان المستهلكة الكبرى، إضافة إلى أن 83 في المائة من مواردها
النفطية، تأتي من حقول تنتج أكثر من 100 مليون برميل.
وضع الرئيس الأمريكي، جورج بوش في 2006، استراتيجية لتقليل
الاعتماد على النفط المستورد من الشرق الأوسط، وهي استراتيجية من
المحتمل أن تزيد الأهمية الاستراتيجية لإفريقيا.
ويقول روبرت جيلون من شركة الاستشارات الصناعية، جون. إس.
هيرولد: إن بروز إفريقيا كمنطقة للطاقة ليس اتجاهاً للأجل القصير.
يعتبر حوض سرت في ليبيا أكبر موقع نفطي، حيث يضم 20 في المائة
من الاحتياطي النفطي لهذه القارة، البالغ 300 مليار برميل. أما
بقية ذلك الاحتياطي فهي في 10 أحواض كبرى، بما في ذلك تلك الخاصة
بنيجيريا، أنغولا، الجزائر، ومصر. ومن المتوقع أن تزداد أهمية
أنجولا، ونيجيريا في مجال إنتاج النفط، بسبب كميات الاحتياطي
النفطي الكبرى تحت المياه العميقة.
شهدت إفريقيا كذلك في ظل الارتفاع الكبير لأسعار النفط انتعاشاً
في استغلال حقولها الهامشية، وكذلك في الاستثمارات والاهتمام بحدود
جديدة من الاستكشافات النفطية المهمة لشركة تولو النفطية، في غانا
وأوغندا، إضافة إلى الاهتمام المفاجئ من جانب الصين للحصول على
امتيازات التنقيب عن النفط في الصومال، التي تعاني الكثير من
المشكلات السياسية.
وبدأت الشركات الآسيوية، وبالذات الشركات الصينية المملوكة من
قبل الدولة، بالاحتشاد متحدية بذلك هيمنة شركات النفط الكبرى
التقليدية.
تفيد الأبحاث التي أجرتها شركة جون. إس. هيرولد أن الشركات ذات
الأسهم المدرجة في البورصات، ضاعفت إنفاقها في إفريقيا ثلاث مرات
في الفترة 2002-2006، أي بزيادة 20 في المائة عن معدل إنفاقها على
الصعيد العالمي خلال الفترة ذاتها.
ويضيف كاتب المقال، مع ذلك، فإن زيادة الاهتمام من قبل الشركات
لم يترجم على الدوام، إلى رفاه اقتصادي للدول الإفريقية.
وهددت أسعار النفط شديدة الارتفاع، بمسح المكاسب الاقتصادية
التي تحققت خلال الفترة الأخيرة في القارة التي تعتبر الأفقر بين
قارات العالم، ومنطقة الاستكشافات النفطية والغازية الأسرع فيها،
خلال العقد الماضي.
ووفقاً لبيانات الوكالة الدولية للطاقة، فإن زيادة تكاليف
الفواتير النفطية لـ 13 بلداً إفريقيا غير منتج للنفط، بما في ذلك
دول مستقرة اقتصادياً مثل جنوب إفريقيا، السنغال، وغانا، شكلت منذ
2004 ما يعادل 3 في المائة من مجموع الناتج المحلي الإجمالي لهذه
الدول. ويزيد ذلك على قيمة الإعفاء من الديون والمساعدات الأجنبية
التي تلقتها تلك الدول خلال تلك الفترة.
وحتى في بعض أكبر بلدان إفريقيا إنتاجاً للنفط، حيث دفعت أسعار
النفط المرتفعة النمو الاقتصادي، فإن سوء إدارة الأموال النفطية،
إضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود الناجم عن الافتقار إلى الطاقة
التكريرية، وكذلك القيم المرتفعة لفواتير الاستيراد، زادت من
المشكلات والأحزان الاجتماعية.
ليس هنالك مكان في العالم يزيد فيه وضوح التناقض بين صناعة
النفط الدولية، ذات الإمكانيات المقدرة بكثير من مليارات
الدولارات، والحقائق المرة والصعبة في إفريقيا، أكثر مما هو عليه
الحال في دلتا النيجر في نيجيريا، وهي المنطقة الأوفر حظاً من حيث
الثروات في حوض الأطلنطي الذي تتوقع الولايات المتحدة أن تحصل
منها، على ما يصل إلى ربع وارداتها من النفط في العقد المقبل.
وأدت هجمات الميليشيات المسلحة التي تستخدم الخطاب الحماسي تحت
غطاء مكافحة الفقر، إلى تعطيل ربع الإنتاج النفطي النيجيري في
غارات تتم قبل الفجر على المنشآت النفطية، كما أنها خطفت أعداداً
كبيرة من عمال شركات النفط خلال العامين الماضيين. ويمثل ذلك رمزاً
قائماً لشكل الفوضى التي يمكن أن تواجهها الاستثمارات الضخمة.
ومن الممكن أن يكون أغلب الطاقة الإنتاجية التي تضاف في هذه
القارة بعيدة جداً في حقول بحرية، ويمكن أن تتأثر بمثل حركات
الميليشيات الموجودة في دلتا النيجر. ولكن صانعي السياسة في
الولايات المتحدة يظلون قلقين للغاية إزاء الاستقرار في مناطق
إنتاج النفط. واستجابة لهذه المخاوف، أمر الرئيس الأمريكي بوش
العام الماضي، بإنشاء "أفريقوم" كمركز قيادة عسكرية أمريكية مكرس
لإفريقيا، حيث ينتظر اختيار مقر له في إحدى الدول الإفريقية.
ويضيف الكاتب، بدأ الجيش الأمريكي خلال الفترة الأخيرة بالتركيز
على غرب إفريقيا، بخطة تتضمن 500 مليون دولار لمساعدة دول الصحراء
الإفريقية على اجتثاث خلايا الإسلاميين المرتبطة بالقاعدة، التي
يمكنها إن لم يتم ذلك، تهديد استقرار الدول المنتجة للنفط في
المنطقة، ولا سيما نيجيريا.
وأدى هذا التعاون إلى انتقادات من جانب جماعات حقوق الإنسان،
التي تقول إن الولايات المتحدة تكرر الأخطاء التي ارتكبتها في
الشرق الأوسط، من خلال التعامل مع الأنظمة المتسلطة والفاسدة في
القارة الإفريقية.
والحقيقة هي أن كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية، أظهرت
تخبط سياسة الولايات المتحدة إزاء إفريقيا، حين وصفت تيودورو
أوبيانج نيجويما رئيس جمهورية غينيا الاستوائية الغنية بالنفط، حيث
لشركتي النفط الأمريكيتين العملاقتين شيفرون وإكسون موبايل، مصالح،
بأنه "صديق جيد" على الرغم من المخاوف واسعة الانتشار إزاء
اختراقات حقوق الإنسان، ووجود الفساد في هذا البلد الإفريقي.
لكنه ليس من المفاجئ استمرار هذه التوجهات التجارية الصرفة إزاء
إفريقيا بهذه الطريقة، في ظل تباطؤ نمو الإنتاج النفطي في الدول
الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وكذلك وجود أنظمة
معادية وحمائية في الشرق الأوسط وروسيا، مما يزيد من حدة الارتياب
والشك في الغرب.
من المنتظر أن ترتفع حصة إفريقيا من الإنتاج العالمي للنفط إلى
30 في المائة، مقابل نحو 12 في المائة في 2006. وتتوقع شركة
استشارات الطاقة إتش آي إس HIS، أن يرتفع إنتاج النفط في إفريقيا
إلى نحو 16 مليون برميل يومياً، بحلول 2012.
ويدخل الاهتمام المتزايد للصين بنفط إفريقيا في هذه المعادلة،
إضافة إلى البلدان الآسيوية الأخرى، وكذلك شركات النفط المملوكة من
قبل الاقتصادات الناشئة، بحيث يمكن للمرء أن يتوقع تدافعاً جديداً
على إفريقيا، كان أحدث مظاهره الجديدة صفقة غاز كبرى بين شركة غاز
بروم الروسية ونيجيريا.
ويضيف الكاتب، ظلت الشركات الصينية المملوكة من جانب الدولة
مشغولة في الحصول على عقود استكشاف وإمدادات في إفريقيا، حيث
كثيراً ما تعد بمليارات الدولارات من الاستثمار في تطوير البنى
التحتية، أو زيادة الإمدادات العسكرية للدول المنتجة للنفط. وتعرضت
الصين كذلك إلى الانتقاد بسبب شراكاتها العملية مع أنظمة مستبدة،
مثل النظام السوداني. غير أنه لا يبدو أنه لا يمكن إيقاف العلاقة
المنتعشة بين الصين
وإفريقيا، حيث أصبحت أنجولا التي تعتبر أسرع دول إفريقيا تطوراً
في إنتاج النفط، المزود الرئيسي للصين بالنفط خلال السنوات
الأخيرة، على الرغم من مليارات الدولارات التي تستثمرها شركات
النفط الغربية متعددة الجنسيات في القطاع النفطي البحري في هذه
الدولة.
وازداد بروز الشركات الصينية وغيرها من شركات النفط الآسيوية،
في مزادات الحصول على تراخيص إنتاج النفط والغاز في إفريقيا، كما
أن هنالك إشارات على أن الشركات الآسيوية مستعدة للبدء في منافسة
الشركات الغربية، من أجل السيطرة على النفط الإفريقي.
وعلى الرغم من هزيمة مؤسسة الطاقة الإيطالية الكبرى إيني، لشركة
النفط المملوكة من قبل كوريا للسيطرة على شركة بورين Burren Energy
المسجلة أسهمها في المملكة المتحدة، وذات الموجودات في جمهورية
الكونغو الديمقراطية، فإن هنالك محاولة من جانب شركتين نفطيتين
هنديتين لشراء شركة بورين.
ويختم الكاتب بالقول، إذ أصبحت الموارد الإفريقية ممتلكات أشد
سخونة، فإن البلدان الكبرى المنتجة للنفط بدأت في التحرك نحو مزيد
من السيطرة على صناعات النفط والغاز الخاصة بها، مما يزيد من كدر
وأحزان شركات النفط الكبرى التقليدية. |