جزر سقطرى اليمنية بين غرابة الماضي وحداثة الحاضر 

شبكة النبأ: اتسمت عملية النشوء والارتقاء التي شهدتها جزر سقطرى اليمنية العاصفة بالفوضى المجنونة حيث تحفز صخورها المرتفعة وقممها المسننة ونباتاتها الغريبة الخيال لان يفعل نفس الشيء.

يوجد هنا التنين أو على الاقل اشجار دم التنين التي تشتهر بمادتها الطبية. وهنا تهب العواصف الهوجاء على الشواطيء من جوانب التلال. ويتحدث الناس لغة غامضة أقدم من العربية.

كان القدماء يفخرون بجزر سقطرى باعتبارها مصدرا للبخور والمر والصبار وحتى سنوات قليلة مضت كانت هذه الجزر التي تقع قبالة القرن الافريقي معزولة تقريبا عن العالم الحديث.

وطلب اليمن الآن من منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للامم المتحدة (اليونسكو) إعلان هذا الارخبيل النائي في بحر العرب بجباله الخضراء الرائعة وشواطئه البيضاء محمية تراث طبيعي عالمي بسبب تنوعه الحيوي وجماله الطبيعي. ومن المقرر ان تصدر المنظمة قرارها في اوائل يوليو تموز.

وبعد أن انتهت عزلتها الطويلة تواجه جزر سقطرى الآن تحديا بشأن كيفية المحافظة على كنوزها الطبيعية مع الانفتاح بعناية على السياحة وتحسين حياة 50 الف نسمة مازال كثير منهم يعيشون على السمك والتمر والماعز في مناخ شديد القسوة.

وقال وزير البيئة اليمني عبد الرحمن الارياني ان سكان الجزر يطمحون في الحصول على ما لدى الشعوب الاخرى. بحسب رويترز.

وقال انه في الماضي لم يعرف سكان هذه الجزر أي شيء سوى ما كان لديهم وكانوا يعتقدون ان العالم كله مثل عالمهم. وأضاف ان الضغوط الآن أصبحت قوية للغاية وان التغير الاجتماعي الاقتصادي كان سريعا جدا.

وفي ارسال في الطرف الشمالي الشرقي من جزر سقطرى تذكر نائب رئيس بلدية هذه القرية مطر عبد الله الازمنة القديمة عندما كان يصطاد اسماك القرش للاعتماد عليها في معيشته.

وقال الرجل الذي يبلغ 45 عاما: الآن لدينا زوارق بمحركات لكن اسماك القرش ابتعدت في البحر. ويوجد صيادون كثيرون لديهم سفن كبيرة في الموانيء اليمنية مثل المكلا والحديدة أو باكستان.

وقال عبد الله ان الطريق الذي يجري انشاؤه بين ارسال وحديبو عاصمة الجزيرة جعل من الاسهل لسكان القرية البالغ عدهم 400 نسمة القيام برحلات من وقت لاخر لشراء الطعام أو الحصول على مساعدات طبية. كما انهم يشعرون بالامتنان للمدرسة والمستشفى الجديدين لكنهم يحتاجون إلى وظائف.

ويدرك دعاة حماية البيئة الذين يحاولون المحافظة على سقطرى التي تنافس موريشيوس في انواع نباتاتها المتوطنة انهم لا يمكنهم تجاهل المصالح المادية لسكان الجزيرة.

لكنهم يتحدون قرارات الحكومة التي اعطت سقطرى أطول مدرج طائرات في اليمن وطرقا عريضة مثل بعض الطرق السريعة في اليمن الام ومدارس ومستشفيات بنيت دون تفكير في كيفية تزويدها بالعاملين أو تجهيزها وصيانتها.

وقال بول شولتي خبير الامم المتحدة الذي يعمل كبيرا للمستشارين الفنيين في برنامج حماية وتطوير سقطرى: المشكلة هي ان المرء يحصل على طرق يبلغ اتساعها ثمانية أمتار في مناطق تكاد لا توجد بها أي مجتمعات.

وقال ان: ارسال بها سكان عددهم نحو 400 نسمة وأربع أو خمس سيارات. الطريق الذي يؤدي إلى هنا له نفس الاتساع مثل الطريق بين صنعاء عاصمة اليمن والحديدة الميناء الرئيسي.

وقال شولتي ان الطرق السريعة مثل هذه والطرق الاخرى التي تتجاوز قرى بدلا من الربط بينها هي شيء قبيح يزعج العين ويلحق اضرارا بالبيئة وامكانات السياحة في سقطرى.

وأضاف، على سبيل المثال فان الطريق المؤدي إلى الشمال الشرقي عبر السهل الساحلي الضيق يدمر منظر الكثبان الرملية وموقعين خلابين لاقامة المخيمات واجتذاب مئات السياح. لذلك فانك تقتل الاوزة التي تبيض الذهب.

ولا يعرف كثير من السياح الطريق إلى سقطرى التي بها بيوت ضيافة اساسية ومواقع مخيمات لكن يتوقع ان يزورها ثلاثة آلاف هذا العام مقارنة مع 2500 في عام 2007 و1600 في العام السابق.

واستبعد الارياني وزير البيئة قدوم عدد كبير من السياح إلى الجزيرة التي تقع في وسط المحيط ولا تتوفر بها المياه أو تحصل على راحة من الرياح الموسمية التي تضرب شواطئها من مايو ايار إلى سبتمبر ايلول.

والارياني من بين دعاة لحماية البيئة يكافحون ضد وزارات اخرى بشأن خطط لاقامة طرق في سقطرى حيث من ناحية المبدأ لا يمكن لاحد بناء طرق جديدة بدون الوفاء بالمعايير البيئية.

وقال الارياني عن خطط اقامة طريق دائري يمتد حول سقطرى ان هذه الطرق دافعها العقود وليس حاجة السكان إليها وان هذا جزء من الفساد الذي يحاربه في اليمن.

وقال نديم طالب وهو مدير موقع في برنامج تطوير وحماية سقطرى ان عددا كبيرا من النباتات إما ضعيفة أو عرضة للخطر ومعظمها بسبب عدم التجدد. وقال إن الماعز تأكل الاشجار الصغيرة باستثناء الانواع السامة. ويمثل الماعز في الجزيرة تهديدا بيئيا لنحو 900 نبات ثلثها من النباتات المتوطنة.

والحياة التقليدية في سقطرى تتداعى تحت وطأة هجوم الحداثة التي كانت بعيدة إلى ان اتحد شمال وجنوب اليمن في عام 1990 واقيم مطار جديد في عام 1999.

والمدارس تعلم اللغة العربية فقط وليس لغة اهل سقطرى وهي لغة منطوقة وغير مكتوبة.

وانتشرت الهواتف المحمولة وأطباق استقبال المحطات الفضائية التلفزيونية مما احدث طلبا غير واقعي على السلع الاستهلاكية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 29 نيسان/2008 - 22/ربيع الثاني/1429