أطفال العراق.. هل من فرصة للسكينة والسلام؟

علي الطالقاني*

شبكة النبأ: عرفت اتفاقية حقوق الأطفال بأنه كل فرد دون الثامنة عشرة، مالم يكن هناك سن قانوني لكل بلد يحدد سنا آخر للبلوغ. ومما لاشك فيه أن هذا الكائن ذو تأثير بالمحيط من حوله، وقد تبنى ثقافته ونموه بشكل عام من خلال هذا المحيط.

ولعل الحرب هي من بين العوامل القوية لمعاناة الطفولة في العالم بشكل عام وفي العراق على وجه الخصوص، إضافة للعوامل الاقتصادية والصحية والتربوية، فقد ألقت كل هذه المؤثرات بثقلها على كاهل العوائل العراقية مما جعلها حضنا غير ملائم للتنسيق بين انواع الرعاية للاطفال التي يحتاجونها و على مختلف الأصعدة والمجالات لكي يسجل  لهذه العوائل نهوضا وتنمية يعتد بها وهذا يتوقف على تظافر الجهود المخلصة والى فعل تعضده الدولة عبر أمكانياتها.

يقع المزيد من اطفال العراق ضحايا للحروب التي تدور في العراق فى وقت تكثف فيه قوات التحالف هجماتها الجوية والصاروخية على مناطق عديدة في العراق.

و يحتل العراق مركز للصدارة من بين دول العالم اضطرابا وانه لم يشهد استقرار سياسيا واقتصاديا منذ مطلع القرن العشرين، وقد خاضت الحكومات العراقية خلال هذه الفترة حروبا كثيرة من أبرزها الحرب على ايران عام 1980، والحرب على الكويت في العام 1990، رافقت هذه الحروب انتهاكات صارخة في مجال حقوق الانسان وكان المتضرر الأول هم الأطفال الذين يدفعون دوما فاتورة هذه الحروب، وخصوصا في ظل دولة يضعف فيها القانون وتسود مظاهر التسلح والإرهاب والجماعات المتطرفة .

فقد أثبتت دراسة أجراها أطباء نفسيون عراقيون عام 2006، بدعم من منظمة الصحة العالمية، بان 30% من الأطفال الذين شملهم الاستطلاع في مدينة الموصل يعانون من اضطرابات نفسية، فيما تعرض 47% منهم في بغداد إلى صدمة نفسية شديدة أدت إلى معاناة 14% منهم باضطرابات نفسية شديدة كالاكتئاب والكوابيس والقلق.

 منع تداول اللعب التي تشجع على العنف

في قانون قد يعتبرعاملا مساعدا لتخلص الأطفال من مشاهد العنف والدمار اليومي في العراق يستعد نواب في البرلمان العراقي للتصويت على مشروع قانون يمنع تداول اللعب من قبيل المسدسات والرشاشات البلاستيكية.

وقالت رئيسة اللجنة البرلمانية الخاصة بشؤون المرأة والطفل سميرة الموسوي لوكالة الأنباء الفرنسية، لشرح دوافع مشروع القانون هذا الذي حظي بموافقة الحكومة: "إن الهدف من هذا القانون هو المساهمة في إنشاء جيل جديد يؤمن بمبادئ العراق الجديدة وينبذ العنف بكل أشكاله". بحسب BBC

وتضيف النائبة البرلمانية قائلة: "إن أطفالنا يشاهدون الكثير من مشاهد العنف في التلفزيون، كما لديهم ألعاب فيديو عنيفة، ويسمعون أقاربهم وهم يتحدثون عن العنف. إن العنف متفش في الشوارع."

وتقول موسوي كذلك: "إن الأطفال يقبلون على هذا النوع من اللُّعب دون إدراك حقيقة العنف والقتل."

ويقول بائعو اللعب إن الأسلحة البلاستيكية المستوردة من الصين تحتل المرتبة الأولى على قائمة مبيعاتهم. ويقبل الأطفال على بندقية بلاستيكية من طراز MP7AI للشبه بينها وبين الطراز المستخدم في الأفلام الأمريكية.

وكان الناطق باسم جمعية علماء النفس العراقيين مروان عبد الله قد صرح -عقب نشر أول تقرير عن الحالة النفسية للأطفال العراقيين قبل حوالي سنتين- بالقول: "إنهم لا يفكرون سوى في الرصاص والموت والخوف من الاحتلال الأمريكي".

من أسباب العنف

بدأت ظاهرة العنف  تزداد يوم بعد يوم بين الأطفال وخصوصا في القرن الحالي  ويعود سبب ذلك الى عوامل نذكر منها :-

العامل الثقافي

العامل الاجتماعي

العامل البيولوجي

العامل الاقتصادي

ان هذه العوامل يتأثر بها الاطفال كثير من خلال العديد من المشاهدات منها التلفزيونية وتفيد الكثير من  الدراسات ان مواد وبرامج الأطفال في القنوات الفضائية العربية فى الفترة المسائية تعرض خلالها مشاهد عنيفة بمعدل خمسة مشاهد في الساعة "وهذا يعني أن الطفل فى عمر 11 عاما يكون قد شاهد نحو 20 ألف مشهد قتل أو موت واكثر من 80 ألف مشهد اعتداء".

الأطفال ومشاهدة التلفاز

شبه احدهم التلفزيون: باسطور المارد الذي له قوة خرافية وطاقات فوق مستوى التصور البشري، نزل الى قرية فعمل فيها هدماً وتحطيما وتخريبا .فاجتمع حكماء القرية ليتشاوروا في امر هذا المارد الجبار، وانتهى بهم الرأي إلى الشيء الوحيد الذي ينقذهم من شروره وهو ان يقوموا بتركيب عقل في راسه .. وانتهزوا بالفعل فرصة نوم المارد، ونجحوا في ان يركبوا عقلا في راسه. فلما اصبح الصباح كان المارد بقدراته الهائلة قد اخذ على عاتقه مساعدة كل اهل القرية في اعمالهم.

 ان هذه الاسطورة – والتي تلفت انتباهنا الى ضرورة التخطيط بالنسبة للنشاط التلفزيوني – تعبر عن القدرات الهائلة للتلفزيون في التأثير على الفرد والمجتمع، ومما يدعم اهمية التلفزيون كوسيلة اتصال ثقافية واعلامية.

كما ان هناك استبيان اجراه احد المهتمين عن دور التلفزيون واثره في حياة الطفل العراقي، والذي جاء فيه ان (36.05%) من الاطفال الذين شـملهم الاستبيان يفضلون مشـاهدة التلفزيون في اوقات الـفراغ .. بينـما يفضل (6.44%) منـهم سمـاع الراديو، ويفـضل (13.30%) منهم الـذهاب الى السـينما. و(5.58%) يفضلون الذهاب الى المسرح و(11.16%) منهم يفضلون الذهاب الى المنتزه و(17.60%) يفضلون ممارسة الرياضة. (1.72%) يفضلون اللعب في الشارع. ويفضل (8.15%) منهم اكثر من وسيلة.. وهكذا نلاحظ ان اعلى نسبة من الاطفال الذين شملهم الاستبيان يفضلون مشاهدة التلفزيون، لكونه وسيلة متاحة وسهلة الاستخدام وتحتوي على الصورة والصوت معا.

وينقل مركز المعلومات الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال عن  الباحث "كارل اريك لاندهيس" من كلية طب دونيدين بجامعة اوتاجو والمشرف على دراسة اعدت عن مخاطر الإفراط في مشاهدة التلفاز من قبل الأطفال، قوله:  أن أكثر من ساعتين يوميا تزيد لدى الأطفال احتمالات مواجهة مشاكل في الانتباه في مرحلة المراهقة. كما أشار لاندهيس إلى انه بينما يوجد اعتقاد كبير بأن التلفزيون يمكن أن يساهم في مشاكل الانتباه فلا توجد معلومات تذكر بشأن هذه المسألة. وللتحقق من ذلك درس هو وزملاؤه 1037 صبيا وفتاة ولدوا في عامي 1972 و1973 وتابعوهم في الفترة العمرية من 5 الى 15 عاما.

وفي المتوسط شاهد الأطفال التلفزيون نحو ساعتين يوميا في فترتهم العمرية من 5 الى 11 عاما لكنهم شاهدوا التلفزيون بمعدل 3.13 ساعة على مدار ايام الاسبوع من عمر 13 الى 15.

عشرات الأطفال في السجون العراقية

وفي السياق نفسه أشارت تقارير دولية إلى وجود العشرات من الأطفال الذين تعرضوا لعقوبة السجن في العراق، وإلى أنهم سجنوا مع أفراد بالغين، الأمر الذي يعرضهم لتعقيدات نفسية كبيرة، إضافة إلى عدم وجود مؤسسات وهيئات متخصصة لمساعدتهم على تجاوز تجربة السجن التي يمكن وصفها بأنها مريرة.

إنه ليس مجرماً، ولكن مجرد رؤية أي رجل شرطة، تثير الرعب في نفس "الطفل" البالغ من العمر 14 عاما، والذي أطلق سراحه من سجن عراقي الشهر الماضي، بعدما احتجز هناك لأكثر من سبعة أشهر.

ويوضح: اعتقلوني لأنهم قالوا أني كنت أحد المشبوه فيهم، بعدما انفجرت سيارة مفخخة في الشارع قرب منزلي، وأودت بحياة أمريكي.

وكان هذا الطفل قرب موقع الانفجار، ولذلك اعتقل مع عراقيين بالغين مشتبه بهم.

وكان ايضا أحد 450 معتقلا أفرج عنهم من السجنين، اللذين تديرهما القوات الأمريكية والعراقية، في السابع والعشرين من يوليو/ تموز، بموجب خطة المصالحة الوطنية التي تهدف لجذب المسلحين إلى المشروع السياسي، وإنهاء إراقة الدماء في العراق.

ومع أنه تم اعتقاله بالخطأ، إلا أنه وفقا لتقارير من جمعيات محلية ودولية، بالإضافة إلى الأخبار في السنوات الثلاث الماضية، فقد سجن العشرات من الأطفال لأدوارهم في هجمات، أو لأن الفقر حولهم إلى مجرمين.

وقال ايضا، إن تجربة السجن كانت مخيفة، "وكنت أبكي ليل نهار شوقا لعائلتي."

وتبقى صدمة التجربة معه فيقول: "أفضل أن أموت على أن أذهب للسجن مجددا."

وتقول جماعات حقوق الإنسان، إنه مهما كان سبب الاعتقال فإن الأطفال العراقيين، يوضعون أحياناً، في المكان نفسه مع البالغين.

وعندما يغادرون السجون، لا تتوافر لهم مساندة نفسية أو أي مساندة من نوع آخر، لمساعدتهم على الابتعاد عن الشوارع وعالم الجريمة.

ويقول صالح محمد، متحدّث باسم اتحاد إنقاذ الأطفال الذي يتخذ من بغداد مقراً له: "الأطفال العراقيون السجناء يعانون من نقص في الدعم لمساعدتهم على الاندماج مجددا في المجتمع، الأمر الذي يفتح الأبواب لأسوأ حياة إجرامية."

سلوك الحكومة

ووفقاً لقوانين حقوق الإنسان الدولية، يجب وضع الأطفال المحتجزين في مرفق خاص بعيد عن البالغين، ويجب أن يتلقوا معاملة خاصة وأقل وقت حجز ممكن. ولكن في العراق، يدعي البعض، أن بعض الأطفال، يحتجزون لأكثر من سنتين في السجن نفسه مع بالغين.

وقال طفل سجين آخر، يدعى موسى، وكان اتهم بالمشاركة مع المسلحين وأطلق سراحه العام الماضي: "لقد اعتقلت مع ابن عمي، في سبتمبر/أيلول 2004 عندما كنت في الرابعة عشرة من العمر.

وقال إن السجناء كانوا يعذّبُون بالصدمات الكهربائية وتعضهم الكلاب، "وفي حالات عديدة، كنا نرى رفاقنا، يعودون للسجن بعدما يتم اغتصابهم من قبل الجنود."

ورفضت الحكومة العراقية، ادعاءات تفيد أن الأطفال يتم احتجازهم لفترات طويلة.

ولكن جماعات محلية كجمعية العدالة للسجناء، ومؤسسة تخفيف معاناة الأطفال الأبرياء ضحايا الحرب (RICVW) وحملة الضحايا الأبرياء في الصراع (CIVIC)، يقولون كلاماً آخر.

فقد قال فاروق صالح، المتحدث باسم (RICVW): "لا يريدون للموضوع أن يكون له صدى عالمي، ولذلك يطلقون سراح البالغين أمام الكاميرات والأطفال خلفها."

وفيات الأطفال

وكالة بي بي سي بدورها نشرة خبرا تنقل فيه عن تزايد وفيات الأطفال في جنوب العراق مستندة الى منظمة "أنقذوا الأطفال من الحرب" تقول هذه المنظمة إن المستشفيات في المدينة تعيش أزمة خانقة.

وأضافت: إن انتشار الأمراض التي تنتقل عبر الماء و ندرة المستلزمات الطبية الضرورية سيؤدي حتما إلى تزايد نسبة الوفيات بين الولادات الجديدة.

وأكد احد الأطباء العاملين في المدينة ارتفاع نسبة الوفيات بين الأطفال بنسبة 30 بالمائة منذ احتلال العراق.

ومن الأسباب حسب التقرير الأمريكي "الركود الاقتصادي وارتفاع نسبة البطالة إضافة إلى انتشار العنف والاغتيالات والتطرف".

والعنف ضد الأطفال هذا الكائن الذي أراده الله أن يكون في يوم من الأيام قائدا أو مفكرا وفيلسوفا كما نشاهده ألان في الدول المتقدمة والتي تأخذ الطفل منذ نعومة أظفاره وتجعل منه إنسان كيف يفكر في تقديم كل ماهو أفضل لبلده ولعائلته ولنفسه كما هو في دول شمال أوربا مثل الدنمارك وفنلنداو السويد في أعلى  درجات رفاهية الأطفال.

الدراسات تجريها بعض المؤسسات والتي تبحث عن رفاهة الطفل في العالم  بشكل عام، وهي تمثل ضربة قوية للحكومات التي جعلت من  أهدافها الرئيسية تقليل فقر الطفل إلى النصف. كما نشاهده في بريطانيا  وبقية الدول التي تعاني من تخلف المستوى لدى الاطفال.

أطفال العراق و سوء التغذية

من جانبها تنبأت وثيقة سرية للأمم المتحدة صدرت مؤخرا أن 30% من أطفال العراق دون الخامسة (أي 1.26 مليون طفل) يمكن أن يتعرضوا لخطر الموت من سوء التغذية في حالة اندلاع الحرب.

قام بعرض مسودة وثيقة "خطة الطوارئ الإنسانية الموحدة للعراق والدول المجاورة" مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) في 7 يناير/كانون الثاني 2003.

ويأتي نشر هذه الوثيقة متزامنا مع الاجتماع الطارئ لوكالات المعونات وممثلي الحكومات المنعقد في جنيف لبحث العمليات الإنسانية في حالة نشوب الحرب.

وثيقة OCHA هي واحدة من ثلاث وثائق داخلية للأمم المتحدة تم نشرها بالتعاون بين مركز الحقوق الاجتماعية والاقتصادية CESR ومقره نيويورك والحملة المضادة للعقوبات على العراق CASI. حصل مركز CESR على الوثيقة من العاملين في الأمم المتحدة الذين يعتقدون أن التأثير الإنساني المحتمل للحرب هو قضية ذات اهتمام عام عالمي يجب أن تناقش برمتها علانية.

نقص المساعدة

في العراق، لا توجد جمعية متخصصة لمساعدة الأطفال على الاندماج في المجتمع بعد خروجهم من السجون.

ويقول مسؤول في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، إن النقص الحالي في التموين تسبب إعاقة العديد من المشاريع، من ضمنها مشاريع للأطفال الذين ارتكبوا جرائم.

وقال مسؤول في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، تحفظ على ذكر اسمه: "مثل هؤلاء الأطفال يحتاجون لمساعدة جادة لمنعهم من العودة إلى الشوارع للبحث عن المخدرات أو الجرائم. إننا نحاول أن نستخدم قسمنا الحالي لمساعدتهم، ولكن مثل هذه الحالات تحتاج لمراكز متخصصة، غير موجودة في العراق."

وعرض الدكتور عماد عبد الحسن، وهو طبيب نفسي في بغداد، خدماته على مؤسسة PAJ، وتحديدا للسجناء الأطفال، لقد وجد مشاكل نفسية حادة وارتفاع في العدائية والتوحش ضمن هؤلاء المرضى، وتحديدا "الرغبة في الانتقام."

وقال عبد الحسن: "يعودون من السجن، وهم فقط يفكرون بالانتقام لما عانوه هناك. ويدعي البعض أنهم تعرضوا للاغتصاب وآخرين (يقولون) إنهم عذبوا وعانوا الضرب من الضباط. ولكن الآن هم خائفون من أن يتكلموا. خائفون من أن يتم اعتقالهم مجددا."

وتبعا لمنظمة اليونيسف، يجب على السجناء الأطفال أن يتمكنوا من التواصل مع عائلاتهم ومحاميهم، كما يجب أن يبقوا آمنين وفي صحة جيدة ويحظون بالتعليم اللائق والطعام بشكل جيد، وألا يتعرضوا لأي نوع من الإساءة العقلية أو الجسدية.

وقد تم تأجيل جهود الأمم المتحدة للحصول على معلومات أكثر عن مصير الأطفال المحتجزين في السجون العراقية والأمريكية، بسبب الوضع الأمني الحالي وعدم القدرة على الوصول إلى المعتقلين.

ويحصل أقل من 30% من الأطفال العراقيين على كأس من مياه الشرب النقية. وإن انعدام الأمن في مناطق عديدة يزيد من خطر حتى محاولة الحصول على الخدمات الصحية. ويعاني طفل واحد من بين عشرة أطفال عراقيين من سوء التغذية الحاد’’.

و اضطر قرابة 15% من سكان العراق، أي قرابة 4 ملايين نسمة، إلى مغادرة بيوتهم منذ بداية الحرب - نصفهم من الأطفال. والذي قدر بـ  6,1 مليون طفل شُرِّدوا يعيشون في العراق وفي البلدان المجاورة، سوريا والأردن. وتأمل اليونيسف أن تستخدم الأموال لتكثيف دعمها للبرامج الأساسية، خصوصا في مجالات التعليم والمرافق الصحية وتحصين الأطفال لفترة ستة أشهر.

ولا يمكن التقليل من أهمية الأثار الناجمة عن عدم الاستقرار في العراق، إذ لا يملك الكثيرون ممن فروا من بيوتهم موارد كافية لإعالة أنفسهم أو أسرهم. وقد خلّفت الحرب الكثير من النساء الأرامل، وفي بعض الأحيان، الأطفال اليتامى. وتقيم بعض الأسر المشردة مع أقارب لها، لكن مع استمرار الاضطرابات، أصبحت الوظائف والأموال قليلة جداً بالنسبة للكثيرين.

أما الذين فروا إلى البلدان المجاورة، الأردن وسوريا، الذين يبلغ عددهم قرابة مليونيّ عراقي، فإنهم يواجهون مستقبلا غير وأضح في أرض أجنبية، مما يثير الكثير من المخاوف والقلق، إضافة إلى ذلك، لا يزال عدد المشردين يشكل عبئاً كبيراً على النظم الاجتماعية والرعاية الصحية التي تتعرض أصلاً للضغط. بذلت اليونيسف وشركاؤها والحكومات المجاورة الشيء الكثير لتلبية احتياجات هذه الأسر المشردة، بدءاً من حملات التلقيح، إلى توفير المياه النظيفة وإعادة بناء المدارس. وفي حملة تلقيح أجريت حديثاً من خلال تنسيق الجهود بين اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية والحكومة العراقية، قام خلالها المرشدون الصحيون بالانتقال من بيت إلى بيت في محاولة لم يسبق لها مثيل من أجل حماية 6,3 مليون طفل عراقي من أمراض الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية. وتوفر اليونيسف أيضاً مياها نظيفة لـ 000,120 عراقي. إلا أن هذه التدابير، مع أنها جديرة بالإعجاب، فهي ليست كافية. فلا زال هناك الكثير الذي يجب عمله.

- وقد تختلف المخاطر من طفل لآخر و يختلف تأثير كلٍ منها و الطفل يتعلم أحياناً مما يشاهده أكثر بكثير مما يتلقاه على شكل نصائح كلامية ومن هذه المخاطر:

1. أحلام مزعجة.

2. تبول غير إرادي.

3.  المسير ليلا أثناء النوم.

4. اليقظة مبكرا.

5. قلق يصحبه تشنج وانفعالات عصبية.

6. ظهور حالة العدوانية لدى الطفل.

7. مشاهدة مناظر العنف مما تسبب خوف و فزع و ذعر في  الليلي  أو أن يقوم الطفل بتقليد ذلك فيما بعد و ممارسة العنف تجاه رفاقه ظناً منه أن هذا يعبر عن المرح أو البطولة.

8. الإفراط في مشاهدة الإعلانات و لما من ذلك من تأثير سلبي على الطفل  بحيث يصبح كل ما هو في الإعلان مثل أعلى  و الطفل تحت إل 6 سنوات أو 8 سنوات لا يدرك أن هدف الإعلان هو الترويج و الربح  و على المسؤولين مناقشة الطفل عندما تشعر انه تأثر بشدة في الإعلان حول فائدة هذه المادة المعلن عنها.

9. تعلم العادات السيئة مثل التدخين و تعاطي المخدرات و الكحول.

10.البدانة : بسبب كثرة الجلوس أمام التلفزيون و تناول المقبلات خلال ذلك خاصة عندما يجلس الطفل لأكثر من 4 ساعات في اليوم

11.انشغال الطفل عن تحصيله العلمي و علاقاته الاجتماعية.

12 .احتمال تعرضه لمشاهد أو محطات إباحية : فقد أثبتت الدراسات أن المراهقين الذين يشاهدون الكثير من المشاهد و الأفلام الإباحية يقومون بإقامة علاقات جنسية مبكرة أكثر من هؤلاء الذين لا يشاهدون مثل هذه المشاهد. ففي أمريكا يشاهد الطفل 200000 مشهد عنف حتى سن 18 سنة من عمره.

مقترحات وحلول

المشاهد كثيرة حول الأطفال في العراق وما يعانونه من الفقر والحرمان والجوع إضافة إلى ما تمارسه قوات الاحتلال فضلا عن الجماعات المسلحة التي تجعل من الطفل أداة لتنفيذ مطامعهم مستغلين براءته ورقة العواطف التي تشتاق إلى من يرعاها، فالاطفال ثروة عظيمة للامم، وعماد الامم هو مستقبل يتوقف على مستقبلهم…

ولكونـهم بهذه الاهمية بات الاهتمام بـهم ورعايتهم، وهم في  رحم الام وحتى ولادتـهم ومن ثم احتضانـهم من اولى واجبات إبائهم اولا، والجهات المعنية كالمدارس والمنظمات وباقي الدوائر التي ترعى الاطفال وتقوم بتنشئتهم صحيا وثقافيا واجتماعيا وتربويا ثانيا .

واذا كان للكبار عالمهم الخاص الذي يعيشون فيه فأن للاطفال عالمهم الخاص ايضا، ويترتب على ذلك ان نفهم مشكلاتهم .. لكننا ننسى ان للاطفال عالمهم الخاص ايضا .. ولهم مشكلات.. نحن نفهم من حياة الاطفال كلها مرح وسعادة، لكن الحقيقة غير هذا .. فالطفولة ليست كلها صفاءا اواشراقا ولكنها عهد يواجه فيه الطفل كل ماهو جديد ويتطلب منه ان يتصرف فيه وقد يصحب ذلك شعور بالحيرة والقلق كما يشعر ابائهم وامهاتهم عند مقابلتهم للمشكلات الخاصة بهم .

رؤية الإمام الشيرازي في العنف وحماية الطفل

وفي مجال العنف ومعالجته يذكر المرجع الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) العديد من التوجيهات في العديد من كتاباته واعتقاده الجازم بأن الأديان قامت على مبدأ السلم والمسالمة والأخوة بين البشرية ونبذ العنف بقوله: إن منطق الرسل والأنبياء هو منطق السلم واللاعنف والاحتجاج العقلاني من أجل إنقاذ البشرية، حيث يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم حول استخدام السلم واللين والابتعاد عن العنف والغلظة، واستخدام سياسة العفو والاعتماد على منهج الشورى كأسلوب في الإقناع الحر والحوار السلمي والمشاركة في اتخاذ القرار: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك، فأعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر، فإذا عزمت فتوكل على الله، إن الله يحب المتوكلين} (آل عمران: 159)

وقد ذكر الإمام الشيرازي توجيهات عديدة في مراعات الطفل وحقوقه منها:-

1 ) تأهيل الطفل للمستقبل

اللازم تربية الطفل تربية تؤهله للمستقبل بملاحظة: صحته الجسدية ووقايته من ألأمراض المحتملة، صحته العقلية حتى لا ينشأ منحرف الفكر، وصحته العاطفية بأن لا يكون جامد العاطفة أو سيال العاطفة.

2 ) التربية بن الإفراط والتفريط

حيث أن الأبوان المعتدلان في التربية يهيئان المناخ الملائم لنمو الطفل نمواً صحيحاً خالياً من التعقيد والانفلات.

3 ) المساواة بين الأطفال

وكذلك يجب أن يلاحظ بالنسبة للطفل عدم ترجيح غيره عليه، فإذا كان له طفلان ساوى بينهما، وإن لم يساو أورث تعقيداً بالنسبة إلى كليهما، سواء المرجح، أو المرجح عليه.

4 ) اللاعنف مع الأولاد

فمن وصايا الإسلام الخالدة في مسألة اللاعنف في الأسرة هو أن تتعامل الأسر مع أطفالها بالمودّة والرحمة وما أشبه من أساليب اللين التي غالباً ما تربّي الصغار على الطريق السليم وتأخذ بيدهم نحو الصواب والسداد.

5 ) تثقيف الأطفال

إن الثقافة في منهج الإمام الشيرازي ليست حكراً على فئة دون أخرى فهو ممن يدعو إلى أن تعمم الثقافة الإسلامية لمختلف المستويات، آخذاً من الأطفال، فتصنع لهم الثقافة في الصور والتماثيل الورقية والكرتونية والحلويات وما أشبه، مثل أن تصب صورة الكعبة من الشكولاتة ـ مثلاً ـ إذا كان ذلك مناسباً.

ومن وصايا الإمام الراحل الخالدة أن تكون في كل بيت مكتبة، بل أنه سخر شطراً من قلمه للكتابة فيما يخص الأطفال والناشئة ومن جملة ما كتبه : القصص الحق، كيف عرفت الله؟ كيف عرفت عدل الله؟ كيف عرفت النبوة؟ كيف عرفت الإمامة؟ كيف عرفت المعاد؟ وغيرها الكثير.

6 ) الأطفال وتجارب الآباء

على الآباء أن يجعلوا بيوتهم مدرسة لتربية أولادهم على تجاربهم اليومية، مهما كان شأن الأب، ومهما كان سن الولد، فإذا رجع الأب إلى منزله ظهراً أو ليلاً، جمع عائلته كلهم، ثم قصّ لهم ما عمل خارج البيت من تجارة أو زراعة، أو عمل سياسي، أو لقاء مع الآخرين، أو غير ذلك، وكذلك يقص لهم ما رأى وما سمع من مختلف الأخبار فإنه إذا عمل الآباء ذلك نضج الأولاد نضجاً بالغاً، يؤهلهم لممارسة الحياة العملية فور تسلمهم أزِّمَّة الأمور.

وإذا نضج الجيل بتجارب الآباء ومعلوماتهم، قفزت الحياة إلى الأمام، فإنه لا يصرف عمره في التجارب، بل يبني طوابق جديدة فوق ما بناه الآباء، ولا يرتطم الخطأ والتصحيح، بل يأخذ الطريق السوي وبذلك يصل الجيل الثاني إلى الهدف، من أقرب الطرق.

7 ) حفظ الأولاد

من الضروري على الأبوين حفظ الأولاد عن الانحراف العقائدي أو الخلقي فإن الحفظ واجب شرعا قال تعالى (قوا أنفسكم وأهليكم ناراً).

وحين نقول حفظ الأولاد فليس مرادنا النصح والإرشاد فقط بل وضمهم الى ذلك في هيئة صالحة وتهيئة وسائل الــعمل والكسب لهم وربطهم بمســـجد أو مــدرسة أو مكتبة أو حسينية وتزويجهم إذا بلغوا والتماس كسب لائق بهم لهم.

التربية على مائدة القرآن ومنهج أهل البيت (ع)

ذلك أن القرآن كتاب حياة، فهو مجموعة متكاملة من التعاليم الإلهية التي تكفل السعادة الدنيوية والأخروية للتجمع الإسلامي.

ولهذا يوجه الإمام الراحل الناشئة بقوله: اهتمّوا ـ بحفظ القرآن الكريم ـ وأنتم بهذا السن اليافع لتسعدوا في الدنيا والآخرة.

كما أن من وصايا الإمام الخالدة أن تكون في كل بيت عادة ( مجلس ) أسبوعي، ذلك أن المجالس في البيوت لها أكبر التأثير في التثقيف الإسلامي وفي الاجتماع الإسلامي، بل وفي التربية الإسلامية أيضاً.

قد ينجح الاطفال في التغلب على بعض  الصعوبات التي تواجههم  ويكون نجاحه هذا عامل يزيد من قدرته في التغلب على الكثير من المواقف الصعبة في المستقبل ..

مقترحات أمنية وعلمية

أن الأطفال اليوم بحاجة إلى استقرار نفسي أكثر مما كانت عليه في العصور الماضية بسبب تزايد حالات انتشار العنف والإرهاب في العالم وبسبب السياسات الخاطئة التي تتبعها الدول.

ولكي ينمو الطفل نموا صحيحا من الناحية الجسمانية والنفسية فالدور الأكبر يقع على كاهل الوالدين  في مهمة مساعدة الطفل للخروج من حالة الاضطرابات إلى حالة السكينة والطمأنينة ويتم ذلك عبر التالي:

-  يمكن تعليم الطفل أحرف الهجاء و النطق، في فترة ما قبل المدرسة.

-  يمكن للطفل في سن المدرسة أن يتعرف على عوالم مختلفة عن البيئة التي يعيش فيها  كالغابات و البحار.

-  يمكن للمراهقين التعلم من الكومبيوتر والانترنت والحصول على معلومات متعددة ومشاهدة آخر الأبحاث و التطورات العلمية.

- إنشاء مكتبة تحتوي على الكتب و المجلات، كذلك وضع ألعاب للطفل  في الغرفة.

- إبعاد التلفاز من غرف النوم.

- الابتعاد من مشاهدة التلفاز إثناء وجبات الأكل.

- عدم السماح للطفل من مشاهدة التلفاز أثناء الدراسة وتأدية الواجبات. على أن نعطيه فرصة للمشاهدة  بعد تأدية الواجب.

- وضع برنامج ترفيهي خلال عطلة نهاية الأسبوع.

- تماشيا مع الطفل أن نفهمه مشاهدة البرامج التثقيفية من خلال متابعتها معا.

- وضع برنامج للحوار مع الطفل لما يشاهده الآباء مع الأبناء.

- إبعاد جهاز التحكم من يد الطفل حتى لا يطمع بالمزيد من المشاهدات.

- عدم الإفراط في مشاهدة الأفلام التعليمية مع ترك فرصة للطفل بالترفيه المدروس والمراقب.

- عدم الإفراط في شراء أفلام الفيديو و الأفضل استئجارها.

- يفضل مشاهدة القنوات الحكومية بدلا عن المحطات الخاصة.

- معرفة محتوى البرامج التي يشاهدها الأطفال.

- تشفير المحطات المشبوهة.

- أعطاء الطفل أكبر جرعة من الحنان والتفهم.

- التعامل معه بطريقة مبسطة يستوعب من خلالها مانريد وكذلك أن لانثير الخوف في نفسه.

- تبيين مواطن الخير والشر وان نفهمه أن الأول ينتصر على الثاني كي نغرس المفاهيم الصحيحة ونجنبه المفاهيم الخاطئة.

- حسن الإصغاء إلى أسئلته والإجابة عليها باهتمام.

- أبعاده عن مشاهد العنف والإرهاب.

- لا ينصح أن يشاهد الأطفال التلفاز ممن هم دون السنتين من العمر  وسبب ذلك أن هذه الفترة هي أهم فترة في نمو دماغ الطفل و فيها يبدأ الطفل بتمييز كل شيء و يبدأ عنده حس الإدراك و التمييز الجسدي و العاطفي و الاجتماعي.

- ينصح بأن يشاهد الطفل التلفاز اكثر شيء من ساعة إلى ساعتين يوميا.

- تعليم الطفل بإبلاغ أحد أفراد الأسرة عن مكان خروجه ومع من خرج.

- ان يعط الآخرين انطباعاً بثقته في نفسه وبحسن تصرفه وان يبرز لهم قوته .

- ينبغي أن يعرف الطفل أن الناس طيبون وجيدون ما دام لم يصدر منهم أي شيء يسيء له.

- تأكيد الثقة بالنفس لدى الطفل وقدرة الأسرة على حمايته ومعاونته وعليه اللجوء إليها. والانفتاح عليها بما يجول في نفسه من خير أو سوء ظن.

- تأكيد ثقته بالناس، وأن معظمهم جيدون وطيبون وتحذيره من الأشرار وصفاتهم.

- أن يعرف الطفل ما هو الفرق بين السر الجيد الذي يجب أن نحتفظ به والسر السيء وأهمية. البوح به إلى الوالدين أو من يثق بهم من أفراد الأسرة.

- أن يعلم الطفل الأماكن المشبوهة أو المهجورة وعليه الحذر من التواجد فيها.

- تعريف الطفل باسم والديه بالكامل وأرقام هواتفهما وعنوان منزله.

- ارشاد الاطفال عند سماعه من أحد عن أي مواضيع تتعلق بالعنف او الامور الغيير خلقية. موجه إليه أو إلى الآخرين ان يحذر منه وأن يخبر أحد أفراد الأسرة عن ذلك.

- تحذير الطفل إذا شعر بمن يتعقبه في الخارج ان يذهب إلى الأماكن المزدحمة بالناس وإذا اضطر ران  يطلب المساعدة من  النجدة او  الشرطي أو أي شخص يتواجد في ذلك المكان.

- ان يتأكد أنه يعرف هاتف الطوارئ أو النجدة وان يعلم أن هذه الهواتف مجانية..

........................................................................................................

*المركز الوثائقي والمعلوماتي مركز يقدم الخدمات الوثائقية التي تتضمن موضوعات مختلفة  من دراسات وبحوث وملفات متخصصة. للاشتراك والاتصال:www.annabaa.org /// [email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 26 نيسان/2008 - 19/ربيع الثاني/1429