شبكة النبأ: يعيش الرجال والنساء في العراق منذ سنوات اجواءا من
القلق والخوف الممتزج برائحة الدم والبارود التي خلفتها فوضى العنف
والارهاب في البلد بعد سقوط الدكتاتورية عام 2003، فقد أتت السنين
العجاف الاخيرة على ما تبقى للعراقيين من جذوة أمل في ظل اجواء القمع
والاستبداد والحروب والاهمال وقت النظام البائد.
وما بين هذه المشاعر للكبار، تتيه الكلمات عن وصف ما يتعرض له
الاطفال والشباب الصغار من ازمات نفسية وجسدية على خلفية القسوة والعنف
ومشاهد الدم التي يرونها كل يوم منذ سنوات، الامر الذي يضع ظلالا قاتمة
على مستقبلهم وهم يكبرون في هذه الاجواء المقيتة.
مراهقو بغداد يكبرون في ظل الفوضى ونزيف الدم
تتذكر شهد عندما كانت في الخامسة عشر دخول الجنود الاميركيين الى
شوارع بغداد ومشاعر الفرح الممزوج بالحزن التي انتابتها قبل خمس سنوات
اما اليوم فهي ما تزال تنتظر عودة الهدوء والسلام الى العاصمة التي
يمزقها العنف.
قبل ان تسقط بغداد في التاسع من نيسان/ابريل 2003 كانت شهد قضت عدة
ايام وليال في المنزل مع العائلة اثناء عملية "الصدمة والرعب" اي القصف
الجوي الذي بدا قل الاجتياح البري.
وبعد هدوء القصف خرجت من المنزل لتشاهد الجنود الاميركيين للمرة
الاولى في حياتها. وتقول في هذا السياق "لم اعرف بماذا افكر كان الامر
خليطا من الفرح والحزن" عاكسة بذلك شعور ملايين المراهقين العراقيين
الذين يكبرون في بلد تحتله قوات اجنبية ويمزقه العنف.
وشهد التي بلغت العشرين هذه السنة تدرس علم الاحياء في جامعة بغداد.
وتروي الفتاة الانيقة والمحجبة لمراسل فرانس برس مخاوفها واحلامها
وآمالها لكنها رفضت التقاط صور لها خشية تعرضها للقتل او الخطف.
وعلى غرار سائر العراقيين تخاف شهد العنف الطائفي. ولدت في حي
الاعظمية السني في شمال بغداد وعاشت طفولة خالية من المشاكل والعقبات.
وتضيف "لم افكر يوما ما بانني ساعيش حربا كنا نعيش في سلام (...)
يقولون ان صدام كان دكتاتورا لكنه لم يمس عائلتي بسوء وحياتي كانت
سعيدة". وتقول واصفة سقوط بغداد ان الناس كانوا يركضون هلعا عندما دخل
الاميركيون و"هربت غالبيتهم .. كنا خائفين ولم نهرب".
وقد امضت مع عائلتها عدة ايام في الملجا عندما اصطدمت قوات النظام
السابق مع الجيش الاميركي قبل دخوله العاصمة العراقية. وتؤكد ان "جميع
المحلات التجارية كانت مغلقة وكذلك المدارس. لكن والدي لحسن الحظ كان
تحسب للامر فقد اشترى كميات كبيرة من المياه والمواد الغذائية. وكنا
نصنع الخبز بانفسنا لان الاوضاع كانت صعبة جدا".
وفور سقوط بغداد سادت المدينة حالة من اعمال السلب والنهب مع غياب
القانون والنظام. لكن شهد خرجت من المنزل عندما بدات الامور تستتب نوعا
ما. وتقول "لم اشاهد اي اميركي من قبل كانوا يسيرون في الشوارع والناس
يرحبون بهم. كان الامر غريبا ولم اعرف ما الذي يمكن ان افعله".
وسرعان ما بدات الاوضاع تسوء حيث دبت الفوضى في العراق بعد ذلك.
وعمل العرب السنة من الموالين للنظام السابق والميليشيات الشيعية فضلا
عن المتطرفين من اتباع القاعدة على تحويل العراق الى ساحة معركة لقي
فيها الالاف مصرعهم.
سكان حي ببغداد يتحملون جحيم معارك الشوارع
وأدت سلوى ناصر التي تلزم منزلها في ضاحية مدينة الصدر ببغداد
الصلاة فيما دَوَى صوت إطلاق النار خارجه. وتضرعت المعلمة البالغة من
العمر 24 عاما الى الله قائلة "يا رب ..يارب .. اجعل نارهم بردا وسلاما
علينا."
وهي واحدة بين اكثر من مليوني شخص يقطنون الحي الواقع على الحافة
الشرقية لبغداد الذي شهد في الأسابيع الأخيرة بعضا من أسوأ معارك
الشوارع في العاصمة العراقية منذ أطاحت القوات الامريكية بصدام حسين من
السلطة في 2003.
وشنت الحكومة أواخر الشهر الماضي حملة ضد مليشيا جيش المهدي التابعة
لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في مدينة البصرة جنوب العراق.
وسرعان من امتدت الاشتباكات التي قتل فيها مئات الاشخاص شمالا الى
معقل الصدر بشرق بغداد محولة إياه الى جبهة رئيسية في الصراع الذي
يشهده العراق منذ خمس سنوات.
ولأسابيع جاب رجال المليشيات المقنعون الموالون للصدر الشوارع
مطلقين النار على الدوريات الامريكية والعراقية غير أنهم يتعرضون
لغارات صاروخية ليلية تشنها طائرات أمريكية من دون طيار.وقد حول القتال
المستمر الحياة اليومية لكثير من قاطني الحي الى حجيم متقد. بحسب
رويترز.
وقال ليث مجيد الطالب الجامعي البالغ من العمر 22 عاما ان معاناتهم
تبدأ ليلا عندما ينسل مقاتلو جيش المهدي الى الشوارع حيث يخشون من
احتمال وقوع الغارات الجوية في أي لحظة.
وخضعت مدينة الصدر لحظر على سير المركبات خلال الأسبوعين الماضيين
والذي أدى الى نقص في الأدوية وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
ورفع حظر التجول جزئيا يوم السبت الماضي مما مكن بعض العراقيين
الذين ظلوا خارج مدينة الصدر منذ أواخر الشهر الماضي من العودة اليها.
ولم يجرؤ محمد منذر وهو طبيب يعيش خارج المدينة لكنه يعمل بواحد من
مستشفيين بها على دخولها خلال حظر التجول خوفا من الغارات الجوية
الأمريكية.
وتلقى مئات المصابين الأسبوع الماضي العلاج في مستشفى الامام حيث
عاد منذر الى العمل يوم السبت ومستشفى الصدر على المشارف الشرقية
للحي.وقُتل أكثر من 100 شخص بينهم مقاتلون من جيش المهدي ومدنيون في
مدينة الصدر منذ الأحد الماضي.
واضطر آخرون في مدينة الصدر الى التكيف مع القتال حيث قاموا بادخال
تغييرات سواء كثيرة أو قليلة على نظام حياتهم اليومي.
ولعبت مجموعة من الفتية يرتدون قمصان ناديي ريال مدريد وبرشلونة
الاسبانيين لكرة القدم الدومينو والطاولة في زقاق بوسط المدينة. وهتف
للفائزين فيما أُلزم الخاسرون بشراء العصير أو الشاي لباقي أفراد
المجموعة.
وقال أحدهم انه ليس بوسعهم لعب الكرة في الاماكن المفتوحة لما في
ذلك من خطورة بالغة لذا فقد أتوا الى الزقاق للتسلية.
حي الغزالية نموذج للتقسيم الطائفي في بغداد
ويرى مراقبون أنه مع الذكرى الخامسة لدخول القوات الأمريكية
والمتحالفة معها إلى العراق، هدأت نسبيا الاحتقانات والنزاعات الطائفية
التي كانت تفاقمت في العاصمة بغداد. لكنهم يقولون إن ذلك لا يعود إلى
استقرار واستتباب الأوضاع الأمنية، لكن سببه تقسيم الأهالي، وفقا
للهوية، بين مناطق الحي الواحد بواسطة الحواجز الأسمنتية، رغم الترابط
التقليدي القوي الذي يميز العراقيين.
الإنقسام لم يشمل منطقة واحدة، بل شهدته مناطق عدة قسمت فيما بينها
على أساس طائفي. وهذا ما حدث في حي (الغزالية) غربي العاصمة بغداد،
الذي تم تقسيمه إلى حي شمالي (شيعي) وآخر جنوبي (سني).
أبو محمد (43 عاما)، من الحي السني، يقول " أصبح الإنتقال إلى الحي
الشمالي بمثابة خطر، وقد أفقد حياتي إن دخلته.. إلا أنني لم انقطع عن
أصدقائي الشيعة في الحي الشمالي."
ويضيف، بينما كان ينوي الذهاب إلى منطقته عبر (ساحة اللقاء) في
المنصور " لدي إبنتان، إحداهما متزوجة من شيعي، والذي حُرم من زيارتنا
خشية من المسلحين الذين لايزالون منتشرين في المنطقة."
ودخل العراق عامه السادس وهو تحت الاحتلال الأجنبي، حيث وافق
الأربعاء الماضي، الذكرى الخامسة لدخول القوات التي قادتها الولايات
المتحدة الأمريكية إلى بغداد، في التاسع من نيسان/ أبريل العام (2003)،
وإسقاطها نظام حكم صدام.
وقامت القوات الأمريكية والعراقية، قبل نحو عامين، بنصب نقاط سيطرة
وإقامة جدران أسمنتية بين المنطقتين المتنازعين في حي ( الغزالية) لمنع
الإشتباكات بين العناصر المسلحة فيهما.
ويستطرد ( أبو محمد) قائلا " الجميع في الغزالية، وبشقيها الشمالي
والجنوبي، يشعرون وكأنهم داخل سجن."
ويلفت الرجل إلى أن العاصمة بغداد، بعد مرور خمسة أعوام على دخول
القوات الأجنبية إليها، أصبحت " أشبه بالثكنات العسكرية، التي يحرسها
مسلحون وتنتشر الجدران الأسمنتية حول معظم أحيائها، فضلا عن الدوائر
الرسمية والمراكز الدينية، بل وحتى الجامعات."
ويختم ( أبو محمد) حديثه، وهو يصعد إلى الباص الذي يقله إلى القسم
الجنوبي، قائلا "نشعر بالأمل رغم كل ما جرى، لأن العراقيين اليوم أفضل
بكثير من السنوات الخمس الماضية، وهم متيقنون من أن الطائفية هي صنيعة
المحتل والسياسين."
وأغلب سكان بغداد غادروا مناطق إقامتهم متوجهين إلى أماكن أخرى
يعتبرونها "آمنة"، وفقا لإنتماءاتهم الطائفية، إثر الاعتداء المتكرر
عليهم من قبل المسلحين المنتمين إلى الطائفة التي تشكل الأغلبية في كل
منطقة.
يقول مهدي السراي (34 عاما)، وهو من القسم الشمالي (الشيعي) لحي
الغزالية " أنا أصلا من القسم الجنوبي (السني)، إلا أنني غادرت منزلي
بعد مقتل أخي وإرسال تهديدات لي بالقتل، في العام (2006)، ما اضطرني
إلى المغادرة في ليلة مظلمة، وترك كل أغراض وحاجيات المنزل."
ويرى السراي، وهو يعمل مدرسا، أن الأوضاع الحالية " أفضل بكثير من
العام الماضي، وهي ليست أسوأ من حكم صدام حسين."
لكنه يردف قائلا " لم نحصل على شيء، بعد دخول القوات الأجنبية
وإسقاط النظام السابق، سوى حرية التعبير، لكن حتى تلك الحرية صودرت من
قبل الميليشيات التي بدأت بالتدخل في كل شئ ، حتى بين المرء وزوجته."
أما أسعد عبد الله (41 عاما)، وهو تاجر أدوات احتياطية هجر منزله
الواقع في القسم الجنوبي لأنه (شيعي)، ويسكن الآن في الكاظمية شمالي
بغداد، فيرى أن الوضع الآن "يسير من سيء إلى اسوأ" ، ويقول "نحن هربنا
من مسلحي (القاعدة)، فوجدنا أنفسنا أسرى لعناصر ميليشيا جيش المهدي."
ويتبع (جيش المهدي) التيار الصدري، ودخل في مواجهات دامية مع القوات
الحكومية، الإسبوع الأخير من شهر آذار/ مارس الماضي، في البصرة، عقب
بدء تنفيذ عملية (صولة الفرسان) التي قالت الحكومة إنها تستهدف "الجماعات
الخارجة على القانون" في المدينة.
وامتدت المعارك، التي أسفرت عن سقوط مئات القتلى والجرحى من
المسلحين وقوات الأمن والمدنيين، إلى مناطق من العاصمة بغداد وعدد من
المحافظات الجنوبية. ولم تهدأ إلا بدعوة زعيم التيار الصدري مقتدى
الصدر أتباعه إلى إلغاء المظاهر المسلحة، وعدم رفع السلاح في وجه
القوات الحكومية.
ويضيف عبد الله أن الأعوام الأخيرة "لا يمكن مقارنتها بالماضي"،
معبرا عن اعتقاده بأنه بعد تطبيق خطة أمن بغداد أصبحت " أفضل بكثير عما
كانت عليه في السابق."
متسولو بغداد يعودون للشوارع مرة أخرى
من جهة ثانية عاد المتسولون للظهور في المنطقة الخضراء وفي أماكن
أخرى من العاصمة العراقية بغداد، ما يدل على أن الشرطة فقدت اهتمامها
بتنفيذ الأوامر الشهر الماضي، بلملمتهم ومنعهم من التواجد في الشوارع
والمناطق الحيوية.
وكان قرار منع المتسولين من التواجد في الشوارع والمناطق المهمة
والحيوية، فد جاء بناء على أوامر لوزارة الداخلية إثر سلسلة من الهجمات
الانتحارية التي نفذها متشردون ومعاقون خدعهم مقاتلون وقاموا بتجنيدهم
لتنفيذ هذه العمليات دون إدراك منهم.
فتحت شجرة في المنطقة الخضراء، تجلس امرأة مرتدية عباءة متسخة،
براحة يديها مفتوحة للأعلى بانتظار كرم الغرباء.
وفي منطقة أخرى، تعتبر الأرصفة في المناطق الحيوية وحول المنطقة
الخضراء، مكاناً مثالياً لأم محمد، البالغة من العمر 50 عاماً، للتسول
بهدف الحصول على مال إضافي.
وتقول أم محمد، وهي متسولة رفضت أن تكشف عن اسمها الحقيقي، إنها
تفضل المنطقة الخضراء، موضحة "لقد أصبحت أكبر في السن وأكثر ضعفاً، ولا
توجد لدي القدرة على المشي والتسول في الشوارع."
وباستثناء الصاروخ الاعتيادي أو المدفع، فإن المنطقة المحصنة بقوة
تعتبر ملاذاً سالماً نسبياً في وسط مدينة مزقتها الحرب.
وتضم المنطقة الحصينة، التي تبلغ مساحتها حوالي خمسة كيلومترات
مربعة، مقر الحكومة العراقية وكذلك السفارة الأمريكية، وهي أكثر أمنا
من الشوارع التي تعتبر فيها التفجيرات اليومية وإطلاق الرصاص تهديداً
دائماً. بحسب CNN.
أما رواد المنطقة الخضراء فهم من الأمريكيين والمسؤولين العراقيين
وآخرين من الناس الذين بمقدورهم تحمل نفقات الكرم الاعتيادي.
ولكن من غير الواضح من أين يأتي هؤلاء المتسولين - من خارج المنطق
الخضراء أو من داخل البيوت والفلل الموجودة داخل حدود الخط الأخضر.
ومع ذلك لا تعتبر المنطقة الخضراء موبوءة بالمتسولين، غير أن حفنة
منهم تذهب هناك بشكل منتظم، تحديداً عندما يكون البرلمان العراقي
منعقداً داخل المنطقة المحمية.
ومع أن الدخول للمنطقة الخضراء ليس سهلاً بسبب الحراسة المشددة، لا
يزال بإمكان العراقيين الدخول عبر إصدار أوراق تعريف صحيحة وتعرضهم
للتفتيش للتأكد من أنهم لا يحملون متفجرات أو أسلحة.
ويقر يقظان الدخيل، مدير الأمن في المنطقة الخضراء، بخطر السماح
للمتسولين الدخول إلى المنطقة المحمية، قائلاً إن صوراً للمتسولين نشرت
على مناطق التفتيش.
وبينما تتشابه مخاوف الأمن، إلا أن بعض المسؤولين العراقيين يقرون
بوجود خط رفيع يفصل بين الإجراءات المشددة لضمان مثل هذا الأمن من
التهاون الرحيم لأولئك الذين هم في أمس الحاجة إليه.
مسيحيون عراقيون يدفنون قسّاً قتيلا بمزيج من
الحزن والتحدي
وتجمع عشرات من المشيعين المسيحيين في إحدى كنائس العاصمة العراقية
بغداد للمشاركة في قداس جنازة قس قتله مسلحون في أحدث هجوم على الاقلية
المسيحية التي باتت هدفا في العنف الطائفي بالعراق.
وبكى الرجال وانتحبت النساء في الوقت الذي حمل فيه نعش القس عادل
يوسف الى كنيسة مار بطرس وبولس للطائفة السريانية الارثوذكسية بحي
الكرادة بوسط بغداد قرب المكان الذي قتل فيه القس في حادث اطلاق نار من
سيارة، ونثر المشيعون الزهور على النعش المفتوح أثناء دخوله الكنيسة.
وحاولت الاقلية المسيحية في العراق ان تنأى بنفسها عن العنف الطائفي
الذي أودى بحياة عشرات الالاف من العراقيين منذ الغزو الذي قادته
الولايات المتحدة للعراق عام 2003. لكن رجال الدين والكنائس المسيحية
باتت أهدافا متكررة على مدى الاشهر القليلة الماضية. بحسب رويترز.
وخطف كبير أساقفة الكنيسة الكلدانية في مدينة الموصل الشمالية في
فبراير شباط وعثر عليه ميتا بعد ذلك بأسبوعين.
وقال رجل مُسن يعمل مهندسا بالكنيسة "هؤلاء مرتزقة لا يقدرون على
التمييز.. يهاجمون المسيحيين لاننا قلة بالعراق ولا نستطيع الرد على
نطاق واسع."
وأضاف "لكن هذا بلدنا وهذه حياتنا وسنتحملها." ومثل مشيعين آخرين
طلب الرجل عدم نشر اسمه لأسباب أمنية.
وحضر زعماء من طوائف أخرى لتشييع القس وبينهم بطريرك الكنيسة
الكلدانية الكردينال ايمانويل ديلي الذي قال لرويترز في وقت سابق ان
الكثير من الناس سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين أو من الصابئة قتلوا رغم
أنهم كرسوا أنفسهم لخدمة هذا البلد. وأضاف أن المسيحيين على استعداد
للصفح عمن ارتكبوا هذه الجرائم من أجل وحدة العراق.
وفي روما أدان البابا بنديكت مقتل القس. وقال الفاتيكان في برقية
وقعها وزير الخارجية الكردينال تارسيسيو بيرتوني "البابا يدعو كل الناس
لان يسلكوا سبل السلام لبناء مجتمع عادل ومتسامح في أرض العراق الحبيب."
وغادر كثيرون من مسيحيي العراق البلاد بين مليوني لاجئ نزحوا الى
دول مجاورة. لكن المشيعين في جنازة يوم الأحد قالوا انهم يرفضون أن
يرضخوا للترهيب بمغادرة البلاد.
وقال أحد الشبان "أحيانا أفكر في الرحيل عن العراق لكني مصر على
البقاء في بغداد انها مسألة ايمان."
ارامل العراق في ازدياد ولا حلول في الافق
ومع كل تفجير او اشتباكات او حوادث عنف مختلفة في العراق يزداد يوما
بعد يوم عدد الارامل. وفي ظل عدم وجود مؤسسات حكومية تعنى بشؤون هؤلاء
الارامل اللواتي تجاوز عددهن عدة ملايين، تسعى بعض المراكز والجمعيات
على تدريبهن وتطويرهن من اجل التعايش مع وضعهن الجديد.
حكاياتهن مختلفة اما النتيجة فواحدة.. نساء عراقيات فقدن ازواجهن
ولم يبقى لهن الا التأقلم مع وضع جديد واعالة من لم تحصده اعمال العنف
من عائلاتهن. وكما جمعتهن المصيبة جمعهن ايضا مركز للتدريب والتطوير
خصوصا مع ازدياد اعدادهن يوما بعد يوم.
ام سلام واحدة من هؤلاء وهي تحتفظ معها بصور كاميرا هاتف نقال
للتفجير الذي اودى بحياة زوجها وابنائها الثلاثة. لم يبقى امامها غير
التفتيش عن وسيلة تسمح لها بتأمين معيشة كريمة لها.
وتقول ام سلام ان عائلتها كانت غنية ولم تكن بحاجة لاحد بل كانت هي
تقدم المعونات للناس. اما اليوم فتعمل ضمن مركز التطوير هذا من اجل
لقمة العيش. بحسب بي بي سي.
سيدة اخرى تقول ان مسلحين اختطفوا زوجها وقتلوه بعد عشرين يوما فقط
من زواجهما. وتتحدث عن الوضع الاجتماعي الصعب الذي تعانيه الارملة في
العراق لا سيما نظرة الناس اليها كأرملة.
وتقول سلوى العزاوي مديرة مركز تدريب وتطوير الارامل ان المركز
اضافة الى التدريب التقني الذي يتضمن الخياطة والتمريض والكمبيوتر يقدم
دورات توعية عن حقوق الانسان.
وتضيف العزاوي ان هؤلاء النساء تساء معاملتهن ولا يعرفن حقوقهن فهذه
الدورات بالتعاون مع الامم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني تسعى الى
تعريفهن بالقضايا المتعلقة بحقوق الانسان وخصوصا حقوق المرأة والطفل.
هذه المراكز لا تشرف عليها او تمولها الحكومة ولكنها في المقابل
تقدم مساعدات مالية مباشرة للمسجلين لديها.
ويشير عصام عبد اللطيف محمد مدير عام دار الرعاية الاجتماعية في
وزارة الشؤون الاجتماعية ان واحدا وسبعين الف امرأة مسجلات في الدوائر
المختصة لدى الوزارة.
ويدفع للارملة الواحدة خمسين الف دينار عراقي شهريا وللعائلة
المؤلفة من ستة اشخاص مئة وعشرين الف دينار شهريا. واضاف ان هذه
المبالغ تم زيادتها الى خمسة وستين الف دينار للفرد ومئة وخمسين الف
دينار للعائلة. وتقيم وزارة الشؤون الاجتماعية دورات تدريبية كذلك تدفع
خلالها اجور للمشاركات.
اضافة لذلك تساهم الدولة من خلال شراء منتوجات مثل هذه المراكز التي
ساهمت بتأهيل مئات الارامل في بغداد. |