أهمية المصارف الإسلامية في دعم الاقتصاد العراقي المتدهور

شبكة النبأ: رغم حداثة تجربة المصارف الإسلامية في العراق التي بدأت منذ تسعينيات القرن الماضي إلا إن خبراء اقتصاديون يجمعون على أنها يمكن أن تلعب دورا كبيرا في دعم الاقتصاد العراقي، ودعوا في سبيل تحقيق ذلك مؤسسات الدولة إلى دعمها وتسهيل نشاطاتها المصرفية.

يقول الباحث الاقتصادي حسام الساموك انه "بإمكان الصيرفة الإسلامية إن تلعب دورا كبيرا على الساحة العراقية وتعزز العملية الاستثمارية وتدفع بالماكينة الاقتصادية إلى أمام." داعيا "مؤسسات الدولة والبنك المركزي بتسهيل نشاطات تلك المصارف وتشجيعها لتحقيق الفائدة للاقتصاد والتنمية في العراق."

لكنه يرى في الوقت ذاته أن هناك "تقصيرا من قبل المؤسسات المصرفية الإسلامية." وقال أن "بعض تلك المصارف لم تفعل دورها، فبقيت "غافية" على واقعها بعيدة عن أي مشروع مثمر ومحقق للفائدة لمساهميها وللمتعاملين."

ويرى المدير التنفيذي للدراسات والعمليات المصرفية في مصرف كردستان الإسلامي أن هناك "الكثير من المسلمين يرفضون  التعامل مع البنوك التقليدية، وهم من أصحاب العقيدة الثابتة تجاه قضية الربا في الشريعة الإسلامية."بحسب وكالة اصوات العراق.

وأوضح عباس جاسم زبون أن "هذا الأمر يؤدي إلى وجود موارد كبيرة مكتنزة ومعطلة لا تجد منفذا لتتحول إلى رؤوس أموال مفيدة ليس لصاحبها فحسب، بل للاقتصاد العراقي بشكل عام."

وأشار في هذا السياق إلى إن "قيام مصارف إسلامية خالية من الربا بشكل يتوافق مع معتقدات المسلمين  ووجود فوائض مالية كبيرة معطلة لدى قطاعات كبيرة من المسلمين في الدول الإسلامية وغيرها من دول العالم كانت ابرز الأسباب التي دعت المفكرين ومنهم السيد محمد باقر الصدر إلى الاتجاه نحو التفكير ببناء مؤسسات مصرفية إسلامية."

ويعتبر زبون إن "الصيرفة الإسلامية في العراق بدأت متأخرة قياسا إلى بقية الدول العربية، حيث بدأ المصرف الإسلامي العراقي بممارسة نشاطه المصرفي في أوائل العام (1993) ثم تلاه عدد من المصارف حتى بلغت ستة مصارف تعمل على صيغة الصيرفة الإسلامية."

وحول المجالات التي تنشط بها المصارف الإسلامية يرى زبون بأنها ذات طابع "استثماري تنموي واجتماعي" معللا ذلك بان المصرف الإسلامي "لا يقدم القروض بانتظار عودة الأموال مضافا إليها الفائدة، وإنما يقوم بتمويل المشاريع بعد دراستها اقتصاديا ويتشارك بالربح والخسارة مع المستثمر" 

وزاد "أما كونها تنموية "فيعود إلى كونها تهدف إلى تحقيق مصلحة مشتركة بين الطرفين ما سيؤدي في النهاية إلى تشغيل امثل للموارد الاقتصادية وتقليل البطالة.. وهو ما يستدعي تقديم تسهيلات من قبل الحكومة لدفع المصارف الإسلامية إلى تثبيت مواقعها في السوق المالية."

وحول ابرز مشاكل الصيرفة الإسلامية قال إن "هناك صعوبات ومشاكل أبرزها الصعوبة في ممارسة المضاربة والثاني الخطر الأخلاقي.. وهذا الأخير يعني تصرف صاحب المشروع الممول من قبل المصرف الإسلامي بالأموال بطريقة غير شرعية في عمله دون معرفة البنك بها، فضلا عن تقديم بيانات خاطئة ليحصل صاحب المشروع على أكثر من استحقاقه."

أما الباحث الاقتصادي نجم عبود فيرى أن أهم مشكلة تعيق النشاط المصرفي في العراق تتمثل في "عدم وجود ثقافة مصرفية لدى المواطن العراقي."

وتساءل " كيف يمكن أن يتطور العمل المصرفي في ظل عدم معرفة المواطن الذي يعتبر بأهميتها؟" لافتا إلى إن "الصيرفة الإسلامية تلقى رواجا على المستوى العالمي وليس الإسلامي فحسب، حيث من المتوقع أن يزداد نشاط الصيرفة الإسلامية إلى نصف تريليون دولار ربعها فقط في منطقة الشرق الأوسط." على حد قوله.

 ويمثل تعامل البنك المركزي العراقي مع المصارف الإسلامية احد قنوات الدعم الحكومي لها كما يقول الخبير المالي ماجد الصوري الذي نوه إلى إن "البنك المركزي يتعامل بشكل متساوي مع المصارف الإسلامية وغير الإسلامية وفق القرار الأخير للبنك المركزي الذي ينص على معاملة المصارف بطريقة واحدة ووفقا لقانون المصارف سواء كانت إسلامية أم تقليدية"

وتابع انه "لا يوجد هناك تعريف معين لنشاط المصارف الإسلامية حيث تم إلغاء قرار استثنائها من المعاملة الخاصة، وتخضع حاليا لقانون المصارف وحسب اللوائح والتنظيمات التي يصدرها البنك المركزي."

وقال إن هذا يعني أن "يكون نشاط المصارف الإسلامية يخص المصرف ذاته على أن لا تتناقض النظم الداخلية للمصرف مع قانون البنك المركزي".

وكان سجالا قد حدث في أيلول من العام الماضي حول أحقية المصارف الإسلامية في التعامل مع البنك المركزي الذي يمنح فائدة قدرها 20% على المبالغ المودعة لديه إلى المصارف اثر قرار الأخير بمنع أي مصرف إسلامي أن يقترض بفائدة ولا أن يقرض بفائدة ولا يجوز له اقتناء حوالات الخزينة ولا الاستثمار بأنواعه لدى البنك المركزي العراقي ولدى المصارف التجارية.

وأثار ذلك "حساسية" بين الطرفين، إذ إن بعض التعاملات مع البنك المركزي تعتبر جائزة شرعيا وهو الأمر الذي حسمه قرار عدم التمييز بين المصارف.

وحول نشاطات البنوك الإسلامية تقول زهرة راغب (موظفة في بنك إسلامي) أن "هناك عدة أنواع من التعاملات البنكية الاستثمارية "أهمها (المرابحة) وهي حالة يتعاقد المصرف بموجبها مع المستثمر بشراء سلع أو خدمات معينة بناء على طلب العميل، ثم يقوم ببيعها للعميل بسعر يتم الاتفاق عليه على أساس الدفع المؤجل"

وأضافت "كما يوجد (المضاربة) وهي تعاقد يتم من خلاله تقديم التمويل من قبل المصرف فيما يقوم العميل بتقديم خبرته وإدارة العمل سواء في مشروع قائم أو جديد.."

وتابعت "بالإضافة إلى ذلك، توجد ( الإجارة) وهي تأجير ممتلكات المصرف العقارية، وكذلك (الاستصناع) وهو تمويل إنشاء مشروع ما، وعند اكتمال المشروع يقوم البنك ببيعه للعميل ويتم تسديد السعر حسب عقد الاتفاق.. وهناك المشاركة والاستزراع وإدارة السيولة وغيرها."

ويرى رجل الأعمال العراقي جاسم العرادي أن "ميزة المصارف الإسلامية بالنسبة للتاجر هي المشاركة في المخاطر، إذ يكون سعر الفائدة يعتمد على حجم الأرباح وعقد الشراكة بين رجل الأعمال والمصرف."

وأضاف العرادي أن "هذا النوع من العمل يفضله الكثير تجنبا للتعاملات الربوية المحرمة شرعا حتى لو كانت النسبة المحددة من الأرباح قليلة."

وبين انه "من غير الممكن في السوق العراقية الحصول على نسبة أرباح مثل التي تطالب بها المصارف التقليدية والتي تتعدى العشرين بالمائة، بالإضافة إلى كون فكرة المشاطرة بالربح والخسارة تعتبر مغرية لأي مستثمر، نظرا لكون المخاطر المتمثلة بالوضع الأمني غير المستقر لازالت تعيق دخول رأس المال إلى العراق."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 16 نيسان/2008 - 9/ربيع الثاني/1429