قراءة في كتاب: علم الاجتماع الآلي

 

اسم الكتاب: علم الاجتماع الآلي

المؤلف: د. علي محمد رحومة

الناشر: المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب- الكويت

عرض: هيئة التحرير

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ: يقدم هذا الكتاب علماً اجتماعياً، تكنولوجيا، جديدا، من خلال بحثه في مجال علم الاجتماع والمعلوماتية، وتحديداً في خصوص النظر السوسيولوجي التكنولوجي المعاصر إلى الفضاء الإلكتروني في شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت). ويركز بصورة خاصة على المنظور التكنو – اجتماعي للحياة البشرية الآلية (الإنسان – الآلة) في الفضاء السايبري Cyberspace.

ويعتبر موضوع الكتاب ذا أهمية بالغة، إذ يطرح ويناقش ويحلل هذا العلم الاجتماعي الجديد، من منطلق كونه ملتقى لمباحث علوم إنسانية وطبيعية متعددة، تهتم في مجملها بالحركة البشرية المرقمنة في العالم الافتراضي السايبري (الإنترنت). إضافة إلى أن هذا العلم، يقدّم إلى القارئ العربي، باسم عربي جديد: (علم الاجتماع الآلي) متناولاً أسس ومبادئ وأصول العلم الذي يدرس هذه الظاهرة الرقمية الجديدة في المجتمعات البشرية.

كما يسهم الكتاب في وضع المقومات وتأسيس الموضوعات ذات العلاقة بالبحث المنهجي المتخصص في هذا المجال، إلى جانب مناقشته وتحليله لأهم القضايا التي يطرحها هذا العلم، وصعوبات مباحثه المتنوعة. ويتعرض بالبحث والدرس إلى طرق ومناهج البحث الاجتماعي الآلي، وأدواته البحثية المختلفة، إضافة إلى أنه يسلط الضوء بقدر ما، على مستقبليات هذا العلم، خصوصاً في المنظور المستقبلي القريب.

ولا غرو إذا ما قلنا إن كتاب (علم الاجتماع الآلي) يقدم إضافة موضوعية جادة، في علم الاجتماع العربي خصوصاً، وعلم الاجتماع الإنساني عموماً. ولعله بمحاولته الإلمام بموضوع البحث وجمع شمله المتشعب، والمشتت بين علوم شتى، يمكن اعتباره الكتاب الأول من نوعه، الذي يتجشم الخوض في هذا المجال العلمي الجديد، متناولاً إياه كعلم اجتماعي تكنولوجي موحد، ومتكامل التنظير والتقنين برؤية منهجية خاصة، ومن مختلف جوانبه، بصورة مفصلة جامعة، وشاملة قدر الإمكان.

في الفصل الأول: (مدخل عام لعلم اجتماعي جديد)؛ نمهد بشيء من التفصيل لهذا العلم الاجتماعي الجديد. ونتحدث عن كائن الفضاء الإلكتروني، الذي قلب منظور علم الاجتماع إلى الواقع الإنساني، فلم يعد حقيقياً بقدر ما هو واقع افتراضي، سايبري، وليد المنشأ الإلكتروني، إلى جانب محاكاته للبيئة الاجتماعية الطبيعية في العقل والتصور والخيال والإحساس. فضلاً عن اللغة والرمز والتمثل، ما يفرض بشكل ما ضرورة تغير علم الاجتماع في البحث الموضوعي والعمل المنهجي، الخ.

ونعرج في معرض هذه الفقرة، إلى مسمانا الجديد لهذا الكائن الإلكتروني البشر – آلي، أو ما أسميناه في كتابات سابقة بملامحه التكنو – اجتماعية (الفرد الإنترنتي). أو (الفرد الجماعة) في عالم فضاء الانترنيت، ويقودنا سياق الفصل إلى محطات هامة، منها الحديث عن مجتمع الحاسوب، ومناقشة قضيته الأساسية في تطوير علم الاجتماع، بما يفضي إلى محطة ثالثة حول قضية علم الاجتماع؛ خصوصاً في بعض مؤشرات تقوضه، وعجز كثير من نظرياته ومناهجه التقليدية في القيام بالبحث العلمي الاجتماعي الرصين، الذي يقدم العلم والمعرفة الضرورية لعصر المعلومات والمعرفة والإنسان الآلي. ما يشير في الوقت نفسه، إلى تخلق منظورات جديدة، حقيقية، تتعامل مع حقيقة جديدة في عالم الإنسان والحاسوب والمجتمع الشبكي الإلكتروني.

الفصل الثاني: (التعريف بعلم الاجتماع الآلي) وهو فصل تعريفي، نقدم من خلاله علم الاجتماع الآلي إلى ثقافتنا العربية من زاوية نظرنا، خصوصاً في فقرات ومفردات موضوعاته وقضاياه الأساسية، وسياقه البحثي العام. وذلك، مما توافر لدينا من أبحاث وورقات علمية وأنشطة علمية متعددة متنوعة في هذا الخصوص. الأمر الذي سمح لنا بتقديم تعريف شامل بصورة ما من منشئه وتطوره، وبعبارة أخرى نحاول استلاله من مختلف أصوله وروافده المعرفية، بأهم سماته وملامحه العلمية، إن صح التعبير.

وفي الفصل الثالث: (المجتمعات الافتراضية: المفهوم والنشوز والتطور)؛ نتطرق إلى محور الاهتمامات البحثية في هذا الحقل المعرفي، وهو نشوء ما عرف من مجتمعات افتراضية، وتجمهرات رقمية على شبكة الشبكات (الإنترنت). حيث نفصل القول ما أمكن، في جانبين اثنين في هذا الإطار، أولهما، حول مفهوم المجتمع الافتراضي. وثانيهما، حول ظهور المجتمعات الافتراضية، وأهميتها البحثية، وتطورها التكنولوجي والاجتماعي.

وفي الفصل الرابع: (المجتمعات الافتراضية: الأنواع والخصائص وبنية التنظيم)؛ نتناول بشيء من الفصيل، مختلف أنواع المجتمعات الافتراضية، وجماعات الإنترنيت بشتى سماتها، واختلافاتها، وخصائصها المشتركة، ثم نهتم بآلية بناء هذه المجتمعات الإلكترونية على الإنترنيت، في بنية التنظيم المجتمعي. ونمرّ بذلك بأهم الخطوات الأولى في تصميم مجتمعات الشبكات، وانبثاقها بشكل طبيعي من جراء التفاعل الرقمي الإلكتروني بين مختلف أنواع البشر كباراً وصغاراً، أو نشوئها بشكل موجّه في هذا السياق. ثم نتوصل إلى رسم صورة التركيب المجتمعي وإطاره العام، موضحاً البنيات المعمارية المختلفة على الشبكة لهذه الجماعات الإنترنتية.

وفي الفصل الخامس: (الاتصال وبناء التفاعل الاجتماعي الآلي)؛ نصل إلى صلب الحركة الافتراضية في العالم الرقمي للإنترنيت، فنناقش تقنيات الاتصال وبنية المجتمع على الخط، بعناصره الاجتماعية التي يتركب من مكوناتها البناء الافتراضي للجماعات الرقمية. ثم نعرض إطار التطوير والتقييم الاتصالي، شاملاً ذلك أهم مراحل التطوير والتقييم التي تمر بها الحركة الإلكترونية للمجتمعات الشبكية. بما يفضي إلى تناول أهم التقنيات المستخدمة في الاتصال عبر الحاسوب، وتفعيل حركة الانترنيت في شتى خدماتها وفاعلياتها. فتقدم التكنولوجيا المعنية، وأهم خصائصها، وميزاتها، وعيوبها، بما يفتح منظوراً عاماً لتوجهات التطوير والتقييم الاتصالي.

أما الفصل السادس: (الثقافة الرقمية والهوية الآلية)؛ فهو الفصل الذي نطرح فيه أهم الموضوعات والقضايا التي يهتم بها علم الاجتماع الآلي، شاملاً ذلك نماذج مختلفة لهذه القضايا والمسائل الإلكترونية، وبخاصة من حيث عرضها وتحليلها وكشفها ونقاشها. وبالأخص، ما يتعلق بالنظرية السايبرية نفسها، في مجتمع الإنترنيت، في المفهوم والنظر الكوني للمجتمعات الإنسانية – الرقمية، كذلك نحاول تحديد الصورة الحقيقية للجوهر الافتراضي في العالم الإلكتروني، الذي أخذ يزاحم عالمنا الاجتماعي الطبيعي. بل هو يتمثل كأنه امتداد لنا بصورة جديدة كلياً، في الافتراض، والتخيل، والرمز، والمعنى الاجتماعي الجديد.

ثم نتناول أهم موضوع، ونقطة ارتكاز في مباحث الإنترنيت من المنظور الإنساني الاجتماعي، ألا وهو مبحث الثقافة الرقمية. هذه الثقافة التي تتكون وتتشكل معالمها على شبكات الحواسيب؛ المحلية، والموسعة، والمتداخلة، والشاملة؛ مثل شبكة الشبكات العالمية؛ هذه الثقافة، ما هي؟ ما ملامحها، وخصائصها؟ كيف تتكون؟ ومم تتألف؟ ومتى كانت؟ وكيف تكون؟ وإلى متى هي كائنة بنا هكذا في عالمنا الإلكتروني الجديد؟ ما موضوعاتها ومسائلها، ومنطلقاتها، وتوجهاتها، وتأثيراتها؟ الأمر الذي يضعنا وجهاً لوجه أمام معضلة الهوية الآلية. الكينونة الجديدة، والتشكل المعنوي والمادي معا، لإنسان جديد بملامح وتقاسيم وجه إلكتروني، وذات افتراضية جديدة، رقمية؛ هو هذا الكائن الآلي، الذي بدا يخطو قريبا منا، ويتراءى لنا على مرآتنا الجميلة الغامضة، شاشة الحاسوب في غرفة الانترنت السحرية.

ما هي هذه الهوية الآلية؟ وماذا تطرح علينا من مشكلات وتساؤلات شائكة، شاكية؟ كيف يمكننا معالجة ما نستطيع منها؟ وبخاصة ما يتعلق بالدور الرقمي للهوية تحديداً، شاملاً ذلك نموذجاً من أبرز نماذج التمثل الرقمي المتكامل لهذه الهوية، وهو ما يتجسد منها افتراضياً، في غرفة الدردشة والمحادثة الإلكترونية.

وبعد كل هذا السياق، من تمهيد لموضوع الدراسة، وتعريف بالعلم الاجتماعي الجديد، وعرض تحليل مجتمع بحثه واهتمامه، وتناول آلية تكونه وتشكله، وبنائه، وتطوره، وتقييم تقنياته. ثم عرض أهم موضوعاته، ومباحثه ومناقشة مشكلاته البحثية، واهتماماته المختلفة، نصل إلى الفصل السابع: (مناهج البحث الاجتماعي الآلي)؛ وهو الفصل الذي نقدم فيه طرق البحث في هذا العلم. نعرض لأهم الأساليب، والمنهجيات المتبعة، إضافة إلى أهم الوسائل والأدوات المستخدمة في البحث الاجتماعي الرقمي على الانترنيت، إنه فصل نقدم من خلاله ما أمكن من آليات البحث وتقنياته التي تفي بشيء من التفصيل بهدف رئيسي من أهداف الكتاب، يتعلق بكيفية إعداد وإجراء بحوث الانترنيت، من الناحيتين النظرية والتطبيقية.

وأخيراً، نصل إلى الفصل الثامن والأخير: (مستقبليات علم الاجتماع الآلي)؛ وهو فصل نحاول من خلاله استشراف أهم رؤى البحث الاجتماعي الآلي، في الفترات القريبة المقبلة. وخصوصاً بتناول نقاط بالغة الأهمية في التصور المستقبلي للمجتمعات البشرية، وقضاياها الاجتماعية، فضلاً عن قضاياها العلمية والتكنولوجية. وذلك في أربع فقرات محددة هي: (منجزات التعلم الآلي؛ والتكنولوجيا المتبادلة وإنزال الأدمغة؛ ومنظور الموجة الرابعة والاجتماع؛ والإنسوب والمستقبل القريب).

وفي نهاية المطاف، نختتم الفصول بكلمة ختامية، ونلحق في آخر الكتاب، ما نشير بالرجوع إليه من ملاحق في بعض سياقات الفصول، وفي مقدمتها: ملحق 1، أهم الكلمات والمصطلات الإنجليزية المستخدمة في علم الاجتماع الآلي، الواردة في هذا المصنف.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14 نيسان/2008 - 7/ربيع الثاني/1429