هل سيصبح العراق ثقب أسود يستقطب شباب "الموجة الثالثة"؟

علي الطالقاني

شبكة النبأ: في تطور جديد لتنظيم القاعدة الإرهابي يسعى من ورائه لتنفيذ مآربه الخاصة من خلال تنظيم الشباب في "موجة ثالثة" غير تلك التي قامت في أفغانستان والعراق، فاليوم يسعى هذا التنظيم إلى العمل على مختلف الأصعدة وهناك خلايا نامية في بعض الدول الأوروبية وكذلك العمل في بيئة الإنترنت المشرعة البوابات والمواقع. فهي جامعتهم وجامعهم وبنيتهم التنظيمية.

وهناك مخاوف استخبارية أوروبية من أن يتحوّل العراق إلى (حاضنة إرهابية) كبيرة تستقبل وتدرب وتضخ الانتحاريين.

وقد حذر قاضي مكافحة الإرهاب في باريس من أن العراق أرض مفتوحة لتدريب هؤلاء الشباب على السلاح البايولوجي والكيمياوي.

من جانب آخر تخوفت فرنسا وايطاليا من تزايد احتمالات تحول العراق الى حاضنة إرهاب  كبيرة تستقطب الشبان المسلمين الأجانب وتدرّبهم أو تدخلهم في ممارسات توصلهم الى مراحل تنفيذ عمليات إرهابية بعد عودتهم إلى أوربا.

وبعد أن حطمت شرطة باريس خلية شكّت بأنها مسؤولة عن إرسال متمردين الى العراق في وقت مبكر من سنة 2005، توقعت السلطات الفرنسية تهديداً خطيراً جديداً، فهناك مسلمون شبّان كانوا قد تعرّضوا للإغراء بالذهاب للقتال في العراق الى جانب صفوف القاعدة، ولما عادوا الى فرنسا، جرى تحريضهم من قبل عناصر راديكالية لاستعمال مهاراتهم القتالية داخل فرنسا.  حسب "صحيفة النيويورك تايمز".

وتقول الصحيفة أثار (دومينيك دي فيلبين) وزير الداخلية الفرنسية كلاماً في خطاب له بشأن الخلية كإشارة الى خطورة الجهاديين المتدربين في العراق "إذا ما عادوا الى فرنسا، مسلحين بخبرتهم الإرهابية، لتنفيذ هجمات".

وفي وقت آخر حذر (جان لويس بروجوير) قاضي شؤون مكافحة الإرهاب من أن يتحوّل العراق الى "الثقب الأسود الذي يمتص كل العناصر الموجودة في أوروبا" وبعض هؤلاء كان يعود الى أوروبا –حسب تأكيد القاضي الفرنسي- وبعضهم كان مسلحاً بالتدريب على استخدام السلاح البايولوجي والكيمياوي.

وفي الوقت الذي ينتظر فيه أعضاء الخلية الآن –يقول ألين سايولينو مراسل النيويورك تايمز في باريس- فإن مسؤولي المخابرات الفرنسية ومخابرات دول أوروبية أخرى ومسؤولين قانونيين تنفيذيين يقولون إن تلك المخاوف بدت تتزايد وتتضخم. وقالوا إن الصعوبات اللوجستية والتكاليف كانت الرادع الوحيد أمام الوصول الى العراق، وبشكل خاص الإجراءات السورية "العرضية" حسب تعبير النيويورك تايمز التي أوقفت استعمال أراضيها الإقليمية كطريق مرور. 

وبالمقارنة مع ألوف المسلمين الأوروبيين الذين التحقوا بالقتال في أفغانستان في التسعينات خلال شبكات منظمة في بريطانيا، فإن عدد المقاتلين الذين يذهبون الى العراق، كانوا قليلين جداً، طبقا لمسؤولي مخابرات فرنسيين كبار.

والعامل الآخر –يقول المسؤولون- هو أن المتمردين العراقيين لا يحتاجون الى المسلمين الأوروبيين في الوقت الحاضر ولا يرحبون بهم لأنهم يفتقرون الى التدريب العسكري ومهارات جيدة في اللغة العربية، باستثناء إذا ما رغبوا في القيام بعمليات انتحارية.

وترى النيويورك تايمز أن طبيعة المعركة قد تغيرت أيضا باتجاه جعل العراق "قبلة" أجنبية لكثيرين راغبين بالتحول الى متمردين إرهابيين. والقتال في العراق لم يعد فقط ضد المحتلين الأجانب، ولكن أيضا حرب تشويش بتحريض مسلمين ضد مسلمين آخرين. وتقول الصحيفة إن الكثيرين من الشبان الذين لهم ارتباطات عائلية وإثنية مع الباكستان وشمال أفريقيا، يجعلونها "اتجاهات أكثر نشاطاً من غيرها" وأكثر تقدماً في احتمالات القدرة على تجنيد المسلمين الراديكاليين المتشددين في نطاق تلك المناطق.

ويقول القاضي (بروجوير): "في الوقت الحاضر، يأتي التهديد الكبير لأوروبا من مكان آخر في الباكستان، وأفغانستان، والقاعدة في المغرب الإسلامي"، وأشار القاضي -الذي يعمل الآن لصالح التحقيق في التمويل الإرهابي على صعيد الاتحاد الأوروبي- الى منظمة إرهابية مقرها شمال أفريقيا.

والقاضي ومسؤولو سلطات تنفيذية للقانون –بشكل خاص في بلدان مثل فرنسا، إيطاليا، إسبانيا- يقولون إنهم مقتنعون أن سلطاتهم القانونية الشاملة لاستراق السمع (التنصت)، والقبض على المشتبه بهم أو توقيفهم لفترات طويلة أو محاكمتهم بموجب اتهامات مبهمة قد شجعت المشروع الإرهابي على أن يكون أكثر قدرة في اتخاذ اجراءات وقائية.

ويقول (إرماندو سباتارو) كبير قضاة مكافحة الإرهاب الإيطاليين: "من المستحيل الكشف عن أعداد، لكن قلة من الشبان يتركون إيطاليا وبلدناً أوروبية أخرى لشن حرب جهادية في العراق". وأضاف قوله: أنا مقتنع أن جزءاً من السبب في هذا الأمر هو أننا كنا ناجحين في القبض على ناس ومقاضاتهم، حتى قبل أن يذهبوا الى العراق". وفي ضوء ذلك تقول النيويورك تايمز: حتى الدائرة الاستخبارية المحلية في فرنسا التي تعرف بـ (D.S.T) قد غيّرت تحليلاتها في ضوء الاستنتاجات الجديدة.

ويقول مسؤول في المخابرات الفرنسية: "ليس سهلاً الوصول الى العراق، إنّ ذلك مكلف والأشخاص الذين يريدون الذهاب ليس لهم عوائل هناك. ونحن لم نر حتى الآن الموجات التي نتوقعها".

وعلى النقيض من ذلك، فإن دائرة (D.S.T) استخدمت خطاً أكثر تحذيراً عندما خوّلت أول مرة التحقيقات القضائية السرية مع مجموعة باريس وتسمى خلية أروندسمنت التاسعة عشرة وباللغة الإنكليزية: "th19 Arrondissement cell" بعد أن أصبحت الأحياء الخاصة بالطبقة العاملة في باريس المكان الأكثر نمواً لمعيشة المشتبه بهم.

وكتبت المنظمة الاستخبارية الفرنسية المحلية (D.S.T) في وثيقة مختومة خلال شهر تموز سنة 2004، والتي توفر لصحيفة النيويورك تايمز الإطلاع عليها: "إن عودة الجهاديين –من الذين لقنوا ودربوا بشكل مكثف على الى أقاليمهم الوطنية على صناعة المتفجرات ومعالجتها- تؤسس بشكل واضح تهديداً خطيراً للإقليم الوطني الفرنسي".

وتؤكد دائرة المخابرات الفرنسية أن التحقيق بشأن خلية أروندسمنت التاسعة عشرة قدمت دليلاً مهماً لأشخاص ذهبوا الى العراق "وكشفوا عن نيات تشكل تهديداً إرهابياً بعد عودتهم".

.............................................................................................

*المركز الوثائقي والمعلوماتي مركز يقدم الخدمات الوثائقية التي تتضمن موضوعات مختلفة  من دراسات وبحوث وملفات متخصصة. للاشتراك والاتصال:www.annabaa.org /// [email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 10 نيسان/2008 - 3/ربيع الثاني/1429