شبكة النبأ: الحرب في العراق وما خلفته من أضرار وخسائر بشرية
ومادية جسيمة بالغة وبكل مفاصل الحياة بل بالحياة ذاتها حتى باتت تشكل
تهديدا حقيقيا على الجنس البشري، كما أن هذه الأرض قد وقعت عليها لعنة
مصائب القنابل الأكثر في تاريخ الحروب، إذ لم تشهد أي دولة في العالم
سقوط هذا العدد من الصورايخ والقنابل أو الذخائر العسكرية على أرضها،
ويتضح ذلك جليا من مخلفات الحرب التي تلت تلك الفترة، خاصة بعد رجوع
المدنيين إلى مدنهم والتي كانت فيما مضى ساحة القتال أو كما يعبر عنها
بالمناطق الساخنة، إضافة إلى ان الولايات المتحدة لم تلتزم في معركتها
هذه بالقوانين الدولية أو الأعراف الخاصة بقوانين حقوق الانسان ولم
تأبه لحياة المواطن والمدني الاعزل.
فكان وبال العسكرة ومخلفات الجيوش أكثر من خطر المعركة ذاتها، إذ
تشير تقارير عراقية ودولية إلى وجود بؤر كبيرة في العراق الان تحتوي
على ألغام ومواد متفجرة ومشعة، في الوقت الذي تتسبب فيه بكارثة يومية
يرزح تحت طائلتها الفرد المدني العراقي، وخصوصا الأطفال فهم الشريحة
الأكبر ذلك لجهلم الكامل وعدم وعيهم بهذه الأجسام الغريبة.
(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تعرض عليكم مخاطر المخلفات
العسكرية من حقول ألغام وعبوات وذخائر غير منفلقة، وإنعكاساتها على
الشارع العراقي، والمعاناة التي تنطوي في السيطرة على هذه المخلفات
للحد من خطر الإصابات التي باتت مزمنة وذات ابعاد مخيفة:
العراق بؤرة هائلة لتجمعات الذخائر غير
المتفجرة
وقالت الامم المتحدة، ان العراقيين يعيشون وسط واحد من أكبر تجمعات
الالغام الأرضية والذخائر غير المتفجرة وغيرها من المتفجرات من مخلفات
الحرب، في العالم.
وقال بيان لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) وبرنامج الامم
المتحدة الانمائي، بمناسبة الاحتفال باليوم الدولي للتوعية بالالغام
والمساعدة في الاجراءات المتعلقة بها، ان العراقيين يعيشون وسط واحد من
أكبر تجمعات الالغام الأرضية والذخائر غير المتفجرة وغيرها من
المتفجرات من مخلفات الحرب في العالم. بحسب اصوات العراق.
واوضح البيان انه: تم تحديد 4000 منطقة متضررة في مسح عام 2006،
لأثر الألغام الأرضية، وأن التلوث من المتفجرات من مخلفات الحرب فى
العراق، أصبح الآن منتشرا انتشارا واسعا، إلى درجة أن بعض برامج
التنمية تتعثر بسببه، لافتا الى ان القنابل العنقودية تعتبر مسألة ملحة
على وجه الخصوص.
وذكر البيان بان تقرير المنظمة الدولية للمعوقين لسنة 2006 قد أشار
إلى أن ما لا يقل عن 55 مليون قنبلة عنقودية قد أسقطت في النزاعين
الأخيرين في العراق، الأمر الذي يجعل من العراق أكثر البلدان تلوثا في
العالم بهذه المخلفات القاتلة.
وقال البيان ان الأطفال العراقيون يعيشون في خطر كبير بسبب الذخائر
غير المنفجرة، التي يمكن أن يعتبروها أجساما غير مؤذية يمكن اللهو بها.
مشيرا الى ان ربع ضحايا الذخائر غير المنفجرة في عام 2006 البالغ عددهم
565 ضحية، من الأطفال تحت سن الثمانية عشرة سنة.
وذكر البيان بانه ومنذ عام 2005، تمكنت المشاريع المدعومة من الأمم
المتحدة من تطهير 124 مليون متر مربع في جنوب العراق، وأتلفت 105221
جسما من الأجسام المتفجرة بما في ذلك 15793 عتادا من الذخائر العنقودية.
ونقل البيان ايضا عن كبير مستشاري الأعمال المتعلقة بالألغام
لبرنامج الامم المتحدة الانمائي كنت بولوسون قوله: سيكون لتطهير
الذخائر الخطيرة في العراق أثر مباشر وفوري على السكان العراقيين.
مضيفا، إذا قمنا بزيادة جهودنا يمكننا إزالة أحد مخاطر الأمن الإضافية
التي لا حاجة للشعب العراقي لها وتسهيل إعادة إعمار المجتمعات الملوثة.
وكان بيان اخر للمتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ،
بصفته رئيس المنظمة العراقية لإزالة الألغام، اعلن عن احتفالية تقيمها
المنظمة العراقية لإزالة الألغــام، وبرعاية رئيس الوزراء نوري المالكي،
بمناسبة اليوم العالمي للتوعية من مخاطر الألغام في فندق الرشيد ببغداد.
مطالبة دولية لتوفير الدعم لإزالة الالغام
ودعا عدد من المسؤولين الحكوميين، المجتمع الدولي والحكومة العراقية
لبذل الجهود من اجل ازالة الالغام من العراق، مشيرين إلى أن العراق
يحتوي على ربع الالغام المزروعة في العالم.
وقال علي الدباغ المتحدث الرسمي باسم الحكومة في مؤتمر صحفي عقده
في بغداد، وحضره عدد من الوزراء واعضاء البرلمان وممثل الامين العام
للامم المتحدة ستيفان دي مستورا والذي كان برعاية المنظمة العراقية
لازالة الالغام، والذي جاء بمناسبة اليوم العالمي لازالة الالغام، بان
عدد الالغام المزروعة في العراق يقدر عددها 25 مليون لغم موزعة على
4000 حقل الغام في مختلف انحاء العراق. بحسب اصوات العراق. وأضاف، ان
الالغام تهدد حياة واحد من خمسة عراقيين.
وأشار الدباغ، الذي يشغل منصب رئيس المنظمة العراقية لازالة الالغام،
ان العراق يفتقد للخرائط اللازمة لمعرفة مواقع هذه الالغام من اجل
ازالتها.
واكد الدباغ مقتل عشرة اشخاص في العراق يوميا نتيجة انتشار حقول
الالغام في العراق.
من جهته اكد نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية برهم صالح في
المؤتمر الصحفي ان: النظام السابق خلف لنا تركة ثقيلة من الالغام نتيجة
حروبه المستمرة.
وقال: منذ خمس سنوات من سقوط نظام صدام وما
زلنا نعاني من هذه المشاكل.
وتابع، ان عدد حقول الالغام بالعراق يقرب من أربعة ألاف حقل الغام
في كل انحاء العراق خاصة على الحدود الشرقية للعراق، موضحا ان متطلبات
معالجة هذه الالغام يتطلب جهودا حكومية اضافة الى ان مشكلة الالغام
تحتاج الى مساعدة دولية.
وقال: تقدر تكلفة زرع لغم ما بين 5 إلى 10 دولارات بينما ازالة هذا
اللغم يحتاج إلى ما بين 300 إلى 350 دولارا. وتابع، ان معالجة الشخص
نتيجة اصابته باللغم يحتاج الى 6000 دولار.
ومن جانبها كشفت نرمين عثمان وزيرة البيئة بالوكالة عن حجم التلوث
الذي يعاني منه العراق نتيجة انتشار الالغام بالعراق.
واضافت الوزيرة، ان سلطة الائتلاف اتخذت قرارا في سنة 2003 بانشاء
الهيئة الوطنية لازالة الالغام مشيرة إلى ان الهيئة عانت من كثير من
الاخفاقات مما دعا رئاسة الوزراء الى الحاق الهيئة بوزارة البيئة.
أما ستيفان دي مستورا ممثل الامين العام للامم المتحدة في العراق
فقد أوضح ان ما يقرب من 850 كم من اراضي العراق ملوث بالالغام اضافة
الى 90% من المناطق الزراعية توجد فيها الغام.
وكشف دي مستورا عن برنامج تقوم بها الامم المتحدة بالتعاون مع
الحكومة العراقية وبتمويل من الدول المانحة من اجل ازالة هذه الالغام
من العراق.
وكذلك طالب عدد من المعاقين والناشطين العراقيين، بتوفير الرعاية
وايجاد موارد مادية لمن بترت اعضاءهم وباتوا غير قادرين عن العمل اثر
تعرضهم لانفجارات الالغام الارضية، داعين الى بذل المزيد من الجهود من
اجل ازالة الالغام في العراق.
جاء ذلك بمناسبة اليوم العالمي لازالة الالغام الذي يصادف الرابع من
نيسان من كل عام، في وقت يقدر فيه اختصاصيون عدد الالغام المنتشرة على
الارض العراقية، باكثر من (25 مليون لغم ارضي).
ويقول مدير المنظمة العراقية لازالة الالغام ان منظمته: تمكنت حتى
الان من مسح اكثر من 25 موقعاً في بغداد والبصرة والناصرية والموصل، في
عملية مسح شملت (11) مليون متر مربع من الاراضي العراقية. بحسب اصوات
العراق.
ويضيف مزاحم جهاد، ان هناك تخوفا من: زيادة حوادث الالغام نتيجة
عودة الحياة الطبيعية للمدن بعد الحروب. مستشهدا بوجود مناطق حدودية
تزداد فيها نسبة الاعاقات بسبب تواجد الالغام التي تركتها الحروب بكثرة،
مثل "محلة البتران" في مدينة البصرة جنوبي العراق، والتي يقول انها
سميت بهذا الاسم لان اغلب سكانها بترت اطرافهم بسبب الالغام.
ويقول احد العاملين في المنظمة العراقية لازالة الالغام، والذي فضل
عدم الكشف عن اسمه: انه فقد احدى يديه واحدى عينيه نتيجة عمله في
مكافحة الالغام، مضيفا، بالرغم من اعاقتي الا انني مازلت مصرا على
الاستمرار في اداء عملي، لان اعاقتي دفعتني الى الاحساس بمن حولي من
المعاقين، واعطتني دافعا قوياً للعمل من اجل الحيلولة دون وقوع المزيد
من المعاقين.
من جانبه، اكد كريم بهلول، عضو الهيئة الادارية لتجمع منظمات معوقي
العراق، وجود ما يقارب مليون ونصف المليون معاق في العراق، وطالب
بتأسيس هيئة وطنية لادارة شؤون المعاقين وزيادة رواتبهم. وتسائل بهلول،
الذي يجلس على كرسي متحرك اثر بتر اثنين من ساقيه في الحرب العراقية
الايرانية: كيف يعيش المعاق براتب 70 الف دينار في الشهر؟
ويتحدث باسم حسن، الذي بترت ساقه بلغم في محافظة البصرة، عن حلمه
بأن يمارس اعماله اليومية بساقين كسائر الناس، ملقيا باللوم على الحروب
التي حولته الى نصف انسان كما يقول.
اما بائع الصحف اليومية في منطقة الباب الشرقي وسط بغداد، سعد فاضل،
فيقول انه فقد احدى ساقيه نتيجة انفجار لغم اثناء رعيه الاغنام في
منطقة بدرة وجصان في محافظة واسط، بالقرب من الحدود العراقية
الايرانية، ويضيف، اضطررت بعد شفائي، الى العمل كبائع صحف في بغداد،
مبررا ذلك بانه عمل سهل بالنسبة لمن هم في مثل وضعي، اذ لا يتطلب اكثر
من الجلوس خلف منضدة اعرض عليها الصحف. |